بتـــــاريخ : 7/17/2008 7:36:54 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1452 0


    ضمة حنان آلمتني

    الناقل : heba | العمر :43 | المصدر : www.islammemo.cc

    كلمات مفتاحية  :
    رجل الشباب

    لازمة الطريق

    " أيها الفتي السالك درب النور ، الطريق رحب يسع ذويك ، فأمسك بلجم جيادهم ، واحذر صيحة منك تنفرها ، فإن كان فاقترب منها ، وتحمل ما يؤذيك من رهج سنابكها ، وامسح بالأعناق تأنس إليك ، واستأنف بأحبتك المسير. واقطعه بحداء ونشيد ، ترقب ثغوراً باسمة ، وقلوباً تهفو ، وعيوناً تحنو، يغار منكم الود ، وإذ بالربوة الخضراء تبرز من أغوار الأرض ، فتفترشون بساطها الأخضر ، تداعبكم نسمات الربيع ، يشجي مسامعكم إيقاع السكون الرتيب ، فتهمس في حنان " أنتم مني وأنا منكم ".

    بعض الأسر لا تجد غضاضة في إقبال أبنائهم على الالتزام بل يرون في ذلك صيانة لأبنائهم عن الانحراف, ولكن البعض الأخر من تلك الأسر يستقبل هذا التحول الجديد في حياة الأبناء باستياء يقترن به في أغلب الأحيان ممارسة الضغوط على الابن لكي يتراجع عن هذه الصورة من التدين التي لا يألفونها ، فما إن تبدأ بشائر الالتزام في الظهور على محيا الشاب حتى يسارع أهله بوسائل الضغط الممكنة بالتثبيط والتخذيل والترغيب والترهيب ، وجلسات المناقشات التي يعقدها الأهل بأنفسهم أو عن طريق غيرهم ممن يرجى منهم إقناع الشاب فضلاً عن منعه الصلاة في المساجد التي يكثر فيها الشباب الملتزم ومنعه الالتقاء بهم, ومنعه دروس العلم إلى غير ذلك من تلك الصور التي لا تحتاج إلى بيان.

    هذا بالفعل هو واقع بعض الأسر ، وإن كان ذلك قد بدأ في التقلص نتيجة انفتاح الدعاة والمشايخ على عالم الفضائيات وغزوهم لقلوب كثير من الناس في عقر دارهم . ولكن مازالت هذه الصورة السالفة موجودة في بعض البيوت.

    ولا شك أن ذلك كله من صنوف الابتلاء ليعلم الله صدق التزامه, وهو سنة من سنن الله الماضية على الدروب قال تعالى {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (2) سورة العنكبوت ومما يزيد الشاب حزنا أن يأتيه ما يكره من أحب الناس إليه فهذا أشد ما يسوء المرء .

    وظلم ذوي القربي أشد مضاضة             على المرء من وقع الحسام المهند

    وإزاء هذا الاختبار تختلف مسالك الشباب فمنهم من يتراجع تحت هذا الضغط ، ومنهم من يثبت ولكن مع إحداث خسائر اجتماعية فادحة يظن أنها ضرورة حتمية للثبات ، وأما من وفقه الله فذاك هو الذي حافظ على التزامه ، وحافظ كذلك على علاقاته بأسرته مدفوع بنظرة ثاقبة وفهم عميق ، حيث قد علم أن ذلك الابتلاء والاختبار يفرض عليه أمرين من الثبات على الحق والصبر على البلاء ، والإحسان إلى أهله والحفاظ على علاقاته بهم.

    إن أهم خطوة يخطوها الشاب للتغلب على هذه العقبة هي إجراء يتخذه مع نفسه يترتب عليه حل جزء كبير من المشكلة وأعني بذلك النفسية التي يستقبل بها الشاب تلك الضغوط من قبل أهله.

    فهناك شاب يستقبل تلك الضغوط بتوتر وتشنج ، ويرى فيها لونا من ألوان الصد عن سبيل الله وبغض الالتزام أو يري في ذلك مؤشراً لهوانه عليهم إذ يحاولون حرمانه مما يحب ويقفون عقبة  طريق سعادته ويري في نفسه بلالاً وخباباً وصهيبا رضي الله عنهم ويرى في أهله أبا جهل وأبا لهب وأم جميل, وبناءً على ذلك يجعل نفسه في شق وهم في شق أخر ، وتكثر النزاعات والخلافات.

    وهناك شاب أخر- وهو الذي نريد – يتعامل مع هذا الواقع بنفسية مختلفة تماماً فهو ينظر إلى مسلك أهله على أنه محض حرص عليه ، لا بغضا فيه ولا بغضا في التزامه, فهم مسلمون يحبون الدين ويحبون ولدهم ، ولكن الاشكالية تقع في فهمهم للتدين حيث تأصل في حسهم وحس غيرهم أن التدين يتمثل في ترك الموبقات وأركان الإسلام الخمس فحسب, أما الالتزام بهذا الشمول الذي يعيش ولدهم في كنفه فهو يعد عندهم ضربا من ضروب التشدد والتطرف ونظرة هذا الشاب على هذا النحو لا شك أنها وليدة اعتدال وصفاء وفهم واع عميق ، ينجو من آفة تضخيم الأمور والرؤية السطحية.

