بتـــــاريخ : 11/6/2009 8:45:36 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1358 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 195

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ

    القول في تأويل قوله تعالى : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية , ومن عنى بقوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فقال بعضهم : عنى بذلك : { وأنفقوا في سبيل الله } وسبيل الله : طريقه الذي أمر أن يسلك فيه إلى عدوه من المشركين لجهادهم وحربهم , { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } يقول : ولا تتركوا النفقة في سبيل الله , فإن الله يعوضكم منها أجرا ويرزقكم عاجلا . ذكر من قال ذلك : 2575 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة , والحسن بن عرفة قالا : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن سفيان عن حذيفة : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : يعني في ترك النفقة . * حدثني محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا شعبة , وحدثنا ابن المثنى , قال : ثنا ابن أبي عدي , عن شعبة , عن الأعمش , عن أبي وائل , عن حذيفة وحدثني محمد بن خلف العسقلاني قال : ثنا آدم , قال : ثنا أبو جعفر الرازي , عن الأعمش وحدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد قال : ثنا سفيان , عن عاصم جميعا , عن شقيق , عن حذيفة , قال : هو ترك النفقة في سبيل الله . 2576 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن منصور , عن أبي صالح , عن عبد الله بن عباس أنه قال في هذه الآية : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : تنفق في سبيل الله وإن لم يكن لك إلا مشقص أو سهم - شعبة الذي يشك في ذلك . * حدثنا ابن المثنى , قال ثنا ابن أبي عدي , عن شعبة , عن منصور , عن أبي صالح الذي كان يحدث عنه الكلبي , عن ابن عباس قال : إن لم يكن لك إلا سهم أو مشقص أنفقته . * حدثني ابن بشار , قال : ثنا يحيى , عن سفيان , عن منصور , عن أبي صالح , عن ابن عباس : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : في النفقة . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عمرو بن أبي قيس , عن عطاء , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : ليس التهلكة أن يقتل الرجل في سبيل الله , ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله . 2577 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد , عن عكرمة , قال : نزلت في النفقات في سبيل الله , يعني قوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } 2578 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى , قال : ثنا ابن وهب , قال : أخبرني أبو صخر عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : كان القوم في سبيل الله , فيتزود الرجل , فكان أفضل زادا من الآخر أنفق البائس من زاده حتى لا يبقى من زاده شيء أحب أن يواسي صاحبه , فأنزل الله : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } * حدثني محمد بن خلف العسقلاني , قال : ثنا آدم , قال : ثنا شيبان , عن منصور بن المعتمر , عن أبي صالح مولى أم هانئ , عن ابن عباس في قوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : لا يقولن أحدكم إني لا أجد شيئا إن لم يجد إلا مشقصا فليتجهز به في سبيل الله . 2579 - حدثنا ابن عبد الأعلى الصنعاني , قال : ثنا المعتمر , قال : سمعت داود يعني ابن أبي هند , عن عامر : أن الأنصار كان احتبس عليهم بعض الرزق , وكانوا قد أنفقوا نفقات , قال : فساء ظنهم وأمسكوا . قال : فأنزل الله : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : وكانت التهلكة سوء ظنهم وإمساكهم . 2580 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , وحدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : تمنعكم نفقة في حق خيفة العيلة . 2581 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : وكان قتادة يحدث أن الحسن حدثه أنهم كانوا يسافرون ويغزون ولا ينفقون من أموالهم , أو قال : لا ينفقون في ذلك , فأمرهم الله أن ينفقوا في مغازيهم في سبيل الله . 2582 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة قوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } يقول : لا تمسكوا بأيديكم عن النفقة في سبيل الله . 2583 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { وأنفقوا في سبيل الله } يقول : أنفق في سبيل الله ولو عقالا , { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } تقول : ليس عندي شيء . 