بتـــــاريخ : 11/5/2009 12:16:18 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1378 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة الآية 127

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ

    القول في تأويل قوله تعالى : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } يعني تعالى ذكره بقوله : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت } واذكروا إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت . والقواعد جمع قاعدة , يقال للواحدة من قواعد البيت قاعدة , وللواحدة من قواعد النساء وعجائزهن قاعد , فتلغى هاء التأنيث ; لأنها فاعل من قول القائل : قعدت عن الحيض , ولا حظ فيه للذكورة , كما يقال : امرأة طاهر وطامث ; لأنه لا حظ في ذلك للذكور . ولو عنى به القعود الذي هو خلاف القيام لقيل قاعدة , ولم يجز حينئذ إسقاط هاء التأنيث . وقواعد البيت : أساسه . ثم اختلف أهل التأويل في القواعد التي رفعها إبراهيم وإسماعيل من البيت , أهما أحدثا ذلك , أم هي قواعد كانت له قبلهما ؟ فقال قوم : هي قواعد بيت كان بناه آدم أبو البشر بأمر الله إياه بذلك , ثم درس مكانه وتعفى أثره بعده حتى بوأه الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام , فبناه . ذكر من قال ذلك : 1677 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن جريج , عن عطاء , قال : قال آدم : يا رب إني لا أسمع أصوات الملائكة ! قال : بخطيئتك , ولكن اهبط إلى الأرض وابن لي بيتا , ثم احفف به كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء . فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل : من حراء , وطور زيتا , وطور سينا , وجبل لبنان , والجودي , وكان ربضه من حراء ; فكان هذا بناء آدم حتى بناه إبراهيم بعد . 1678 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن أيوب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت } قال : القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك . وقال آخرون : بل هي قواعد بيت كان الله أهبطه لآدم من السماء إلى الأرض , يطوف به كما كان يطوف بعرشه في السماء , ثم رفعه إلى السماء أيام الطوفان , فرفع إبراهيم قواعد ذلك البيت . ذكر من قال ذلك : 1679 - حدثني محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا أيوب , عن أبي قلابة , عن عبد الله بن عمرو قال : لما أهبط الله آدم من الجنة قال : إني مهبط معك - أو منزل - معك بيتا يطاف حوله , كما يطاف حول عرشي , ويصلى عنده , كما يصلى عند عرشي . فلما كان زمن الطوفان رفع , فكانت الأنبياء يحجونه ولا يعلمون مكانه , حتى بوأه الله إبراهيم وأعلمه مكانه , فبناه من خمسة أجبل : من حراء , وثبير , ولبنان , وجبل الطور , وجبل الخمر . * حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا إسماعيل بن علية , قال : ثنا أيوب , عن أبي قلابة , قال : لما أهبط آدم , ثم ذكر نحوه . 1680 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا هشام بن حسان , عن سوار , عن عطاء بن أبي رباح , قال : لما أهبط الله آدم من الجنة كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء , يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم , يأنس إليهم , فهابته الملائكة حتى شكت إلى الله في دعائها وفي صلاتها , فخفضه إلى الأرض ; فلما فقد ما كان يسمع منهم , استوحش حتى شكا ذلك إلى الله في دعائه وفي صلاته , فوجه إلى مكة , فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفازة , حتى انتهى إلى مكة . وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة , فكانت على موضع البيت الآن , فلم يزل يطوف به حتى أنزل الله الطوفان , فرفعت تلك الياقوتة , حتى بعث الله إبراهيم فبناه , فذلك قول الله : { وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت } . 22 26 1681 - حدثني الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , قال : وضع الله البيت مع آدم حين أهبط الله آدم إلى الأرض , وكان مهبطه بأرض الهند , وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض , فكانت الملائكة تهابه , فنقص إلى ستين ذراعا . فحزن آدم إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم فشكا ذلك إلى الله تعالى فقال الله : يا آدم إني قد أهبت إليك بيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي , وتصلي عنده كما يصلى عند عرشي . فانطلق إليه آدم فخرج , ومد له في خطوه , فكان بين كل خطوتين مفازة , فلم تزل تلك المفاوز بعد ذلك , فأتى آدم البيت وطاف به ومن بعده من الأنبياء . 