لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
القول في تأويل قوله تعالى : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر } يعني تعالى ذكره بقوله : { للذين يؤلون } الذين يقسمون ألية , والألية : الحلف . كما : 3559 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا مسلمة بن علقمة , قال : ثنا داود بن أبي هند , عن سعيد بن المسيب في قوله : { للذين يؤلون } يحلفون . يقال : آلى فلان يؤلي إيلاء وألية , كما قال الشاعر :
كفينا من تغيب من تراب
وأحنثنا ألية مقسمينا
ويقال ألوة وألوة , كما قال الراجز :
يا ألوة ما ألوة ما ألوتي
وقد حكي عنهم أيضا أنهم يقولون : " إلوة " مكسورة الألف , والتربص : النظر والتوقف . ومعنى الكلام : للذين يؤلون أن يعتزلوا من نسائهم تربص أربعة أشهر , فترك ذكر أن يعتزلوا اكتفاء بدلالة ما ظهر من الكلام عليه . واختلف أهل التأويل في صفة اليمين التي يكون بها الرجل موليا من امرأته , فقال بعضهم : اليمين التي يكون بها الرجل مؤليا من امرأته , أن يحلف عليها في حال غضب على وجه الإضرار لها أن لا يجامعها في فرجها , فأما إن حلف على غير وجه الإضرار على غير غضب فليس هو موليا منها . ذكر من قال ذلك : 3560 - حدثنا هناد بن السري , قال : ثنا أبو الأحوص , عن سماك , عن حريث بن عميرة , عن أم عطية , قالت : قال جبير : أرضعي ابن أخي مع ابنك ! فقالت : ما أستطيع أن أرضع اثنين , فحلف أن لا يقربها حتى تفطمه . فلما فطمته مر به على المجلس , فقال له القوم : حسنا ما غذوتموه . قال جبير : إني حلفت ألا أقربها حتى تفطمه . فقال له القوم : هذا إيلاء , فأتى عليا فاستفتاه , فقال : إن كنت فعلت ذلك غضبا فلا تصلح لك امرأتك , وإلا فهي امرأتك . 3561 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن سماك , أنه سمع عطية بن جبير , قال : توفيت أم صبي نسيبة لي , فكانت امرأة أبي ترضعه , فحلف أن لا يقربها حتى تفطمه . فلما مضت أربعة أشهر قيل له : قد بانت منك - وأحسب شك أبو جعفر , قال - : فأتى عليا يستفتيه , فقال : إن كنت قلت ذلك غضبا فلا امرأة لك , وإلا فهي امرأتك . * - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا أبو داود , قال : ثنا شعبة , قال : أخبرني سماك , قال : سمعت عطية بن جبير يذكر نحوه عن علي . 3562 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد , قال : ثنا داود , عن سماك , عن رجل من بني عجل , عن أبي عطية : أنه توفي أخوه وترك ابنا له صغيرا , فقال أبو عطية لامرأته : أرضعيه ! فقالت : إني أخشى أن تغيلهما , فحلف أن لا يقربها حتى تفطمهما ففعل حتى فطمتهما . فخرج ابن أخي أبي عطية إلى المجلس , فقالوا : لحسن ما غذى أبو عطية ابن أخيه ! قال : كلا زعمت أم عطية أني أغيلهما فحلفت أن لا أقربها حتى تفطمهما . فقالوا له : قد حرمت عليك امرأتك . فذكرت ذلك لعلي رضي الله عنه فقال علي : إنما أردت الخير , وإنما الإيلاء في الغضب . * - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا داود , عن سماك , عن أبي عطية أن أخاه توفي , فذكر نحوه . 3563 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن إدريس , قال : أخبرنا داود بن أبي هند , عن سماك بن حرب , أن رجلا هلك أخوه , فقال لامرأته : أرضعي ابن أخي ! فقالت : أخاف أن تقع علي . فحلف أن لا يمسها حتى تفطم . فأمسك عنها حتى إذا فطمته أخرج الغلام إلى قومه , فقالوا : لقد أحسنت غذاءه ! فذكر لهم شأنه , فذكروا امرأته . قال : فذهب إلى علي فاستحلفه بالله ما أردت بذلك ؟ يعني إيلاء , قال : فردها عليه . 3564 - حدثنا علي بن عبد الأعلى , قال : ثنا المحاربي , عن أشعث بن سوار , عن سماك , عن عطية بن أبي عطية , قال : توفي أخ لي وترك يتيما له رضيعا , وكنت رجلا معسرا لم يكن بيدي ما أسترضع له . قال : فقالت لي امرأتي , وكان لي منها ابن ترضعه : إن كفيتني نفسك كفيتكها . فقلت : وكيف أكفيك نفسي ؟ قالت : لا تقربني , فقلت : والله لا أقربك حتى تفطميهما . قال : ففطمتهما . وخرجا على القوم , فقالوا : ما نواك إلا قد أحسنت ولايتهما . قال : فقصصت عليهم القصة . فقالوا : ما نواك إلا آليت منها , وبانت منك . قال : فأتيت عليا , فقصصت عليه القصة , فقال : إنما الإيلاء ما أريد به الإيلاء . 3565 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن بكر البرساني , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن جابر بن زيد , عن ابن عباس , قال : لا إيلاء إلا بغضب . * - وحدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن عمرو بن دينار , عن عطاء , عن ابن عباس , قال : لا إيلاء إلا بغضب . * - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا ابن وكيع , عن أبي فزارة , عن يزيد بن الأصم , عن ابن عباس , قال : لا إيلاء إلا بغضب . 3566 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا داود , عن سماك بن حرب , عن أبي عطية , عن علي , قال : لا إيلاء إلا بغضب . 3567 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , عن سعيد , عن قتادة : أن عليا قال : إذا قال الرجل لامرأته وهي ترضع : والله لا قربتك حتى تفطمي ولدي , يريد به صلاح ولده , قال : ليس عليه إيلاء . 3568 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا إسحاق بن منصور السلولي , عن محمد بن مسلم الطائفي , عن عمرو بن دينار , عن سعيد بن جبير , قال : جاء رجل إلى علي , فقال : إني قلت لامرأتي لا أقربها سنتين , قال : قد آليت منها . قال : إنما قلت لأنها ترضع . قال : فلا إذن . 3596 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الله بن أبي جعفر , عن أبيه , عن داود بن أبي هند , عن سماك بن حرب , عن أبي عطية , عن علي أنه كان يقول : إنما الإيلاء ما كان في غضب يقول الرجل : والله لا أقربك والله لا أمسك , فأما ما كان في إصلاح من أمر الرضاع وغيره , فإنه لا يكون إيلاء ولا تبين منه . 3570 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , يعني ابن مهدي , قال : ثنا حماد بن زيد , عن حفص , عن الحسن أنه سئل عنها , فقال : لا والله ما هو بإيلاء . 3571 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا بشر بن منصور , عن ابن جريج , عن عطاء , قال : إذا حلف من أجل الرضاع فليس بإيلاء . 3572 - حدثنا المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني الليث , ثني يونس , قال : سألت ابن شهاب عن الرجل يقول : والله لا أقرب امرأتي حتى تفطم ولدي , قال : لا أعلم الإيلاء يكون إلا بحلف بالله فيما يريد المرء أن يضار به امرأته من اعتزالها , ولا نعلم فريضة الإيلاء إلا على أولئك , فلا نرى أن هذا الذي أقسم بالاعتزال لامرأته حتى تفطم ولده , أقسم إلا على أمر يتحرى به فيه الخير , فلا نرى وجب على هذا ما وجب على المولي الذي يولي في الغضب . وقال آخرون . سواء إذا حلف الرجل على امرأته أن لا يجامعها في فرجها كان حلفه في غضب أو غير غضب , كل ذلك إيلاء . ذكر من قال ذلك : 3573 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا ابن مهدي , قال : ثنا سفيان , عن مغيرة , عن إبراهيم : في رجل قال لامرأته : إن غشيتك حتى تفطمي ولدك فأنت طالق , فتركها أربعة أشهر . قال : هو إيلاء . * - حدثنا محمد بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن أبي معشر , عن النخعي , قال : كل شيء يحول بينه وبين غشيانها فتركها حتى تمضي أربعة أشهر فهو داخل عليه . 