الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله الذى أذل بالموت رقاب الجبابرة ..، الحمدُ لله الذى أنهى بالموت آمال القياصرة .. ، فنقلهم بالموت من القصور إلى القبور ..، ومن ضياء المهود إلى ظلمة اللحود..، ومن ملاعبة النساء والغلمان إلى مقاساة الهوام والديدان ..، ومن النتعم في الطعام والشراب إلى التمرغ في الوحل والتراب.
سبحانه .. سبحانه.. سبحانه
اللهم إنا نبرأ من الثقة إلا بك ، ومن الأمل إلا فيك ومن التسليم إلا لك ، ومن التفويض إلا إليك ، ومن التوكل إلا عليك ، ومن الرجاء إلا لما في يديك الكريمتين
اللهم تتابع برك ..، واتصل خيرك ..، وكمل عطاؤك ..، وعمت فواضلك..، وتمت نوافلك ..، وبر قسمك ..، وصدق وعدك ..، وحق على أعدائك وعيدك ووعدك..، ولم تبق حاجة لنا إلا قضيتها ويسرتها يا أرحم الراحمين
* وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
* هو الواحد الذى لا ضد له ..، وهو الصمد الذى لا منازع له..، وهو الغنى الذى لا حاجة له، وهو القوى الذى لا يعزه شئ في الأرض ولا في السماء ..، وهو جبار السموات والأرض .. لا راد لحكمه.. ولا معقب لأمره.
* هو الأول فلا شئ قبله ..، وهو الآخر فلا شئ بعده ..، وهو الظاهر فلا شئ فوقه..، وهو الباطن فلا شئ دونه ..، وهو على كل شئ قدير.
هو الحى الذى لا يموت..، صاحبُ الملك والملكوت ..، صاحب العزة والجبروت ..، الذى كتب الفناء على جميع خلقه ..، وهى الحيُ الباقى الذى لا يموت .
* وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله أدى الرسالة ..، وبلغ الأمانه ..، ونصح الأمة ..، وكشف الله به الغمة ..، وعبد ربَه حتى لبىَّ داعيه ..، وجاهد في سبيله حتى أجاب مناديه..، وعاش طوال أيامه ولياليه ..يمشى على شوك الأسى ويخطو على جمر الكيد والعنت ..، يلتمس الطريق لهداية الضالين ..، وإرشاد الحائرين..، حتى علَّم الجاهل ..، وقوم المعوج ..، وأَمَّن الخائف ..، وطمأن القلق..، ونشر أضواءَ الحقِ والخيرِ والأيمان والتوحيد..، كما تنشر الشمسُ ضيائها في رابعة النهار. فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته..، وصلى اللهم وسلم.. وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين...
أما بعد
أحبتى في الله : لقد خلق اللهُ الأرض ، واختار منها بلده الحرام ففضَّله على جميع بقاع الأرض .
وخلقاللهُ السمواتِ سبعاً ، فاختار العليا منها ففضلها بالقرب من كرسيه ومن عرشه جل وعلا.
وخلق اللهُ الجنان وفضَّل جنةَ الفردوس على سائر الجنان فسقفُها عرش الرحمن .
وخلق الله الملائكة واصطفى منهم جبريل وإسرافيل وميكائيل.
فجبريل صاحبُ الوحى الذى به حياة القلوب والأرواح.
وميكائيل صاحبُ القطر الذى به حياةُ الأرض ومن عليها من الأحياء.
وإسرافيل صاحبُ السور الذى بنفخته يُبعث الناسُ ليوم النشور.
وخلق الله البشر واصطفى منهم الأنبياء والرسل واصطفى من الرسل أولى العزم الخمسة واصطفى من أولى العز خليله وحبيبه محمداً ففضله على جميع الأنبياء والمرسلين. وتلبية لرغبة إخواننا وأحبابنا فإن موعدنا اليوم مع رسول الله بين التكريم والموت
وما أجملَ أن يكون اللقاءُ مع رسول الله !
وما أحلى أن يكون الحديثُ عن رسول الله !
فهو إمامُ الأنبياء .. وإمام الأتقياء .. وإمامُ الأصفياء.