1682 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن أبان : أن البيت أهبط ياقوتة واحدة أو درة واحدة , حتى إذا أغرق الله قوم نوح رفعه وبقي أساسه , فبوأه الله لإبراهيم , فبناه بعد ذلك . وقال آخرون : بل كان موضع البيت ربوة حمراء كهيئة القبة . وذلك أن الله لما أراد خلق الأرض علا الماء زبدة حمراء أو بيضاء , وذلك في موضع البيت الحرام . ثم دحا الأرض من تحتها , فلم يزل ذلك كذلك حتى بوأه الله إبراهيم , فبناه على أساسه . وقالوا : على أركان أربعة في الأرض السابعة . ذكر من قال ذلك : 1683 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال جرير بن حازم , حدثني حميد بن قيس , عن مجاهد , قال : كان موضع البيت على الماء قبل أن يخلق الله السموات والأرض , مثل الزبدة البيضاء , ومن تحته دحيت الأرض . 1684 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال , أخبرنا ابن جريج , قال : قال عطاء وعمرو بن دينار : بعث الله رياحا فصفقت الماء , فأبرزت في موضع البيت عن حشفة كأنها القبة , فهذا البيت منها فلذلك هي أم القرى . قال ابن جريج : قال عطاء : ثم وتدها بالجبال كي لا تكفأ بميد , فكان أول جبل " أبو قبيس " . 1685 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يعقوب القمي , عن حفص بن حميد , عن عكرمة , عن ابن عباس قال : وضع البيت على أركان الماء على أربعة أركان قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام , ثم دحيت الأرض من تحت البيت . 1686 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يعقوب , عن هارون بن عنترة , عن عطاء بن أبي رباح , قال : وجدوا بمكة حجرا مكتوبا عليه : " إني أنا الله ذو بكة بنيته يوم صنعت الشمس والقمر , وحففته بسبعة أملاك حفا " . 1687 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال : حدثني عبد الله بن أبي يحيى , عن مجاهد وغيره من أهل العلم : أن الله لما بوأ إبراهيم مكان البيت , خرج إليه من الشام , وخرج معه بإسماعيل وأمه هاجر , وإسماعيل طفل صغير يرضع , وحملوا - فيما حدثني - على البراق ومعه جبريل يدله على موضع البيت ومعالم الحرم . فخرج وخرج معه جبريل , فقال : كان لا يمر بقرية إلا قال : أبهذه أمرت يا جبريل ؟ فيقول جبريل : امضه ! حتى قدم به مكة , وهي إذ ذاك عضاه سلم وسمر يربها أناس يقال لهم العماليق خارج مكة وما حولها , والبيت يومئذ ربوة حمراء مدرة , فقال إبراهيم لجبريل : أههنا أمرت أن أضعهما ؟ قال : نعم ! فعمد بهما إلى موضع الحجر فأنزلهما فيه , وأمر هاجر أم إسماعيل أن تتخذ فيه عريشا , فقال : { ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم } 14 37 إلى قوله : { لعلهم يشكرون } . 14 37 قال ابن حميد : قال سلمة : قال ابن إسحاق : ويزعمون - والله أعلم - أن ملكا من الملائكة أتى هاجر أم إسماعيل , حين أنزلهما إبراهيم مكة قبل أن يرفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت , فأشار لهما إلى البيت , وهو ربوة حمراء مدرة , فقال لهما : هذا أول بيت وضع في الأرض , وهو بيت الله العتيق , واعلمي أن إبراهيم وإسماعيل هما يرفعانه . فالله أعلم . 1688 - حدثني الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا هشام بن حسان , قال : أخبرني حميد , عن مجاهد , قال : خلق الله موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئا من الأرض بألفي سنة , وأركانه في الأرض السابعة . 1689 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن عيينة , قال : أخبرني بشر بن عاصم , عن ابن المسيب , قال : حدثنا كعب أن البيت كان غثاءة على الماء قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين سنة , ومنه دحيت الأرض . قال : وحدثنا عن علي بن أبي طالب أن إبراهيم أقبل من أرمينية معه السكينة , تدله على تبوء البيت كما تتبوأ العنكبوت بيتها . قال : فرفعت عن أحجار تطيقه - أو لا تطيقه - ثلاثون رجلا . قال : قلت يا أبا محمد , فإن الله يقول : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت } قال : كان ذاك بعد . والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر عن إبراهيم خليله أنه وابنه إسماعيل رفعا القواعد من البيت الحرام . وجائز أن يكون ذلك قواعد بيت كان أهبطه مع آدم , فجعله مكان البيت الحرام الذي بمكة . وجائز أن يكون ذلك كان القبة التي ذكرها عطاء مما أنشأه الله من زبد الماء . وجائز أن يكون كان ياقوتة أو درة أهبطا من السماء . وجائز أن يكون كان آدم بناه ثم انهدم حتى رفع قواعده إبراهيم وإسماعيل . ولا علم عندنا بأي ذلك كان من أي ; لأن حقيقة ذلك لا تدرك إلا بخبر عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بالنقل المستفيض , ولا خبر بذلك تقوم به الحجة فيجب التسليم لها , ولا هو إذ لم يكن به خبر على ما وصفنا مما يدل عليه بالاستدلال والمقاييس فيمثل بغيره , ويستنبط علمه من جهة الاجتهاد , فلا قول في ذلك هو أولى بالصواب ما قلنا . والله تعالى أعلم .

    رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا

    القول في تأويل قوله تعالى : { ربنا تقبل منا } . يعني تعالى ذكره بذلك : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } يقولان : { ربنا تقبل منا } وذكر أن ذلك كذلك في قراءة ابن مسعود , وهو قول جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 1690 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قال : يبنيان وهما يدعوان الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه , قال : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك } { ربنا وابعث فيهم رسولا منهم } . 1691 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج عن ابن جريج , قال : أخبرني ابن كثير , قال : ثنا سعيد بن جبير , عن ابن عباس : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } قال : هما يرفعان القواعد من البيت , ويقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } قال : وإسماعيل يحمل الحجارة على رقبته والشيخ يبني . فتأويل الآية على هذا القول : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل قائلين : ربنا تقبل منا . وقال آخرون : بل قائل ذلك كان إسماعيل . فتأويل الآية على هذا القول : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت , وإذ يقول إسماعيل : ربنا تقبل منا . فيصير حينئذ إسماعيل مرفوعا بالجملة التي بعده , و " يقول " حينئذ خبر له دون إبراهيم . ثم اختلف أهل التأويل في الذي رفع القواعد بعد إجماعهم على أن إبراهيم كان ممن رفعها , فقال بعضهم : رفعها إبراهيم وإسماعيل جميعا . ذكر من قال ذلك : 1692 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين } قال : فانطلق إبراهيم حتى أتى مكة , فقام هو وإسماعيل وأخذا المعاول لا يدريان أين البيت , فبعث الله ريحا يقال لها ريح الخجوج , لها جناحان ورأس في صورة حية . فكنست لهما ما حول الكعبة , وعن أساس البيت الأول , واتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس ; فذلك حين يقول : { وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت } . 22 36 فلما بنيا القواعد فبلغا مكان الركن قال إبراهيم لإسماعيل : يا بني اطلب لي حجرا حسنا أضعه ههنا ! قال : يا أبت إني كسلان تعب ! قال : علي بذلك ! فانطلق فطلب له حجرا فجاءه بحجر , فلم يرضه , فقال : ائتني بحجر أحسن من هذا ! فانطلق فطلب له حجرا ; وجاءه جبريل بالحجر الأسود من الهند , وكان أبيض ياقوتة بيضاء مثل الثغامة , وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس , فجاءه إسماعيل بحجر فوجده عند الركن , فقال : يا أبت من جاء بهذا ؟ فقال : من هو أنشط منك . فبنياه . 1693 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن عمرو بن عبد الله بن عتبة , عن عبيد بن عمير الليثي , قال : بلغني أن إبراهيم وإسماعيل هما رفعا قواعد البيت . وقال آخرون : بل رفع قواعد البيت إبراهيم , وكان إسماعيل يناوله الحجارة . ذكر من قال ذلك : 1694 - حدثنا أحمد بن ثابت الرازي , قال : ثنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن أيوب , وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة , يزيد أحدهما على الآخر , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال : جاء إبراهيم وإسماعيل يبري نبلا قريبا من زمزم . فلما رآه قام إليه , فصنعا كما يصنع الوالد بالولد , والولد بالوالد , ثم قال : يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر , قال : فاصنع ما أمرك ربك ! قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك . قال : فإن الله أمرني أن أبني ههنا بيتا ! وأشار إلى الكعبة , والكعبة مرتفعة على ما حولها . قال : فعند ذلك رفعا القواعد من البيت . قال : فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة , وإبراهيم يبني , حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له , فقام عليه وهو يبني , وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } حتى دور حول البيت . 