التسامح من أسرار النجاح*
كان هناك صديقان يمشيان في الصحراء واثناء حديثهما ضرب أحدهما الآخر على وجهه
فقام الصديق الذي ضُرب بالكتابة على الرمال: "اليوم أعز أصدقائي ضربني على وجهي" استمرا في السير حتى فوجئ الرجل الذي انضرب على وجهه بانغراس قدميه في الرمال المتحركة و بدأ في الغرق، و لكن صديقة أمسكه وأنقذه من الغرق.
فقام بعد ان نجا الصديق من الموت بالكتابة على الصخر :"اليوم أعز أصدقائي أنقذ حياتي" فسأل الصديق :لماذا عندما ضربتك كتبت على الرمال و الآن عندما أنقذتك كتبت على الصخرة ؟
فأجاب صديقه : عندما يؤذينا أحد أكتب ما فعله على الرمال حيث رياح التسامح يمكن لها أن تمحيها ، ولكن عندما يصنع أحد معروفاً معنا أكتب ما فعل على الصخر حيث لا يوجد أي نوع من الرياح يمكن أن يمحيها .
هل أنت من متصيدي الأخطاء ؟ هل تعفو عمن ظلمك ؟ هل تسامح كل من أخطأ في حقك ؟
العفو ، والتسامح تبدو كلمتان بسيطتان فعندما نسمعهما يطلا على آذاننا ونقول لمن قدمنا له خدمة ما، العفو ،أو عفوا ً، و عندما تقول لشخص ما : لو سمحت ، عندما تطلب منه شيئا ، كلمات درجت على مسامعنا لكننا لم نتأمل مدي أهميتها ومحوريتها في حياتنا.
لو تخيلنا معا أننا نطلب العفو من شخص ما لأننا أخطأنا في حقه وكان الخطأ كبيرا ً ،سيكون العفو صعبا ً لان من يعفو واحد من بني البشر .
والتسامح في اللغة يأتي من الأصل (سـَمـَح) أي "لان وسهل" ، و(سامح) أي" عفا" .
والتسامح في الأديان شرط أساسي وفي الدين الاسلامي مواقف عدة ، فقد جاء رجل إلي النبي ( صلى الله عليه و سلم ) سائلاً: من يحاسب الخلق ؟
قال النبي: الله ، قال الأعرابي: بنفسه ؟
قال النبي (صلى الله عليه و سلم ): نعم ، فضحك الأعرابي حامدا ًربه، فسأله النبي: لما تضحك يا أعرابي ؟
فقال : إن الكريم إذا قدر- من القدرة- عفا ، واذا حاسب سامح.
فقال الرسول (صلى الله عليه و سلم ): فقه الأعرابي.
فديينا دين التسامح يقبل الإختلاف والتنوّع ويحترم ما يميز الأفراد .
والتسامح ليس مجرد كلمة إنما يرتبط الأمر بثقافة المجتمع وممارسته لها ، فمن غير الممكن أن يكون المجتمع متسامحا وتجد به عنصرية أو تفرقة، فمن يختلف أو يخالف ليس العقاب هو الحل فالتسامح قد يكون سبيلا للحل والحوار ،ولايعني التسامح أن يتم حل الخلاف او نهاية الاختلاف إنما قد يظل الخلاف والاختلاف لكن تظل النفوس متسامحة .
والتسامح لاشروط له فهو مفتوح لكل من يختلفون لكن المشكلة تكمن في مدي تمسك شخص برأي ما وعدم التسامح مع الأخر لو كان رأيه أكثر برهانا وأوقع في الحجة .
ونجد أن كثيرا منا لم يعد يتسم بصفة التسامح وصار الغضب والصرعة سمة مميزة له تصل لحد العنصرية بالرغم من كون التسامح قيمة محوريتها تكمن في تقبل وجود الأخر.
والعفو الذي لايمكن مقارنته هو العفو الرباني الذي نرجوه جميعا من خالق الكون ، عفو لايضاهيه عفو ، فالمسلمون لطالما اجتهدوا من أجل الحصول علي الجائزة الكبري " العفو من الله ".
والتسامح ليس ضعفا ،والعفو ليس نوعا من الخضوع إنما تعبير عن السمو ،وتأكيد لنقاء السريرة ،وعزة النفس.
* أحمد زكريا