بتـــــاريخ : 9/18/2008 5:40:51 PM
الفــــــــئة
  • التربيــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 4124 0


    ثقافة الطفل في عصر التكنولوجيا

    الناقل : heba | العمر :42 | الكاتب الأصلى : أحمد فضل شبلول | المصدر : www.tarbya.net

    كلمات مفتاحية  :
    تربيه الطفل

    ثقافة الطفل في عصر التكنولوجيا 
     
    أحمد فضل شبلول 
    15/05/2003
     
      الأربعاء 14 مايو 2003 - 13 ربيع الأول 1424هج * نص المحاضرة التي ألقاها الشاعر أحمد فضل شبلول بندوة الثقافة والعلوم بمدينة دبي مساء الثلاثاء الموافق 6 مايو / آيار 2003 - 5 ربيع الأول 1424هج. بسم الله الرحمن الرحيم اسمحوا لي في البداية أن أقوم بتفكيك عنوان المحاضرة "ثقافة الطفل في عصر التكنولوجيا"، وإرجاعه إلى عناصره الأولى. الثقافة الثقافة، عرَّفها البعض بأنها الغذاء الوجداني والإمتاع الفكري المحبب الذي يسعى إليه الإنسان سعيا، ولا يتلقاه فرضا، ولا يُساق إليه قسرا أو كرها. وبالتالي فهي تختلف عن التعليم. فكل كائن من الممكن أن يَتَعلَّم، ولكن ليس كل كائن من الممكن أن يكون مثقفا، إلا إذا أراد ذلك من تلقاء نفسه (1). وتشير الموسوعة العربية الميسرة إلى أن الثقافة، هي أسلوب الحياة السائد في أي مجتمع بشري. ومنذ البدايات الأولى للجنس البشري والثقافة أهم ما يميز المجتمع الإنساني عن التجمعات الحيوانية، فعادات الجماعة وأفكارها واتجاهاتها تُستمد من التاريخ، وتَنتقل تراثا اجتماعيا إلى الأجيال المتعاقبة. واللغة هي العامل الرئيسي لنقل الثقافة، وإن كانت بعض أنماط السلوك والاتجاهات تُكتسب بوسائل أخرى غير اللغة. ويشير اصطلاح "الثقافة المادية" ـ على سبيل المثال ـ إلى الجانب الذي تمثله أشياء: كالآلات والأسلحة والملابس وأشغال الفن، على عكس الثقافة الدينية أو الروحية. وعموما فإن درجة تعقد التنظيم الثقافي تساعد على التمييز بين تحضر المجتمعات. وتعرف موسوعة المورد الإلكترونية الثقافة بأنها "المحتوى الفكري والفني للحضارة. حيث يُقصد بالثقافة عادة مجموعة معقدة من المعارف والمعتقدات والأخلاق والقانون والدين والتقاليد والأساطير والفنون، تؤلف كلا متميزا يطبع حياة جماعة عرقية أو دينية أو اجتماعية. ومن معاني الثقافة أيضا الإلمام بمبادئ العلوم الدقيقة والعلوم الإنسانية، والمعرفة العامة بالفنون الجميلة وتذوقها، مع رهافة في الحس وانفتاح في التفكير. وأيا ما كان، فالثقافة في نهاية المطاف نظرة إلى الحياة والإنسان، وموقف نظري أو عملي من الحياة والإنسان". أما التعريف اللغوي لكلمة ثقافة من خلال "المعجم الوسيط" فيأتي على النحو التالي: ثَقِفَ: صار حاذقا فَطِنًا، فهو ثَقِفٌ. وثَقَّفَ الشيءَ: أقام المُعوَجَّ منه وسوَّاه. وثقَّفَ الإنسانَ: أدَّبه وهذَّبه وعلَّمه. والثَّقافة: العلوم والمعارف والفنون التي يُطلب الحذق فيها. ولكن لم يزل التعريف الكلاسيكي الشائع الذي قدَّمه إدوارد تايلور عام 1871م صالحا للاستعمال، والقائل: "إن الثقافة هي ذلك المركَّب الذي يشتمل على المعرفة والعقائد والفنون والأخلاق والتقاليد والقوانين، وجميع المقومات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضوا في المجتمع"(2). الطفولة أما الطفولة فهي حجر الأساس في بناء المجتمعات الحديثة، والطفل هو الثروة الحقيقة لأي أمة، وثقافة الطفل هي اللبنة الأولى لثقافة الإنسان والمجتمع. ويحرص كل مجتمع متقدم على أن يتمتع الطفل بكل أسـباب السعادة والرفاهية والتثقيف والتفكير السليم. وتُعد مرحلة الطفولة من أهم مراحل التكوين ونمو الشخصـية، بل إن هذه المرحلة هي المرحلة الحاسمة في تكوين شخصية الإنسان وبخاصة ـ كما يذهب البعض ـ السنوات الخمس الأولى. وقد اختلف العلماء والتربويون على مرحلة الطفولة في عمر الإنسان، فقسم البعض حياة الإنسان إلى مرحلتين، الأولى: مرحلة الطفولة، وتبدأ من مولد الإنسان حتى يبلغ سن الثامنة عشرة أو العشرين. والثانية: مرحلة الرجولة أو الأنوثة وتبدأ من بعد ذلك، وتستمر حتى نهاية العمر. وبهذا التقسيم تدخل مرحلة المراهقة والشباب في طور مرحلة الطفولة. في حين قسم فريق آخر مرحلة الطفولة ـ وحدها ـ إلى ثلاث فترات، هي: الطفولة المبكرة (من المولد حتى السادسة) والطفولة المتوسطة (من السادسة إلى الثانية عشرة) والطفولة المتأخرة (من الثانية عشرة وحتى العشرين، وتدخل ضمنها فترات البلوغ والمراهقة، ومطلع الشباب، وبداية الحيض بالنسبة للفتاة). لكن التقسيم الشائع لدى علماء نفس الطفل هو: مرحلة الطفولة المبكرة (3 ـ 6 سنوات) ومرحلة الطفولة المتوسطة (6 ـ 9 سنوات) ومرحلة الطفولة المتأخرة (9 ـ12 سنة) وأخيرا مرحلة المثالية أو الرومانسية (12 ـ إلى نهاية مرحلة الطفولة أو إلى 18 سنة). ثقافة الأطفال وبعامة فإن ثقافة الأطفال، أو ثقافة الطفل، هي جزء من الثقافة الكلية للمجتمع، بل إن هادي نعمان الهيتي يذهب إلى أنه "تظهر في ثقافة الأطفال الملامح الكبيرة لثقافة المجتمع في العادة، فالمجتمع الذي يولـي أهمية كبيرة لقيمة معينة تظهر في العادة في ثقافة الأطفال" (3). ومن ناحية أخرى فإن الأسرة تؤدي دورًا مهما في تكوين ثقافة الطفل، وكلما كان الأب أو الأم أو الأخوة الكبار من ذوي التعليم والثقافة العالية، ساعد ذلك الأطفال على أن يُنشؤوا في بيئة ثقافية صحية. ولما كانت مجتمعاتنا العربية بدأت تُظهر اهتماما بمسـألة الحاسب الآلي، بل تشجع ـ ولو نظريًّا ـ على استخدامه في جميع مجالات الحياة، فقد كان من الطبيعي أن تظهر الثقافة الحاسوبية، أو الثقافة الإلكترونية لدى الأجيال الجديدة، ومن ثَمَّ فإن ثقافة هذا الجيل الجديد من أبنائنا وأحفادنا، تختلف ـ إلى حد كبير ـ عن ثقافة الأطفال في الجيل السابق، فثقافة هذا الجيل تتشكَّل من خلال استخدامه لجهاز الكمبيوتر لكي تكون متوائمة مع روح العصر، ومع الآمال الموضوعة للمستقبل، ومن هنا تتحقق المقولة المنسوبة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصالحة لكل زمان ومكان: "لا تعلموا أولادكم عاداتكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم" (4). أما التنشئة الثقافية، فهي عملية "تشكيل الإنسان عن طريق التعليم والتدريب حتى يصير شخصا قابلا لأن يشارك المجتمع في حياته الثقافية، وهي عملية تتم بشكل شعوري حينا، ولا شعوري أحيانا أخرى، فالطفل يولد وتسيطر عليه دوافع غريزية تجعله غير قابل لمشاركة آخـرين