وخاتمُ الأنبياء .. وسيدُ المرسلين .. وقائدُ الغر المحجلين.
وصاحبُ الشفاعة ِ العظمى يوم الدين .. وصاحبُ الحوضِ المورود
شرح الله له صدره..، ورفع الله له ذكره..، ووضع الله عنه وزره .، وزكاه في كل شئ.
زكاه في عقله فقال سبحانه: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى
وزكاه في صدقه فقال سبحانه :وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى
وزكاه في علمه فقالسبحانه عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى
وزكاه في بصره فقالسبحانه مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى
وزكاه في فؤاده فقالسبحانه مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى
وزكاه في صدره فقال سبحانهأَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَك
وزكاه في ذكره فقال سبحانه وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
وزكاه كله فقال سبحانهوَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ
فهو حبيب الله.. وهو خليل الله ..وهو أكرم الخلق على الله عز وجل .
وما من نبى من الأنبياء إلا وقد أخذ الله عليه العهد والميثاق أن يؤمن برسول الله وأن ينصره إذا بعث كما قال الله جل وعلا في سورة آل عمران:
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِين َ([1])
* وفي الحديث الذى أخرجه مسلم والترمذى وأحمد من حديث أبى هريرة أن النبى قال :
فضلت على الأنبياء بست :
1- أعطيتُ جوامعَ الكلم
2-ونُصرتُ بالرعب ( رواية البخاري مسيرة شهر )
3-وأُحلتْ لىَ الغنائم
4- وجعلت لي الأرضُ طهوراً ومسجداً
5- وأُرسلتُ إلى الخلق كافة
وفي الحديث الذى رواه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وأحمد ، من حديث أبى هريرة أن النبى قال: « إن مثلى ومثل الأنبياء من قبلى ، كمثل رجل بنى بُنيانًا فَأحْسَنَه و أجْمَلَة، إلا موضع لبنةٍ من زاويةٍ من زواياه ، فجعل الناسُ يطوفون به ويعجبون له، ويقولون : هلا وضُعَت هذه اللبَّنَةُ ؟ قال : فأنا اللَّبِنَةُ وأنا خَاتَم النَّبِييَّن» ([3])
* وفي الحديث الذى رواه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وأحمد ، من حديث أبى هريرة أن النبى قال: «أنا سيد ولد أدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع» ([4])
ففى يوم يزداد همهُ وكربه، على جميع الناس، يومَ تدنو الشمسُ من الرءوس فتغلى من حرارتها ثم يؤتى بجهنم كما أخبر الحبيب فى الحديث الذى رواه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود :« يؤتى بجهنم ، لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف مَلَكٍ يجرُّنها» ([5])
فإذا رأت الخلائق زفرت ، وزمجرت غضباً لغضب الله عز وجل فإذا رأها الخلائق لا يقوم مخلوق على أرض المحشر أن يقف على قدميه من الحسرة والفزع والهول فيخر جاثياً على ركبته.
(( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ))([6])
ويطول الموقف على جميع الناس ، حتى الأنبياء ، فيقول بعضهم لبعض ألا ترون من أنتم فيه ..، ألا ترون ما قد بلغكم ..، ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم فيقول بعض الناسُ لبعض ائتوا آدم عليه السلام.
* والحديث رواه البخارى ومسلم وأحمد وهذا لفظ أحمد من حديث أبى هريرة أنه قال يوماً : أنا سيدُ الناسِ يوم القيامة وهل تدرون ممَّ ذلك؟
يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد.
فيقول بعضُ الناسِ لبعض ِ ائتوا آدمَ فيقولون يا آدمُ : أنت أبو البشر، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك ، فاشفع لنا إلى رّبك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى إلى ما قد بلَغَنا ؟
فيقول آدم : إن ربى غضب اليوم غضباً لم يغضب قبلَه مِثلَهُ ولن يغضب بعده مثلَهُ، وإنه نهانى عن الشجرة فعصيتُ ، نفسى .. ، نفسى..، نفسى..، اذهبوا إلى غيرى
اذهبوا إلى نوح فيأتون نوحاً فيقولون : يا نوحُ أنت أولُ الرسلِ إلى أهل الأرض ، وسمّاك الله عبداً شكوراً، فاشفع لنا إلى ربك ن ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟
فيقول نوحُ : إن ربى قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله ، وإن كانت لي دعوةٌ دعوت ُ بها على قومى نفسى ..، نفسى ..، اذهبوا إلى غيرى.