2584 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو غسان , قال : ثنا زهير , قال : ثنا خصيف , عن عكرمة في قوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : لما أمر الله بالنفقة فكانوا أو بعضهم يقولون : ننفق فيذهب مالنا ولا يبقى لنا شيء , قال : فقال أنفقوا ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة , قال : أنفقوا وأنا أرزقكم . 2585 - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : ثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن , قال : نزلت في النفقة . 2586 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق . قال : أخبرنا ابن همام الأهوازي , قال : أخبرنا يونس , عن الحسن في التهلكة . قال : أمرهم الله بالنفقة في سبيل الله . وأخبرهم أن ترك النفقة في سبيل الله التهلكة . 2587 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال : سألت عطاء عن قوله : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : يقول : أنفقوا في سبيل الله ما قل وكثر قال وقال لي عبد الله بن كثير : نزلت في النفقة في سبيل الله . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور . عن أبي صالح , عن ابن عباس , قال : لا يقولن الرجل : لا أجد شيئا قد هلكت . فليتجهز ولو بمشقص . * حدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي . قال : ثني عمي , قال : ثني أبي عن أبيه , عن ابن عباس قوله . { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } يقول : أنفقوا ما كان من قليل أو كثير . ولا تستسلموا , ولا تنفقوا شيئا فتهلكوا 2588 - حدثني المثنى , قال ثنا إسحاق . قال : ثنا أبو زهير , عن جويبر , عن الضحاك , قال : التهلكة : أن يمسك الرجل نفسه وماله عن النفقة في الجهاد في سبيل الله * حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا عبد الواحد بن زياد , عن يونس , عن الحسن . في قوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فتدعوا النفقة في سبيل الله . وقال آخرون ممن وجهوا تأويل ذلك إلى أنه معنية به النفقة : معنى ذلك : وأنفقوا في سبيل الله , ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . فتخرجوا في سبيل الله بغير نفقة ولا قوة . ذكر من قال ذلك : 2589 - حدثني يونس , قال . أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : إذا لم يكن عندك ما تنفق فلا تخرج بنفسك بغير نفقة ولا قوة فتلقي بيديك إلى التهلكة . وقال آخرون : بل معناه أنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم فيما أصبتم من الآثام إلى التهلكة , فتيأسوا من رحمة الله , ولكن ارجوا رحمته واعملوا الخيرات . ذكر من قال ذلك : 2590 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي , قال : ثنا أبو الأحوص , عن أبي إسحاق , عن البراء بن عازب في قوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : هو الرجل يصيب الذنوب فيلقي بيده إلى التهلكة , يقول : لا توبة لي . 2591 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا أبو بكر بن عياش , قال : ثنا أبو إسحاق , عن البراء , قال : سأله رجل أحمل على المشركين وحدي فيقتلوني أكنت ألقيت بيدي إلى التهلكة ؟ فقال : لا إنما التهلكة في النفقة بعث الله رسوله , فقال : { فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك } 4 84 * حدثنا الحسن بن عرفة وابن وكيع , قالا : ثنا وكيع بن الجراح , عن سفيان الثوري , عن أبي إسحاق السبيعي , عن البراء بن عازب في قول الله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : هو الرجل يذنب الذنب فيقول : لا يغفر الله له . * حدثنا أحمد بن إسحاق , قال : ثنا أبو أحمد , قال : ثنا إسرائيل , عن أبي إسحاق , قال : سمعت البراء وسأله رجل فقال : يا أبا عمارة أرأيت قول الله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } أهو الرجل يتقدم فيقاتل حتى يقتل ؟ قال : لا ولكنه الرجل يعمل بالمعاصي , ثم يلقي بيده ولا يتوب . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا الحسين , عن أبي إسحاق , قال : سمعت البراء وسأله رجل فقال : الرجل يحمل على كتيبة وحده فيقاتل , أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة ؟ فقال : لا ولكن التهلكة : أن يذنب الذنب فيلقي بيده , فيقول : لا تقبل لي توبة . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن الجراح , عن أبي إسحاق , قال : قلت للبراء بن عازب : يا أبا عمارة الرجل يلقى ألفا من العدو فيحمل عليهم وإنما هو وحده , أيكون ممن قال : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ؟ فقال : لا , ليقاتل حتى يقتل , قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : { فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك } 4 84 2592 - حدثنا مجاهد بن موسى , قال : أخبرنا يزيد , قال : أخبرنا هشام . وحدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن هشام , عن محمد قال : وسألت عبيدة عن قول الله : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } الآية . فقال عبيدة : كان الرجل يذنب الذنب - قال : حسبته قال العظيم - فيلقي بيده فيستهلك زاد يعقوب في حديثه : فنهوا عن ذلك , فقيل : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } * حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا هشام , عن ابن سيرين , قال : سألت عبيدة السلماني عن ذلك , فقال : هو الرجل يذنب الذنب فيستسلم ويلقي بيده إلى التهلكة , ويقول : لا توبة له . يعني قوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } * حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , قال : أخبرنا أيوب , عن محمد , عن عبيدة في قوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : كان الرجل يصيب الذنب فيلقي بيده . 2593 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن ابن عون , عن ابن سيرين , عن عبيدة : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : القنوط . * حدثنا المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : أخبرنا هشيم , عن يونس , وهشام عن ابن سيرين , عن عبيدة السلماني , قال : هو الرجل يذنب الذنب فيستسلم , يقول : لا توبة لي , فيلقي بيده . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , قال : حدثني أيوب عن ابن سيرين , عن عبيدة أنه قال : هي في الرجل يصيب الذنب العظيم , فيلقي بيده ويرى أنه قد هلك . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وأنفقوا في سبيل الله ولا تتركوا الجهاد في سبيله . ذكر من قال ذلك : 2594 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني حيوة , عن يزيد بن أبي حبيب , عن أسلم أبي عمران , قال : غزونا من المدينة نريد القسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة بن عامر , وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد . قال : فصففنا صفين لم أر صفين قط أعرض ولا أطول منهما , والروم ملصقون ظهورهم بحائط المدينة , قال : فحمل رجل منا على العدو , فقال الناس : مه ! لا إله إلا الله , يلقي بيده إلى التهلكة ! قال أبو أيوب الأنصاري : إنما تتأولون هذه الآية هكذا أن حمل رجل يقاتل يلتمس الشهادة أو يبلي من نفسه ! إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار . إنا لما نصر الله نبيه , وأظهر الإسلام , قلنا بيننا معشر الأنصار خفيا من رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا قد كنا تركنا أهلنا وأموالنا أن نقيم فيها ونصلحها حتى نصر الله نبيه , هلم نقيم في أموالنا ونصلحها ! فأنزل الله الخبر من السماء : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } الآية , فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة : أن نقيم في أموالنا ونصلحها , وندع الجهاد . قال أبو عمران : فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية . * حدثني محمد بن عمارة الأسدي , وعبد الله بن أبي زياد قالا : ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد , قال : أخبرني حيوة وابن لهيعة , قالا : ثنا يزيد بن أبي حبيب , قال : حدثني أسلم أبو عمران مولى تجيب , قال : كنا بالقسطنطينية , وعلى أهل مصر عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج من المدينة صف عظيم من الروم , قال : وصففنا صفا عظيما من المسلمين , فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم , ثم خرج إلينا مقبلا , فصاح الناس وقالوا : سبحان الله , ألقى بيده إلى التهلكة ! فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية على هذا التأويل , وإنما أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار : إنا لما أعز الله دينه وكثر ناصريه , قلنا فيما بيننا بعضنا لبعض سرا من رسول الله إن أموالنا قد ضاعت , فلو أنا أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها ! فأنزل الله في كتابه يرد علينا ما هممنا به , فقال : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } بالإقامة التي أردنا أن نقيم