بتـــــاريخ : 10/5/2009 9:27:25 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1951 0


    الاستنساخ

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : محمد حسان | المصدر : www.mohamedhassan.org

    كلمات مفتاحية  :
    الإستنساخ خطب مكتوبة


    الاستنساخ  

     إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له .
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله ، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح للأمة فكشف الله به الغمة وجاهد فى الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته ، وصلى اللهم وسلم  وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
     أما بعد :
    فحياكم الله جميعاً أيها الآباء الفضلاء وأيها الأخوة الكرام الأعزاء وطبتم جميعا وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً . وأسأل الله العظيم الكريم جل وعلا الذي جمعنا وإياكم في هذا البيت المبارك على طاعته أن يجمعنا وإياكم مع سيد الدعاة المصطفى فى جنته ودار كرامته إنه ولى ذلك والقادر عليه .
     أحبتي في الله  :
    قنبلة علمية أذهلت العالم كله فى الأيام الماضية !!
    بل وأصابت العالم كله بالدوار !!
    وذلك من خلال ما يسمى بالإستنساخ !!
         ونظرا لأن الموضوع يمس العقيدة ويمس قدرة الله فى قلوب المسلمين رأيت أنه من الواجب علىّ في مثل هذا الجمع المهيب .. في مثل هذا اليوم الكريم الحبيب أن أبين الحق فى هذا الموضوع الخطير ليزداد الذين أمنوا إيماناً ولا يرتابوا في عظيم قدرته وجلال عظمته جل وعلا
    ومن ثم كان لقاؤنا فى هذا اليوم المبارك بعنوان (( الاستنساخ ))
        وكعادتنا فسوف ينتظم حديثنا مع حضراتكم فى هذا الموضوع الخطير في العناصر التالية :
    أولا : العلم يدعو إلى الإيمان .
    ثانيا : هل خلقوا نعجة بالفعل ؟!
    ثالثا : هذا خلق الله .
    وأخيرا : يا أيها الإنسان ما غرك !!
         فأعيروني القلوب والأسماع جيدا أيها الفضلاء الكرام والله أسأل أن يتقبل منى ومنكم جميعاً صالح الأعمال .
    أولاً : العلم يدعو إلى الإيمان
     إن نور الوحي لا يطمسُ نور العقل أبداً بل يباركه ويزكيه ، ويقويه شريطة أن يذعن العقل مع الكون كله لله رب العالمين .
     وإنه لواجب علينا أن نحترم العقل والإدراك البشرى بالقدر الذي أراده الله له من التكريم في مجاله الذي يحسنه ويبدع فيه حتى لا نمضى بالعقل البشرى والإدراك البشرى بعيداً بعيداً عن حدود هذا المجال وعن حدود قدراته وإبداعه وحتى لا نمضى فى التيه والضلال بلا دليل أو برهان :
        أيها الأحبة الكرام :
        ما كان الإسلام أبداً ولن يكون نداً للعلم وكيف ذلك ؟!!
      والإسلام هو الذي دعا للعلم منذ لحظاته الأولى يوم أن تنزلت الآيات على قلب الأمي الذي علم المتعلمين نزل عليه قول الله جل وعلا :
    اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1 _ 5]
        وقال سبحانه : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ[لقمان:34]
        فالعلم صفة من أَجَلِّ صفات الله جل وعلا :
        فالله جل جلاله يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون ومالم يكن لو كان كيف يكون .
        قال تعالى : وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59]
       ولكن الله جل وعلا قدر منذ الأزل وشاء منذ الأزل أن يعلم الإنسان شيئاً من علم الله في الوقت الذي يشاءه الله ، وبالقدر الذي يريده الله قال جل فى علاه : وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ[البقرة: 255]