3574 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا أبو عوانة عن المغيرة , عن القعقاع , قال : سألت الحسن عن رجل ترضع امرأته صبيا فحلف أن لا يطأها حتى تفطم ولدها , فقال : ما أرى هذا بغضب , وإنما الإيلاء في الغضب . قال : وقال ابن سيرين : ما أدري ما هذا الذي يحدثون ؟ إنما قال الله : { للذين يؤلون من نسائهم } إلى { فإن الله سميع عليم } إذا مضت أربعة أشهر فليخطبها إن رغب فيها . 3575 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا ابن مهدي , قال : ثنا سفيان , عن منصور , عن إبراهيم : في رجل حلف أن لا يكلم امرأته , قال : كانوا يرون الإيلاء في الجماع . * - حدثنا أبو السائب , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن إبراهيم , قال : قال : كل يمين منعت جماعا حتى تمضي أربعة أشهر فهي إيلاء . 3576 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن إدريس , قال : سمعت إسماعيل وأشعث , عن الشعبي , مثله . 3577 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن إبراهيم والشعبي قالا : كل يمين منعت جماعا فهي إيلاء . وقال آخرون : كل يمين حلف بها الرجل في مساءة امرأته فهي إيلاء منه منها على الجماع , حلف أو غيره , في رضا حلف أو سخط . ذكر من قال ذلك : 3578 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن خصيف , عن الشعبي قال : كل يمين حالت بين الرجل وبين امرأته فهي إيلاء , إذا قال : والله لأغضبنك , والله لأسوءنك , والله لأضربنك , وأشباه هذا . 3579 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم , قال : ثني أبي وشعيب , عن الليث , عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن أبي ذئب العامري : أن رجلا من أهله قال لامرأته : إن كلمتك سنة فأنت طالق ! واستفتى القاسم وسالما فقالا : إن كلمتها قبل سنة فهي طالق , وإن لم تكلمها فهي طالق إذا مضت أربعة أشهر . 3580 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , قال : سمعت حمادا , قال : قلت لإبراهيم : الإيلاء أن يحلف أن لا يجامعها ولا يكلمها , ولا يجمع رأسه برأسها , أو ليغضبنها , أو ليحرمنها , أو ليسوءنها ؟ قال : نعم . 3581 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , قال : سألت الحكم عن رجل : قال لامرأته : والله لأغيظنك ! فتركها أربعة أشهر . قال : هو إيلاء . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا وهب بن جرير , قال : سمعت شعبة قال : سألت الحكم , فذكر مثله . 3582 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , حدثني الليث , قال : ثنا يونس , قال : قال ابن شهاب : حدثني سعيد بن المسيب : أنه إن حلف رجل أن لا يكلم امرأته يوما أو شهرا , قال : فإنا نرى ذلك يكون إيلاء , وقال : إلا أن يكون حلف أن لا يكلمها , فكان يمسها فلا نرى ذلك يكون من الإيلاء . والفيء أن يفيء إلى امرأته فيكلمها أو يمسها , فمن فعل ذلك قبل أن تمضي الأربعة الأشهر فقد فاء ; ومن فاء بعد أربعة أشهر وهي في عدتها فقد فاء وملك