في الحياة الاجتماعية، فيتولاه المجتمع بتقاليده وعاداته ويمرنه على القيام بذلك. وتعد مراحل التعليم المختلفة في معنى من معانيها وسائل للتنشئة الثقافية، لأنها تنقل للشباب آخر ما وصلت إليه الثقافة الإنسانية وتربيهم عليها، ويسهم أصدقاء اللعب والأندية و… أشباههم في تنشئة الثقافة لأن الفرد يتعلم منهم الكثير" (5). ويذهب د. سليمان العسكري إلى أن "تربية الطفل لم تعد تقتصر على الأسرة، أو المؤسسة التعليمية فقط، ولكن التكنولوجيا الحديثة، وما أنتجته من أجهزة باهرة أصبح نصيبها في تربية الطفل هو النصيب الأوفر" (6). يتضح من التعريفات السابقة أن للثقافة، وللتنشئة الثقافية، "دورا كبيرا في نمو الأطفال عقليا من خلال تأثر النشاط العقلي بما يستمده الطفل من البيئة الثقافية، وفي نموهم عاطفيا وانفعاليا من خـلال تنمية استجاباتهم للمؤثرات المختلفة، وإكسابهم الميول والاتجاهات وطرق التعبير عن انفعالاتهم، وفي نموهم اجتماعيا من خلال بناء يسبق علاقاته بالآخرين، وفي نموهم حركيا من خلال تنظيم حركاته ونشاطاته ومهاراته، وينطوي ذلك كله على بناء شخصياتهم وتحديد سلوكهم"(7). ويرى العربي بنجلون أن ثقافة الطفل تتخطى التجنيس الغرافيكي للأدب (شعر، قصة، مسرحية، رواية) إلى النص التاريخي، المعرفي، العلمي، الفني، أي كل ما يُغني عقل الطفل وينمي ثروته الفكرية وتجربته الحياتية (8). التكنولوجيا أما التكنولوجيا فهي ـ في أبسط مفهوم لها ـ التطبيق العملي للعلم النظري. فالرافعة على سبيل المثال، هي التطبيق العملي لفكرة رفع الأجسام الثقيلة التي تقاوم الجاذبية الأرضية. والسفينة هي التطبيق العملي لقانون الطفو، وهكذا. وعلى ذلك تدخل الرافعة والسفينة عالم التكنولوجيا. وقد أصبح الطفل في مختلف دول العالم معرَّضًا ـ بل أصبح هدفا ـ لكل ما تقدمه له التكنولوجيا المعاصرة، من لُعبٍ وأدوات شديدة التعقيد. فالتكنولوجيا لا تحقق أهدافها إلا إذا انصهرت في الكيان المجتمعي، وأصبحت متاحة لجميع الأعمار على اختلاف قدراتهم، مثل جهاز التلفزيون حاليا، على سبيل المثال. ويرى د. نبيل علي "أن تكنولوجيا المعلومات تمثل إحدى الوسائل المنشودة لتعويض تخلفنا في مجال تربية الطفل"(9). ويتوقف نجاحنا في استخدام التكنولوجيا على حسن استغلالنا لها في الإطار الشامل لمنظومة التنمية المجتمعية(10). غير أنه ما من شك في أن "التقدم الذي نشهده حاليا في جميع المجالات قد ضيَّق المسافة بين الطفل وبين العلم والتكنولوجيا بصورة تستوجب تربية جديدة مغايرة تماما للتربية القائمة حاليا"(11). *** ومما لا شك فيه أن إنسان هذا العصر يعيش زمنا متجددا متغيرا، وفي كل ساعة تظهر أسماء جديدة ومخترعات حديثة، وتقنيات لا قبل له بها. وإذا صرف النظر عنها، لأصبح في عرف المجتمع متخلفا ورجعيا. وإذا كان في استطاعته أن يفعل ذلك مع أحد المخترعات، أو تقنية من التقنيات، فماذا سيفعل مع ما يُستجد يوميا، ويدخل حياته شاء ذلك أم أبى، خاصة وأن العالم الآن أصبح يعيش في مدينة إلكترونية هائلة الحجم والمساحة، كل ما فيها يتحرك بالأزرار والمفاتيح وأجهزة التحكم من بعد (الريموت كنترول)، ابتداءً من جهاز التلفزيون والهاتف المحمول، ومرورًا بالحاسبات الشخصية وشبكات المعلومات، وانتهاءً بالسفن الفضائية والأقمار الصناعية والمعدات العسكرية ... الخ. وقد نتج عن ذلك ـ وفي غضون سنوات قلائل ـ ثورة في جميع مجالات المعرفة البشرية، تعادل ما قدمته البشرية منذ بدء الخليقة وحتى منتصف القرن العشرين تقريبا. وكما تقول د. نوال عمر "فإن متابعة التطور العلمي والتكنولوجي تعتبر من الأمور الضرورية لمواجهة تحديات العصر وتحقيق طموح البشر وآمالهم سواء كان ذلك في مجال الصناعة أو الزراعة أو الثقافة والفنون والإعلام".(12) لقد سجل هذا الإنسان ـ وما زال يسجل ـ فيضا من المنجزات والمخترعات التي حققها عبر تاريخه الطويل على سطح الأرض. وفي رأي د. فلاتة فإن "من الجوانب التي توضح مبلغ استغلال الإنسان لقدراته يبدو من خلال اختراعه للآلة البخارية ثم السيارة ثم الطائرة، ويمثل نزولُه على سطح القمر واختراعُه الحاسب الآلي حلقة في سلسلة منجزاته وإنتاجه"(13). ولقد ظهرت أجيال مختلفة من الحاسبات الآلية، كل جيل أصغر من الجيل الذي قبله، إلى أن وصلنا إلى الشكل الحالي من أشكال الكمبيوتر الشخصي، ومنها الكمبيوتر المحمول أو النقَّال، الذي هو عبارة عن حقيبة صغيرة متحركة، تحملها معك أينما ذهبت. لقد تطور الحاسب الآلي بسرعة مذهلة خلال السنوات الماضية، ويتوقع العلماء أن يظهر في الأجيال المقبلة من الحاسبات، حاسبات "تتحدث مع الناس مباشرة باللغة العادية، حيث تفهم الحديث والصور، وتستطيع أن تتعلم وتتخذ القرارات على أساس استنتاجات ذكية. أي يمكن أن تتصرف بطريقة كانت مقصورة على الإنسان فقط"(14) أو أنها تصل بذكائها إلى الذكاء البشري، وهو ما يعمل اليابانيون حاليا على إيجاده. وفي هذا المضمار يقول د. نبيل علي: "إن احتكار الإنسان للذكاء قد انتهى، وإن الآلة منذ الآن وصاعدا سوف تشاركه في كل خطوات التفكير"(15). وليس هناك شك في أن "الكمبيوتر الشخصي ـ بمكوناته المادية المتواصلة التطور، وتطبيقاته في عالم التجارة والأعمال، وبنظم خدمة الاتصال المباشر، ووصلات الإنترنت، والبريد الإلكتروني، والعناوين متعددة الوسائط، والألعاب ـ هو الأساس والركيزة للثورة المقبلة" على حد تعبير بيل جيتس (مؤسس شركة مايكروسوفت ورئيس مجلس إدارتها)(16). ولعلَّ من أهم المظاهر التي جلبها هذا التطور الهائل في مجال التكنولوجيا والإلكترونيات، والكمبيوتر الشخصي، ظهور ما يسمى بالثقافة الإلكترونية التي جذبت انتباه أطفالنا قبل كبارنا، وأصبحت الشغل الشاغل لمعظمهم، وأصبحت كلمة "كمبيوتر" ـ كما يحلو للأطفال أن ينطقوها، وليس اللفظ المترجَم "حاسب آلي" أو "حاسوب" ـ مفتاح السعادة والمتعة لكثير منهم، وباتت ألعاب الأتاري، وألعاب الفيديو، والبلاي استيشن، والإبحار داخل شبكة "إنترنت" لاكتشاف مواقع جديدة وألعاب جديدة وبلاد جديدة، بديلا لألعاب جماعية كثيرة عرفها جيلنا والأجيالُ السابقةُ لنا. فما هي الثقافة الإلكترونية ؟ وما مصادرها؟ وما أهم منتجاتها؟ وما فوائدُها ومضارُّها وإيجابياتُها وسلبياتُها على أطفالنا، ومجتمعاتِنا العربية بشكل عام؟ وكيف انعكست هذه الثقافة على شكل الأدب المقدَّم لأطفالنا، ومضامينِه أيضا؟ سنحاول الإجابة عن مثل هذه الأسئلة، واضعين في الاعتبار أن ما أسميناه بالثقافة الإلكترونية، أو تكنولوجيا أدب الأطفال، ليس مجرد رفاهية ثقافية، وإنما هي ضرورة حتَّمها ذلك العصر الذي نعيش فيه، عصر انفجار المعلومات، أو عصر المعلوماتية(17). فكيف يعيش أبناؤنا في هذا العصر، ومن أي باب ستدخل عليهم ثقافتهم الجديدة ؟ بل إن كاتب الأطفال عبد التواب يوسف يتساءل ويجيب في الوقت نفسه. يتساءل: وماذا تفعل الأجيال القديمة ؟ ويجيب: بات من المؤكد أن عليها أن تدخل إلى عالم الكمبيوتر والإلكترونيات إذا كانت ترغب في أن تواكب الحياة من حولها.(18) الثقافة الإلكترونية وقد تعددت وسائل الثقافة، وأساليبها، ووسائطها، وألوانها، وأشكالها، ولن نتحدث عن كل أساليب الثقافة المطروحة على أطفالنا، وأشكالها، وتأثيراتها، لن نتحدث عن الكتاب، والصحيفة، والمجلة، والأغاني والأناشيد، والقصص المروية أو المكتوبة، والإذاعة المسموعة والمرئية (الراديو والتلفزيون) والمسرح، والسينما، والفيديو، وشرائط التسجيل والأسطوانات، والمعارض والمتاحف، والرحلات سواء الترفيهية أو التثقيفية، وحتى الألعاب التقليدية التي تتبارى المصانع في إنتاجها، وغيرها من أدوات التغير الثقافي أو من أشكال ثقافة الطفل، ولكن سيكون حديثنا منصبا على شكل ثقافي جديد بدأ يغزو العقول والوجدان، وانتشر في الأسواق والبيوت والمدارس والمعاهد ودور الحضانة ورياض الأطفال والنوادي والمعسكرات والشواطئ وأماكن التجمعات المختلفة... إلخ. وقد عُرف هذا الشكل باسم ((الثقافة الإلكترونية))، التي جلبها دخول أجهزة الحاسب الآلي، وشبكات المعلومات إنترنت، وإنترانت، وغيرهما، في منازلنا ومدارسنا ونوادينا ... الخ. ونحن في هذه المقام نتفق مع عبد الله العـروي في قوله: "الثورة الإلكترونية ـ الإعلامية ثورة حقيقية، لها فوائد نلمسها كل يوم في المطارات والبنوك والمكتبات وغيرها، لكن بقدر ما تزيد المجتمع المتعلم المصنِّع علما ومعرفة ونشاطا، بقدر ما تغمس المجتمع الذي تعوزه المؤسسات، في الذهنية الخرافية الاسـتهلاكية، ولا يُتلافى الخطر إلا بإتباع سياسة ثقافية قومية واعية متكاملة"(19). نتفق أيضا مع د. نوال عمر في قولها "مما لاشك فيه أن اختراع الوسائل الإعلامية المختلفة، ومنها الفيديو، (وأستبدل هنا الكمبيوتر بالفيديو) تُعدُّ من أرقى ما وصل إليه العقل البشري في العصـر الحديث، وهي تُستعمل للخير وتُستعمل للشر ولا يختلف اثنان على أن هذه الاختراعات لو استخدمت في الخير ونشر العلم وتثبيت العقيدة الإسلامية وتدعيم القيم الأخلاقية وربط الجيل الحاضر بأمجاده وتاريخه، كان لها الدور الإيجابي للاستفادة منها والاستماع إليها. أما إذا استعملت لترسيخ الفساد والانحراف ونشر الرذيلة والانحلال كان لها الدور السلبي"(20). ونشير هنا إلى البرامج التطبيقية، وبخاصة التي أُعدت للأطفال مسبقا، ويقوم المستخدم أو الطفل أو ذووه بشرائها أو الحصـول عليها بطريقة ما، مثل برامج الألعاب، والبرامج الترفيهية والتعليمية والتثقيفية، التي تعكس في النهاية صورة الثقافة الجديدة، أو الأدب الجديد ـ بالمفهوم الواسع(21) ـ الذي يقدم لأطفالنا مع مطلع القرن الواحد والعشرين، حيث بدأت بعض الشركات في الدول العربية تسوِّق لإنتاجها الجديد الذي يُقدم على أسطوانات ليزر C.D، أو من خلال مواقعها على شبكة الإنترنت. وعلى هذا الأساس قامت بعض الشركات بإعادة إنتاج بعض حكايات كليلة ودمنة على أسطوانات ليزر محرَّكة باستخدام الوسائط المتعددة من صوت وموسيقى وأغنية وجرافيك وكارتون وإحالات كثيرة داخل النص، وداخل الأسطوانة نفسها .. إلى آخر تقنيات تصنيع ال سي دي روم. ومثال على ذلك حكاية القرد والغيلم (الغليم: ذكر السلحفاة). ليس هدف هذه المحاضرة ـ بطبيعة الحال ـ تعليم المرء كيف يستخدم الحاسب الآلي، أو كيف يتعامل مع شبكة الإنترنت، فهناك معاهد متخصصة وكتب كثيرة في هذا المجال، وإنما هدفنا هو البحث في كيفية انعكاس استخدام هذا الحاسب أو تلك الشبكة (باعتبارها ممثلا لأرقى أنواع التكنولوجيا المستخدمة على نطاق جماهيري واسع) على ثقافة أطفالنا وأدبهم الجديد من خلال ما أسميناه بتكنولوجيا ثقافة الأطفال أو تكنولوجيا أدب الأطفال، أو الثقافة الإلكترونية. ونشير فقط إلى إن معرفة الحاسب وإجادة التعامل معه أصبح ضرورة عصرية ملحة، مثله في ذلك كمثل ضـرورة تعلم القراءة والكتابة، أو ـ كما يقول د. المغيرة ـ "مثل ضرورة تعلم المهارات الأساسية في الرياضيات، على سبيل المثال"(22). فإذا عرف المرء كيفية التعامل مع الحاسب الآلي، لأصبح بذلك مهيئا للتفاعل مع الثقافة التي يطرحها هذا الكائن. وكون المرء يتفاعل مع هذا النوع من الثقافة لا يعني قبول كل ما تجيء به، وإنما نقصد بالتفاعل هنا بداية الحوار مع ما يجيء به الحاسب، وما تفيضُ به الشبكات من معلومات، من شتى صنوف العلم والمعرفة والأدب والثقافة، أما كوني أقبل ما جاءت به الشبكة، أو لا أقبله، فهذا يتوقف على عوامل أخرى كثيرة من أهمها الأرضية الثقافية التي أقف عليها قبل دخولي إلى عالم الحاسب الآلي وشبكة المعلومات. ونحن حينما نتحدث عن هذا الشكل الثقافي الجديد، أو هذا الكائن الثقافي الحديث، فإنما نتحدث عن المستقبل القريب لمجتمعنا العربي، وهو يقف على أولى عتبات القرن الحادي والعشرين، ومستقبل الطفولة والأطفال في هذا المجتمع الذي نأمل له كل الخـير والتقدم والازدهار، في ظل طفولة، سوف تحكم هذا الوطن العربي الكبير عندما تكبر في العقود القليلة القادمة. فالأطفال والشباب هم أكثر الفئات العمرية استجابة للتغير الاجتماعي والثقافي والفني، ومن ثم فهم صـانعو التطور والتغيير في المستقبل القريب. وإذا كان الاعتقاد السائد أن الثقافة تمرُّ من الكبار إلى الصغار دوما، فإن ذكاء الحر يتساءل: "ألا نرى أن الصغار، خصـوصا في ظروف الانتقال من مرحلة إلى مرحلة، وما يترتب عليها من تغيير في أساليب الحياة والمعاش، أقدر على استيعاب هذا التغير، وملاحظته واحتضانه ؟ ألا نرى أنه في عصـرنا، عصر الثورة العلمية والتكنولوجية الوافدة إلينا، أن بإمكان الصغار نقل معارفهم ومعلوماتهم إلى الكبار، وبمقدورهم أن يشرحوا مسائل تتعلق بالمنجزات العلمية والآلات الحديثة، بحيوية وقدرة أكبر ممن هم أكبر سنا في بعض الأحيان ؟"