لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
قوله تعالى " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم " أي من جنسهم ليتمكنوا من مخاطبته وسؤاله ومجالسته والانتفاع به كما قال تعالى " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها " أي من جنسكم وقال تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد " الآية وقال تعالى " وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق " وقال تعالى " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى " وقال تعالى " يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم " فهذا أبلغ في الامتنان أن يكون الرسل إليهم منهم بحيث يمكنهم مخاطبته ومراجعته في فهم الكلام عنه . ولهذا قال تعالى " يتلو عليهم آياته " يعني القرآن " ويزكيهم " أي يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر لتزكو نفوسهم وتطهر من الدنس والخبث الذي كانوا متلبسين به في حال شركهم وجاهليتهم " ويعلمهم الكتاب والحكمة " يعني القرآن والسنة " وإن كانوا من قبل " أي من قبل هذا الرسول " لفي ضلال مبين " أي لفي غي وجهل ظاهر جلي بين لكل أحد .