    وقال جل جلاله : وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ [البقرة:31-33]
         فكل علم يعلمه الإنسان اليوم إنما ورثه الله جل وعلا لهذا الإنسان من خلال أبيه آدم الذى علمه الله أسماء وعلوم كل شئ وظل هذا العلم مكنوناً فى هذا الكون .
        إن الإنسان الذى أسكرته نشوة العلم وأعماه غرور العلم .
         هذا الإنسان إلى الآن لا يعلم نفسه !! لا يدرى حقيقة مشاعره !! لا يدرى حقيقة عقله !! لا يدرى حقيقة روحه !!
        ومع ذلك فإنه يتبجح ويستعلى على الله بما شاء وأراده الله له أن يكتشفه !! وهنا فإن العلماء ينقسمون تجاه الآيات الكونية والآيات العلمية إلى قسمين :
           القسم الأول : فريق من العلماء تزيده الاكتشافات العلمية عناداً وإلحاداً كبراً وطغياناً وكفراً !!
        وهؤلاء عند الله بعلومهم أضل من البهائم قال تعالى :
     وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ[لأعراف:179]
        القسم الآخر : تزيده الاكتشافات العلمية والآيات الكونية إيمانا برب البرية وهؤلاء الذين قال الله فى حقهم :
    إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء [فاطر: 28]
       أيها الأحبة الكرام :
       العلم يدعو إلى الايمان بالله جل وعلا وأختم هذا العنصر الهام بكلمات دقيقة لعالم الطبيعة الفيلسوف الأمريكى ( ماريت ستانلى ).
       إذ يقول : إن العلوم التى يصل إليها الانسان تبدأ بالاحتمالات وتنتهى كذلك بالاحتمالات ، وأن أى نتيجة يصل إليها الانسان من خلال نظرية علمية ليست نهائية وإنما هى إجتهادية وقابلة للتعديل بالإضافة أو الحذف وإننا لنرى العَالِم عندما يصل إلى قانون أو نظرية يقول : هذا ما وصلنا إليه حتى الآن ثم يترك الباب مفتوحاً لما يستجد من التعديلات .
    وهذه الكلمات تلخص حقيقة ما وصل إليه العلم من نتائج فى أى جانب من الجوانب.
     فطالما أن الانسان هو الذى يحاول الوصول إلى هذه النتائج فأنه من الحتم أن تكون هذه النتائج مطبوعة بطبائع الانسان أى لها نفس خصائصه من قصور وجهل وخطأ ومحدودية ونقص !!
    فالانسان محدود من ناحية الزمان ومن ناحية المكان ومحكوم بقصوره وجهله وضعفه وشهواته ونزواته .
     فالوسيلة التى يصل بها الانسان إلى أى نتيجة هى التجربة والقياس ، وهذه الوسيلة باعتراف أهل العلم قاطبة تؤدى إلى نتيجة ظنية وليست يقينية.
        ولا سبيل أبدا إلى نتيجة قطعية وحقيقية يقينية إلا عن طريق هدى الله الذىيبينه للناس.
        ومن ثم يبقى علم الانسان لنفسه علماً ظنياً لا يصل إلى مرتبة اليقين بحال من الأحوال.
        وهذا هو ما أثاره العلماء المتخصصون من تساؤلات حول استنساخ النعجة دوللى .
        وهذا هو عنصرنا الثانى : هل خلقوا نعجة بالفعل ؟!
    هل خلقوا نعجة بالفعل ؟!
    لقد ثار العالم كله وهز مشاعره خبر هذه النعجة المستنسخة فى معهد روزلين باسكتلندا واصطاد العلمانيون فى الماء العكر وخرجوا علينا بكلمات خبيثة تزعزع العقيدة فى قلوب ضعاف النفوس الذين لا يخلوا منهم زمان ولا مكان .
        خرج علينا من يقول : (( انتهت أسطورة الأمومة ))!!!
       وخرج علينا من يقول : (( لم تعد هناك حاجة لدور ملُحٍ للرجل )) !!!
       وخرج علينا من يقول : (( لقد آن الآوان للعذراء التى لم تتزوج أن تختار طفلاً بالصفات الوراثية التى تشاء دون الزواج ))!!!
        وخرج علينا من العلمانيين من يقول : (( لقد أحدثت النعجة دوللى إنقلاباً فى كل الموازين والمقاييس ))!!!
