فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا
القول في تأويل قوله تعالى : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } يعني تعالى ذكره بذلك : وقوموا لله في صلاتكم مطيعين له , لما قد بيناه من معناه , فإن خفتم من عدو لكم أيها الناس , تخشونهم على أنفسكم في حال التقائكم معهم , أن تصلوا قياما على أرجلكم بالأرض , قانتين لله , فصلوا رجالا مشاة على أرجلكم , وأنتم في حربكم وقتالكم وجهاد عدوكم , أو ركبانا على ظهور دوابكم , فإن ذلك يجزيكم حينئذ من القيام منكم قانتين . ولما قلنا من أن معنى ذلك كذلك , جاز نصب الرجال بالمعنى المحذوف , وذلك أن العرب تفعل ذلك في الجزاء خاصة لأن ثانيه شبيه بالمعطوف على أوله , ويبين ذلك أنهم يقولون إن خيرا فخيرا , وإن شرا فشرا , بمعنى : إن تفعل خيرا تصب خيرا , وإن تفعل شرا تصب شرا , فيعطفون الجواب على الأول لانجزام الثاني بجزم الأول , فكذلك قوله : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } بمعنى : إن خفتم أن تصلوا قياما بالأرض فصلوا رجالا ; والرجال جمع راجل ورجل . وأما أهل الحجاز فإنهم يقولون لواحد الرجال رجل , مسموع منهم : مشى فلان إلى بيت الله حافيا رجلا , وقد سمع من بعض أحياء العرب في واحدهم رجلان , كما قال بعض بني عقيل : علي إذا أبصرت ليلى بخلوة أن ازدار بيت الله رجلان حافيا فمن قال رجلان للذكر , قال للأنثى رجلى , وجاز في جمع المذكر والمؤنث فيه أن يقال : أتى القوم رجالى ورجالى , مثل كسالى وكسالى . وقد حكي عن بعضهم أنه كان يقرأ ذلك : " فإن خفتم فرجالا " مشددة . وعن بعضهم أنه كان يقرأ : " فرجالا " , وكلتا القراءتين غير جائزة القراءة بها عندنا بخلاف القراءة الموروثة المستفيضة في أمصار المسلمين . وأما الركبان , فجمع راكب , يقال : هو راكب وهو ركبان وركب وركبة وركاب وأركب وأركوب , يقال : جاءنا أركوب من الناس وأراكيب . وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 4310 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا مغيرة , عن إبراهيم , قال : سألته عن قوله : { فرجالا أو ركبانا } قال : عند المطاردة يصلي حيث كان وجهه , راكبا أو راجلا , ويجعل السجود أخفض من الركوع , ويصلي ركعتين يومئ إيماء . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا سفيان , عن مغيرة عن إبراهيم في قوله : { فرجالا أو ركبانا } قال : صلاة الضراب ركعتين يومئ إيماء . * حدثني أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , عن سفيان , عن مغيرة , عن إبراهيم قوله : { فرجالا أو ركبانا } قال : يصلي ركعتين حيث كان وجهه يومئ إيماء . 4311 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن سالم , عن سعيد بن جبير . { فرجالا أو ركبانا } قال : إذا طردت الخيل فأومئ إيماء . 4312 - حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا سفيان , عن مالك , عن سعيد , قال : يومئ إيماء . 4313 - حدثنا أحمد , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن : { فرجالا أو ركبانا } قال : إذا كان عند القتال صلى راكبا أو ماشيا حيث كان وجهه يومئ إيماء . 4314 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في القتال على الخيل , فإذا وقع الخوف فليصل الرجل على كل جهة قائما أو راكبا , أو كما قدر , على أن يومئ برأسه أو يتكلم بلسانه . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحوه , إلا أنه قال : أو راكبا لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , وقال أيضا : أو راكبا , أو ما قدر أن يومئ برأسه , وسائر الحديث مثله . 4315 - حدثنا يحيى بن أبي طالب , قال : ثنا يزيد , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } قال : إذا التقوا عند القتال وطلبوا , أو طلبوا , أو طلبهم سبع , فصلاتهم تكبيرتان إيماء أي جهة كانت . * حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله : { فرجالا أو ركبانا } قال : ذلك عند القتال يصلي حيث كان وجهه راكبا أو راجلا إذا كان يطلب أو يطلبه سبع , فليصل ركعة يومئ إيماء , فإن لم يستطع فليكبر تكبيرتين . 