أذهبوا إلى إبراهيم.
فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيمُ أنت نبيّ الله وخليلُهُ من أهل الأرض ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟
فيقول: إن ربى غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، لا يغضب بعده مثله ، وذكر كَذَباته. نفسى ..، نفسى..، نفسى ..، أذهبوا إلى غيرى.
اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى فيقولون : يا موسى أنت رسول الله اصطفاك الله برسالاته، وبتكليمه على الناس ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟
فيقول لهم موسى: إن ربى قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنى قتلت نفساً لم أومر بقتلها ، نفسى.. نفسى..، نفسى.., اذهبوا إلى غيرى.
اذهبوا إلى عيسى . فيأتون عيسى .
فيقولون: يا عيسى أنت رسولُ الله وكلمتُهُ ألقاها على مريم وروحٌ منه ، قال : هكذا هو . وكلمتَ الناسَ فى المهد فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟
فيقول لهم عيسى : إن ربى قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولن يغب بعده مثله ، ولم يذكر ذنباً، نفسى ..، نفسى ..، نفسى ..، اذهبو إلى غيرى .
اذهبوا إلى محمد
فيأتونى . فيقولون يا محمد أنت رسولُ الله ، وخاتم الأنبياء ، وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فاشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟
فأقومُ فآتى تحت العرض فأقعُ ساجداً لربى عز وجل ، ثم يَفْتَحُ اللهُ علىَّ ويُلهِمنُى من محامده وحُسنِ الثناءِ عليه ما لم يفتحْهُ على أحدٍ قبلى.
فيقال : يا محمدُ ارفع رأسك سل تعطه، اشفع تُشفّع فأقول : ياربّ أمتى أمتى ، يارب أمتى أمتى . وفي الروايات الأخرى فأقول يارب وعدتنى الشفاعة فشفعنى في خلقك فاقض بينهم فيقول سبحانه وتعالى شفعتك أنا أتيكم فأقضِ بينكم ([7])
وصدق الله عز وجل إذا يقول :
((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ))
وبالجملة أيها الأحباب:
فإن الله عز وجل قد كرم نبيه محمدا ً تكريماً فى الدنيا والآخرة ما كرمه لأحدٍ من العالمين
فهل منعه هذا التكريم من الموت : كلا وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيد ([8] )
إلى أن نزل عليه قول الله جل وعلا: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُوَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً([9])
أخرج الطبرانى عن جابر بن عبد الله أنه قال لما نزلت هذه السورة.
قال النبى لجبريل: « نعيت إلى نفسى يا جبريل»
فقال جبريلُ: والآخرة خير لك من الأولى
وفي الحديث الذى انفرد به البخارى عن ابن عباس أنه قال سورة النصر هو أجل رسول الله
وفي الحديث الذى رواه أحمد عن ابن العباس لما نزلت قل:« نعيت إلى نفسى »([10])
وقال مجاهد والضحاك وغيرهم إنها أجلُ رسول الله
وفى أول شهر ربيع الأول من العام الحادى عشر للهجرة بدأ رسولُ الله يحسُ بالألم الشديد في رأسه فكان أولَ ما ابتدأ به رسول الله أنه خرج إلى بقيع الغرقد. فسلم على أهل البقيع واستغفر لهم.
تقول عائشة رضى الله عنها فلما رجع رسولُ الله من البقيع وجدنى وأنا أجد صداعاً فى رأسى وأنا أول وارأساه فقال: « بل أنا والله يا عائشة وارأساه» ([11])
فقامت عائشة رضى الله عنها الصديقةُ بنت الصديق ترقى النبى .