        وخرج علينا من يقول : (( النعجة دوللى قلبت كل الموازين والمقاييس البيولوجية والأخلاقية والدينية منذ أن خرجت إلى النور فى يوليو الماضى ووضعت الانسان فى حَيْص بَيْص ، لسبب بسيط وهو أنها ولدت بدون أب ))!!(1) .
        وخرج العالم كله والعلمانيون يطبلون ويزمرون .
        وهذه كلها مغالطاتُ وأوهام سخيفة .
        فماذا حدث بالفعل حتى لا تختل العقيدة فى قلب مسلم أو مسلمة ؟!!
        ولتقفوا على حقيقة ما حدث ليمتلىء قلبك الآن بعظمة الملك وجلال الملك .. وقدرة الملك جل جلاله .
        ما حدث بالفعل أن هذا الفريق العلمى قد أخذ خَليَّة من ثدى نعجة  ومنطقة الثدى تسمى ((activearea)) أى منطقة نشطة .
        هذه الخلية تحتوى على كافة الجينات التى تحمل كل الصفات الوراثية وهذه الخلية الحيوانية تحتوى على أثنين وخمسين كروموزوم ناتجة عن تلقيح حيوان منوى لبويضة ، والحيوان المنوى فى الحيوان يحتوى على ستة وعشرين كروموزوم والنواة فى البويضة تحتوى على ستة وعشرين كروموزوم والنواة فى البويضة تحتوى على ستة وعشرين كروموزوم . فإذا ما إجتمع هذا العدد فى الحيوان المنوى مع هذا العدد فى نواة البويضة وخصبت البويضة تكونت الخلية التى تحتوى على إثنين وخمسين كرومزوم .
        أما الخلية فى الانسان فإنها تتكون من ستة وأربعين كرومزوم ، ثلاثة وعشرين كرومزوم فى الحيوان المنوى للرجل ، وثلاثة وعشرين كرومزوم فى بويضة المرأة .
        إذن فهذه الخلية تنتج حتماَ تلقيح الحيوان المنوى للبويضة ثم تتوالى إنقساماتها بعـد ذلك لتخليق أعداد هائلة من الخلايا الخاصة بالقلب والكبد والرأس وغيرها من أجزاء الجسم .
        ماذا فعل هذا الفريق العلمى فى اسكتلندا ؟!!
        أخذوا هذه الخلية التى أخذت من ثدى النعجة وضعوها فى بيئة ذات تركيز غذائى منخفض لتجويع الخلية حتى لا تنقسم .
    المرحلة الثانية : أخذوا بويضة من نعجة ثانية لم تخصب بحيوان منوى أى تحتوى على ستة وعشرين كرومزوم فقط فأزالوا النواة أو الدانا  DNA  من هذه البويضة أى تخلصوا من هذا القدر من الكرومزومات ثم دمجوا الخلية الأولى التى تحتوى على 52 كرومزوم ودمجوها عن طريق الحث الكهربى بالبويضة الجديدة التى نزعوا منها النواة .
    وبعد ستة أيام حملوا هذه البويضة الجديدة التى تحتوى على كافة الجينات كما لو كانت ملقحة .
    حملوها إلى رحم نعجة أخرى ثالثة فأخرجت نعجة صغيرة هى نسخة من الأم الأولى التى أخذوا منها الخلية الأولى التى تحتوى على 52 كرومزوم .
     هذا هو كل ما حدث فى موضوع الاستنساخ ببساطة شديدة !!!
     ثم خرج علينا من يدَّعى أن الانسان قد شارك الله فى الخلق !!!
    أقول بعد هذا البيان : هل يدعى عاقل يحترم نفسه ويحترم عقله أنهم خلقوا نعجة ؟!!
    إن الخلق إيجاد من عدم وليس تركيب مكونات هى أصلاً من خلق الملك!!
          وأنا أسأل علماء الهندسة الوراثية على وجه الأرض بل وأتحدى أمام هذا الجمع أن يخلق علماء الهندسة الوراثية حيوانا منويا واحدا أو أن يخلقوا بويضة أو أن يخلقوا خلية !!!
     لماذا ذهبتم إلى الخلية التى هى أصلاً من خلق الملك فأخذتموها وأجريتم التجارب ؟!!
    لماذا لم توفروا على أنفسكم هذا الجهد الهائل وهذه المليارات الطائلة وتخلقوا خلية من أول الأمر تحمل كل الصفات الوراثية التى تريدونها والتى لا تريدونها ؟!!
     فالخلية خلق مَنْ ؟!
    والحيوان المنوى خلق مَنْ ؟! والبويضة خلق مَنْ ؟!
        ((ذلكم الله فأنى تؤفكون))
     ثم ها أنذا أتساءل وأقول : أيهما أيسر أن نستنسخ إنساناً جديداً أم أن نبقى حياة إنسان يعيش بيننا ؟!
     الجواب : أن نبقى حياة إنسان يعيش بيننا .