1695 - حدثنا ابن بشار القزاز , قال : ثنا عبيد الله بن عبد المجيد أبو علي الحنفي , قال : ثنا إبراهيم بن نافع قال : سمعت كثير بن كثير يحدث عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال : جاء - يعني إبراهيم - فوجد إسماعيل يصلح نبلا من وراء زمزم , قال إبراهيم : يا إسماعيل إن الله ربك قد أمرني أن أبني له بيتا ! فقال له إسماعيل : فأطع ربك فيما أمرك ! فقال له إبراهيم : قد أمرك أن تعينني عليه . قال : إذا أفعل . قال : فقام معه , فجعل إبراهيم يبنيه وإسماعيل يناوله الحجارة , ويقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } فلما ارتفع البنيان وضعف الشيخ عن رفع الحجارة , قام على حجر فهو مقام إبراهيم ; فجعل يناوله ويقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } . وقال آخرون : بل الذي رفع قواعد البيت إبراهيم وحده وإسماعيل يومئذ طفل صغير . ذكر من قال ذلك : 1696 - حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى , قالا : ثنا مؤمل , قال : ثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن حارثة بن مصرف , عن علي , قال : لما أمر إبراهيم ببناء البيت , خرج معه إسماعيل وهاجر . قال : فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة فيه مثل الرأس , فكلمه فقال : يا إبراهيم ابن على ظلي - أو على قدري - ولا تزد ولا تنقص ! فلما بنى [ خرج ] وخلف إسماعيل وهاجر , فقالت هاجر : يا إبراهيم إلى من تكلنا ؟ قال : إلى الله . قالت : انطلق فإنه لا يضيعنا . قال : فعطش إسماعيل عطشا شديدا . قال : فصعدت هاجر الصفا فنظرت فلم تر شيئا , ثم أتت المروة فنظرت فلم تر شيئا , ثم رجعت إلى الصفا فنظرت فلم تر شيئا , حتى فعلت ذلك سبع مرات فقالت : يا إسماعيل مت حيث لا أراك ! فأتته وهو يفحص برجله من العطش . فناداها جبريل , فقال لها : من أنت ؟ فقالت : أنا هاجر أم ولد إبراهيم . قال : إلى من وكلكما ؟ قالت : وكلنا إلى الله . قال : وكلكما إلى كاف . قال : ففحص الأرض بأصبعه فنبعت زمزم , فجعلت تحبس الماء . فقال : دعيه فإنها رواء . 1697 - حدثنا عبادة , قال : ثنا أبو الأحوص , عن سماك , عن خالد بن عرعرة : أن رجلا قام إلى علي فقال : ألا تخبرني عن البيت ؟ أهو أول بيت وضع في الأرض ؟ فقال : لا , ولكن هو أول بيت وضع في البركة مقام إبراهيم , ومن دخله كان آمنا , وإن شئت أنبأتك كيف بني ; إن الله أوحى إلى إبراهيم أن ابن لي بيتا في الأرض , قال : فضاق إبراهيم بذلك ذرعا , فأرسل الله السكينة وهى ريح خجوج , ولها رأسان , فأتبع أحدهما صاحبه حتى انتهت إلى مكة , فتطوت على موضع البيت كتطوي الحجفة , وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة . فبنى إبراهيم وبقي حجر , فذهب الغلام يبغي شيئا , فقال إبراهيم : لا , ابغ حجرا كما آمرك ! قال : فانطلق الغلام يلتمس له حجرا , فأتاه فوجده قد ركب الحجر الأسود في مكانه فقال : يا أبت من أتاك بهذا الحجر ؟ قال : أتاني به من لم يتكل على بناتك جاء به جبريل من السماء . فأتماه . * حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا سعيد , عن سماك , سمعت خالد بن عرعرة يحدث عن علي بنحوه . * حدثنا المثنى , قال : ثنا أبو داود , قال : ثنا شعبة وحماد بن سلمة وأبو الأحوص كلهم عن سماك , عن خالد بن عرعرة , عن علي بنحوه . فمن قال : رفع القواعد إبراهيم وإسماعيل , أو قال رفعها إبراهيم وكان إسماعيل يناوله الحجارة . فالصواب في قوله أن يكون المضمر من القول لإبراهيم وإسماعيل , ويكون الكلام حينئذ : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } يقولان : { ربنا تقبل منا } . وقد كان يحتمل على هذا التأويل أن يكون المضمر من القول لإسماعيل خاصة دون إبراهيم , ولإبراهيم خاصة دون إسماعيل ; لولا ما عليه عامة أهل التأويل من أن المضمر من القول لإبراهيم وإسماعيل جميعا . وأما على التأويل الذي روي عن علي أن إبراهيم هو الذي رفع القواعد دون إسماعيل , فلا يجوز أن يكون المضمر من القول عند ذلك إلا لإسماعيل خاصة . والصواب من القول عندنا في ذلك أن المضمر من القول لإبراهيم وإسماعيل , وأن قواعد البيت رفعها إبراهيم وإسماعيل جميعا ; وذلك أن إبراهيم وإسماعيل إن كانا هما بنياهما ورفعاها فهو ما قلنا , وإن كان إبراهيم تفرد ببنائها , وكان إسماعيل يناوله , فهما أيضا رفعاها ; لأن رفعها كان بهما من أحدهما البناء من الآخر نقل الحجارة إليها ومعونة وضع الأحجار مواضعها . ولا تمتنع العرب من نسبة البناء إلى من كان بسببه البناء ومعونته . وإنما قلنا ما قلنا من ذلك لإجماع جميع أهل التأويل على أن إسماعيل معني بالخبر الذي أخبر الله عنه وعن أبيه أنهما كانا يقولانه , وذلك قولهما : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } فمعلوم أن إسماعيل لم يكن ليقول ذلك إلا وهو إما رجل كامل , وإما غلام قد فهم مواضع الضر من النفع , ولزمته فرائض الله وأحكامه . وإذا كان - في حال بناء أبيه , ما أمره الله ببنائه ورفعه قواعد بيت الله - كذلك , فمعلوم أنه لم يكن تاركا معونة أبيه , إما على البناء , وإما على نقل الحجارة . وأي ذلك كان منه فقد دخل في معنى من رفع قواعد البيت , وثبت أن القول المضمر خبر عنه وعن والده إبراهيم عليه الصلاة والسلام . فتأويل الكلام : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } يقولان : ربنا تقبل منا عملنا وطاعتنا إياك وعبادتنا لك في انتهائنا إلى أمرك الذي أمرتنا به في بناء بيتك الذي أمرتنا ببنائه إنك أنت السميع العليم . وفي إخبار الله تعالى ذكره أنهما رفعا القواعد من البيت وهما يقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } دليل واضح على أن بناءهما ذلك لم يكن مسكنا يسكنانه ولا منزلا ينزلانه , بل هو دليل على أنهما بنياه ورفعا قواعده لكل من أراد أن يعبد الله تقربا منهما إلى الله بذلك ; ولذلك قالا : { ربنا تقبل منا } . ولو كانا بنياه مسكنا لأنفسهما لم يكن لقولهما : { تقبل منا } وجه مفهوم , لأنه كانا يكونان لو كان الأمر كذلك سائلين أن يتقبل منهما ما لا قربة فيه إليه , وليس موضعهما مسألة الله قبول ما لا قربة إليه فيه .

    إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

    القول في تأويل قوله تعالى : { إنك أنت السميع العليم } . وتأويل قوله : { إنك أنت السميع العليم } إنك أنت السميع دعاءنا ومسألتنا إياك قبول ما سألناك قبوله منا من طاعتك في بناء بيتك الذي أمرتنا ببنائه ; العليم بما في ضمائر نفوسنا من الإذعان لك في الطاعة والمصير إلى ما فيه لك الرضا والمحبة , وما نبدي ونخفي من أعمالنا . كما : 1698 - حدثني القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , قال : قال ابن جريج : أخبرني أبو كثير , قال : ثنا سعيد بن جبير , عن ابن عباس : { تقبل منا إنك أنت السميع العليم } يقول : تقبل منا إنك سميع الدعاء .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()