بينما كنت أقرأ سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وعنايته بالأطفال في الأعمار الصغيرة استوقفني حديث له عن حق الطفل وهو:
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟" فقال الغلام: لا، والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً، قال: فتله (وضعه) رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده(1).
فنجد في هذا الموقف كيف أن الرسول عليه الصلاة والسلام، لم يتهاون في حق الطفل، وقدم حق الأكبر سناً عليه، بل سأله وطلب منه السماح، وحينما رفض أعطاه حقه دون لوم، أو عتاب.
وكما أننا نعلم أن تقديم الأيمن سنة عامة، ولم يشأ الرسول عليه الصلاة والسلام ليغيرها لأن الجالس بجواره غلام.
ويتضح لنا من هذا الحديث عدة أمور وهي:
الأول: عدم استهانة الرسول صلى الله عليه وسلم بالأطفال.
الثاني: تعليمه إيانا حق الأطفال، لما لهذا الأمر من نتائج ايجابية على الأطفال في المستقبل، حيث نعمل بهذا على رفع الروح المعنوية لهم، وبالتالي دفعهم للثقة بأنفسهم، مما يعمل على تمسكهم بحقوقهم، وبالتالي سينعكس هذا علينا نحن الآباء في المستقبل، من برهم لنا، ففاقد الشيء لا يعطيه، وبالتالي إعطاء الحقوق للآخرين كل على حسب مكانه من مهنيين أو حرفيين.
الثالث: حق الأطفال في الجلوس في مجلس الكبار، والتعلم من دروس ومجالس العلم.
الرابع: بعث الطمأنينة في قلب الأطفال، لوجودهم مع آبائهم، لأنهم الأكثر دراية بتصرفاتهم، وهذا سيعمل على عدم شعورهم بالخجل.
وهذا هو خليفة المسلمين أبوبكر الصديق يقتدي بالرسول عليه الصلاة والسلام، قال الإمام الذهبي: قال أبو بكر الصديق: امض يا أسامة في جيشك للوجه الذي أمرت به، ثم اغز حيث أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم من ناحية فلسطين..... ولكن إن رأيت أن تأذن لعمر، فاستشره واستعن به فافعل، ففعل أسامة.
فأبو بكر الصديق رضي الله عنه كان في الستين من عمره، وأسامة بن زيد في الثامنة عشرة من العمر، ومن هذا الموقف نجد تواضع أبو بكر الصديق، وإعطاء الحق لقائد الجيش للتصرف كيفما يشاء لما يراه في صالح الموقف.
ومن ضمن الحقوق التي علمنا إياها رسولنا الكريم حق الطفل في اللعب لأن كثرة الاستذكار تميت القلب، والقليل من الترفيه للنفس سيعمل على استعادة النشاط الذهني وترك الخمول والكسل، فقد كان للسيدة عائشة العديد من الألعاب التي تخص البنات وحينما تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، لم تتركهم وإنما أخذتهم معها إلى منزل رسول الله، ولم يترك الرسول عليه الصلاة والسلام الجانب الرياضي للأطفال لم لهذا الجانب من تأثير في نفوس الأطفال بل كان يرتب لهم بعض المسابقات الرياضية كتحفيز وتشجيع لهم، لخلق روح المنافسة بينهم.
ومن ضمن حقوق الأطفال مناداتهم بأسمائهم بل كان عليه الصلاة السلام يناديهم بأحب الأسماء لديهم كل على حسب عمره.
إن سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ترشدنا للتربية الصحيحة للأطفال، حيث إنها لم تترك أي شيء يخص الطفل في جميع جوانب الحياة إلا ذكرتها لنا، لذلك وجب علينا التمسك بها والسير على خطاها لنفوز بمرضاة الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ البخاري، كتاب الهبة 2415
2ـ سير أعلام النبلاء- سير الخلفاء ص23.