    إننا نتحدى الدنيا وعلماء الهندسة الوراثية فى أمريكا وبريطانيا واسكتلندا وإيطاليا والصين وفى كل الأرض نتحداهم أن يخلدوا ( بيل كلينتون ) أو (جون ميجور ) أو (نتنياهو ) .
     قال تعالى : وَمَـا جَعَلْـنَا لِبـَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [الانبياء: 34]
     اسمع أيها الموحد لربك ليمتلىء قلبك إيمانا بالله إسمع لقول الله :
    يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ   [الحج:73_74]
    إننا نتحدىوسيظلالتحدىقائماًإلىأنيرثاللهالأرضومنعليهافإناستطاع الإنسان أنيستنسخ جنينا حيوانيا فإن الأمر فى الجنين الإنسانى يختلف تماما .  وهذا ما أكده جميع علماء الهندسة الوراثية .
     والسبب هو أن الداناDNA) )  من أجنة الأغنام تختلف عن الدانا من أجنة الإنسان .فضلا عن أن الجنين فى بطن أمه فى وقت محدد معلوم ينفخ الله فيه روحه ثم يُنشأ خلقا آخر .
        وعند هذه اللحظة التى تدبفيها الحياة فى هذا الجنين خرج العالم الفرنسىالكبير(الكسيسكاريل)الذىظليتابعالجنينيومابيوم،وساعة بساعة .  وحينما تحرك الجنين فى بطن أمه ودبت فيه الحياة بعدما نفخ الله فيه من روحه خرج العالم وقال : ((Here is God)) .. ((هنا الله)) .
    من أين جاءته هذه الحياة ؟!! أأله مع الله ؟!! ((قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين))
     ((  هذا خلق الله  ))
        يقول سبحانه :  يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الحج:5]
          وقال سبحانه : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ  [المؤمنون:12- 14]
    وقال سبحانه : أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى  [القيامة:36 40]
    فسبحان من خلق فسوى وقدَّر فهدى وجعل الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى.
     سبحانه من شملت قدرته كل مقدور .. ومشيئته فى خلقه بتصاريف الأمور
    يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيما [الشورى:49-50]
     والله لو فكر الإنسان المغرور فى الحكمة من خلق الإنسان من ذكر وأنثى لسجد لله شكراً على هذه النعمة .
    بل وكم من نعمة تغمرنا آناء الليل وأطراف النهار !!! ونحن غافلون .. سادرون بل ومن الناس متجبرون كافرون !!.
    فلو خلق الله الإنسان من خلية واحدة تنقسم كما تنقسم البكتيريا لأصبح ملايين البشر نسخة واحدة مملة مكررة !!
    ولكن الحكيم الخبير جل وعلا ربط التناسل بالذكر والأنثى لينفرد كل إنسان عن غيره حتى ولو كانوا توأمين !!
    فالخلايا تحمل الكروموزومات التى تحمل الصفات الوراثية وتنقسم الخلية فى خصية الرجل وفى مبيض المرأة بحيث يحتوى الحيوان المنوى على نصف العدد من هذه الكروموزونات وكذلك البويضة عند المرأة .
    فإذا اجتمعنا كونا النطفة الأمشاج أى المختلطة من ماء الرجل وماء المرأة وهكذا .
     قال تعالى :  وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ[الروم:22]
    إذن فالنطفة الأمشاج هى بداية مرحلة خلق الإنسان .
    والله لو فكر الإنسان بإنصاف فى مراحل أطوار الجنين فى بطن أمه لسجد مع الكون كله لله رب العالمين .
    فها هو الرجل يلتقى بامرأته ويُلقى نطفته التى تحتوى على مئات الملايين من الحيوانات المنوية التى تنطلق لتبحث عن البويضة .
    والبويضة لا تخرج من المبيض عند المرأة إلا مرة واحدة فى الشهر .
         تخرج وعليها تاج مشع كأنها عروس تتهادى وتبعث شيئاً من أريجها لتلك الحيوانات الهائلة التى تقطع المفاوز والمخاطر لعلها تحظى ولو بنظرة إلى هذه العروس الفاتنة الجميلة فتهلك كل هذه الحيوانات المنوية ويختار الله جل وعلا حيواناً منوياً واحداً من هذه الملايين ليصل سالماً إلى البويضة !!