في الأموال ونصلحها , فأمرنا بالغزو فما زال أبو أيوب غازيا في سبيل الله حتى قبضه الله . والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله جل ثناؤه أمر بالإنفاق في سبيله بقوله : { وأنفقوا في سبيل الله } وسبيله : طريقه الذي شرعه لعباده وأوضحه لهم . ومعنى ذلك : وأنفقوا في إعزاز ديني الذي شرعته لكم بجهاد عدوكم الناصبين لكم الحرب على الكفر بي ونهاهم أن يلقوا بأيديهم إلى التهلكة , فقال : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } وذلك مثل , والعرب تقول للمستسلم للأمر : أعطى فلان بيديه , وكذلك يقال للممكن من نفسه مما أريد به أعطى بيديه . فمعنى قوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ولا تستسلموا للهلكة فتعطوها أزمتكم فتهلكوا والتارك النفقة في سبيل الله عند وجوب ذلك عليه مستسلم للهلكة بتركه أداء فرض الله عليه في ماله . وذلك أن الله جل ثناؤه جعل أحد سهام الصدقات المفروضات الثمانية في سبيله , فقال : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } إلى قوله : { وفي سبيل الله وابن السبيل } 9 60 فمن ترك إنفاق ما لزمه من ذلك في سبيل الله على ما لزمه كان للهلكة مستسلما وبيديه للتهلكة ملقيا . وكذلك الآيس من رحمة الله لذنب سلف منه , ملق بيديه إلى التهلكة , لأن الله قد نهى عن ذلك فقال : { ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون } 12 87 وكذلك التارك غزو المشركين وجهادهم في حال وجوب ذلك عليه في حال حاجة المسلمين إليه , مضيع فرضا , ملق بيده إلى التهلكة . فإذا كانت هذه المعاني كلها يحتملها قوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ولم يكن الله عز وجل خص منها شيئا دون شيء , فالصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله نهى عن الإلقاء بأيدينا لما فيه هلاكنا , والاستسلام للهلكة , وهي العذاب , بترك ما لزمنا من فرائضه , فغير جائز لأحد منا الدخول في شيء يكره الله منا مما نستوجب بدخولنا فيه عذابه . غير أن الأمر وإن كان كذلك , فإن الأغلب من تأويل الآية : وأنفقوا أيها المؤمنون في سبيل الله , ولا تتركوا النفقة فيها فتهلكوا باستحقاقكم بترككم ذلك عذابي . كما : 2595 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثنا معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس قوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال : التهلكة : عذاب الله . قال أبو جعفر : فيكون ذلك إعلاما منه لهم بعد أمره إياهم بالنفقة ما لمن ترك النفقة المفروضة عليه في سبيله من العقوبة في المعاد . فإن قال قائل : فما وجه إدخال الباء في قوله . { ولا تلقوا بأيديكم } وقد علمت أن المعروف من كلام العرب ألقيت إلى فلان درهما , دون ألقيت إلى فلان بدرهم ؟ قيل : قد قيل إنها زيدت نحو زيادة القائل في الباء في قوله : جذبت بالثوب , وجذبت الثوب , وتعلقت به , وتعلقته , و { تنبت بالدهن } 23 20 وإنما هو تنبت الدهن . وقال آخرون : الباء في قوله : { ولا تلقوا بأيدكم } أصل للكلمة , لأن كل فعل واقع كني عنه فهو مضطر إليها , نحو قولك في رجل : " كلمته " , فأردت الكناية عن فعله , فإذا أردت ذلك قلت : " فعلت به " قالوا : فلما كان الباء هي الأصل جاز إدخال الباء وإخراجها في كل فعل سبيله سبيل كلمته . وأما التهلكة , فإنها التفعلة من الهلاك .

    وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

    القول في تأويل قوله تعالى : { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } . يعني جل ثناؤه بقوله : { وأحسنوا } أحسنوا أيها المؤمنون في أداء ما ألزمتكم من فرائضي , وتجنب ما أمرتكم بتجنبه من معاصي , ومن الإنفاق في سبيلي . وعود القوي منكم على الضعيف ذي الخلة , فإني أحب المحسنين في ذلك . كما : 2596 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا زيد بن الحباب , قال : أخبرنا سفيان , عن أبي إسحاق عن رجل من الصحابة في قوله : { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } قال : أداء الفرائض . وقال بعضهم : معناه : أحسنوا الظن بالله . ذكر من قال ذلك : 2597 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا حفص بن عمر , عن الحكم بن أبان , عن عكرمة : { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } قال : أحسنوا الظن بالله يبركم . وقال آخرون : أحسنوا بالعود على المحتاج . ذكر من قال ذلك : 2598 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } عودوا على من ليس في يده شيء .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()