امرأته , غير أنه مضت لها تطليقة . وعلة من قال : إنما الإيلاء في الغضب والضرار , أن الله تعالى ذكره إنما جعل الأجل الذي أحل في الإيلاء مخرجا للمرأة من عضل الرجل وضراره إياها فيما لها عليه من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف . وإذا لم يكن الرجل لها عاضلا , ولا مضارا بيمينه وحلفه على ترك جماعها , بل كان طالبا بذلك رضاها , وقاضيا بذلك حاجتها , لم يكن بيمينه تلك موليا , لأنه لا معنى هنالك يلحق المرأة به من قبل بعلها مساءة وسوء عشرة , فيجعل الأجل الذي جعل المولي لها مخرجا منه . وأما علة من قال : الإيلاء في حال الغضب والرضا سواء عموم الآية , وأن الله تعالى ذكره لم يخصص من قوله : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر } بعضا دون بعض , بل عم به كل مؤل مقسم , فكل مقسم على امرأته أن لا يغشاها مدة هي أكثر من الأجل الذي جعل الله له تربصه , فمؤل من امرأته عند بعضهم . وعند بعضهم : هو مؤل , وإن كانت مدة يمينه الأجل الذي جعل له تربصه . وأما علة من قال بقول الشعبي والقاسم وسالم , أن الله تعالى ذكره جعل الأجل الذي حده للمولي مخرجا للمرأة من سوء عشرتها بعلها إياها وإضراره بها . وليست اليمين عليها بأن لا يجامعها ولا يقربها بأولى بأن تكون من معاني سوء العشرة والضرار من الحلف عليها أن لا يكلمها أو يسوءها أو يغيظها ; لأن كل ذلك ضرر عليها , وسوء عشرة لها . وأولى التأويلات التي ذكرناها في ذلك بالصواب مؤل من قال : كل يمين منعت المقسم الجماع أكثر من المدة التي جعل الله المولي تربصها قائلا في غضب كان ذلك أو رضا , وذلك للعلة التي ذكرناها قبل لقائلي ذلك . وقد أتينا على فساد قول من خالف ذلك في كتابنا " كتاب اللطيف " بما فيه الكفاية , فكرهنا إعادته في هذا الموضع .
فَإِنْ فَاءُوا
القول في تأويل قوله تعالى : { فإن فاءوا } يعني تعالى ذكره بذلك : فإن رجعوا إلى ترك ما حلفوا عليه أن يفعلوه بهن من ترك جماعهن فجامعوهن وحنثوا في أيمانهم , فإن الله غفور لما كان منهم من الكذب في أيمانهم بأن لا يأتوهن ثم أتوهن , ولما سلف منهم إليهن من اليمين على ما لم يكن لهم أن يحلفوا عليه , فحلفوا عليه ; رحيم بهم وبغيرهم من عباده المؤمنين . وأصل الفيء : الرجوع من حال إلى حال , ومنه قوله تعالى ذكره : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } إلى قوله : { حتى تفيء إلى أمر الله } 49 9 يعني : حتى ترجع إلى أمر الله . ومنه قول الشاعر :
ففاءت ولم تقض الذي أقبلت له
ومن حاجة الإنسان ما ليس قاضيا
يقال منه : فاء فلان يفيء فيئة , مثل الجيئة , وفيئا . والفيئة : المرة . فأما في الظل , فإنه يقال : فاء الظل يفيء فيوءا وفيئا , وقد يقال فيوءا أيضا في المعنى الأول , لأن الفيء في كل الأشياء بمعنى الرجوع . وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل , غير أنهم اختلفوا فيما يكون به المؤلي فائيا , فقال بعضهم : لا يكون فائيا إلا بالجماع . ذكر من قال ذلك : 3583 - حدثنا على بن سهل الرملي , قال : ثنا مؤمل , قال : ثنا سفيان , عن ابن أبي ليلى , عن الحكم , عن مقسم , عن ابن عباس , قال : الفيء : الجماع . * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أبو نعيم , عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد , عن الحكم , عن مقسم , عن ابن عباس , قال : الفيء : الجماع . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن الحكم , عن مقسم , عن ابن عباس , مثله . * - حدثنا محمد بن يحيى , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن صاحب له , عن الحكم بن عتيبة عن مقسم , عن ابن عباس , مثله . 3584 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن حصين , عن الشعبي , عن مسروق , قال : الفيء : الجماع . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا ابن أبي عدي , عن شعبة , عن حصين , عن الشعبي , عن مسروق مثله . 3585 - حدثنا عبد الحميد بن بيان , قال : أخبرنا محمد بن يزيد , عن إسماعيل , قال : كان عامر لا يرى الفيء إلا الجماع . * - حدثنا تميم بن المنتصر , قال : أخبرنا يزيد بن هارون , قال : أخبرنا إسماعيل , عن عامر , بمثله . 3586 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن علي بن بذيمة , عن سعيد بن جبير قال : الفيء : الجماع . * - حدثنا أبو عبد الله النسائي , قال : ثنا إسحاق الأزرق , عن سفيان , عن علي بن بذيمة , عن سعيد بن جبير , مثله . 3587 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , عن سعيد بن جبير , قال : الفيء : الجماع , لا عذر له إلا أن يجامع , وإن كان في سجن أو في سفر ; سعيد القائل . 3588 - حدثني محمد بن يحيى , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن سعيد بن جبير أنه قال : لا عذر له حتى يغشى . 3589 - حدثني المثنى بن إبراهيم , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد , عن حماد وإياس , عن الشعبي , قال أحدهما , عن مسروق , قال : الفيء : الجماع . وقال الآخر عن الشعبي : الفيء : الجماع . 3590 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , عن سعيد , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب في : رجل آلى من امرأته ثم شغله مرض , قال : لا عذر له حتى يغشى . 3591 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا معاذ بن هشام , قال : حدثني أبي , عن قتادة , عن سعيد بن جبير في : الرجل يوفي من امرأته قبل أن يدخل بها , أو بعد ما دخل بها , فيعرض له عارض يحبسه , أو لا يجد ما يسوق : أنه إذا مضت أربعة أشهر أنها أحق بنفسها . 3592 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن الحكم والشعبي قالا : إذا آلى الرجل من امرأته ثم أراد أن يفيء , فلا فيء إلا الجماع . وقال آخرون : الفيء : المراجعة باللسان أو القلب في حال العذر , وفي غير حال العذر الجماع . ذكر من قال ذلك : 3593 - حدثنا محمد بن يحيى , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن الحسن وعكرمة أنهما قالا : إذا كان له عذر فأشهد فذاك له . يعني في رجل آلى من امرأته فشغله مرض أو طريق فأشهد على مراجعة امرأته . 3594 - حدثنا محمد بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن صاحب له , عن الحكم قال : تذاكرنا أنا والنخعي ذلك , قال النخعي : إذا كان له عذر فأشهد فقد فاء , وقلت أنا : لا عذر له حتى يغشى . فانطلقنا إلى أبي وائل , فقال : إني أرجو إذا كان له عذر فأشهد جاز . 3595 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , عن الحسن , قال : إن آلى ثم مرض , أو سجن , أو سافر فراجع , فإن له عذرا أن لا يجامع . قال : وسمعت الزهري يقول مثل ذلك : 3596 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : أخبرنا أبو عوانة , عن مغيرة , عن إبراهيم : في النفساء يولي منها زوجها , قال : هذه في محارب سئل عنها أصحاب عبد الله , فقالوا : إذا لم يستطع كفر عن يمينه وأشهد على الفيء . 