     ولم يكتشف العلماء هذه الحقيقة العلمية إلا فى القرن العشرين فى الوقت الذى أخبر عنها المصطفى منذ مئات السنين .
     ففى صحيح مسلم من حديث أبى سعيد الخدرى أن الحبيب النبى   قال ((ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شىء لم يمنعه شىء)) (1)
    يختار الله جل وعلا حيوانا منوياً واحداً من بين هذه الملايين ليصل سالماً إلى البويضة تلك العروس المزينة فتهش له مرحبة وتفرز مادة لزجة لتسهل للحيوان المنوى أن يلتصق بجوارها.
    ويقوم الحيوان المنوى هو الآخر بفرز مادة خاصة لها القدرة على إذابة جزء من المنطقة المشعة أو التاج المشع المحيط بالبويضة .
    فإذا ما دخل الحيوان المنوى أغلقت الباب وأحكمته تماماً .
        فإذا ما تم التخصيب وتكونت النطفة الأمشاج من الحيوان المنوى والبويضة ، يصنع الله جل وعلا للبويضة الملقحة جداراً سميكاً مصمتاً لا يمكن لأى حيوان منوى آخر اختراقة كما أن البويضة تخلع عنها تاجها المشع الذى كان يغرى الحيوانات المنوية بالإقتراب منها.
        ومنذ هذه اللحظة تبدأ بالإنشطار فى الخلية فتتحول إلى خليتين والخليتان إلى أربع وهكذا حتى تتكون مئات الخلايا على هيئة ثمرة التوت ،وفى خلال خمسة أيام أو سبعة أيام على الأكثر تكون قد وصلت إلى الرحم الذى استعد لها هو الآخر بالفرش والوسائد أى بالأوعية الدموية التى تغذيها وتنميها .
     ثم تتحول هذه النطفة الأمشاج بعد ذلك إلى المرحلة التالية وهى مرحلة العلقة وسميت بذلك لتعلقها بجدار الرحم .
     وتبدأ العلقة فى اليوم السابع فى التمايز إلى طبقتين خارجية وداخلية أما الخارجية فهى تأكل خلايا الرحم لتمتص الغذاء منها .
     وأما الداخلية فوظيفتها تكوين الجنين .
         وفى الأسبوع الرابع تتحول هذه العلقة إلى مضغة وقد سميت بذلك لانها بمقدار ما يمضغ من اللحم وقد بين العلم الحديث أن الجنين فى هذه المرحلة يبدو وكأن أسنانا قد غرزت فيه ومضغته ثم قذفته ثم تتحول هذه المضغة بقدرة الله جل وعلا إلى عظام وعضلات .
         وفى الأسبوع السادس والسابع تُكْسى هذه العظام باللحم .
         ثم يأتى الطورُ الأخير وهو طور التصوير والتسوية والتعديل ثم النفخ فى الروح وصدق ربى إذ يقول :
    وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ[المؤمنون:12]
        وفى الحديث الذى رواه مسلم من حديث حذيفة بن أسيد الغفارى أن النبى  قال : (( إذا مَرَّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكان ، فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ، ثم قال : يا رب! أذكر أم أنثى ؟ فيقضى ربك ما يشاء ، ثم يقول يا رب ! رزقه . فيقضى ربك ما يشاء ، ويكتب الملك . ثم يخرج المَلَكُ بالصحيفة فى يده ، فلا يزيد على ما أُمر ولا ينقص )) (1).
    وفى رواية بالصحيحين من حديث أنس   أنه  قال :
     ((إن الله عز وجل قد وَكَّلَ بالرحم ملكاً فيقول : أى رب نطفة . أى رب ! علقة ، أى رب ! مضغة . فإذا أراد الله أن يقضى خلقاً قال الملك : أى رب ! ذكر أو أنثى ؟ شقىٌ أو سعيد ؟ فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيكتب كذلك فى بطن أمه )) (2)
          إذا كان العلم الحديث يستطيع أن يتعرف على نوع الجنين فى مرحلة معينة من مراحل النمو فإن الله جل وعلا قد علم نوع الجنين قبل أن يلتقى الرجل مع امرأته .
       ويعلم الله هل سيكون المولود ولداً أم أنثى .
    ويعلم الله هل سيكون هذا المولود شقياً أم سعيداً .
     ويعلم الله رزقه ويعلم الله بأى أرض يموت . اسألوا أهل العلم وقولوا لهم أأنتم أعلم أم الله ؟!
     
