بتـــــاريخ : 10/6/2009 11:44:34 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1383 0


    العداوة بين المسيحيين النصارى في القرآن - محاكم التفتيش

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : www.55a.net

    كلمات مفتاحية  :

    العداوة بين المسيحيين النصارى في القرآن - محاكم التفتيش
     
     
     
     (1)  قال الله تبارك وتعالـى : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيـمٍ) (مريـم:37).
     
     (2)  قال تبارك وتعالى : (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة:14) .
     
     التفـسـيـر :
     
     تبين الآية الأولى أن المسيحيين انقسموا أحزاباً . بعض هذه الأحزاب على حق وبعضها الآخر على ضلال .
     
     
    و تبين الآية الثانية شيئين :
     
     
    أولهما :أن فريقاً من المسيحيين قد نسي كثيراً من تعاليم دينهم مما كان سبباً في أن أصبح بعضهم لبعض عدواً .
     
     
    و ثانيها :أن هذه العداوة لن تزول ولكنها ستستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
     
     
    تطابق الحقائق :
     
    ولكي ترى عظمة هاتين الآيتين في مجال حقائق التاريخ يجب علينا أن نتتبع  سيرة المسيحية من بدء ظهورها حتى الآن وسنجد حينئذ أن هذا التاريخ لم يحِد يوماً عن منطوق هاتين الآيتين بل سار على نهجهما وتَرَسَم خطاهما فقد بدأت النصرانية في فلسطين واحتكت أول الأمر باليهودية التي اضطهدت دعاتها فرحل بعضهم إلى الإسكندرية ورحل آخرون إلى روما ؟
     
     
    وقد أخذت المسيحية تنتشر في الإمبراطورية الرومانية انتشاراً سريعاً وأخذ الأباطرة في بادئ الأمر يضطهدون معتنقيها لأنها بدعوتها إلى عبادة الله كانت تحرم الرق الذي كان عماد النظام الاقتصادي الروماني، وكذلك كانت تدعو إلى المساواة في مجتمع ساده نظام الطبقات والإغريق في طلب الثروة والجاه، ولكن الاضطهاد لم يزد المسيحية إلا انتشاراً وقوة حتى أصبح عدد المسيحيين أكثر من الوثنيين فجعلها ( قسطنطين ) دين الدولة الرسمي.
     
    ولما تولى( ثيودوسيوس ) أخذ يحارب الوثنية فأغلق معابدها وجعل الناس يُعَمَدّون قسراً، ومع ذلك فلم يلبث المسيحيون أن انقسموا فرقاً اشتد الخلاف بينها اشتداداً صحبه اضطراب في الأمن مما اضطر الأباطرة إلى التدخل بينها ومناصرة بعضها عل البعض الآخر وانقسموا إلى ثلاث فرق : الملكانية والنسطورية واليعاقبة .
     
    و الملكانيون هم اتباع أريوس الذي قال بأن المسيح مخلوق وليس مولوداً من الأب ولذا لا يساويه في الجوهر .
     
    أما النسطوريون وهم أتباع نسطور فقد قالوا إن للمسيح طبيعتين إحدهما إلهية والثانية بشرية، فهو بالأولى ابن الله وبالثانية ابن مريم.
     
     
    وإلى ذلك يشير القرآن بقوله (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (التوبة:30)، ويعني القرآن الكريم بهذا أنهم قلدوا الديانات الوثنية القديمة في هذه العقيدة مثل( الزردشتية والبراهمية والهندستانية والبوذية والرومانية والمصرية ).
     
    فقد كان المصريين يعتقدون أن ( حوريس ) ولد من الإله الأعظم( أوزوريس ) والعذراء ( ايزس ) . كما أن الرومان كانوا يعتقدون أن الإله ( جوبيتر) أنجب( بريسيوس ) من العذراء ( داناي ) وأنجب ( ديونيسيس ) من العذراء ( سيميل ) وأنجب (هرقل ) من العذراء ( ألكمين ) . أما في الهند فقد ولد كيرشنا في كهف بينما كانت أمه العذراء وخطيبها هاربين من غضب الملك .
     
    و قد بلغ من تأثر المسيحية بالديانات المجوسية في هذه العقيدة أن تاريخ ولادة المسيح غُير مراراً إلى إن استقر يوم 25 ديسمبر وهو اليوم الذي كان المصريون يحتفلون فيه بمولد مخلصهم (حورس )، وهو نفس اليوم الذي كان الفرس يحتفلون فيه بميلاد (متزا)، كما كان هذا اليوم أحد الأعياد الدينية المماثلة في الدولة الرومانية وتخالف الكنيسة الشرقية الكنيسة الغربية في ذلك فتجعل يوم ميلاد المسيح اليوم السابع من يناير .
     