(23). خاصة أن الأطفال والشباب حاليا، يعرفون عن الكمبيوتر والإنترنت، أكثر من الكبار الذين لم يدخلوا عصر المعلومات، أو لم يشعروا برذاذ الموجة الثالثة وتبعاتها المعرفية(24). الثقافة الإلكترونية والثقافة العلمية * تعريف الثقافة الإلكترونية: الثقافة الإلكترونية، هي الثقافة الوافدة علينا من خلال ما يُعرف بعصر الموجة الثالثة (25) الذي يعيشه الإنسان حاليا، وهو العصر المعلوماتي الذي رافقته ثورتان تكنولوجيتان هما: ثورة الاتصالات، وثورة في تقنية المعلومات من خلال الأجهزة الإلكترونية المختلفة، سواء كانت هذه الأجهزة حاسبات آلية، أو أجهزة أتاري، أو أجهزة فيديو، أو أجهزة إذاعية وتلفزيونية تستقبل الإرسال المحلي، أو تستقبل محطات الأقمار الصناعية التي تبث عروض القنوات الفضائية المختلفة والمنتشرة في شتى بقاع العالم الآن. وسيكون حديثنا ـ في هذه الجزئية ـ منصبًّا على الثقافة الإلكترونية الوافدة من خلال الحاسب الآلي بما فيها شبكة الإنترنت التي لا يستطيع المرء الوصول إليها ـ حتى الآن ـ بدون هذا الجهاز. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل إشاعة أدبيات الثقافة الإلكترونية بين أطفالنا، يؤدي إلى إشاعة نمط التفكير العلمي بينهم، "حيث الحكم على المسائل والظواهر والمشكلات بوعي شامل استنادا إلى ضوابط معينة" كما يذهب إلى ذلك الهيتي، الذي يعلق قائلا "فما دمنا نريد لأطفالنا أن يحلوا المسائل المتعلقة بحياتهم والمشكلات التي يواجهونها، ويفسـروا الظواهر تفسيرا صحيحا، فإن هذا يعني أننا نريد لهم أن يفكروا بطريقة علمية"(26). فهل تعاملهم المستمر مع أجهزة الحاسب الآلي الذي هو مبنيٌّ في الأصل، ومُصممٌ، على خطوات علمية منطقية محسوبة بدقة متناهية، سيؤدي إلى إشاعة هذا النمط من التفكير، أو على الأقل يعلمهم كيف يفكرون، تفكيرا غير جزافي، قائما على خطوات يعتمد بعضها على البعض الآخر، ويا حبذا لو كان هذا التفكير هادفا، ودقيقا، ومرنا، وبعيدا عن الجمود، وغير قائم على التعصب، وواقعيا، أي لا يعتمد على الخيال المريض في فهم الأشياء والتعامل معها؟. يقول د. طالب عمران: "في عصر العلم الذي نعيشه يتحتَّم أن يوجَه الطفل للتعلُّم الجاد المنتج عن طريق العناية بتثقيفه العلمي، وشحن تصوراته، وأفكاره بقصص تتحدث عن إنجازات العلم الباهرة ومستقبلها المضيء …"(27). فهل الثقافة العلمية التي يريدها الباحث لأطفالنا، هي الثقافة الإلكترونية ؟ لكي نصل إلى إجابة مقنعة يجب أوَّلا تعريف الثقافة العلمية، ثم نقارن بينها وبين الثقافة الإلكترونية بمفهومها السابق. الثقافة العلمية أو الثقافة التكنولوجية في أبسط تعريف لها هي ربط العلوم النظرية التي يقوم الطفل بدراستها أو معرفتها عن طريق القنوات والوسائط المختلفة، بالتطبيق. وعن طريق ذلك يتم تثقيف الطفل علميًّا أو تكنولوجيا بشكل صحيح. ونتفق مع د. نبيل على في أن "الثقافة العلمية أصبحت من المطالب الأساسية للحياة في عصر المعلومات واقتصاد المعرفة"(28). أما القنوات التي من الممكن أن تصل من خلالها الثقافة العلمية أو التكنولوجية للطفل، فهي: البيت، والمدرسة، ووسائل الإعلام المختلفة من صحافة علميَّة ومذياع وتلفزيون يقدِّمان برامج علمية مبسطة، وأفلام فيديو، وسينما الأطفال، وأدب الخيال العلمي، وبرامج الحاسب الآلي ... الخ. ويمكن أن يتم التثقيف العلمي أو التكنولوجي للطفل بشكل جيد إذا روعيت معطيات الكتابة العلمية، أي الأرضية العلمية التي يمكن أن يعتمدها الكاتب في إيصال العلم للطفل. فإذا كنا نريد لأطفالنا وهم يقفون على بوابة القرن الحادي والعشرين "أن يقرأوا ويعرفوا عن مشكلات الكون، وأن يعرفوا عن طبقة الأوزون المتآكلة التي ربما ستتسبب في انعدام الحياة على الكرة الأرضية، والتكاثر السكاني، وكيفية التعامل مع المشكلات الاجتماعية، والصراع بين الحق والباطل وبين الخير والشر، والعالم بعد النفط، وعن التصحر، والغذاء، والأمراض، والتلوث، والحاسوب، والإنسان الآلي، والذكاء الاصطناعي، وبنوك وشبكات المعلومات ... الخ"(29) فإن ذلك يجب أن يتم بطريقة عملية، يتبع فيها طرائق التفكير العلمي المختلفة. وأطفالنا لديهم الاستعداد الكبير لذلك، ولديهم شغف كبير بقراءة الكتب العلمية، وخاصة خارج المقرر الدراسي. وقد لاحظتْ منيرة القهوجي من خلال سجلات مكتبة إحدى مدارس الإناث التي تضم 000, 8 كتاب أن نسبة استعارة الكتب العلمية والبالغة 240 كتابا بلغت 100%(30). ولعل السبب في ذلك يرجع ـ كما يرى فاروق سلوم ـ إلى "أن تقريب مسافات الوعي بالمكان والزمان، قد لعب دورا كبيرا في تطوير الوعي بالعلم عند الأطفال العرب" ويضيف سلوم قائلا: "لاشك أن المستقبل يحمل الكثير من خلال تطور الجهد العلمي العربـي المأمول، ولقد تطور التفكير العلمي لدى الطفل العربي من خلال تطوير مناهج التعليم والحث على الاكتشاف وتكريس الاحتمالات والتوقع وإدراك المشكلات واقتراح الحلول أو الافتراض، وبناء النموذج الرياضي، والاهتمام بالتنظيم العلمي والحاسب الإلكتروني، والبرمجة، والاهتمام بالتكنولوجيا الحديثة، وقد اقترن كل هذا بالعمل نحو إنماء التفكير العلمي لدى الأطفال"(31). أدب الخيال العلمي والثقافة العلمية لها أدبها الذي أُطلق عليه أدب الخيال العلمي الذي عرَّفه د. عماد زكي بقوله: "هو قصص أو أساطير انطلقت من وقائع ومعطيات علمية محددة لتعبر عن طموح الإنسان في تحقيق المزيد من الاكتشافات والإنجازات"(32) بينما تعرف د. فالنتينا إيفاشيفا أدب الخيال العملي بأنه: "صـورة من الأدب الإمتاعي بغض النظر عن درجة المعرفة العلمية التي قد يكون الخيال العلمي قائما عليها"(33). وتضيف أن الغالبية الساحقة من كتابة الخيال العلمي تتناول التنبؤات العلمية والمجتمعات المثالية utopias في صور خيالية(34). وبذلك يرتبط الخيال العلمي ارتباطا وثيقا بالتطـور العلمي والتكنولوجي المطرد. ويرى العربي بنجلون "أن مصطلحي أدب وثقافة، يندمجان تماما، ويدل كل منهما على الآخر، وإن كانت دلالة الأول ضيقة، ودلالة الثاني عميقة وشاملة. لكن سواء عملنا بالمصطلح الأول أو الثاني، فإن الكتابة للطفل ترتكز على لبنات علمية، وتربوية، وفنية، لا تنسج خيوطها الفكرية والثقافية من دونها"(35). إذن هناك صلة بين الثقافة العلمية لأبنائنا ـ التي يُعدُّ أدب الخيال العلمي تجسيدا لها، أو هو على الأقل جزء من ثقافتهم المعاصرة ـ والثقافة الإلكترونية، ومن الملاحظ أن هذا الأدب انتشر في عصـر المعلومات وانفجار المعرفة، وتكاثر الأسئلة الغامضة حول مستقبل الإنسان، والآفاق القادمة التي يمكن أن يصل إليها، وعلى ذلك يلاحظ "أن الفجوة بين الخيال العلمي والألوان الأدبية