وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
القول في تأويل قوله تعالى : { ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون } يعني جل ثناؤه بقوله : { ولو أنهم آمنوا واتقوا } لو أن الذين يتعلمون من الملكين ما يفرقون به بين المرء وزوجه آمنوا , فصدقوا الله ورسوله وما جاءهم به من عند ربهم , واتقوا ربهم فخافوه فخافوا عقابه , فأطاعوه بأداء فرائضه وتجنبوا معاصيه ; لكان جزاء الله إياهم وثوابه لهم على إيمانهم به وتقواهم إياه خيرا لهم من السحر وما اكتسبوا به لو كانوا يعلمون أن ثواب الله إياهم على ذلك خير لهم من السحر ومما اكتسبوا به . وإنما نفى بقوله : { لو كانوا يعلمون } العلم عنهم أن يكونوا عالمين بمبلغ ثواب الله وقدر جزائه على طاعته . والمثوبة في كلام العرب مصدر من قول القائل : أثبتك إثابة وثوابا ومثوبة , فأصل ذلك من ثاب إليك الشيء بمعنى رجع , ثم يقال : أثبته إليك : أي رجعته إليك ورددته . فكان معنى إثابة الرجل الرجل على الهدية وغيرها : إرجاعه إليها منها بدلا , ورده عليه منها عوضا . ثم جعل كل معوض غيره من عمله أو هديته أو يد له سلفت منه إليه مثيبا له . ومنه ثواب الله عز وجل عباده على أعمالهم , بمعنى إعطائه إياهم العوض والجزاء عليه , حتى يرجع إليهم بدل من عملهم الذي عملوا له . وقد زعم بعض نحويي البصرة أن قوله : { ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير } مما اكتفي بدلالة الكلام على معناه عن ذكر جوابه , وأن معناه : ولو أنهم آمنوا واتقوا لأثيبوا ; ولكنه استغنى بدلالة الخبر عن المثوبة عن قوله : لأثيبوا . وكان بعض نحويي أهل البصرة ينكر ذلك , ويرى أن جواب قوله : { ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة } وأن " لو " إنما أجيبت بالمثوبة , وإن كانت أخبر عنها بالماضي من الفعل لتقارب معناه من معنى " لئن " في أنهما جزاءان , فإنهما جوابان للإيمان , فأدخل جواب كل واحدة منهما على صاحبتها , فأجيبت " لو " بجواب " لئن " , و " لئن " بجواب " لو " ; لذلك وإن اختلفت أجوبتهما فكانت " لو " من حكمها وحظها أن تجاب بالماضي من الفعل , وكانت " لئن " من حكمها وحظها أن تجاب بالمستقبل من الفعل لما وصفنا من تقاربهما , فكان يتأول معنى قوله : { ولو أنهم آمنوا واتقوا } : ولئن آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير . وبما قلنا في تأويل المثوبة قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 1429 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : { لمثوبة من عند الله } يقول : ثواب من عند الله . 1430 - حدثني يونس , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله } أما المثوبة , فهو الثواب . 1431 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : { ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير } يقول : لثواب من عند الله .