    أما الحزب الثالث وهو حزب اليعاقبة فيعتقدون أن المسيح هو الله نزل إلى الأرض، وإلى ذلك يشير القرآن الكريم في سورة المائدة بالآية التاسعة عشرة التي تقول :
     
    (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ
     
    وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ
     
    إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة:72) .
     
    وليت الأمر اقتصر على هذا الانقسام، بل أن الخلاف أخذ يزداد اتساعا ًوتعدداً كلما تقدمت الأيام، ففي القرن الحادي عشر انقسمت الكنيسة إلى فرعين : الكنيسة الغربية والكنيسة الشرقية ثم أخذ الخلاف يتسع ويتشعب وأخذت الفرق تتوالد فتنشأ منها فرق جديدة وأحزاب جديدة رغماً من الجهود العديدة التي بذلت لتوحيد الكنيسة .
     
     
    أسباب الانقسام
     
    بنيت المسيحية على دعائم أربع :
     
     
    1. الإيمان بالله .
     
     
    2 . الزهد .
     
     
    3 . الحب والتراحم .
     
     
    4 . التسامح المطلق وعدم الاعتداء حتى حين يكون دفعاً لشر .
     
     
    هذه هي المبادئ الأربعة التي جاءت بها المسيحية، فقد جاءت بوحدانية خالصة وإيمان مطلق حتى كان المسيح عليه السلام إذا دعا لمريض بالشفاء قال له بعد أن يبرأ :
     
     
    ( شقاك إيمانك ).
     
     
    غير أن اختلاط المسيحية بالوثنية أدخل فيها مبدأ تقديس الأشخاص والأشياء، فوجد من بين المسيحيين من ينادي بألوهية المسيح، وأباح الكاثوليك منهم عبادة القديسين  والصور ويشير القرآن الكريم إلى ذلك في سوري التوبة إذ يقول:
     
     
    (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31).
     
     
    وما صكوك الغفران التي يمنحها البابا للعصاة فتغفر ذنوبهم إلا أثر من آثار هذا التقديس الذي ورثته المسيحية عن الوثنية .
     
     
    وبذلك يكون قد اختل أول ركن من أركان المسيحية من أساسه وهو إيمانهم بالله .
     
     
    أما الزهد في المسيحية فحدث عنه ولا حرج، إذ كان يفترش الغبراء ويلتحف السماء ويتخذ القمر له مصباحاً، ومع ذلك كان يقول : من أغنى مني ؟
     
     
    لم يكن له مسكن يأوي إليه، ويظهر ذلك من رده على شخص قال له (يا سيد أتبك أين تمضي )
     
    فقال له : (للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار وأما ابن الإنسان فليس له مكان يسند رأسه ).
     
     
    كما أنه ضرب المثل الأعلى في الصوم فواصل الصوم أربعين يوماً لم يذق فيها طعاماً .
     
     
    كان يشترط فيمن يتبعه أن يتجرد من الدنيا كتجرده فيترك كل شيء وراءه، ويظهر ذلك من قوله لأحد من تقدم غليه :
     
     
    ( إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني .) .
     
    و أقوال عيسى عليه السلام في السلام وفي الحث على الزهد كثيرة أهمها ما ورد في صلاة المسيحيين الرئيسية: ( خبزنا كفافنا أعطنا كل يوم )
     
    ويحذر الناس من الاكتناز بقوله : ( لا تكتنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون بل اكتنزوا لكم كنوزاً في السماء).  ويحذرهم من المال بقوله : ( لا بقدر أحدكم أن يخدم سيدين . لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحقر الآخر . لا تقدرون أن تخدموا الله والمال لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون ) .
     
    ويبغضهم في الغنى بقوله : (الحق أقول لكم أنه يعسر أن يدخل غني ملكوت السماوات، وأقول لكم إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله ).
     
    هذه نظرة المسيحية في الحياة نظرة احتقار للمادة وبعد عن النعيم والترف وتحذر من المال لأنه العدو الأكبر للإنسان، ولكن هذا الركن من أركان المسيحية ما لبث أن انهار هو أيضاً فقد انصرف دعاة المسيحية عن الشؤون الدينية وانغمسوا في أعمال السياسة والحرب وتناسوا أقوال المسيح عليه السلام ( أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله ).
     