الأخرى آخذة في الانكماش"(36). ويمكننا القول إنه إذا كانت الثقافة العلمية تهتم بمضمون الرسالة العلمية التي تحملها لأبنائنا، فإنه يمكن للثقافة الإلكترونية أن تكون هي الشكل الذي يحمل هذا المضمون. وعلى ذلك فهما وجهان لعملة واحدة هي ثقافة أطفالنا المعاصرة وأدبهم، أو ثقافة أطفالنا التي سيعبرون بها إلى العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين وأدبهم الجديد، دون أدنى إخلال بقيمنا ومبادئنا وأصالتنا العربية الإسلامية. إننا بذلك ننظر إلى مستقبل ملايين الأطفال العرب (الذين يشكلون أكثر من نصف عدد السكان، وإن شئنا الدقة فإن "ما يقرب من 45 % من سكان الأوطان العربية أقل من 14 سنة"(37)) والذين يتهيأون لعبور السنوات العشر الأولى من القرن الحادي والعشرين، "والحديث عن هذه السنوات هو الحديث عن عصر الكمبيوتر والرجل الآلي والذكاء الاصطناعي وبنوك المعلومات، وهو الحديث عن هندسة الوراثة واستنساخ البروتينات، ومغامرة الإنسان المثيرة لاقتحام الخلية والتلاعب بشفرتها الوراثية الدقيقة، في محاولة للتحكم بصفات الكائنات الجديدة، واصطفاء أحسن ما فيها، وهو الحديث عن حرب الكواكب واسـتعمار الفضاء والأقمار الصناعية التي تجوب الكون من أقصاه إلى أقصاه"(38). وهو الحديث عن العولمة وتطبيقاتها التي اتضحت بشكل سافر بعد الحرب الأنجلو أمريكية على العراق. حيث يريد أعداء الأمة العربية "تشكيل الثقافة على مزاجهم، عن طريق تدمير كل الثقافات الأصيلة الموروثة، عن طريق تغييب الوعي، وتبديل طرق الحياة. وقد شاهدنا الآثار والمتاحف التي تم تدميرها والمخطوطات التي أُحرقت بالكامل أثناء الحرب على العراق. بل سنشاهد تغييرا جذريا في الأفكار المستمدة من الدين، ومن واللغة، ومن أفكار القومية العربية. وسيبدأون من الطفل ومن مناهج التعليم التي سيبدأون على الفور في تغييرها. ذلك أن أفكار الدين ـ من وجهة نظرهم ـ هي المسئولة عن أحداث 11 سبتمبر 2001. والقومية العربية تعادي إسرائيل"(39). ومن هنا يرى أحمد عمر أن عقول الأطفال العرب في خطر حقيقي، إن لم ننتبه وندرس وننفذ مخططا قوميا يهدف إلى حماية عقل الطفل العربي من الغزو، وتسليحه بثقافة عربية إسلامية(40). ويشير سامح كريم إلى استبيان وزعته مجلة علاء الدين على الأطفال قراء المجلة، وأسفر هذا الاستبيان عن أن الأطفال "يريدون دروسا في الكمبيوتر، وأنهم يريدون أن يعرفوا كل الجديد في هذا العالم، وأنهم قد تخلصوا تماما من عقدة حواديت جدتي عن أمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة التي كانت في الماضي تثير خيالنا نحن الكبار، وقالوا إنهم يريدون أن يفهموا دينهم على الوجه الصحيح بعيدا عن التزمت والتعقيد، والتهويل أو التهوين"(41). وبذلك يتضح مدى العلاقة الوثيقة بين الثقافة العلمية، وما أسميناه بالثقافة الإلكترونية. وكلاهما يجب أن يُدرس بشكل جيد قبل أن يُقدَّم للطفل سواء في البيت أو المدرسة. "فتنمية المواهب العلمية بدءا من البيت، فالمدرسة، فالمؤسسات المسؤولة عن الطفل، قد تفتح آفاقا أمام أجيالنا المقبلة في مستقبلٍ لغتُه الأساسية والوحيدة أحيانا .. ما تملك هذه الأجيال من علم وتقنيات ووسائل متطـورة"(42). وعلى ذلك فإن الميول العلمية التي نحاول أن نغرسها اليوم في أطفالنا، تجعلهم في المستقبل يعتمدون على العلم، وربما يبدعون في مجالاته. ولعل من أهم العوامل التي تستطيع غرس حب العلم في نفوسهم، جهاز الحاسب الآلي، الذي يتعاملون معه حاليا، ويتفاعلون مع أدائه المبهر في اكتسابهم لثقافتهم الإلكترونية. وأراني أتفق مع د. عماد زكي في قوله "ليس هناك شك في أن تعميق الثقافة العلمية وتحريض التفكير العلمي وتشجيع الخيال العلمي لدى أطفالنا، أصبح مهمة عاجلة ومقدسة لا يجوز التواني عنها أو تأجيلها، لأن ذلك يعد خيانة لمستقبل الأجيال القادمة"(43). أدب الخيال العلمي ومستقبل الأجيال القادمة ومما يجعل الإنسان مطمئنا إلى حد ما إلى مستقبل الأجيال القادمة، أن طفل اليوم بدأ يعشق برامج ومسلسلات وأدب الخيال العلمي، فمن خلال تحليل نتائج الدراسة الميدانية التي قامت بها وفاء نجيب القسوس لاتجاهات الأطفال وذويهم نحو برامج ومسلسلات الخيال العلمي التي يقدِّمها التلفزيون الأردني، "تبين أن الأطفال بشكل عام يفضلون مسلسلات وبرامج الخيال العلمي أكثر من برامج عالم البحار أو الحيوان، أو افتح يا سمسم أو المناهل، فمسلسلات وبرامج الخيال العلمي لا تزال تحظى بشعبية كبيرة بينهم"(44). وعلينا إذن أن نستثمر هذا الجانب وهذه الرغـبة في أطفالنا ونقدم لهم ما يناسبهم وما يناسب مجتمعهم وما نتطلع إليه نحو رجل الغد، وألا يكون اعتمادهم في هذا الجانب على ما تقدمه البرامج المستوردة التي تحوي كمية لا بأس بها من العنف والقتل والدمار. القصص العلمية وقصص الخيال العلمي وفي هذا الصدد يجب أن نفرق بين القصص العلمية، وقصص الخيال العلمي، فالقصص العلمية ـ حسب تعريف عبد البديع قمحاوي ـ "قد تكون قصصا وصفية، تتتبَّع أبحاث العلماء، وجـهود العلماء والمخترعين والمبتكرين، وقصص مخترعاتهم ومبتكراتهم، وما لاقته هذه المخترعات من قبول أو رفض، وما كان لها من تأثير في حياة الناس. أما قصص الخيال العلمي فهي تقوم على خيال ـ ليس بالخيال المحض ـ ولكنه خيال مدعم بنظريات علمية قد تكون سائدة في عصر الكاتب أو المؤلف، أو تكون هذه النظريات العلمية غير منتشرة في عصـره، ولكنها معروفة لدى مؤلِّف هذه القصص. وليس من الضروري أن يكون مؤلِّف قصص الخيال العلمي من العلماء، ولكن هو مؤلف يتميز بالخيال المقنن الذي يستطيع أن يجعله يجسِّد عالما خياليا، لكن يمكن أن يعايشه القارئ ويتطلع إليه"(45). ولعلَّ من أهم وظائف أدب الخيال العلمي، تهيئة العقل الإنساني لتقبل العلوم المستقبلية، وفي هذا المجال نتذكر مقولة العالم أنشتاين التي دائما ما يسـتشهد بها الكتَّاب والباحثون في أدب الخيال العلمي: "لقد تعلمت من الأديب الروسي دوستوفسكي في مجال الرياضيات أكثر مما تعلمته من نيوتن". وأراني أستعيد مقولة الباحثة فالنتينا إيفاشيفا: "الربط بين الخيال العلمي والثورة التكنولوجية في منتصف القرن العشرين أمر لا يختلف فيه اثنان. والطفرة التي لم يسبق لها مثيل في العلم والتكنولوجيا لم تعجز عن أن تنعكس في الأدب. وقد أحس الكتَّاب في كافة أرجاء المعمورة بالحاجة إلى تناول هذا التطور التكنولوجي في مؤلفاتهم والتنبؤ له"(46). ويذهب د. محمد المنسي قنديل