بتـــــاريخ : 11/8/2009 7:30:29 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 3361 1


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 285

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ

    القول في تأويل قوله تعالى : { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله } يعني بذلك جل ثناؤه : صدق الرسول , يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأقر { بما أنزل إليه } يعني بما أوحي إليه من ربه من الكتاب , وما فيه من حلال وحرام , ووعد ووعيد , وأمر ونهي , وغير ذلك من سائر ما فيه من المعاني التي حواها . وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية عليه قال : " يحق له " . 5095 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه } وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية قال : " ويحق له أن يؤمن " . وقد قيل : إنها نزلت بعد قوله : { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير } لأن المؤمنين برسول الله من أصحابه , شق عليهم ما توعدهم الله به من محاسبتهم على ما أخفته نفوسهم , فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعلكم تقولون سمعنا وعصينا كما قالت بنو إسرائيل ! " فقالوا : بل نقول : سمعنا وأطعنا ! فأنزل الله لذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم وقول أصحابه : { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله } يقول : وصدق المؤمنون أيضا مع نبيهم بالله وملائكته وكتبه ورسله الآيتين . وقد ذكرنا قائلي ذلك قبل . واختلف القراء في قراءة قوله : " وكتبه " , فقرأ ذلك عامة قراء المدينة وبعض قراء أهل العراق : { وكتبه } على وجه جمع الكتاب على معنى : والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وجميع كتبه التي أنزلها على أنبيائه ورسوله . وقرأ ذلك جماعة من قراء أهل الكوفة : " وكتابه " بمعنى : والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته , وبالقرآن الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم . وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك وكتابه , ويقول : الكتاب أكثر من الكتب . وكان ابن عباس يوجه تأويل ذلك إلى نحو قوله : { والعصر إن الإنسان لفي خسر } 103 1 : 2 بمعنى : جنس الناس وجنس الكتاب , كما يقال : ما أكثر درهم فلان وديناره , ويراد به جنس الدراهم والدنانير . وذلك وإن كان مذهبا من المذاهب معروفا , فإن الذي هو أعجب إلي من القراءة في ذلك أن يقرأ بلفظ الجمع , لأن الذي قبله جمع , والذي بعده كذلك , أعني بذلك : " وملائكته وكتبه ورسله " , فإلحاق الكتب في الجمع لفظا به أعجب إلي من توحيده وإخراجه في اللفظ به بلفظ الواحد , ليكون لاحقا في اللفظ والمعنى بلفظ ما قبله وما بعده , وبمعناه .

    لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ

    القول في تأويل قوله تعالى : { لا نفرق بين أحد من رسله } وأما قوله : { لا نفرق بين أحد من رسله } فإنه أخبر جل ثناؤه بذلك عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك . ففي الكلام في قراءة من قرأ : { لا نفرق بين أحد من رسله } بالنون متروك قد استغني بدلالة ما ذكر عنه , وذلك المتروك هو " يقولون " . وتأويل الكلام : والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله , يقولون : لا نفرق بين أحد من رسله . وترك ذكر " يقولون " لدلالة الكلام عليه , كما ترك ذكره في قوله : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم } 13 23 : 24 سلام . وقد قرأ ذلك جماعة من المتقدمين : " لا يفرق بين أحد من رسله " بالياء , بمعنى : والمؤمنون كلهم آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله , لا يفرق الكل منهم بين أحد من رسله , فيؤمن ببعض , ويكفر ببعض , ولكنهم يصدقون بجميعهم , ويقرون أن ما جاءوا به كان من عند الله , وأنهم دعوا إلى الله وإلى طاعته , ويخالفون في فعلهم ذلك اليهود الذين أقروا بموسى وكذبوا عيسى , والنصارى الذين أقروا بموسى وعيسى وكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم , وجحدوا نبوته , ومن أشبههم من الأمم الذين كذبوا بعض رسل الله , وأقروا ببعضه . كما : 5096 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : { لا نفرق بين أحد من رسله } كما صنع القوم , يعني بني إسرائيل , قالوا : فلان نبي , وفلان ليس نبيا , وفلان نؤمن به , وفلان لا نؤمن به . والقراءة التي لا نستجيز غيرها في ذلك عندنا بالنون : { لا نفرق بين أحد من رسله } لأنها القراءة التي قامت حجة بالنقل المستفيض الذي يمتنع مع التشاعر والتواطؤ والسهو والغلط , يعني ما وصفنا من يقولون : لا نفرق بين أحد من رسله . ولا يعترض بشاذ من القراءة على ما جاءت به الحجة نقلا ورواية .

    وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ

    القول في تأويل قوله تعالى : { وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } يعني بذلك جل ثناؤه : وقال الكل من المؤمنين : { سمعنا } قول ربنا , وأمره إيانا بما أمرنا به , ونهيه عما نهانا عنه , { وأطعنا } يعني أطعنا ربنا فيما ألزمنا من فرائضه , واستبعدنا به من طاعته , وسلمنا له : وقوله : { غفرانك ربنا } يعني : وقالوا غفرانك ربنا , بمعنى : اغفر لنا , ربنا غفرانك , كما يقال : سبحانك , بمعنى نسبحك سبحانك . وقد بينا فيما مضى أن الغفران والمغفرة : الستر من الله على ذنوب من غفر له , وصفحة له عن هتك ستره بها في الدنيا والآخرة , وعفوه عن العقوبة عليه . وأما قوله : { وإليك المصير } فإنه يعني جل ثناؤه أنهم قالوا : وإليك يا ربنا مرجعنا ومعادنا فاغفر لنا ذنوبنا . فإن قال لنا قائل : فما الذي نصب قوله : { غفرانك } ؟ قيل له : وقوعه وهو مصدر موقع الأمر , وكذلك تفعل العرب بالمصادر والأسماء إذا حلت محل الأمر , وأدت عن معنى الأمر نصبتها , فيقولون : شكرا لله يا فلان , وحمدا له , بمعنى : أشكر الله وأحمده , والصلاة الصلاة : بمعنى صلوا . ويقولون في الأسماء : الله الله يا قوم . ولو رفع بمعنى هو الله , أو هذا الله ووجه إلى الخبر وفيه تأويل الآمر كان جائزا , كما قال الشاعر : إن قوما منهم عمير وأشبا ه عمير ومنهم السفاح لجديرون بالوفاء إذا قا ل أخو النجدة السلاح السلاح ولو كان قوله : { غفرانك ربنا } جاء رفعا في القراءة لم يكن خطأ , بل كان صوابا على ما وصفنا . وقد ذكر أن هذه الآية لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثناء من الله عليه وعلى أمته , قال له جبريل صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل قد أحسن عليك وعلى أمتك الثناء , فسل ربك . 5097 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن بيان , عن حكيم بن جابر , قال : لما أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم : { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } قال جبريل : إن الله عز وجل قد أحسن الثناء عليك , وعلى أمتك , فسل تعطه ! فسأل : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } . .. إلى آخر السورة .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()