    فنازعوا الملوك ممالكهم وسيادتهم وتحايلوا على اصطياد المال بكل طريق وما كانت تحصل عليه من أملاكها الواسعة كان الباباوات يجمعون المال بأساليب شتى كبيع الوظائف الدينية وحل عقود الزواج وبيع صكوك الغفران . يشير القرآن إلى ذلك حيث يقول في سورة التوبة
     
     
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة:34) .
     
    وقد أخذ الجزء الأكبر من إيراد الكنيسة يتسرب إلى جيوب الأساقفة ورؤساء الأديرة الذين ألقوا عبء القيام بأعمالهم الدينية على عاتق صغار القساوسة نظير أجور بخسة وقد تأثرت الكنيسة بأسرها مساوئ رعاتها حتى أن الأديرة التي نشأت فيما مضى لقمع الشهوة الدنيوية ونشر الهدى والصلاح قد تحولت إلى بؤرٍ للفساد والجهل وانتقل الفساد من رجال الدين على المجتمع بصورة أعم .
     
     
    أما المبدأ الثالث الذي امتازت به دعوة المسيحية وهو الحب والتراحم الذي يتمثل في أعلى درجاته في قول المسيح عليه السلام :
     
     
    ( أحبوا أعداءكم . باركوا لاعنيكم . أحسنوا إلى من أساء إليكم )
     
    فقد تلاشى كذلك نتيجة لتعلقهم بالمادة وتكالبهم عليها وانعدام الصلة بينهم وبين الله.
     
     
    وكذلك نسي المسيحيون ما دعا إليه المسيح عليه السلام من عدم الاعتداء والتسامح المطلق بقوله :( من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر ومن سلبك قميصك فأعطه رداءك ) .
     
    نسوه لأنهم كلما انغمسوا في المادة باعدت بينهم وبين الله فتعلقوا باللذات وغمرتهم الشهوات وكثرت بينهم الإحن وقادهم التكالب على الدنيا إلى الحروب والاعتداءات.
     
     
    العداوة بينهم وازديادها على مر الأيام :
     
    اختلف المسيحيون أول ما اختلفوا على شخصية المسيح فنشأت بينهم أحزاب مختلفة لم يقتصر الخلاف بينها على خلاف في النظريات والعقائد والطقوس بل تعداه إلى فتن دموية قامت بين تلك الطوائف، ومن أمثال تلك الفظائع التي تقشعر منها الأبدان ما ارتكبه الرومان مع أقباط مصر، فقد كان الرومان على المذهب الملكاني والمصريون معظمهم من اليعاقبة وعقب استرداد هرقل لمصر من الفرس حاول أن يوفق بين المذهبين فأبى القبط ذلك فلجأ الرومان إلى القوة وكان جزاء من يرفض تغيير عقيدته أن يجلد أو يضرب أو يلقى في السجن حتى يلقى حتفه وكان القساوسة من القبط يقتلون أو يشردون .
     
    أما بطرقهم بنيامين فقد اختفى وطلبه الرومان فلم يعثرا له على أثر . وقد استمر هذا الإرهاب عشر سنين فتن فيها الناس عن عقيدتهم وأخذ الباقون يظهرون غير ما يبطنون تفادياً للعقاب ونستطيع أن نتصور ما كان في قلوب الفريقين من حقد إذا نحن تأملنا قليلاً هذه الحادثة التي يرويها التاريخ فقد ذكر المؤرخون أن الروم حينما اتفقوا مع المسلمين على تسليم حصن بابليون أعطاهم المسلمون مهلة ثلاثة أيام لإخلاء الحصن وكان آخر أيامهم في ذلك اليوم هو يوم عيد الفصح ولكن نكبتهم هذه وحرمة ذلك اليوم لم تمنعهم من إرواء غليلهم والتنكيل بأسرى الأقباط الذين سجنوهم من قبل في الحصن فسحبوهم من سجونهم وضربوهم بالسياط وقطَّع الجند أيدهم ؟
     
    فأي فظاعة أشد من هذه الفظاعة وأي قسوة أبلغ من هذه القسوة وهل ذلك كان نتيجة أتباع دين نبي كان يدعوا إلى الحب والتراحم والتسامح ؟ .
     
     
    و ليت الأمر اقتصر على مصر فقط ، بل إن أباطرة الدولة الرومانية الشرقية اضطهدوا النسطوريين أيضاً في آسيا الصغرى والشام وفلسطين مما كان سبباً في التجاء علمائهم إلى العراق وفارس .
     