إلى "أن تبسيط العلوم أو رواية القصص حول الحقائق العلمية أصبح أمرا في غاية الجدية والخطورة"(47). لقد ظهرت في السنوات الأخيرة أشكال ثقافية وتربوية جديدة تساير التطور التكنولوجي الكبير في مجال الكمبيوتر والإنترنت، ومن هذه الأشكال: الألعاب الإلكترونية، صحافة الأطفال الإلكترونية، كتب الأطفال ومكتباتهم الإلكترونية، التعليم عن طريق السي دي روم والإنترنت، مقاهي الإنترنت، المسابقات الثقافية عن طريق الإنترنت، وما إلى ذلك. وفيما يتعلق بالألعاب الإلكترونية ـ وهي أكثر الأشكال الإلكترونية جذبا للأطفال ـ فقد ظهر في الأسواق العربية العديد من المجلات الخاصة بألعاب الكمبيوتر، مثل: ألعاب الكمبيوتر، وملاعب الكمبيوتر، وغيرهما. وكل هذه المجلات عبارة عن ترجمة حرفية لما ينشر في المجلات الأجنبية، بل إن مجلة ملاعب الكمبيوتر ـ على سبيل المثال ـ تعلن في ترويستها صراحة "أن جميع المقالات مترجمة ومعاد إنتاجها من مجلة غايم ماستر التي تحتفظ بحقوق النشر لمؤسسة فيوتشر بابلشنغ لمتد ــ انكلترا 1997". وعندما نتوغل داخل المجلة نفاجأ أثناء شرح بعض اللعب الإلكترونية بمعجم لفظي تتكون كلماته من: الرعب، القتل، الصـراخ، الشجار، إطلاق النار على الأصدقاء، فقاعات الدم شـيءٌ مسلٍّ وممتع، الجنون، الموت ... الخ، ناهيك عن الأخطاء اللغوية المتفشية في كل فقرة من فقرات المجلة. في شرح إحدى اللعب نقرأ الجملة التالية: "إن إطلاق النار على أصدقائك وإردائهم في برك من فقاعات الدم (مسلي) جدا، ويضيف حقا إلى الاستمتاع بلعبة أحادية جيدة"(48). ألا تذكرنا عبارة "إطلاق النار على أصدقائك" بالعبارة التي شاعت في الحرب على العراق، وهي "نيران صديقة"، لقد كان الجندي الأمريكي يُقتل بنيران الجندي الإنجليزي، أو العكس، ثم تظهر الأخبار بأن القتل كان عن طريق (نيران صديقة). حقا لقد نفذ جنود قوات التحالف الشباب، وصية هذه المجلة، ويبدو أنهم كانوا يتسلون بإطلاق النار على أصدقائهم وإردائهم في برك من فقاعات الدم، كما تقول المجلة أو اللعبة الإلكترونية، وهذا شيء مسل جدا. أيضا تقول المجلة: كن مستعدا لكل طارئ وتمرس جيدا بقيادتك، بعدئذ تصبح المسألة ببساطة هي الخروج إلى المعمعة وتفجير ما استطعت من الغرباء ..."(49). و.. يمكننا الآن القتل من أجل نجاة الكوكب في الوقت الحقيقي"(50). و.. "قد يكون سفك الدماء بدون تمييز ممتعا. و.. "مت بعنف مع انتقام"(51). وبالإضافة إلى هذه العبارات التي تملأ المجلة من أوَّلها إلى آخرها توجد عشرات الصور الملونة التي تشرح اللعب والكلمات السابقة. وأعتقد أن الأمر لا يحتاج إلى تعليق على ما رأيناه في السطور السابقة. كيف نحمي أطفالنا من مخاطر الحاسوب ؟ السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الذي يمكن أن تجلبه الثقافة الإلكترونية، وثقافة الإنترنت من خطورة على أبنائنا؟ تكمن الإجابة في هذا المثال الذي نشرته إحدى الصحف اليومية تحت عنوان ("الإنترنت" تشجع المراهقين على لعب الميسر بالبطاقات الإئتمانية عبر الشبكة). تقول تفاصيل الخبر الواردة من واشنطن: يتعين على الآباء والأمهات القلقين على مستقبل فلذات أكبادهم مراقبة أبنائهم وبناتهم على شـبكة "الإنترنت" لأنهم قادرون على الوصول إلى مواقع أنواع المشكلات كافة التي ينطوي عليها هذا العنكبوت الحاسوبي. وتوجد في هذه الشبكة مواقع تتيح لأي شخص الوصول إلى مواد إباحية، فيما يوشك لعب الميسر على "الإنترنت" على الانفجار، كما تشـير إليه الجهات المعنية. ويمكن لأي شخص لديه حاسب آلي موصل بشبكة "الإنترنت" ممارسة مختلف أنواع الميسر بأموال فعلية من منازلهم. ويضيف الخبر أن هذه التقنية تتميز بكونها متقدمة جدا لدرجة أن المغامرين يمارسون لعب الميسر، وكأنهم في الأندية التي تمارس فيها مثل هذه المحرمات، وهم يشاهدون ويسمعون منافسيهم على الشاشات الحاسـوبية. وتوجد أندية الميسر المرتبطة بشبكة "الإنترنت" في أماكن مثل موناكو وسنغافورة وجزيرة انتيغو الكاريبية. ويتم رصد أي أرباح أو خسائر من جراء لعب الميسر عبر "الإنترنت" مباشرة في البطاقات الإئتمانية للمغامرين، لذلك فإن أي صبي لديه إلمام بتشغيل الحاسوب يمكن أن يختلس البطاقة الائتمانية لوالده أو والدته، ثم ينهمك في لعب الميسـر، وكأنه في أحد أندية الميسر. ويمضي الخبر قائلا: وتخشى السلطات المعنية القلقة من انتشار موجة الميسر الحاسوبي على نطاق واسع خلال السنوات القليلة القادمة. ولوضع حد لهذه الظاهرة بدأ بعض رجال القانون في اتخاذ الإجراءات اللازمة، حيث قدَّم أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي مشروع قانون لمجلس الشيوخ مطالبا بحظر لعب الميسر على "الإنترنت"، وذلك في ظل الاحتمالات الكبيرة لإقدام الصغار على استغلال الأجهزة الحاسوبية في ممارسة الميسر. ويعلن عضو الكونجرس أن مشروع القانون الذي تقدم به سوف يحمي الأطفال من استغلال أجهزة الحاسوب العائلية واختلاس البطاقات الائتمانية لممارسة الميسر أثناء وجود آبائهم وأمهاتهم في مواقع أعمالهم(52). ومن مظاهر الخطورة على الأطفال المتعاملين مع الشبكة، أن غالبية الشاذين والمختلين عقليا والمجرمين ـ كما يقول عمران البني ـ لن يستعملوا الأسلوب القديم، وهو ذرف الدموع والاستعطاف أو المال لكي يطبقوا على ضحاياهم من الأطفال، ولكنهم بدءوا يستخدمون السحر الخفي لشبكة الإنترنت، وتعلُّق الأطفال بها لمصادقتهم على الرغم من وجود هؤلاء الأطفال آمنين في منازلهم. ومع مرور الوقت يشعر الأطفال شيئا فشيئا بالاطمئنان والثقة نحو من يكلمه على الطرف الآخر. وتعتبر هذه الظاهرة لدى المختصين في الجرائم ظاهرة عالمية وواسعة الانتشار مع انتشار شبكة الإنترنت، ولا يمكن الحد منها إلا بواسطة الوعي وتثقيف الطفل وتعريفه بالأضرار التي يمكن أن تواجهه عند سوء استخدامه لشبكة الإنترنت. ثم يعلق البني قائلا: "هذه المؤشرات لا تعني بالضرورة إطفاء جهاز الكمبيوتر أو التخلص منه، ولكن تفشي هذه الظاهرة نتج عن عدم أخذ الحيطة والحذر منها، والتثقيف الصحيح للأطفال. فمنع الأطفال من استعمال الكمبيوتر هو كمنعهم للذهاب إلى الدراسة، فالكمبيوتر أصبح عنصرا أساسيا وضروريا في حياتنا"(53). ولنفترض في أبنائنا العرب حُسن النية، وعدم اللجوء إلى مثل هذه الطرق في إبحارهم عبر الشبكة، وأثناء جلوسهم إلى جهازهم الحاسوبي، وأنهم مثاليون في استغلالهم لإمكانات الجهاز، ثم نتساءل: ما الذي يمكن أن يحدث لطفل يجلس بالساعات الطويلة أمام جهاز الحاسب الآلي ؟ لن نتحدث عن الأضرار الصحية (مثل الإجهاد الناشئ عن التشبع الزائد بالمعلومات الذي قد يؤدي إلى بعض الحالات الفسيولوجية المرضية، وغيرها) فالأطباء من الممكن أن يجيبوا بطريقة أفضل منا على ذلك، من جراء الاستخدام الطويل لـ: الفأرة، ولوحة الكتابة، والنظر طويلا إلى الشاشة، فضلا عن عملية الجلوس نفسها على المقعد، وما إلى ذلك. ولكن المشكلة في طفل اليوم هي أن ألعابه وأدبه المبثوث عبر أجهزة الحاسب الآلي أو شبكة المعلومات أو الأتاري أو البلاي استيشن، تزرع فيه الفردية والعزلة والتقوقع، "وربما أعراضا أخرى مشابهة لإدمان الكحول أو المخدرات"(54) حيث يمارسـها في المنزل، وبمفرده في أغلب الأحيان. فمن الممكن أن يجلس الطفل لأكثر من ست ساعات في اليوم الواحد ـ وبخاصة أثناء العطلات المدرسية ـ أمام جهاز التلفزيون الذي يعرض له ألعاب الأتاري، أو جهاز الكمبيوتر المخزَّنة بداخله الألعاب المختلفة، أو الدخول إلى أحد مواقع الألعاب على شبكة الإنترنت. إنه في أفضل الحالات من الممكن أن يستضيف لاعبا أو اثنين يشتركان معه فيما يوصف بالألعاب الإلكترونية الجماعية (مثل لعبة التنس، والشطرنج الإلكتروني، واختبر معلوماتك ... الخ) وذلك على عكس ما كنا نلعب ونحن صغار في مجموعات كبيرة وفي فضاء أرحب من فضاء المنزل. على ضوء هذا يجب على صانعي أدب وثقافة الأطفال الإلكترونية التفكير في الشكل الملائم لطبيعة الطفل الجديد الذي يجيد التعامل مع الحاسبات الشخصية، ويستوعب طريقة تشغيلها بسرعة مذهلة، وبصورة أفضل بكثير من الكبار، وبطريقة تدعو إلى التأمل في القدرات الذهنية والعقلية والإدراكية التي يتمتع بها طفل العصر الحديث. إذن لم يعد أمر ثقافة الأطفال مقصورًا على طريقة صنع الكتاب بشكل يجذب إليه الطفل، فيفرح به ويبدأ في تصفحه، واستيعاب المضمون المطروح بداخله. ولم يعد الأمر كذلك مقصـورًا على اختيار النص الشعري المناسب للطفل في مراحل عمره المختلفة. أيضا لم يعد الأمر مقصورًا على اختيار الحكاية أو القصة المناسبة للطفل سواء المصوَّرة أو غير المصوَّرة، الملوَّنة أو غير الملوَّنة. ولم يعد الأمر مقصورًا كذلك على مناقشة تقديم ما هو غير ناطق من حيوان أو طير بطريقة ناطقة، أفيد أو أنفع للطفل أم الابتعاد عن هذه الطريقة لأنها تتنافى والحقيقة. لم تعد هذه المسائل الآن من الأمور الحيوية والمهمة في مجال ثقافة الأطفال وأدبهم. لقد جلب التطور التكنولوجي والإلكتروني معه أشكالا وأفكارا ومشاكل جديدة لأطفالنا، وينبغي على صانعي ثقافتهم الجديدة استيعابها أوَّلا ثم طرح مضامين جديدة تناسب هذه الأشكال. إن طفل الإنترنت يجلس إلى جهازه، ويستقبل من أقرانه يوميا عشرات الرسائل والأفكار والمعلومات والألعاب التي يقومون بتصميمها أو ابتكارها، أو تُصمم لهم، ويرسل لهم بدوره ما يشابه ذلك، و هنا يحدث نوع من تلاقح الأفكار والمعلومات عبر الشبكة، بحسب قدراتهم الذهنية والعقلية وأيضا التخييلية. ومن هنا تأتي خطورة دخول أطفالنا الشبكة، دون أرضية معرفية وثقافية ودينية يقفون عليها وتحميهم مما قد يصل إليهم من أفكار ومعلومات قد تكون خاطئة أو منافية لأذواقنا وعاداتنا وتقاليدنا وديننا (كما حدث مع الصبية الذين استقوا معلومات عن ما يعرف باسم "عبدة الشيطان" وكما حدث في شبكة إنترنت الكبار، حيث يتم ـ في بعض المواقع ـ إعطاء معلومات خاطئة عن الدين الإسلامي، وعن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم) وقد تكون في معظمها موجهة لخدمة أغراض معينة أو أغراض مشبوهة ومدسوسة على تاريخنا وحضارتنا ولغتنا، بهدف التشويش على عقلية الصغار، وتحويل انتمائهم وولائهم لغير الدين والوطن. سبل الحماية والاطمئنان إذن يجب وجود حماية كافية لأطفالنا من سيول المعرفة الإلكترونية التي ربما تغرقهم معنويًّا وحسيًّا في المستقبل القريب. هنا يأتي دور الآباء والأمهات والمدرسين والمدرسات والمربين والمربيات والأدباء الذين لابد أن يكون لديهم أوَّلا فكرة متكاملة عن التعامل مع أجهزة الحاسب الآلـي الشخصية، ثم مع شبكة الإنترنت العالمية، حتى يكونوا على استعداد للإجابة عن أي سؤال يوجهه إليهم، طفل الإنترنت، وليس من طبيعة الأشياء أن يعرف الطفل أكثر مما يعرف الأب أو الأم أو المدرس أو المدرِّسـة، أو الأديب الذي يوجه أدبه للأطفال، وبخاصة في مجال المعارف العامة التي يجلبها التطور المستمر. وإذا كانت الإنترنت تحمل كل هذه المخاوف على أبنائنا، فإننا من الممكن أن نجعل استخدامهم للشبكة يكون مقصورا فقط على الإنترانت، وليس الإنترنت، حيث الاستخدام الآمن الذي يسعى إليه الآباء وكذلك المدرسون في المدارس، وتتوافر في الإنترانت خيارات عديدة لحماية الطلاب من تداول المواد غير المرغوبة على الإنترنت. فعن طريق الإنترانت تتوافر مواقع كثيرة ذات أهمية تعليمية ذاتية العروض، وذاتية الضبط، يمكن للطلاب أن يعرضوها ويتداولوها مع بعضهم البعض بعيدا عن المواد موضع الشك التي من الممكن إيجادها وتداولها في الإنترنت. كما يمكن عن طريقها أن يصبح الآباء جزءا من مجتمع المدرسة، فعن طريق الكـمبيوتر المنزلي المشترك في خدمة تلك الشبكة، يمكن للآباء مراجعة عمل ومسيرة أولادهم والتعليق عليها، وطرح الأسئلة على المدرسين، ومراجعة الدرجات، وتأمين تغذية راجعة ... الخ، وبهذا تنشأ شراكة أكثر فعالية بين المدرسين والآباء، تكون في مصلحة الأولاد، وتزيد من درجة الاطمئنان على مستواهم الدراسي والخلقي. وهناك بعض البرامج التي تسمح بمراقبة نشاط الجهاز عندما يكون موصولا بشبكة الإنترنت، بحيث تسمح للمستخدم أن يضع المعايير لما هو تصرف مقبول أو غير مقبول أثناء استخدام جهاز الكمبيوتر. أيضا هناك برنامج "مفتش الإنترنت" الذي يراقب ويمنع الوصـول إلى مواقع الإنترنت غير المرغوب فيها. ويعتمد هذا البرنامج على قاعدة معلومات تحتوي على 50.000 اسم لمواقع جنسية أو متطرفة، ومواقع أخرى نظيفة لكنها مضيعة لوقت العمل. كما يستطيع هذا البرنامج منع الاتصـال بالإنترنت بناءً على مجموعة من الاختيارات تتيح التحكم الكامل بهذه المهمة، فيمكن منع الاتصال لمحطة عمل أو أثناء وقت معين من اليوم(55). هذه بعض سبل الحماية والاطمئنان، على أطفالنا أثناء تعاملهم مع شبكة الإنترنت. تلك الشبكة التي تعد من أهم تجليات عصر العلم والتكنولوجيا، حيث استطاعت النفاذ إلى كل مناحي الحياة، بما فيها عالم الطفولة البريء والجميل. أحمد فضل شبلول ـ دبي اشارات ومصادر [1] ثقافة الطفل العربي. جمال أبو رية. القاهرة: دار المعارف، سلسلة كتابك (41)، ص 21 وما بعدها. [2] ثقافة الأطفال.