بتـــــاريخ : 11/5/2009 1:58:45 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2776 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 159

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى

    / القول في تأويل قوله تعالى : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } يقول : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات , علماء اليهود وأحبارها وعلماء النصارى , لكتمانهم الناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم , وتركهم اتباعه , وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل من البينات التي أنزلها الله ما بين من أمر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه وصفته في الكتابين اللذين أخبر الله تعالى ذكره , أن أهلهما يجدون صفته فيهما . ويعني تعالى ذكره بالهدى , ما أوضح لهم من أمره في الكتب التي أنزلها على أنبيائهم , فقال تعالى ذكره : إن الذين يكتمون الناس الذي أنزلنا في كتبهم من البيان من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته وصحة الملة التي أرسلته بها وحقيتها فلا يخبرونهم به ولا يعلمون من تبييني ذلك للناس وإيضاحي لهم في الكتاب الذي أنزلته إلى أنبيائهم , { أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا } الآية كما : 1964 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا يونس بن بكير ; وحدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , قالا جميعا : ثنا محمد بن إسحاق , قال : حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت , قال : حدثني سعيد بن جبير , أو عكرمة , عن ابن عباس , قال : سأل معاذ بن جبل أخو بنى سلمة وسعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل وخارجة بن زيد أخو بني الحارث بن الخزرج , نفرا من أحبار يهود - قال أبو كريب : عما في التوراة , وقال ابن حميد عن بعض ما في التوراة - فكتموهم إياه , وأبوا أن يخبروهم عنه , فأنزل الله تعالى ذكره فيهم : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } 1965 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } قال : هم أهل الكتاب . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 1966 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } قال : كتموا محمدا صلى الله عليه وسلم وهم يجدونه مكتوبا عندهم , فكتموه حسدا وبغيا . 1967 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب } أولئك أهل الكتاب كتموا الإسلام وهو دين الله , وكتموا محمدا صلى الله عليه وسلم , وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل . 1968 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب } زعموا أن رجلا من اليهود كان له صديق من الأنصار يقال له ثعلبة بن غنمة , قال له : هل تجدون محمدا عندكم ؟ قال : لا . قال : محمد " البينات "

    مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ

    القول في تأويل قوله تعالى : { من بعد ما بيناه للناس في الكتاب } بعض الناس ; لأن العلم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصفته ومبعثه لم يكن إلا عند أهل الكتاب دون غيرهم , وإياهم عنى تعالى ذكره بقوله : { للناس في الكتاب } ويعني بذلك التوراة والإنجيل . وهذه الآية وإن كانت نزلت في خاص من الناس , فإنها معني بها كل كاتم علما فرض الله تعالى بيانه للناس . وذلك نظير الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من سئل عن علم يعلمه فكتمه , ألجم يوم القيامة بلجام من نار " . وكان أبو هريرة يقول ما : 1969 - حدثنا به نصر بن علي الجهضمي , قال : ثنا حاتم بن وردان , قال : ثنا أيوب السختياني , عن أبي هريرة , قال : لولا آية من كتاب الله ما حدثتكم . وتلا : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } 1970 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : ثنا أبو زرعة وعبد الله بن راشد عن يونس قال : قال ابن شهاب , قال ابن المسيب قال أبو هريرة : لولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثت شيئا : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات } إلى آخر الآية . والآية الأخرى : { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس } 3 178 إلى آخر الآية .

    أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ

    القول في تأويل قوله تعالى : { أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } يعني تعالى ذكره بقوله : { أولئك يلعنهم الله } هؤلاء الذين يكتمون ما أنزله الله من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وصفته وأمر دينه أنه الحق من بعد ما بينه الله لهم في كتبهم , يلعنهم بكتمانهم ذلك وتركهم تبيينه للناس . واللعنة الفعلة , من لعنه الله بمعنى : أقصاه وأبعده وأسحقه . وأصل اللعن : الطرد , كما قال الشماخ بن ضرار , وذكر ماء ورد عليه : ذعرت به القطا ونفيت عنه مقام الذئب كالرجل اللعين يعني مقام الذئب الطريد . واللعين من نعت الذئب , وإنما أراد مقام الذئب الطريد واللعين كالرجل . فمعنى الآية إذا : أولئك يبعدهم الله منه ومن رحمته , ويسأل ربهم اللاعنون أن يلعنهم ; لأن لعنة بني آدم وسائر خلق الله ما لعنوا أن يقولوا : اللهم العنه , إذ كان معنى اللعن هو ما وصفنا من الإقصاء والإبعاد . وإنما قلنا إن لعنة اللاعنين هي ما وصفنا : من مسألتهم ربهم أن يلعنهم , وقولهم : لعنه الله , أو عليه لعنة الله ; لأن : 1971 - محمد بن خالد بن خداش ويعقوب بن إبراهيم حدثاني قالا : ثنا إسماعيل بن علية , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : { أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } البهائم , قال : إذا أسنتت السنة , قالت البهائم : هذا من أجل عصاة بني آدم , لعن الله عصاة بني آدم ! ثم اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله تعالى ذكره باللاعنين , فقال بعضهم : عنى بذلك دواب الأرض وهوامها . ذكر من قال ذلك : 1972 - حدثنا محمد بن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن مجاهد , قال : تلعنهم دواب الأرض وما شاء الله من الخنافس والعقارب تقول : نمنع القطر بذنوبهم . * - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن منصور , عن مجاهد : { أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } قال : دواب الأرض العقارب والخنافس يقولون : منعنا القطر بخطايا بني آدم . * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عمرو عن منصور , عن مجاهد : { ويلعنهم اللاعنون } قال : تلعنهم الهوام ودواب الأرض تقول : أمسك القطر عنا بخطايا بني آدم . 1973 - حدثنا مشرف بن أبان الخطاب البغدادي قال : ثنا وكيع , عن سفيان , عن خصيف , عن عكرمة في قوله : { أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } قال : يلعنهم كل شيء حتى الخنافس والعقارب يقولون : منعنا القطر بذنوب بني آدم . 1974 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { يلعنهم اللاعنون } قال : اللاعنون البهائم . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : { ويلعنهم اللاعنون } البهائم تلعن عصاة بني آدم حين أمسك الله عنهم بذنوب بني آدم المطر فتخرج البهائم فتلعنهم . * - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني مسلم بن خالد , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : { أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } البهائم : الإبل والبقر والغنم , فتلعن عصاة بني آدم إذا أجدبت الأرض . فإن قال لنا قائل : وما وجه الذين وجهوا تأويل قوله : { ويلعنهم اللاعنون } إلى أن اللاعنين هم الخنافس والعقارب ونحو ذلك من هوام الأرض , وقد علمت أنها إذا جمعت ما كان من نوع البهائم وغير بني آدم , فإنما تجمعه بغير الياء والنون وغير الواو والنون , وإنما تجمعه بالتاء , وما خالف ما ذكرنا , فتقول اللاعنات ونحو ذلك ؟ قيل : الأمر وإن كان كذلك , فإن من شأن العرب إذا وصفت شيئا من البهائم أو غيرها مما حكم جمعه أن يكون بالتاء وبغير صورة جمع ذكران بني آدم بما هو من صفة الآدميين أن يجمعوه جمع ذكورهم , كما قال تعالى ذكره : { وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا } 41 21 فأخرج خطابهم على مثال خطاب بني آدم إذ كلمتهم وكلموها , وكما قال : { يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم } 27 18 وكما قال : { والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين } 12 4 وقال آخرون : عنى الله تعالى ذكره بقوله : { ويلعنهم اللاعنون } الملائكة والمؤمنين . ذكر من قال ذلك : 1975 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : حدثنا سعيد عن قتادة { ويلعنهم اللاعنون } قال : يقول اللاعنون من ملائكة الله ومن المؤمنين . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : { ويلعنهم اللاعنون } الملائكة . 1976 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس , قال : اللاعنون من ملائكة الله والمؤمنين . وقال آخرون : يعني باللاعنين : كل ما عدا بني آدم والجن . ذكر من قال ذلك : 1977 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { ويلعنهم اللاعنون } قال : قال البراء بن عازب : إن الكافر إذا وضع في قبره أتته دابة كان عينيها قدران من نحاس معها عمود من حديد , فتضربه ضربة بين كتفيه فيصيح فلا يسمع أحد صوته إلا لعنه , ولا يبقى شيء إلا سمع صوته , إلا الثقلين الجن والإنس . 1978 - حدثنا المثنى , قال , ثنا إسحاق , قال , ثنا أبو زهير , عن جويبر , عن الضحاك في قوله : { أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } قال : الكافر إذا وضع في حفرته ضرب ضربة بمطرق فيصيح صيحة يسمع صوته كل شيء إلا الثقلين الجن والإنس فلا يسمع صيحته شيء إلا لعنه . وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قول من قال : اللاعنون : الملائكة والمؤمنون ; لأن الله تعالى ذكره قد وصف الكفار بأن اللعنة التي تحل بهم إنما هي من الله والملائكة والناس أجمعين , فقال تعالى ذكره : { إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين } 2 161 فكذلك اللعنة التي أخبر الله تعالى ذكره أنها حالة بالفريق الآخر الذين يكتمون ما أنزل الله من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس , هي لعنة الله التي أخبر أن لعنتهم حالة بالذين كفروا وماتوا وهم كفار , وهم اللاعنون , لأن الفريقين جميعا أهل كفر . وأما قول من قال : إن اللاعنين هم الخنافس والعقارب وما أشبه ذلك من دبيب الأرض وهوامها , فإنه قول لا تدرك حقيقته إلا بخبر عن الله أن ذلك من فعلها تقوم به الحجة , ولا خبر بذلك عن نبي الله صلى الله عليه وسلم , فيجوز أن يقال إن ذلك كذلك . وإذ كان ذلك كذلك , فالصواب من القول فيما قالوه أن يقال : إن الدليل من ظاهر كتاب الله موجود بخلاف أهل التأويل , وهو ما وصفنا . فإن كان جائزا أن تكون البهائم وسائر خلق الله تلعن الذين يكتمون ما أنزل الله في كتابه من صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ونبوته , بعد علمهم به , وتلعن معهم جميع الظلمة , فغير جائز قطع الشهادة في أن الله عنى باللاعنين البهائم والهوام ودبيب الأرض , إلا بخبر للعذر قاطع , ولا خبر بذلك وظاهر كتاب لله الذي ذكرناه دال على خلافه .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()