    و تظهر البغضاء الكامنة في قلوب المسيحيين بعضهم لبعض بوضوح في أيام الحروب الصليبية فعلى الرغم من وحدة غرضهم وهو القضاء على المسلمين وعلى الرغم من موجة التحمس الديني التي سادت أوروبا في ذلك الوقت فان سيرتها من أولها إلى آجرها تدل على انعدام الإخلاص وأول مظهر يدل على ذلك هو تغرير إمبراطور القسطنطينية بحملة بطرس الناسك وعمله على التخلص منها لما كانت تتطلبه من تموينات وما كان سيلازم بقاء ثلاثمائة ألف محارب من اختلال في الأمن في عاصمة ملكه فسهل لهم العبور إلى الضفة الأخرى من البسفور فكانوا لقمة سائغة ابتلعها السلجوقيون بدون مشقة إذ أبادوا الحملة عن آخرها . فبما نفسر عمل الإمبراطور الذي أخذ يستغيث بمسيحيي أوربا لإنقاذه من السلاجقة حتى إذا هبوا لنجدته عمل إلى التخلص منهم.
     
     
    و من أظهر الأمثلة على انعدام الإخلاص بين المسيحيين بعضهم مع بعض قصة الحروب الصليبية الثالثة فقد أدى الخلاف بين ريتشارد قلب السد ملك إنجلترا وبينفيليب أغسطس ملك فرنسا إلى عودة ملك فرنسا إلى بلاده وترك ريتشارد وحيداً ليحارب صلاح الدين وزاد الطين بلة أن فيليب اخذ يدس الدسائس لريتشارد بالاستعانة ببعض ملوك أوربا كما أخذ أخوا ريتشارد في إنجلترا يعمل على اغتصاب العرش منه وكان من جراء ذلك أن حرم ريتشارد ثمن انتصاراته واضطر إلى العودة وإلى عقد صلح مع صلاح الدين .
     
    وليت الأمر اقتصر على هذا فان هذا الفارس الصليبي المغوار الذي أحرز انتصارات عظيمة في الشرق لقي من المسيحيين جزاء سنمار . فبدلاً من أن يحتفلوا به ويكرموه كبطل من أبطالهم قبضوا عليه وسجنوه .
     
    و لقد كانت حركة الإصلاح الديني فيما بين القرن الخامس عشر والسابع عشر أعنف حركة دينية شهدها التاريخ فقد أدت الخلافات الدينية إلى مشاحنات ومطاحنات واضطهادات كانت أشد ما عرف من نوعها في تاريخ الأديان ولكي نرى مبلغ ما أثاره من عداوة يجب أن نستعرض أهم مظاهرها وهي :
     
     
    (1) حرب الثلاثين عاماً وقد استمرت من 1618 على 1648 وكان تأثيرها في ألمانيا تأثيراً سيئاً إذ ظلت ميداناً للحرب فريسة للنهب مدة ثلاثين سنة هلك فيها نصف سكانها تقريباً واندثرت فيها معالم الصناعة والتجارة والفنون .
     
     
    (2)   اضطهاد هيجونوت فرنسا :
     
     كان بروتستانت فرنسا يدعون الهيجونوت وكانوا أقلية ضئيلة في وسط أغلبية كاثوليكية عظيمة ولذلك كان تاريخهم فيها حافلاً بالاضطهادات والحروب والمذابح التي من أشهرها ( سان برثلميوا) في 24 أغسطس سنة 1572 إذ بينما كان (كوليني ) زعيم الهيحونوت وأحد وزراء الملك شارل التاسع في ذلك الوقت ماراً أطلق عليه رجل الرصاص فأصابه إصابة غير قاتلة فعزم الملك على الانتقام فخاف الكاثوليك عاقبة التحقيق وانفضاح أمرهم فبيتوا يوم ( عيد القديس _ ثلميو) مذبحة هائلة ووضعوا علامات على بيوتالهيجونوت وانتقل الخبر من باريس إلى الأقاليم فقلدوها وكانت النتيجة أن قتل من الهيجونوت ألفا نفس في باريس وثمانية آلاف في الأقاليم وحينما تولى رشيليو مقاليد الأمور في فرنسا عمل على إخضاع الهيجوند وكانوا إذ ذاك يقيمون في مدن محصنة فاستلزم إخضاعهم حروباً طويلة الأمد.
     
