بتـــــاريخ : 11/6/2009 8:40:46 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1805 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 194

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ

    القول في تأويل قوله تعالى : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } يعني بقوله جل ثناؤه { الشهر الحرام بالشهر الحرام } ذا القعدة , وهو الشهر الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم اعتمر فيه عمرة الحديبية , فصده مشركو أهل مكة عن البيت ودخول مكة , وكل ذلك سنة ست من هجرته , وصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين في تلك السنة , على أن يعود من العام المقبل , فيدخل مكة ويقيم ثلاثا , فلما كان العام المقبل , وذلك سنة سبع من هجرته خرج معتمرا وأصحابه في ذي القعدة , وهو الشهر الذي كان المشركون صدوه عن البيت فيه في سنة ست , وأخلى له أهل مكة البلد , حتى دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقضى حاجته منها , وأتم عمرته , وأقام بها ثلاثا , ثم خرج منها منصرفا إلى المدينة , فقال الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمسلمين معه : { الشهر الحرام } يعني ذا القعدة الذي أوصلكم الله فيه إلى حرمة بيته على كراهة مشركي قريش ذلك حتى قضيتم منه وطركم { بالشهر الحرام } الذي صدكم مشركو قريش العام الماضي قبله فيه , حتى انصرفتم عن كره منكم عن الحرام , فلم تدخلوا ولم تصلوا إلى بيت الله , فأقصدكم الله أيها المؤمنون من المشركين بإدخالكم الحرام في الشهر الحرام على كره منهم لذلك , بما كان منهم إليكم في الشهر الحرام من الصد والمنع من الوصول إلى البيت . كما : 2563 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع , قال : ثنا يوسف , يعني ابن خالد السمتي , قال : ثنا نافع بن مالك , عن عكرمة , عن ابن عباس في قوله : { والحرمات قصاص } قال : هم المشركون حبسوا محمدا صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة , فرجعه الله في ذي القعدة , فأدخله البيت الحرام , فاقتص له منهم . 2564 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله جل ثناؤه : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } قال : فخرت قريش بردها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية محرما في ذي القعدة عن البلد الحرام , فأدخله الله مكة في العام المقبل من ذي القعدة فقضى عمرته , وأقصه بما حيل بينه وبينها يوم الحديبية . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 2565 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : حدثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فاعتمروا في ذي القعدة ومعهم الهدي , حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون , فصالحهم نبي الله صلى الله عليه وسلم على أن يرجع من عامه ذلك , حتى يرجع من العام المقبل , فيكون بمكة ثلاثة أيام , ولا يدخلها إلا بسلاح راكب ويخرج , ولا يخرج بأحد من أهل مكة , فنحروا الهدي بالحديبية , وحلقوا وقصروا . حتى إذا كان من العام المقبل أقبل نبي الله وأصحابه حتى دخلوا مكة , فاعتمروا في ذي القعدة , فأقاموا بها ثلاث ليال , فكان المشركون قد فخروا عليه حين ردوه يوم الحديبية , فأقصه الله منهم , فأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه فيه في ذي القعدة , فقال الله : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } 2566 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , وعن عثمان , عن مقسم في قوله : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } قالا : كان هذا في سفر الحديبية , صد المشركون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت في الشهر الحرام , فقاضوا المشركين يومئذ قضية " إن لكم أن تعتمروا في العام المقبل " في هذا الشهر الذي صدوهم فيه , فجعل الله تعالى ذكره لهم شهرا حراما يعتمرون فيه مكان شهرهم الذي صدوا , فلذلك قال : { والحرمات قصاص } 2567 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } قال : لما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة الحديبية في ذي القعدة سنة ست من مهاجره صده المشركون , وأبوا أن يتركوه , ثم إنهم صالحوه في صلحهم على أن يخلوا له مكة من عام قابل ثلاثة أيام يخرجون , ويتركونه فيها , فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر من السنة السابعة , فخلوا له مكة ثلاثة أيام , فنكح في عمرته تلك ميمونة بنت الحارث الهلالية . 2568 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا أبو زهير عن جويبر , عن الضحاك في قوله : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } أحصروا النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة عن البيت الحرام , فأدخله الله البيت الحرام العام المقبل , واقتص له منهم , فقال : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } 2569 - حدثنا المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , قال : أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه , فأحرموا بالعمرة في ذي القعدة ومعهم الهدي , حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون , فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع ذلك العام حتى يرجع العام المقبل , فيقيم بمكة ثلاثة أيام , ولا يخرج معه بأحد من أهل مكة . فنحروا الهدي بالحديبية , وحلقوا وقصروا . حتى إذا كانوا من العام المقبل , أقبل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى دخلوا مكة , فاعتمروا في ذي القعدة وأقاموا بها ثلاثة أيام , وكان المشركون قد فخروا عليه حين ردوه يوم الحديبية , فقاص الله له منهم , وأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه فيه في ذي القعدة . قال الله جل ثناؤه : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } * حدثني محمد بن مسعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : { والحرمات قصاص } فهم المشركون كانوا حبسوا محمدا صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة عن البيت , ففخروا عليه بذلك , فرجعه الله في ذي القعدة , فأدخله الله البيت الحرام واقتص له منهم . 2570 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { الشهر الحرام بالشهر الحرام } حتى فرغ من الآية . قال : هذا كله قد نسخ , أمره أن يجاهد المشركين . وقرأ : { قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة } 9 36 وقرأ : { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } 9 123 العرب , فلما فرغ منهم , قال الله جل ثناؤه : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله } 9 29 حتى بلغ قوله : { وهم صاغرون } قال : وهم الروم قال : فوجه إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . 2571 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب الثقفي , قال : ثنا أيوب , عن عكرمة , عن ابن عباس في هذه الآية : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } قال : أمركم الله بالقصاص , ويأخذ منكم العدوان . 2572 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا حجاج , عن ابن جريج , قال : قلت لعطاء وسألته عن قوله : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } قال : نزلت في الحديبية , منعوا في الشهر الحرام , فنزلت : { الشهر الحرام بالشهر الحرام } عمرة في شهر حرام بعمرة في شهر حرام . وإنما سمى الله جل ثناؤه ذا القعدة الشهر الحرام , لأن العرب في الجاهلية كانت تحرم فيه القتال والقتل وتضع فيه السلاح , ولا يقتل فيه أحد أحدا ولو لقي الرجل قاتل أبيه أو ابنه . وإنما كانوا سموه ذا القعدة لقعودهم فيه عن المغازي والحروب , فسماه الله بالاسم الذي كانت العرب تسميه به . وأما الحرمات فإنها جمع حرمة كالظلمات جمع ظلمة , والحجرات جمع حجرة . وإنما قال جل ثناؤه : { والحرمات قصاص } فجمع , لأنه أراد الشهر الحرام والبلد الحرام وحرمة الإحرام , فقال جل ثناؤه لنبيه محمد والمؤمنين معه : دخولكم الحرم بإحرامكم هذا في شهركم هذا الحرام قصاص مما منعتم من مثله عامكم الماضي , وذلك هو الحرمات التي جعلها الله قصاصا . وقد بينا أن القصاص هو المجازاة من جهة الفعل أو القول أو البدن , وهو في هذا الموضع من جهة الفعل .

    فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ

    القول في تأويل قوله تعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } . اختلف أهل التأويل فيما نزل فيه قوله : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } فقال بعضهم بما : 2573 - حدثني به المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس قوله : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } فهذا ونحوه نزل بمكة والمسلمون يومئذ قليل , وليس لهم سلطان يقهر المشركين , وكان المشركون يتعاطونهم بالشتم والأذى , فأمر الله المسلمين من يجازي منهم أن يجازي بمثل ما أوتي إليه أو يصبر أو يعفو فهو أمثل فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة , وأعز الله سلطانه أمر المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى سلطانهم , وأن لا يعدو بعضهم على بعض كأهل الجاهلية . وقال آخرون : بل معنى ذلك : فمن قاتلكم أيها المؤمنون من المشركين , فقاتلوهم كما قاتلوكم . وقالوا : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وبعد عمرة القضية . ذكر من قال ذلك : 2574 - حدثني القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : قال مجاهد : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } فقاتلوهم فيه كما قاتلوكم . وأشبه التأويلين بما دل عليه ظاهر الآية الذي حكي عن مجاهد , لأن الآيات قبلها إنما هي أمر من الله للمؤمنين بجهاد عدوهم على صفة , وذلك قوله : { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم } والآيات بعدها , وقوله : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه } إنما هو في سياق الآيات التي فيها الأمر بالقتال والجهاد , والله جل ثناؤه إنما فرض القتال على المؤمنين بعد الهجرة فمعلوم بذلك أن قوله : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } مدني لا مكي , إذ كان فرض قتال المشركين لم يكن وجب على المؤمنين بمكة , وأن قوله : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } نظير قوله : { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم } وأن معناه : فمن اعتدى عليكم في الحرم فقاتلكم فاعتدوا عليه بالقتال نحو اعتدائه عليكم بقتاله إياكم , لأني قد جعلت الحرمات قصاصا , فمن استحل منكم أيها المؤمنون من المشركين حرمة في حرمي , فاستحلوا منه مثله فيه . وهذه الآية منسوخة بإذن الله لنبيه بقتال أهل الحرم ابتداء في الحرم وقوله : { وقاتلوا المشركين كافة } 9 36 . .. على نحو ما ذكرنا من أنه بمعنى المجازاة وإتباع لفظ لفظا وإن اختلف معناهما , كما قال : { ومكروا ومكر الله } 3 54 وقد قال : { فيسخرون منهم سخر الله منهم } 9 79 وما أشبه ذلك مما اتبع لفظ لفظا واختلف المعنيان . والآخر أن يكون بمعنى العدو الذي هو شد ووثوب من قول القائل : عدا الأسد على فريسته . فيكون معنى الكلام : فمن عدا عليكم : أي فمن شد عليكم ووثب بظلم , فاعدوا عليه أي فشدوا عليه وثبوا نحوه قصاصا لما فعل عليكم لا ظلما ثم تدخل التاء في " عدا " , فيقال افتعل فعل , كما يقال : اقترب هذا الأمر بمعنى قرب , واجتلب كذا بمعنى جلب , وما أشبه ذلك .

    وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ

    القول في تأويل قوله تعالى { واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين } يعني جل ثناؤه بذلك : واتقوا الله أيها المؤمنون في حرماته وحدوده أن تعتدوا قيها فتتجاوزوا فيها ما بينه وحده لكم , واعلموا أن الله يحب المتقين الذين يتقونه بأداء فرائضه وتجنب محارمه .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()