    قل للطبيب تخطفته يد الردى
    قل للمريض نجا وعُوفي بعدما
    قل الصحيح مات لا من علة
    بل سائل الأعمى خطى وسط الزحام
     
    بل سائل البصير كان يحذر حفرةً
    وسل الجنين يعيش معزولاً بلا راع
    وسل الوليد بكى وأجهش بالبكاء
    وإذ ترى الثعبان ينفث سمه
    وأسأله كيف تعيش يا ثعبان
     
    وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت
    بل سائل اللبن المصفى من بين فرث
    وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا
    وإذا رأيت النبت فى الصحراء يربو
     
     يا شافى الأمراض من أرداك ؟!
    عجزت فنون الطب من عفاك ؟!
    من يا صحيح بالمنايا دهاك ؟!
    بلاً أصطدام من يا أعمى يقود خطاك؟!
     
    فهوىَ بها من ذا الذي أهواك ؟!
    ومرعى من ذا الذي يرعاك ؟!
    لدى الولادة ما الذي أبكاك ؟!
    فسله من يا ثعبان بالسموم حشاك ؟!
    أو تحيا وهذا السم يملأ فاك
     
    شهداً وقل للشهد من حلاك ؟!
    ودم من ذا الذي صفاك ؟!
    ميت فاسأله من أرباك ؟!
    وحدة فاسأله من أحياك ؟!
    وإذا رأيت النخل مشقوق النوى
    وإذا رأيت البدر يسرى ناشراً
    وإذا رأيت النار شب لهيبها
    وإذا ترى الجبل الأشم مناطحا قمم
    لله فى الآفاق آيات
    ولعل ما فى النفس من آيات عجب
     والكون مشحون بأسرار إذا
     
     
    فسأله من يا نخل شق نواك ؟!
    أنواره فسأله من أسراك ؟!
    فسأل لهيب النار من أوراك ؟!
    السحاب فسله من أرساك ؟!
    أقلها هو ما إليه هداك ؟!
    عجاب لو ترى عيناك ؟!
    حاولت تفسيرا لها أعياك ؟!

    أإله مع الله ؟!  أإله مع الله  ؟! أإله مع الله ؟!!
    سل الواحة الخضراء والماء جاريا
    سل الروص مزدانا سل الزهر والندى
    سل هذه الأنسام والأرض والسما
    ولو جن هذا الليل وامتد سرمدا
     
    وهذه الصحارى والجبال الرواسيا
    سل الليل والأصباح والطير شاديا
    سل كل شىء تسمع التوحيد لله ساريا
    فمن غير ربى يرجع الصبح ثانيا
    أإله مع الله ؟! أإله مع الله   ؟!     أإله مع الله  ؟!!
    انظر لتلك الشجرة
    كيف نمت من حبة
    ابحث وقل من ذا
    ذاك هو الله
    ذو حكمةٍ بالغةٍ
     
     
    ذات الغصون النضرة
    وكيف صارت شجرة
    الذى يخرج منها الثمرة
    الذى أنعمه منهمرة
    وقدرةٍ مقتدرة
     وأخيراً : يا أيها الإنسان ماغرك ؟!!
     عتاب مخجل من الله للإنسان الذى يقف بين يديه سبحانه وهو مقصر مذنب !! مغتر ، متبجح !! غير مقدر لعظمة الله وقدرته وجلاله .
    يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ   [الانفطار:6-8]
    أيها الإنسان المغرور من تكون ؟! وأين أنت من خلق السموات والأرض؟!!
    قال سبحانه :  لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [غافر:57]
    فالسموات والأرض معروضتان للإنسان يراهما بالليل والنهار ويستطيع أن يقيس نفسه إليهما فإذا علم حقيق النِّسَب والأبعاد وحقيقة القوى والأحجام يتصاغر ويتضاءل ويعلم أنه لا ذكر له ولا كرامة إلا بتكريم الله له ، وتشريفه بعبوديته له جل وعلا لينسجم مع هذا الكون الهائل الذى جاء مطيعاً منقاداً لله جل جلاله .
     ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ  [فصلت:11]
    فيا أيها الإنسان المغرور اعرف قدر ربك لتعرف قدر نفسك !!
    اعرف عظمة ربك لتعرف قدر نفسك !!
    اعرف كمال ربك لتعرف ضعف نفسك  : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [فاطر:15/17]
    ........... الدعـــاء  
     ___________________________________
    (1)الأهرام فى 22/3/1997 بقلم : عزت السعدنى .
    (1)رواه مسلم رقم (8341) فى النكاح باب حكم العزل .
    (1)رواه مسلم رقم (2645) فى القدر باب كيفية الخلق الآدمى فى بطن أمه .
     
     
    (2)رواه البخارى ومسلم رقم (2646) فى القدر باب كيفية الخلق الآدمى فى بطن أمه .

    كلمات مفتاحية  :
    الإستنساخ خطب مكتوبة

    تعليقات الزوار ()