    (3)   محاكم التفتيش :
     
    و هي محاكم لم ير التاريخ لها مثيلاً كان شعارها القسوة التي لا رحمة فيها والاضطهاد الذي لا هوادة فيه لأعداء الكاثوليك وكانت تستمد سلطتها من البابا مباشرة ولا دخل للحكومات في تصرفاتها اللهم إلا القيام بتنفيذ أحكامها . كانت جسامتها سرية وكانت تتجسس بكل الطرق وتقبض على من تشاء وتعذب المقبوض عليهم بما تراه حتى تكرهم على الاعتراف بإلحاد وحينئذ توقع عليهم عقوبة الإحراق أو السجن المؤبد ومصادرة الأملاك حتى التائبون منهم يسجنون طول حياتهم تطهيراً لهم من جريمة الإلحاد وكانت هذه المحاكم تراقب المطبوعات وتحرق ما لا يتفق منها مع المذهب الكاثوليكي . ويذكر التاريخ هذه المحاكم كأعظم نقطة سوداء في تاريخ المسيحية لما أجرته على الشعوب البريئة من الويلات .
     
     
    (4)   مجلس الدم :
     
    لما كثر في سكان الأرض المنخفضة مذهب كلفن أشتد شارل في معاملتهم وأقام محاكم التفتيش بها فأحرقت عدداً من البروتستانت ولما خلفه ابنه فليب الثاني ملك أسبانيا استمر في سياسة الاضطهاد وأخذت الجنود تتحرش بالأهالي فقامت الثورة وأنقض الناس على الكنائس الكاثوليكية وكسروا ما فيها من تماثيل وصور فما كان من فليب إلا أن أرسل (دوق الفا ) على رأس جيش عظيم من الأسبان لمعاقبة الثور فكون المجلس المعروف بمجلس الدم لكثرة ما اهرقه من الدماء وقد اقترف ( الفا ) من الفظائع ما يندر وجود مثله في التاريخ .
     
    القرن الماضي من هذا القرن حدثت في أوربا وحدها الحروب التالية :
     
     
    (1)   الحرب العالمية الأولى .
     
     
    (2)   الحرب الأسبانية الأهلية .
     
     
    (3)   الحرب اليونانية الإيطالية .
     
     
    (4)   الحرب العالمية الثانية .
     
     
    (5)   الحرب الروسية الفنلندية .
     
     
    أما الحروب التي حدثت بين المسيحيين في غير أوربا فأهما الحروب التي كانت تنشب من حين لآخر بين جمهوريات أمريكا الجنوبية وأهمها :
     
     
    (1)   الحرب بين البرازيل والأرجنتين 1851 1852م.
     
     
    (2)   الحرب بين باراجوي وبولفيا 1922 1925م.
     
     
    (3)   الحرب بين باراجواي والبرازيل وأرجواى 1864 1870 م
     
     
    (4)   الحرب بين شيلي من جهة وبين بوليفيا وبيرو1879 1883 م .
     
     
    (5)   الحرب بين بيرو وكولومبيا 1932 1934 م .
     
     
    (6) الحرب بين جواتمالا من جهة والسلفادور وهندوراس وكوستاركا من جهة أخرى 1906م.
     
     
    (7)   الحرب بين نيكارجوا وهوندوراس 1907م .
     
     
    كذلك الحرب بين أمريكا والمكسيك 1846م 1848م .
     
     
    و لو أنك أردت أن تتخذ القرن التاسع مقياساً نقيس به مقدار ما يكنه المسيحيون بعضهم لبعض من عداوة كما دل عليه القرآن الكريم لوجدت فيه من الحروب والثورات ما يصعب تتبعه وحصره وأبرز حروب هذا القرن الحروب النابليونية التي شملت أوربا كلها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى شمال أوربا كلها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب ولو أمك رجعت إلى ما سبقه من القرون لوجدت أن تاريخ معظم المسيحيين مخضب بالدماء لا أثر للسلم أو التسامح فيه ومن حروبهم المشهورة حرب السنين السبع التي امتدت من سنة 1756 إلى سنة 1763 م هي حرب من سلسلة الحروب التي كثرت في القرن الثامن عشر ومما يستحق الإشارة إليه أيضاً من تلك الحروب حرب المائة عام بين إنجلترا وفرنسا التي ابتدأت سنة 1338 واستمرت مستعرة ما يزيد على قرن من الزمان .
     
    المصدر:  كتاب القرآن والعلم تأليف أحمد محمد سليمان   دار العودة بيروت .
     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()