    لذلك فهو دائما مبتسم هادئ مطمئن لأنه يعلم يقينا أن ما يصدر منهم إنما هو ضمة حنان وشفقة عليه ، وهي وإن كانت ضمة تؤلمه إلا أن حسبه في ذلك علمه بأنها ضمة حنان, كيف لا وهو لن يجد من هو أكثر منهم شفقة عليه وحرصاً, والقرآن عندما يصف أهوال يوم القيامة وشدائدها يعبر عن شيء من تلك الأهوال {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) } سورة عبس, فهؤلاء الأهل لا يتصور منهم في الدنيا التخلي عن ولدهم مع علمهم بمقدمه على الهلاك لما تحمله قلوبهم من سيل المشاعر المتدفقة بصناعة الفطرة.

    ومما يدعم قناعات الشباب بذلك ويسهم في صياغة النفسية المطلوبة معرفة أسباب ودوافع خوف الأهل المفضي إلى سلوك هذا المسلك مع ولدهم, وأرى أن من أبرز تلك الأسباب والدوافع:

    1- الخوف على الشاب من السقوط في أوحال التشدد والانحراف الفكري الذي قد يفضي إلى تبني العنف منهجاً.

    وإنما تولد هذا الخوف نتيجة الحملات الإعلامية المغرضة التي نالت من الملتزمين وصورتهم في بعض البلاد على أنهم ثلة من المتخلفين يحرمون ما لا يختلف على حله ، ويكفرون الناس ويسوقونهم بالجنازير ، وخلطت بين الشباب الملتزم الوسطى المعتدل وبين أهل الغلو والشطط الفكري اعتماداً على اشتراك هؤلاء وهؤلاء في الهدى الظاهر ، بالإضافة إلى النماذج السيئة التي تبرز من أوساط الملتزمين والتي تكون لدى العامة صورة مشوهة ، فتعمم الأحكام ويستشهد على انحراف الجمع بانحراف الأفراد, وتلك آفة من الآفات الاجتماعية المنتشرة في مجتمعاتنا.

    2- التصورات المغلوطة لمفهوم التدين والالتزام .

    فبعض الأسر تعني كلمة الالتزام عندهم حرمان النفس متع الحياة فبالتالي هم يشفقون على أولادهم من دفن شبابهم كما يقولون وانسلال أزهى سنين العمر دون أن يعيشوها لأن الالتزام يمثل – وفق تصوراتهم – قيوداً وأغلالاً, وهذه التصورات أسهم في تكوينها عدة عوامل منها الجهل بحقيقة الإسلام وسماحته ويسره ومراعاته احتياجات البشر والتمتع المنضبط بما أحله الله {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (32) سورة الأعراف, وأن الالتزام بالإسلام هو تحرر من الأغلال وتحصيل لخيري الدنيا والأخرة.

    3- الخوف على الروابط الأسرية من التفكك أو الضعف.

    فالذي يتبادر إلى أذهانهم عند التزام الابن أن هذا التحول هو خطر يحدق بالاواصر الأسرية ، كيف لا وهو سيكون في واد وهم في واد آخر ، فلن يشاركهم المناسبات كسابق عهده ، سيفر من جو الاجتماع الأسري حيث تختلف اهتماماتهم ، سينفصل شعورياً عنهم ، ولا يخفى على كل ذي بصيرة أن ذلك سببه بالفعل تلك العزلة الشعورية التي يمارسها بعض الشباب مع أهليهم والتي تنضح على تصرفاتهم وواقعهم فمرة أخرى تلعب النماذج السيئة دوراً كبيراً في ترسيخ تلك المفاهيم.

    وفرع عن ذلك العنصر الخوف من أن يتسبب الشاب في فتور العلاقات بينهم وبين الأقارب حيث أنه سيعرض مثلاً عن مصافحة غير المحرمات من نساء العائلة ويرفض الاختلاط بهن مما هو على غير عادة كثير من العائلات.

    4- الخوف عليه من الاخفاق في الحياة العملية وعدم الاهتمام بدراسته أو عمله.

    وسبب ذلك ما انطبع في أذهانهم عن الملتزمين عن طريق العينات التي توهمت عدم امكانية الجمع بين الدنيا والآخرة

    إن نظرة الشاب لأهله في ذلك الشأن على النحو الذي ذكرنا تعد عاملأ أساسياً من عوامل اجتياز تلك العقبة, ولكن هذه النظرة لا يكتفى بها وإلا كانت سلبية لا نرضاها لفتى الإسلام بل هناك خطوات عملية تكتمل بها المنظومة ألقاك على خير إن شاء الله في ( خطى الرشيد )

     

    كلمات مفتاحية  :
    رجل الشباب

    تعليقات الزوار ()