4316 - حدثنا سفيان بن وكيع , قال : ثنا أبي , عن الفضل بن دلهم , عن الحسن : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } قال : ركعة وأنت تمشي , وأنت يوضع بك بعيرك , ويركض بك فرسك على أي جهة كان . 4317 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } أما رجالا : فعلى أرجلكم إذا قاتلتم , يصلي الرجل يومئ برأسه أينما توجه , والراكب على دابته يومئ برأسه أينما توجه . 4318 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } الآية . أحل الله لك إذا كنت خائفا عند القتال أن تصلي وأنت راكب وأنت تسعى , تومئ برأسك من حيث كان وجهك إن قدرت على ركعتين , وإلا فواحدة . 4319 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } قال : ذاك عند المسايفة . 4320 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن معمر , عن الزهري في قوله : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } قال : إذا طلب الأعداء فقد حل لهم أن يصلوا قبل أي جهة كانوا رجالا أو ركبانا يومئون إيماء ركعتين . وقال قتادة : تجزي ركعة . 4321 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } قال : كانوا إذا خشوا العدو صلوا ركعتين راكبا كان أو راجلا . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن إبراهيم في قوله : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } قال : يصلي الرجل في القتال المكتوبة على دابته , وعلى راحلته حيث كان وجهه , يومئ إيماء عند كل ركوع وسجود , ولكن السجود أخفض من الركوع , فهذا حين تأخذ السيوف بعضها بعضا ; هذا في المطاردة . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا معاذ بن هشام , قال : ثني أبي , قال : كان قتادة يقول : إن استطاع ركعتين وإلا فواحدة يومئ إيماء , إن شاء راكبا أو راجلا , قال الله تعالى ذكره : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } 4322 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا معاذ بن هشام , قال : ثني أبي , عن قتادة , عن الحسن , قال في الخائف الذي يطلبه العدو , قال : إن استطاع أن يصلي ركعتين , وإلا صلى ركعة . 4323 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا معاذ عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن يونس , عن الحسن , قال : ركعة . 4324 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا شعبة , قال : سألت الحكم وحمادا وقتادة عن صلاة المسايفة , فقالوا : ركعة . 4325 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا شعبة , قال : سألت الحكم وحمادا وقتادة عن صلاة المسايفة , فقالوا : يومئ إيماء حيث كان وجهه . 4326 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , عن حماد والحكم وقتادة أنهم سئلوا عن الصلاة عند المسايفة , فقالوا : ركعة حيث وجهك . 4327 - حدثني أبو السائب , قال : ثنا ابن فضيل , عن أشعث بن سوار , قال : سألت ابن سيرين , عن صلاة المنهزم , فقال : كيف استطاع . 4328 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن سعيد بن يزيد , عن أبي نضرة , عن جابر بن غراب , قال : كنا نقاتل القوم وعلينا هرم بن حيان , فحضرت الصلاة , فقالوا : الصلاة الصلاة ! فقال هرم : يسجد الرجل حيث كان وجهه سجدة . قال : ونحن مستقبلو المشرق . 4329 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن الجريري , عن أبي نضرة , قال : كان هرم بن حيان على جيش فحضروا العدو , فقال : يسجد كل رجل منكم تحت جيبه حيث كان وجهه سجدة , أو ما استيسر , فقلت لأبي نضرة : ما " ما استيسر " ؟ قال : يومئ . 4330 - حدثنا سوار بن عبد الله , قال : ثنا بشر بن المفضل , قال : ثنا أبو مسلمة , عن أبي نضرة , قال : ثني جابر بن غراب , قال : كنا مع هرم بن حيان نقاتل العدو مستقبلي المشرق , فحضرت الصلاة , فقالوا الصلاة , فقال : يسجد الرجل تحت جيبه سجدة . 