بتـــــاريخ : 11/4/2009 12:20:21 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1266 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 64

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ

    القول في تأويل قوله تعالى : { ثم توليتم من بعد ذلك } قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه { ثم توليتم } ثم أعرضتم . وإنما هو " تفعلتم " من قولهم : ولاني فلان دبره : إذا استدبر عنه وخلفه خلف ظهره , ثم يستعمل ذلك في كل تارك طاعة أمر بها عز وجل معرض بوجهه , يقال : قد تولى فلان عن طاعة فلان , وتولى عن مواصلته , ومنه قول الله جل ثناؤه : { فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون } 9 76 يعني بذلك : خالفوا ما كانوا وعدوا الله من قولهم : { لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين } 9 75 ونبذوه وراء ظهورهم , ومن شأن العرب استعارة الكلمة ووضعها مكان نظيرها , كما قال أبو ذؤيب الهذلي : فليس كعهد الدار يا أم مالك ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل سوى الحق شيئا واستراح العواذل يعني بقوله : " أحاطت بالرقاب السلاسل " ; أن الإسلام صار في منعه إيانا ما كنا نأتيه في الجاهلية مما حرمه الله علينا في الإسلام بمنزلة السلاسل المحيطة برقابنا التي تحول بين من كانت في رقبته مع الغل الذي في يده وبين ما حاول أن يتناوله . ونظائر ذلك في كلام العرب أكثر من أن تحصى , فكذلك قوله : { ثم توليتم من بعد ذلك } يعني بذلك أنكم تركتم العمل بما أخذنا ميثاقكم وعهودكم على العمل به بجد واجتهاد بعد إعطائكم ربكم المواثيق على العمل به والقيام بما أمركم به في كتابكم فنبذتموه وراء ظهوركم . وكنى بقوله جل ذكره : " ذلك " عن جميع ما قبله في الآية المتقدمة , أعني قوله : { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور } .

    فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ

    القول في تأويل قوله تعالى : { فلولا فضل الله عليكم ورحمته } . قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ذكره : { فلولا فضل الله عليكم } فلولا أن الله تفضل عليكم بالتوبة بعد نكثكم الميثاق الذي واثقتموه , إذ رفع فوقكم الطور , بأنكم تجتهدون في طاعته , وأداء فرائضه , والقيام بما أمركم به , والانتهاء عما نهاكم عنه في الكتاب الذي آتاكم , فأنعم عليكم بالإسلام ورحمته التي رحمكم بها , وتجاوز عنكم خطيئتكم التي ركبتموها بمراجعتكم طاعة ربكم ; لكنتم من الخاسرين . وهذا وإن كان خطابا لمن كان بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإنما هو خبر عن أسلافهم , فأخرج الخبر مخرج المخبر عنهم على نحو ما قد بينا فيما مضى من أن القبيلة من العرب تخاطب القبيلة عند الفخار أو غيره بما مضى من فعل أسلاف المخاطب بأسلاف المخاطب , فتضيف فعل أسلاف المخاطب إلى نفسها , فتقول : فعلنا بكم , وفعلنا بكم . وقد ذكرنا بعض الشواهد في ذلك من شعرهم فيما مضى . وقد زعم بعضهم أن الخطاب في هذه الآيات إنما أخرج بإضافة الفعل إلى المخاطبين به والفعل لغيرهم ; لأن المخاطبين بذلك كانوا يتولون من كان فعل ذلك من أوائل بني إسرائيل , فصيرهم الله منهم من أجل ولايتهم لهم . وقال بعضهم : إنما قيل ذلك كذلك , لأن سامعيه كانوا عالمين , وإن كان الخطاب خرج خطابا للأحياء من بني إسرائيل وأهل الكتاب ; إذ المعنى في ذلك إنما هو خبر عما قص الله من أنباء أسلافهم , فاستغنى بعلم السامعين بذلك عن ذكر أسلافهم بأعيانهم . ومن ذلك بقول الشاعر : إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة ولم تجدي من أن تقري به بدا فقال : " إذا ما انتسبنا " , و " إذا " تقتضي مستقبلا . ثم قال : " لم تلدني لئيمة " , فأخبر عن ماض من الفعل . وذلك أن الولادة قد مضت وتقدمت . وإنما فعل ذلك عند المحتج به لأن السامع قد فهم معناه , فجعل ما ذكرنا من خطاب الله أهل الكتاب الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم حد - بإضافة أفعال أسلافهم إليهم نظير ذلك . والأول الذي قلنا هو المستفيض من كلام العرب وخطابها . وكان أبو العالية يقول في قوله : { فلولا فضل الله عليكم ورحمته } فيما ذكر لنا نحو القول الذي قلناه . 948 - حدثني المثنى بن إبراهيم , قال : ثنا آدم , قال ثنا أبو النضر , عن الربيع , عن أبي العالية : { فلولا فضل الله عليكم ورحمته } قال : فضل الله : الإسلام , ورحمته : القرآن . 949 - وحدثت عن عمارة ثنا ابن أبي جعفر عن أبيه , عن الربيع بمثله .

    لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ

    القول في تأويل قوله تعالى : { لكنتم من الخاسرين } . قال أبو جعفر : { فلولا فضل الله عليكم ورحمته } إياكم بإنقاذه إياكم بالتوبة عليكم من خطيئتكم وجرمكم , لكنتم الباخسين أنفسكم حظوظها دائما , الهالكين بما اجترمتم من نقض ميثاقكم وخلافكم أمره وطاعته . وقد تقدم بياننا قبل بالشواهد عن معنى الخسار بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()