وللأرقام بلاغتها أيضاً
نعيش مع بعض الأمثلة المبهرة من كتاب الله تعالى حول لغة الأرقام وكيف تتبع المعنى اللغوي، وهذا من أعقد الأنظمة الرقمية، وهذه الأمثلة تدل على وجود بناء رقمي عظيم لا يقل أهمية عن البناء البلاغي للقرآن الكريم...
نعتمد دائماً في أبحاث الإعجاز الرقمي على منهج ثابت وهو صف الأرقام ومن ثم تقسيمها على الرقم سبعة لنحصل على أعداد من مضاعفات الرقم سبعة.
(إخواناً) و(إخوان)
كما قلنا إن النظام الرقمي تابع للنظام اللغوي في القرآن، فالكلمات التي تدل على معاني متعاكسة تعطي أعداداً متعاكسة أيضاً. ومن هذه الكلمات كلمة (إخواناً) والتي تكررت مرتين في القرآن في آيتين:
1- (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران: 103].
2- (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) [الحجر: 47].
نلاحظ أن هذه الكلمة وردت مع المؤمنين، فالآية الأولى تتحدث عن الدنيا (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) والآية الثانية تتحدث عن الآخرة (إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ)، فالمؤمنون هم إخوة في الدنيا وكذلك سيكونون في الآخرة.
ولكن الأرقام تتحدث، فأرقام الآيتين هما 103 و 47 وعند صفّ هذين العددين نجد عدداً جديداً هو 47103 وهذا العدد من مضاعفات السبعة:
47103 = 7 × 6729
والآن ماذا عن كلمة (إخوان)؟ إن هذه الكلمة تكررت مرتين أيضاً في القرآن في الآيتين:
1- (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) [الإسراء: 27].
2- (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ) [ق: 12-13].
إذن الآيتان تتحدثان هنا عن الكافرين، فالآية الأولى تخص المبذرين، والآية الثانية تخص قوم لوط وهم كفار أيضاً. ولكن ماذا عن لغة الأرقام؟
إن أرقام الآيتين هما 27 و 13 وعند صف هذين العددين نجد العدد 1327 وهذا العدد ليس من مضاعفات السبعة! ولكن لماذا؟ إن الجواب يُعرف عندما نتأمل معنى الآيتين. فقد وردت الكلمة مع الكفار بعكس كلمة (إخواناً) والتي وردت دائماً مع المؤمنين أي العكس.
ولذلك إذا قمنا بعكس هذا العدد سوف نفاجأ عندما نعلم أنه يصبح من مضاعفات السبعة!! فمقلوب هذا العدد هو 7231 وهو يساوي:
7231 = 7 × 1033
التقوى والتكذيب
كما أن التقوى تعاكس التكذيب فكذلك نجد الأرقام تتعاكس لتعبر بدقة عن المعنى اللغوي. فقد لفت انتباهي في سورة الشعراء أسلوب مميز لسرد القصص، فقد تكررت العبارة ذاتها خمس مرات على لسان خمسة أنبياء.
تأمل أخي القارئ هذه الآيات الخمس من سورة الشعراء:
1- (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106).
2- (كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (124) .
3- (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142) .
4- (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) .
5- (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177).
نلاحظ أن الآيات الخمس بدأت بكلمة (كذبت)، والآيات الخمس الأخرى انتهت بعبارة (ألا تتقون). إذن نحن أمام نظامين لغويين: الأول فيه تكذيب للرسل، والثاني فيه دعوة من الرسل للتقوى، وكما أن التقوى لا تتفق مع التكذيب كذلك سوف نرى أن النظام الرقمي متعاكس لكلتا الحالتين.
إن أرقام الآيات التي وردت فيها كلمة (كذبت) هي: 105-123-141-160-176 .
إن أرقام الآيات التي وردت فيها كلمة (تتقون) هي: 106-124-142-161-177.
نحن أمام عددين وهما (بطريقة صف الأرقام):
176160141123105 177161142124106
والعجيب أن هذين العددين هما من مضاعفات الرقم سبعة ولكن باتجاهين متعاكسين وبما يتوافق مع المعنى اللغوي:
176160141123105 معكوسه: 501321141061671 من مضاعفات الرقم سبعة:
501321141061671 = 7 × 71617305865953
أما العدد الثاني فهو من مضاعفات الرقم سبعة:
177161142124106 = 7 × 25308734589158
أصحاب الجنة وأصحاب النار
تكررت كلمة (أصحاب) في القرآن 77 مرة وهذا العدد من مضاعفات الرقم سبعة، والعجيب أن كلمة (جهنم) تكررت أيضاً 77 مرة بنفس العدد. ولكن سوف نركز دراستنا في أول سورة وردت فيها هذه الكلمة وهي سورة البقرة.
العجيب أن كلمة (أصحاب) تكررت في سورة البقرة سبع مرات في الآيات الآتية:
1- وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39).
2- بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81).
3- وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82).
4- إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119).
5- وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)
6- وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257).
7- الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275).
والآن إلى هذه الحقائق المذهلة:
- إن أرقام الآيات السبع تشكل عدداً هو 275257217119828139 هذا العدد من مضاعفات السبعة فهو يساوي:
= 7 × 39322459588546877
- تكررت عبارة (أَصْحَابُ النَّارِ) خمس مرات في الآيات: 39-81-217-257-275، وهذه الأرقام لدى صفها تشكل عدداً هو: 2752572178139 من مضاعفات السبعة:
2752572178139 = 7 × 2752572178139
- عبارة (أَصْحَابِ الْجَحِيمِ) وردت مرة واحدة، ولذلك فإن رقم الآية هو 119 هو عدد من مضاعفات السبعة:
119 = 7 × 17
- أما عبارة (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ) فقد وردت مرة واحدة ورقم الآية هو 82، وهذا العدد لا ينقسم على سبعة، لماذا؟ لأن الحديث هنا عن أصحاب الجنة، وهذا يعاكس الحديث عن أصحاب النار والجحيم، ولذلك يجب أن نعكس الرقم ليصبح 28 ويصبح بالتالي من مضاعفات السبعة:
28 = 7 × 4
والآن عزيزي القارئ ما رأيك أن تجرب بنفسك وتبحر في أعماق القرآن وترى العجائب تتجلى في كل كلمة من كلماته! ومن هنا فإنني أدعو كل مؤمن محب لكتاب الله أن يتدبر هذا الكتاب العظيم عسى الله أن يجعله شفيعاً لنا يوم لقائه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ـــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
www.kaheel7.com
المراجع
1- القرآن الكريم، برواية حفص عن عاصم (مصحف المدينة المنورة).
2- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم – محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت.
3- إشراقات الرقم سبعة للمهندس عبد الدائم الكحيل، إصدار جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، دبي 2006.
4- الإعجاز القصصي، دار لارضوان، حلب 2005.