ففى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم أن عائشة رضى الله عنها قال: « كان رسول الله إذا اشتكى نَفَثَ على نفسه بالمعوذات ومسح عبنه بيده فلما اشتكى وجعه الذى تُوفَّى فيه طفقت أنفثُ على نفسه بالمعوذات التى كان ينفث وأسمح بيد النبى عنه»
وفي وراية للإمام مالك.
واسمح بيد رسول الله لأنها كانت أعظمَ بركةً من يَدى»
* واشتد الوجعُ برسول الله وهو في بيت ميمونة رضى الله عنها فدعا نساءه فاستأذنهن في أن يمرض في بيت عائشة فإذنَّ له رضى الله عنهن.
واشتد الوجعُ والألمُ برسول الله حتى قَلِق الصحابةُ قلقاً شديداًَ وحزنوا حزناً بليغاً فشعر النبىُ بهذا الحزن وهذا القلق. فأمرهم أن يصبوا عليه الماء.
كما ورد في الحديث الذي رواه البخارى من حديث عائشة رضى الله عنها قالت:
لما دخل رسول الله بيتى واشتد به وجعه قال هريقوا علىَّ من سبع قِرَي لعلى أعهد إلى الناس. وفي رواية ابن إسحاق حتى أخرج إلى الناس فأعهدُ إليهم.
تقول عائشة فأجلسناه في مخضبٍ لحفصة زوج النبى ثم طفقنا نصبُ عليه من تلك القرب حتى طفق يشيرُ إلينا بيده أن قد فعلتن ( وفي رواية ابن إسحاق) حتى طفق يقول حسبُكم حسبُكم
ثم خرجَ إلى الناس عاصباً رأسه حتى جلس على المنبر.
فكان أول ما ذكر بعد حمدِ الله والثناس عليه ذكر أصحابَ أحدٍ فاستغفر لهم ودعا لهم وأكثر الصلاة عليهم. ثم قال :
«أيها الناس إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض وإني لأنظر لأنظر إليه من مقامي
هذا ، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها كما تنافسوا فيها فتهلككم كما أهلكتكم »([12])
ثم قال:
«أيها الناس إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض وإني لأنظر لأنظر إليه من مقامي
هذا ، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها كما تنافسوا فيها فتهلككم كما أهلكتكم »
([12])
ثم قال:
إن عبداً من عبادِ الله خيره الله بين الدنيا والأخرة وبين ما عند اله فاختار ما عند الله ففهمها أبو بكر وعرف أن العبد المخير هو رسولُ الله فبكى الصديق وقال بأبى أنت وأمى يا رسول الله .
بل نحن نفديك بأبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا فعجب الناسُ من بكاء أبى بكر فقال الرسول : على رسلك يا أبا بكر.
ثم قال: أيها الناس إن أمن الناس على بصحبته وماله أبو بكر
كلكم كان له عندنا يدٌ كافأناه بها متخذاً إلا الصَّديق فإنا تركنا مكافأته لله عز وجل.
لو كنت متخذاً من العباد خليلاً لا تخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة وصحبة وانظروا إلى هذه الأبواب النافذة إلى المسجد فسدوها إلا بيت أبي بكر ([13])
ثم قال : « يا معشر المهاجرين استوصوا بالأنصار خيرًا فإن الناس يزيدون وإن الأنصار على هيئتها لا تزيد وإنهم كانوا عيبتي التى أويت إليها فأحسنوا إلى مُحْسِنِهم وتجاوزوا عن مُسيِئهِم »
([14])
والحديث رواه البخاري ومسلم
ثم نزل رسول الله فدخل بيت عائشة وتقامَّ به وجعه، وثقل عليه المرض، ولم يعد يقدر على الخروج للصلاة بالمسلمين، فأمر النبى أن يصلى أبو بكر بالمسلمين . وفي الحديث الذى رواه البخارى ومسلم أن عبد الله بن مسعود دخل على رسول الله وقد اشتدت به الحمى فقال:
إنك لتوعك وعكاً شديداً يارسول الله قال: « أجل يا عبد الله إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم قلت إن لك لأجرين قال:كما نعم والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلم يصيبه أذى من مرضى مما سواه الإ حط الله عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها»([15])