وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ
القول في تأويل قوله تعالى : { وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد } يعني بذلك جل ثناؤه : وإذا قيل لهذا المنافق الذي نعت نعته لنبيه عليه الصلاة والسلام وأخبره أنه يعجبه قوله في الحياة الدنيا : اتق الله , وخفه في إفسادك في أرض الله , وسعيك فيها بما حرم الله عليك من معاصيه , وإهلاكك حروث المسلمين ونسلهم ; استكبر ودخلته عزة وحمية بما حرم الله عليه , وتمادى في غيه وضلاله . قال الله جل ثناؤه : فكفاه عقوبة من غيه وضلاله صلي نار جهنم ولبئس المهاد لصاليها . واختلف أهل التأويل فيمن عنى بهذه الآية , فقال بعضهم : عنى بها كل فاسق ومنافق . ذكر من قال ذلك : 3171 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع , قال : ثنا جعفر بن سليمان , قال : ثنا بسطام بن مسلم , قال : ثنا أبو رجاء العطاردي , قال : سمعت عليا في هذه الآية : { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا } إلى : { والله رءوف بالعباد } قال علي : اقتتلا ورب الكعبة . 3172 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم } إلى قوله : { والله رءوف بالعباد } قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا صلى السبحة وفرغ دخل مربدا له , فأرسل إلى فتيان قد قرءوا القرآن , منهم ابن عباس وابن أخي عيينة , قال : فيأتون فيقرءون القرآن ويتدارسونه , فإذا كانت القائلة انصرف . قال فمروا بهذه الآية : { وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم } { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد } قال ابن زيد : وهؤلاء المجاهدون في سبيل الله . فقال ابن عباس لبعض من كان إلى جنبه : اقتتل الرجلان . فسمع عمر ما قال , فقال : وأي شيء قلت ؟ قال : لا شيء يا أمير المؤمنين . قال : ماذا قلت ؟ اقتتل الرجلان ؟ قال فلما رأى ذلك ابن عباس قال : أرى ههنا من إذا أمر بتقوى الله أخذته العزة بالإثم , وأرى من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ; يقوم هذا فيأمر هذا بتقوى الله , فإذا لم يقبل وأخذته العزة بالإثم , قال هذا : وأنا أشتري نفسي ! فقاتله , فاقتتل الرجلان . فقال عمر : لله بلادك يا ابن عباس . وقال آخرون : بل عنى به الأخنس بن شريق , وقد ذكرنا من قال ذلك فيما مضى . وأما قوله : { ولبئس المهاد } فإنه يعني . ولبئس الفراش والوطاء : جهنم التي أوعد بها جل ثناؤه هذا المنافق , ووطأها لنفسه بنفاقه وفجوره وتمرده على ربه .