3597 - حدثنا أبو السائب , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن أبي الشعثاء , قال : نزل به ضيف , فآلى من امرأته فنفست , فأراد أن يفيء فلم يستطع أن يقربها من أجل نفاسها . فأتى علقمة فذكر ذلك له , فقال : أليس قد فئت بقلبك ورضيت ؟ قال : بلى . قال : فقد فئت هي امرأتك . 3598 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الأعمش , عن إبراهيم : أن رجلا آلى من امرأته , فولدت قبل أن تمضي أربعة أشهر وأراد الفيئة , فلم يستطع من أجل الدم حتى مضت أربعة أشهر . فسأل عنها علقمة بن قيس , فقال : أليس قد راجعتها في نفسك ؟ قال : بلى . قال : فهي امرأتك . 3599 - حدثنا عمران بن موسى , قال : ثنا عبد الوارث , قال : أخبرنا عامر , عن الحسن , قال : إذا آلى من امرأته ثم لم يقدر أن يغشاها من عذر , قال : يشهد أنه قد فاء وهي امرأته . 3600 - حدثنا عمران , قال : ثنا عبد الوارث , قال : ثنا عامر , عن حماد , عن إبراهيم , عن علقمة بمثله . 3601 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا معاذ بن هشام , قال : ثنى أبي , عن قتادة . عن عكرمة قال : وحدثنا عبد الأعلى قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن عكرمة قال : إذا آلى من امرأته فجهد أن يغشاها فلم يستطع , فله أن يشهد على رجعتها . * - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , عن سعيد , عن قتادة , عن الحسن وعكرمة : أنهما سئلا عن رجل آلى من امرأته , فشغله أمر , فأشهد على مراجعة امرأته , قالا : إذا كان له عذر فذاك له . 3602 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا غندر , قال : ثنا شعبة , عن الحكم , قال : انطلقت أنا وإبراهيم إلى أبي الشعثاء , فحدث أن رجلا من بني سعد بن همام آلى من امرأته فنفست , فلم يستطع أن يقربها , فسأل الأسود أو بعض أصحاب عبد الله , فقال : إذا أشهد فهي امرأته . 3603 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا غندر , قال : ثنا شعبة , عن حماد , عن إبراهيم أنه قال : إن كان له عذر فأشهد فذلك له ; يعني المؤلي من امرأته . 3604 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن مغيرة , عن إبراهيم أنه كان يحدث عن أبي الشعثاء , عن علقمة وأصحاب عبد الله : أنهم قالوا في الرجل إذا آلى من امرأته فنفست , قالوا : إذا أشهد فهي امرأته . 3605 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن حماد , قال : إذا آلى الرجل من امرأته ثم فاء فليشهد على فيئه . وإذا آلى الرجل من امرأته وهو في أرض غير الأرض التي فيها امرأته فليشهد على فيئه . فإن أشهد وهو لا يعلم أن ذلك لا يجزيه من وقوعه عليها فمضت أربعة أشهر قبل أن يجامعها فهي امرأته . وإن علم أنه لا فيء إلا في الجماع في هذا الباب ففاء وأشهد على فيئه ولم يقع عليها حتى مضت أربعة أشهر , فقد بانت منه . 3606 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني الليث , قال : ثني يونس , قال : قال ابن شهاب : حدثني سعيد بن المسيب : أنه إذا آلى الرجل من امرأته , قال : فإن كان به مرض ولا يستطيع أن يمسها , أو كان مسافرا فحبس , قال : فإذا فاء وكفر عن يمينه فأشهد على فيئه قبل أن تمضي أربعة أشهر فلا نراه إلا قد صلح له أن يمسك امرأته ولم يذهب من طلاقها شيء . قال : وقال ابن شهاب في رجل يولي من امرأته ولم يبق لها عليه إلا تطليقة , فيريد أن يفيء في آخر ذلك وهو مريض أو مسافر , أو هي مريضة أو طامث أو غائبة لا يقدر على أن يبلغها حتى تمضي أربعة أشهر أله في شيء من ذلك رخصة أن يكفر عن يمينه , ولم يقدر على أن يطأ امرأته ؟ قال : نرى والله أعلم إن فاء قبل الأربعة الأشهر فهي امرأته , بعد أن يشهد على ذلك ويكفر عن يمينه , وإن لم يبلغها ذلك من فيئته , فإنه قد فاء قبل أن يكون طلاقا . 3607 - حدثنا عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , قال : الفيء : الجماع . فإن هو لم يقدر على المجامعة , وكانت به علة من مرض , أو كان غائبا , أو كان محرما , أو شيء له فيه عذر , ففاء بلسانه وأشهد على الرضا , فإن ذلك له فيء إن شاء الله . وقال آخرون : الفيء : المراجعة باللسان بكل حال . ذكر من قال ذلك : 3608 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا الضحاك بن مخلد , عن سفيان , عن منصور وحماد , عن إبراهيم , قال : الفيء : أن يفيء بلسانه . 3609 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا حماد بن سلمة , عن زياد الأعلم , عن الحسن , قال : الفيء : الإشهاد . * - حدثنا المثنى قال : ثني الحجاج , قال : ثنا حماد , عن زياد الأعلم , عن الحسن , مثله . 3610 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن أيوب , عن أبي قلابة قال : إن فاء في نفسه أجزأه , يقول : قد فاء . 3611 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن إسماعيل بن رجاء , قال : ذكروا الإيلاء عند إبراهيم , فقال : أرأيت إن لم ينتشر ذكره ؟ إذا أشهد فهي امرأته . قال أبو جعفر : وإنما اختلف المختلفون في تأويل الفيء على قدر اختلافهم في معنى اليمين التي تكون إيلاء , فمن كان من قوله : إن الرجل لا يكون موليا من امرأته الإيلاء الذي ذكره الله في كتابه إلا بالحلف عليها أن لا يجامعها جعل الفيء الرجوع إلى فعل ما حلف عليه أن لا يفعله من جماعها , وذلك الجماع في الفرج إذا قدر على ذلك وأمكنه , وإذا لم يقدر عليه ولم يمكنه , فإحداث النية أن يفعله إذا قدر عليه وأمكنه وإبداء ما نوى من ذلك بلسانه ليعلمه المسلمون في قول من قال ذلك . وأما قول من رأى أن الفيء هو الجماع دون غيره , فإنه لم يجعل العائق له عذرا , ولم يجعل له مخرجا من يمينه غير الرجوع إلى ما حلف على تركه وهو الجماع . وأما من كان من قوله : إنه قد يكون موليا منها بالحلف على ترك كلامها , أو على أن يسوءها أو يغيظها , أو ما أشبه ذلك من الأيمان , فإن الفيء عنده الرجوع إلى ترك ما حلف عليه أن يفعله مما فيه مساءتها بالعزم على الرجوع عنه وإبداء ذلك بلسانه في كل حال عزم فيها على الفيء . وأولى الأقوال بالصحة في ذلك عندنا قول من قال : الفيء : هو الجماع ; لأن الرجل لا يكون مؤليا عندنا من امرأته إلا بالحلف على ترك جماعها المدة التي ذكرنا للعلل التي وصفنا قبل . فإذ كان ذلك هو الإيلاء فالفيء الذي يبطل حكم الإيلاء عنه لا شك أنه غير جائز أن يكون إلا ما كان الذي آلى عليه خلافا لأنه لما جعل حكمه إن لم يفئ إلى ما آلى على تركه الحكم الذي بينه الله لهم في كتابه كان الفيء إلى ذلك معلوما أنه فعل ما آلى على تركه إن أطاقه , وذلك هو الجماع , غير أنه إذا حيل بينه وبين الفيء الذي هو الجماع بعذر , فغير كائن تاركا جماعها على الحقيقة , لأن المرء إنما يكون تاركا ما له إلى فعله وتركه سبيل , فأما من لم يكن له إلى فعل أمر سبيل , فغير كائن تاركه . وإذ كان ذلك كذلك فإحداث العزم في نفسه على جماعها مجزئ عنه في حال العذر , حتى يجد السبيل إلى جماعها . وإن أبدى ذلك بلسانه وأشهد على نفسه في تلك الحال بالأوبة والفيء كان أعجب إلي .