4331 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء في قوله : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } قال : تصلي حيث توجهت راكبا وماشيا , وحيث توجهت بك دابتك , تومئ إيماء للمكتوبة . 4332 - حدثني سعيد بن عمرو السكوني , قال : ثنا هبة بن الوليد , قال : ثنا المسعودي , قال : ثني يزيد الفقير , عن جابر بن عبد الله , قال : صلاة الخوف ركعة . 4333 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا موسى بن محمد الأنصاري , عن عبد الملك , عن عطاء في هذه الآية , قال : إذا كان خائفا صلى على أي حال كان . 4334 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال مالك , وسألته عن قول الله : { فرجالا أو ركبانا } قال : راكبا وماشيا , ولو كانت إنما عنى بها الناس , لم يأت إلا رجالا , وانقطعت الألف إنما هي رجال مشاة . وعن : { يأتوك رجالا وعلى كل ضامر } قال : يأتون مشاة وركبانا . قال أبو جعفر : الخوف الذي للمصلي أن يصلي من أجله المكتوبة ماشيا راجلا وراكبا جائلا : الخوف على المهمة عند السلة والمسايفة في قتال من أمر بقتاله من عدو للمسلمين , أو محارب , أو طلب سبع , أو جمل صائل أو سيل سائل , فخاف الغرق فيه , وكل ما الأغلب من شأنه هلاك المرء منه إن صلى صلاة الأمن . فإنه إذا كان ذلك كذلك , فله أن يصلي صلاة شدة الخوف حيث كان وجهه يومئ إيماء لعموم كتاب الله : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } ولم يخص الخوف على ذلك على نوع من الأنواع , بعد أن يكون الخوف صفته ما ذكرت . وإنما قلنا : إن الخوف الذي يجوز للمصلي أن يصلي كذلك هو الذي الأغلب منه الهلاك بإقامة الصلاة بحدودها , وذلك حال شدة الخوف ; لأن : 4335 - محمد بن حميد وسفيان بن وكيع حدثاني , قالا : ثنا جرير , عن عبد الله بن نافع , عن أبيه , عن ابن عمر , قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف : " يقوم الأمير وطائفة من الناس معه , فيسجدون سجدة واحدة , ثم تكون طائفة منهم بينهم وبين العدو , ثم ينصرف الذين سجدوا سجدة مع أميرهم , ثم يكونون مكان الذين لم يصلوا , ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون مع أميرهم سجدة واحدة , ثم ينصرف أميرهم وقد قضى صلاته , ويصلي بعد صلاته كل واحد من الطائفتين سجدة لنفسه , وإن كان خوف أشد من ذلك فرجالا أو ركبانا " 4336 - حدثني سعيد بن يحيى الأموي , قال : ثني أبي , قال : ثنا ابن جريج , عن موسى بن عقبة , عن نافع , عن ابن عمر , قال : إذا اختلطوا - يعني في القتال - فإنما هو الذكر , وأشار بالرأس . قال ابن عمر : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " وإن كانوا أكثر من ذلك فيصلون قياما وركبانا " . ففصل النبي بين حكم صلاة الخوف في غير حال المسايفة والمطاردة وبين حكم صلاة الخوف في حال شدة الخوف والمسايفة , على ما روينا عن ابن عمر . فكان معلوما بذلك أن قوله تعالى ذكره : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } إنما عنى به الخوف الذي وصفنا صفته . وبنحو الذي روى ابن عمر عن النبي روي عن ابن عمر أنه كان يقول : 4337 - حدثني يعقوب قال : ثنا ابن علية , عن أيوب , عن نافع , عن ابن عمر أنه قال في صلاة الخوف : يصلى بطائفة من القوم ركعة وطائفة تحرس , ثم ينطلق هؤلاء الذين صلى بهم ركعة حتى يقوموا مقام أصحابهم , ثم يحيي أولئك , فيصلي بهم ركعة , ثم يسلم , وتقوم كل طائفة فتصلي ركعة . قال . فإن كان خوف أشد من ذلك فرجالا أو ركبانا . وأما عدد الركعات في تلك الحال من الصلاة , فإني أحب أن لا يقتصر من عددها في حال الأمن , وإن قصر عن ذلك فصلى ركعة رأيتها مجزئة , لأن : 4338 - بشر بن معاذ حدثني , قال : ثنا أبو عوانة , عن بكر بن الأخنس , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا , وفي السفر ركعتين , وفي الخوف ركعة .
فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ
القول في تأويل قوله تعالى : { فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون } وتأويل ذلك : فإذا أمنتم أيها المؤمنون من عدوكم أن يقدر على قتلكم في حال اشتغالكم بصلاتكم التي فرضها عليكم ومن غيره ممن كنتم تخافونه على أنفسكم في حال صلاتكم , فاطمأننتم , فاذكروا الله في صلاتكم وفي غيرها , بالشكر له والحمد والثناء عليه , على ما أنعم به عليكم من التوفيق لإصابة الحق الذي ضل عنه أعداؤكم من أهل الكفر بالله , كما ذكركم بتعليمه إياكم , من أحكامه , وحلاله , وحرامه , وأخبار من قبلكم من الأمم السالفة , والأنباء الحادثة بعدكم في عاجل الدنيا وآجل الآخرة , التي جهلها غيركم , وبصركم من ذلك وغيره , إنعاما منه عليكم بذلك , فعلمكم منه ما لم تكونوا من قبل تعليمه إياكم تعلمون . وكان مجاهد يقول في قوله : { فإذا أمنتم } ما : 4339 - حدثنا به أبو كريب , قال : ثنا وكيع , عن سفيان , عن ليث , عن مجاهد : { فإذا أمنتم } قال : خرجتم من دار السفر إلى دار الإقامة . وبمثل الذي قلنا من ذلك قال ابن زيد . 4340 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : . { فإذا أمنتم فاذكروا الله } قال : فإذا أمنتم , فصلوا الصلاة كما افترض الله عليكم إذا جاء الخوف , كانت لهم رخصة . وقوله ههنا { فاذكروا الله } قال : الصلاة { كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون } وهذا القول الذي ذكرنا عن مجاهد قول غيره أولى بالصواب منه , لإجماع الجميع على أن الخوف متى زال فواجب على المصلي المكتوبة وإن كان في سفر أداؤها بركوعها وسجودها وحدودها , وقائما بالأرض غير ماش ولا راكب , كالذي يجب عليه من ذلك إذا كان مقيما في مصره وبلده , إلا ما أبيح له من القصر فيها في سفره . ولم يجر في هذه الآية للسفر ذكر , فيتوجه قوله : { فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون } إليه . وإنما جرى ذكر الصلاة في حال الأمن وحال شدة الخوف , فعرف الله سبحانه وتعالى عباده صفة الواجب عليهم من الصلاة فيهما , ثم قال : فإذا أمنتم فزال الخوف فأقيموا صلاتكم وذكري فيها وفي غيرها مثل الذي أوجبته عليكم قبل حدوث حال الخوف وبعده . فإن كان جرى للسفر ذكر , ثم أراد الله تعالى ذكره تعريف خلقه صفة الواجب عليهم من الصلاة بعد مقامهم لقال : فإذا أقمتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون , ولم يقل : فإذا أمنتم . وفي قوله تعالى ذكره : { فإذا أمنتم } الدلالة الواضحة على صحة قول من وجه تأويل ذلك إلى الذي قلنا فيه , وخلاف قول مجاهد .