بتـــــاريخ : 11/1/2009 8:24:07 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1642 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 22

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا

    القول في تأويل قوله تعالى : { الذي جعل لكم الأرض فراشا } وقوله : { الذي جعل لكم الأرض فراشا } مردود على " الذي " الأولى في قوله : { اعبدوا ربكم الذي خلقكم } وهما جميعا من نعت " ربكم " , فكأنه قال : اعبدوا ربكم الخالقكم , والخالق الذين من قبلكم , الجاعل لكم الأرض فراشا . يعني بذلك أنه جعل لكم الأرض مهادا وموطئا وقرارا يستقر عليها . يذكر ربنا جل ذكره بذلك من قيله زيادة نعمه عندهم وآلائه لديهم , ليذكروا أياديه عندهم فينيبوا إلى طاعته , تعطفا منه بذلك عليهم , ورأفة منه بهم , ورحمة لهم , من غير ما حاجة منه إلى عبادتهم , ولكن ليتم نعمته عليهم ولعلهم يهتدون . كما : 399 - حدثني موسى بن هارون , قال , حدثنا عمرو , قال : حدثنا أسباط , عن السدي في خبر ذكره , عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : { الذي جعل لكم الأرض فراشا } فهي فراش يمشي عليها , وهي المهاد والقرار . 400 - وحدثنا بشر بن معاذ , قال : حدثنا يزيد بن زريع , عن سعيد , عن قتادة : { الذي جعل لكم الأرض فراشا } قال : مهادا لكم . 401 - وحدثني المثنى , قال : حدثنا إسحاق , عن عبد الله بن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس : { الذي جعل لكم الأرض فراشا } : أي مهادا .

    وَالسَّمَاءَ بِنَاءً

    القول في تأويل قوله تعالى : { والسماء بناء } قال أبو جعفر : وإنما سميت السماء سماء لعلوها على الأرض وعلى سكانها من خلقه , وكل شيء كان فوق شيء آخر فهو لما تحته سماء . ولذلك قيل لسقف البيت سماؤه , لأنه فوقه مرتفع عليه ولذلك قيل : سما فلان لفلان : إذا أشرف له وقصد نحوه عاليا عليه , كما قال الفرزدق : سمونا لنجران اليماني وأهله ونجران أرض لم تديث مقاوله وكما قال نابغة بني ذبيان : سمت لي نظرة فرأيت منها تحيت الخدر واضعة القرام يريد بذلك : أشرفت لي نظرة وبدت , فكذلك السماء : سميت الأرض سماء لعلوها وإشرافها عليها . كما : 402 - حدثني موسى بن هارون , قال : حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسباط , عن السدي في خبر ذكره , عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة , عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : { والسماء بناء } , فبناء السماء على الأرض كهيئة القبة , وهي سقف على الأرض . 403 - وحدثنا بشر بن معاذ , قال : حدثنا يزيد , عن سعيد , عن قتادة في قول الله { والسماء بناء } قال : جعل السماء سقفا لك . وإنما ذكر السماء والأرض جل ثناؤه فيما عدد عليهم من نعمه التي أنعمها عليهم , لأن منهما أقواتهم وأرزاقهم ومعايشهم , وبهما قوام دنياهم , فأعلمهم أن الذي خلقهما والمستوجب منهم الشكر والعبادة دون الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع .

    وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ

    القول في تأويل قوله تعالى : { وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم } يعني بذلك أنه أنزل من السماء مطرا , فأخرج بذلك المطر مما أنبتوه في الأرض من زرعهم وغرسهم ثمرات رزقا لهم غذاء وأقواتا . فنبههم بذلك على قدرته وسلطانه , وذكرهم به آلاءه لديهم , وأنه هو الذي خلقهم وهو الذي يرزقهم ويكفلهم دون من جعلوه له ندا وعدلا من الأوثان والآلهة , ثم زجرهم عن أن يجعلوا له ندا مع علمهم بأن ذلك كما أخبرهم , وأنه لا ند له ولا عدل , ولا لهم نافع ولا ضار ولا خالق ولا رازق سواه .

    فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا

    القول في تأويل قوله تعالى : { فلا تجعلوا لله أندادا } قال أبو جعفر : والأنداد , جمع ند , والند : العدل والمثل , كما قال حسان بن ثابت : أتهجوه وليست له بند فشركما لخيركما الفداء يعني بقوله : " ولست له بند " : لست له بمثل ولا عدل . وكل شيء كان نظير الشيء وشبيها فهو له ند . كما : 404 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : حدثنا يزيد , عن سعيد , عن قتادة { فلا تجعلوا لله أندادا } أي عدلاء . 405 وحدثني المثنى , قال : حدثني أبو حذيفة , قال : حدثنا شبل , عن ابن أبي نحيح , عن مجاهد : { فلا تجعلوا لله أندادا } أي عدلاء . 406 - وحدثني موسى بن هارون , قال : حدثنا عمرو , قال : حدثنا أسباط عن السدي عن خبر ذكره عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : { فلا تجعلوا لله أندادا } قال : أكفاء من الرجال تطيعونهم في معصية الله . 407 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قول الله : { فلا تجعلوا لله أندادا } قال : الأنداد : الآلهة التي جعلوها معه وجعلوا لها مثل ما جعلوا له . 408 - وحدثت عن المنجاب , قال : حدثنا بشر , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس في قوله : { فلا تجعلوا لله أندادا } قال : أشباها . 409 - حدثني محمد بن سنان , قال : حدثنا أبو عاصم عن شبيب عن عكرمة : { فلا تجعلوا لله أندادا } ; أي تقولوا : لولا كلبنا لدخل علينا اللص الدار , لولا كلبنا صاح في الدار ونحو ذلك . فنهاهم الله تعالى أن يشركوا به شيء وأن يعبدوا غيره , أو يتخذوا له ندا وعدلا في الطاعة , فقال : كما لا شريك لي في خلقكم وفي رزقكم الذي أرزقكم , وملكي إياكم , ونعمتي التي أنعمتها عليكم , فكذلك فأفردوا لي الطاعة , وأخلصوا لي العبادة , ولا تجعلوا لي شريكا وندا من خلقي , فإنكم تعلمون أن كل نعمة عليكم مني .

    وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ

    القول في تأويل قوله تعالى : { وأنتم تعلمون } اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية , فقال بعضهم : عنى بها جميع المشركين , من مشركي العرب وأهل الكتاب . وقال بعضهم : عنى بذلك أهل الكتابين : التوراة , والإنجيل . ذكر من قال : عنى بها جميع عبدة الأوثان من العرب وكفار أهل الكتابين : 410 - حدثنا محمد بن حميد , قال : حدثنا سلمة بن الفضل , عن محمد بن إسحاق , عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت , عن عكرمة , أو عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال : نزل ذلك في الفريقين جميعا من الكفار والمنافقين . وإنما عنى بقوله : { فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون } أي لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر , وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره , وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول من توحيده هو الحق لا شك فيه . 411 - حدثنا بشر , قال : حدثنا يزيد عن سعيد , عن قتادة في قوله : { وأنتم تعلمون } أي تعلمون أن الله خلقكم وخلق السموات والأرض , ثم تجعلون له أندادا . ذكر من قال : عنى بذلك أهل الكتابين : 412 - حدثنا أبو كريب , قال : حدثنا وكيع , عن سفيان , عن رجل , عن مجاهد : { فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون } أنه إله واحد في التوراة والإنجيل . * وحدثني المثنى بن إبراهيم , قال : حدثنا قبيصة , قال : حدثنا سفيان عن مجاهد مثله . * وحدثني المثنى , قال : حدثنا أبو حذيفة , قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { وأنتم تعلمون } يقول : وأنتم تعلمون أنه لا ند له في التوراة والإنجيل . قال أبو جعفر : وأحسب أن الذي دعا مجاهدا إلى هذا التأويل , وإضافة ذلك إلى أنه خطاب لأهل التوراة والإنجيل دون غيرهم , الظن منه بالعرب أنها لم تكن تعلم أن الله خالقها ورازقها بجحودها وحدانية ربها , وإشراكها معه في العبادة غيره . وإن ذلك لقول ! ولكن الله جل ثناؤه قد أكبر في كتابه عنها أنها كانت تقر بوحدانية , غير أنها كانت تشرك في عبادته ما كانت تشرك فيها , فقال جل ثناؤه : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } 43 87 وقال : { قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون } 10 31 فالذي هو أولى بتأويل قوله : { وأنتم تعلمون } إذ كان ما كان عند العرب من العلم بوحدانية الله , وأنه مبدع الخلق وخالقهم ورازقهم , نظير الذي كان من ذلك عند أهل الكتابين . ولم يكن في الآية دلالة على أن الله جل ثناؤه عنى بقوله : { وأنتم تعلمون } أحد الحزبين , بل مخرج الخطاب بذلك عام للناس كافة لهم , لأنه تحدى الناس كلهم بقوله : { يا أيها الناس اعبدوا ربكم } - أن يكون تأويله ما قاله ابن عباس وقتادة , من أنه يعني بذلك كل مكلف عالم بوحدانية الله , وأنه لا شريك له في خلقه يشرك معه في عبادته غيره , كائنا من كان من الناس , عربيا كان أو أعجميا , كاتبا أو أميا , وإن كان الخطاب لكفار أهل الكتاب الذين كانوا حوالي دار هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأهل النفاق منهم وممن بين ظهرانيهم ممن كان مشركا فانتقل إلى النفاق بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()