د. هادي نعمان الهيتي. الكويت: سلسلة عالم المعرفة (123)، 1988، ص 24. [3] ثقافة الأطفال. ص 31. [4] السابق. ص105. [5] معجم العلوم الاجتماعية. إعداد نخبة من الأساتذة المتخصصين. تصدير ومراجعة إبراهيم مدكور. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1975، ص 103. [6] ثقافة الطفل العربي. مجموعة من الكتاب. (الطفل العربي ومأزق المستقبل). د. سليمان إبراهيم العسكري. الكويت: كتاب العربي (العدد 50) 2002، ص 8. [7] معجم العلوم الاجتماعية. ص 47. [8] ثقافة الطفل العربي. مجموعة من الكتاب. (ثقافة الطفل المغربي). العربي بنجلون. الكويت: كتاب العربي (العدد 50) 2002 ، ص 137. [9] ثقافة الطفل العربي. مجموعة من الكتاب. (الطفل العربي وتكنولوجيا المعلومات). د. نبيل علي. الكويت: كتاب العربي (العدد 50) 2002، ص 197. [10] نبيل علي. السابق. ص 201. [11] نبيل علي. السابق. ص 218. [12] الفيديو والناس. د. نوال محمد عمر. القاهرة: كتاب الهلال (العدد 471) مارس 1990، ص 14. [13] المدخل إلى التقنيات الحديثة في الاتصال والتعليم. د. مصطفى بن محمد عيسى فلاتة. الرياض: عمادة شؤون المكتبات، جامعة الملك سعود، ط2، 1412ه / 1992، ص285. [14] الحاسب والتعليم. د. عبد الله بن عثمان المغيرة. الرياض: النشر العلمي والمطابع، جامعة الملك سعود، 1418 هـ / 1997، ص 12. [15] انظر: ثقافة الطفل العربي. مجموعة من الكتاب. (مشكلات الكتابة للطفل العربي). د. محمد المنسي قنديل. الكويت: كتاب العربي (العدد 50)، ص 50. [16] المعلوماتيه بعد الإنترنت (طريق المستقبل). بيل جيتس. ت: عبد السلام رضوان. الكويت: عالم المعرفة (231) 1418 هـ / 1998م، ص 8. [17] يعرِّف د. السيد نصر الدين السيد، المعلوماتية بأنها مجموع النظم العلمية المختلفة التي تعني بالدراسة النظرية والتطبيقات العملية لكافة الجوانب الفنية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة باستخدام وتوظيف تكنولوجيا المعلومات، مثل علوم الحاسب، والعلوم الإدراكية. انظر إطلالات على الزمن الآتي. د. السيد نصر الدين السيد. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب (مكتبة الأسرة) 1998، هامش ص 105. [18] الكتاب الإلكتروني يخنق الورق.عبد التواب يوسف. مجلة المعرفة، الرياض: العدد (41) شعبان 1419ه ديسمبر 1998. [19] ثقافتنا في ضوء التاريخ. عبد الله العروي. بيروت: دار التنوير، 1984، ص 145. [20] الناس والفيديو. د. نوال عمر. القاهرة: كتاب الهلال (العدد 471) مارس 1990، ص 106. [21] نعني بالمفهوم الواسع للأدب اشتماله على كل صور تثقيف الطفل، وليس فقط الشعر والقصة القصيرة والمسرحية والرواية. [22] الحاسب والتعليم، ص 133. [23] الطفل العربي وثقافة المجتمع. ذكاء الحر. بيروت: دار الحداثة، 1984، ص 30. [24] انظر: تكنولوجيا أدب الأطفال. أحمد فضل شبلول. الإسكندرية" دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر والتوزيع، 1999، ص 16 وما بعدها. [25] مصطلح "الموجة الثالثة" استخدمه المفكر "ألفن توفلر" في كتاب له بالعنوان نفسه (الموجة الثالثة) وفيه قسم تاريخ الحضارة البشرية إلى ثلاث موجات رئيسية، الموجة الأولى بدأت عندما ارتبط الإنسان بالأرض، وأصبح يعتمد على الزراعة، واستغرقت هذه الموجة آلاف السنين. والموجة الثانية بدأت مع الثورة الصناعية عندما انتقل الإنسان إلى مرحلة التصنيع التي استمرت عدة مئات من السنين. أما الموجة الثالثة فهي التي يخوضها الإنسان حاليا وقد بدأت منذ عدة عقود وهي مرحلة ما بعد التصنيع، أو هي العصر المعلوماتي الذي نعيشه حاليا. [26] ثقافة الأطفال. هادي نعمان الهيتي. الكويت: سلسلة عالم المعرفة (123) 1988، ص 94. [27] أدب الطفل العربي. مجموعة أبحاث. عمَّان: منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب (د.ت). [28] ثقافة الطفل العربي. مجموعة من الكتاب. (الطفل العربي وتكنولوجيا المعلومات). د. نبيل علي. الكويت: كتاب العربي (العدد 50) 2202، ص 223. [29] أدب الطفل العربي. مجموعة أبحاث. عمان: منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب (د.ت) ص ص 31، 32. [30] السابق. ص 73. [31] السابق. ص 79. [32] السابق. ص 104. [33] الثورة التكنولوجية والأدب. فالنتينا إيفاشيفا. ت: عبد الحميد سليم. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1985، ص 42. [34] السابق. الصفحة نفسها. [35] ثقافة الطفل العربي. مجموعة من الكتاب. (ثقافة الطفل المغربي). العربي بنجلون. الكويت: كتاب العربي (العدد 50) 2002، ص 137. [36] الثورة التكنولوجية والأدب. فالنتينا إيفاشيفا. ص 204. [37] ثقافة الطفل العربي. مجموعة من الكتاب. (الطفل العربي وتكنولوجيا المعلومات). نبيل علي. الكويت: كتاب العربي (العدد 50) 2002، ص 197. [38] أدب الأطفال في الأردن واقع وتطلعات. بحث "أدب الأطفال والعام ألفين". د. عماد زكي. عمان: وزارة الثقافة الأردنية، ومؤسسة نور الحسين، 1989. [39] انظر:. (اليانكي يكتب تاريخا جديدا لأطفال العراق). القاهرة: أخبار الأدب (العدد 511). ص 5. [40] ثقافة الطفل العربي. مجموعة من الكتاب. ("ماجد" رحلة عمرها 24 سنة). أحمد عمر. الكويت: كتاب العربي (العدد 50)، 2002، ص 176. [41] ثقافة الطفل العربي. مجموعة من الكتاب. (مجلات الأطفال وتنمية الميول للقراءة). سامح كريم. الكويت: كتاب العربي (العدد 50). ص 100. [42] أدب الطفل العربي. د. طالب عمران. ص 62. [43] السابق. ص 130. [44] أدب الطفل العربي. ص 147. [45] أدب الطفل العربي. ص 188. [46] الثورة التكنولوجية والأدب. ص 35. [47] ثقافة الطفل العربي. مجموعة من الكتاب. (مشكلات الكتابة للطفل العربي). د. محمد المنسي قنديل. الكويت: كتاب العربي (العدد 50)، ص 51. [48] مجلة ملاعب الكمبيوتر. بيروت: سبتمبر / أكتوبر 1997، ص6. [49] السابق. ص 12. [50] السابق. ص 13. [51] السابق. ص 74. [52] انظر: جريدة الرياض. الرياض:10/3/1418 ه (14/7/1997م). [53] آفاق الإنترنت. الكويت: ع2 ص69. [54] انظر: مقال "هل الإنترنت إدمان؟". آفاق الإنترنت. ع 3، ص 49. [55] عربيوتر. ع 85 أكتوبر 1997، ص 9.  
     

    كلمات مفتاحية  :
    تربيه الطفل

    تعليقات الزوار ()