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
القول في تأويل قوله تعالى : { فإن الله غفور رحيم } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : معنى ذلك : فإن الله غفور لكم فيما اجترمتم بفيئكم إليهن من الحنث في اليمين التي حلفتم عليهن بالله أن لا تغشوهن , رحيم بكم في تخفيفه عنكم كفارة أيمانكم التي حلفتم عليهن ثم حنثتم فيها . ذكر من قال ذلك : 3612 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن الحسن : { فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم } قال : لا كفارة عليه . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , عن الحسن , قال : إذا فاء فلا كفارة عليه . 3613 - حدثنا المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : ثنا أبو عوانة , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : كانوا يرون في قول الله : { فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم } أن كفارته فيؤه . وهذا التأويل الذي ذكرنا هو التأويل الواجب على قول من زعم أن كل حانث في يمين هو في المقام عليها حرج , فلا كفارة عليه في حنثه فيها , وإن كفارته الحنث فيها . وأما على قول من أوجب على الحانث في كل يمين حلف بها برا كان الحنث فيها أو غير بر , فإن تأويله : فإن الله غفور للمؤلين من نسائهم فيما حنثوا فيه من إيلائهم , فإن فاءوا فكفروا أيمانهم بما ألزم الله الحانثين في أيمانهم من الكفارة , رحيم بهم بإسقاطه عنهم العقوبة في العاجل والآجل على ذلك بتكفيره إياه بما فرض عليهم من الجزاء والكفارة , وبما جعل لهم من المهل الأشهر الأربعة , فلم يجعل فيها للمرأة التي إلى منها زوجها ما جعل لها بعد الأشهر الأربعة . كما : 3614 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : حدثنا يحيى بن بشر أنه سمع عكرمة يقول : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق } قال : وتلك رحمة الله ملكه أمرها الأربعة الأشهر إلا من معذرة , لأن الله قال : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع } 4 34 ذكر بعض من قال : إذا فاء المولي فعليه الكفارة : 3615 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس قوله : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر } وهو الرجل يحلف لامرأته بالله لا ينكحها , فيتربص أربعة أشهر , فإن هو نكحها كفر يمينه بإطعام عشرة مساكين , أو كسوتهم , أو تحرير رقبة , فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام . 3616 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني الليث , قال : ثني يونس , قال : ثني ابن شهاب , عن سعيد بن المسيب بنحوه . 3617 - حدثنا المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : أخبرنا حماد بن سلمة , عن حماد , عن إبراهيم , قال : إذا آلى فغشيها قبل الأربعة الأشهر كفر عن يمينه . 3618 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : أخبرنا أبو عوانة , عن مغيرة , عن إبراهيم : في النفساء يولي منها زوجها , قال : هذه في محارب ; سئل عنها أصحاب عبد الله , فقالوا : إذا لم يستطع كفر عن يمينه وأشهد على الفيء . 3619 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قال : إن فاء فيها كفر يمينه وهي امرأته . 3620 - حدثنا عن عمار , عن ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , مثله . 3621 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا عثام , عن الأعمش , عن إبراهيم : في الإيلاء قال : يوقف قبل أن تمضي الأربعة الأشهر , فإن راجعها فهي امرأته وعليه يمين يكفرها إذا حنث . قال أبو جعفر : وهذا التأويل الثاني هو الصحيح عندنا في ذلك لما قد بينا من العلل في كتابنا " كتاب الأيمان " من أن الحنث موجب الكفارة في كل ما ابتدئ فيه الحنث من الأيمان بعد الحلف على معصية كانت اليمين أو على طاعة .