بتـــــاريخ : 9/25/2009 7:29:28 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 569 0


    حُكم مزحة الكترونية ! فيها ادعاء علم الغيب وكذب وترويع

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | المصدر : www.islam-qa.com

    كلمات مفتاحية  :
    حُكم مزحة الكترونية

    ظهرت مؤخراً خدعة أو ما يسمَّى " مزحة الكترونية " ، وهي عبارة عن رابط الكتروني لموقع أجنبي يُرسل للشخص من قبل أصدقائه - عادةً - يطلب منك كتابة اسمك و 3 أسماء تحبهم ليعطيك نتيجة افتراضية لمقدار محبتهم لك ، أو العكس ، على سبيل المرح لا غير ، المشكلة هي أنك بعد كتابة اسمك و3 أسماء أخرى تفتح لك صفحة تخبرك بأنك خُدِعت ، وأن الشخص الذي أرسل لك الرسالة ( ويظهر لك إيميله ) تم إرسال الأسماء إليه !! هل تجوز هذه الخدعة أو المزحة ؟ وإذا حاججته بعدم جوازها وأن فيها خداعاً للمسلمين وقد يكون فيها خصوصيات ، كأن يكتب اسم زوجته أو شخص محبب له , يقول لك : أنا لم أجبره على المشاركة ! يذكرني ذلك بقول الله تعالى على لسان إبليس - أعوذ بالله منه - : ( وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني و لوموا أنفسكم ) الآية .

     

    الحمد لله
    أولاً:
    هذه المزحة السخيفة فيها مخالفة للشرع أعظم من الكذب ، وهي " الكهانة " ! وهذا الأمر لم ينتبه له الأخ السائل في سؤاله ، ولذا لم يتعرض للسؤال عنه .
    وهذه المخالفة وقع فيها أصحاب تلك المزحة السخيفة ، ووقع فيها – كذلك – من شارك في كتابة اسمه وأسماء ثلاثة ممن يريد معرفة درجة محبته لهم ، أو درجة محبتهم له ، وهذا الأمر غيبي لا يعلمه أحد إلا الله عز وجل ، فادعاء أصحاب الموقع أنهم يستطيعون معرفة ذلك : كذبٌ في نفسه ، وتصديق ذلك من قبَل المشارك ومشاركته فيه : يدخل في إثم إتيان الكهان وسؤالهم وتصديقهم ، وهو إثم عظيم يصل بصاحبه إلى الكفر ، فالعرَّافون والكهنة كذبة فجرة ، ومع ذلك فقد نُهي المسلم عن إتيانهم وسؤالهم حتى لو لمجرد السؤال ، ورتَّب على ذلك وعيداً ، وإذا جاءهم وصدَّقهم : فالوعيد أعظم .
    أما الوعيد الأول : فهو عدم قبول أجر صلاة أربعين يوماً .
    عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) .
    رواه مسلم ( 2230 ) .
    وأما الوعيد الثاني : فهو الكفر .
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا ، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ) .
    رواه الترمذي ( 135 ) وأبو داود ( 3904 ) وابن ماجه ( 639 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
    ومن ادعى علم الغيب : فهو كافر ، ومن صدَّق مَن يدَّعي علمَ الغيب : فإنه كافر أيضاً ؛ لقوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ) - النمل/من الآية 65 - ، فلا يعلم غيبَ السماوات والأرض إلا الله وحده ، وهؤلاء الذين يدَّعون أنهم يعلمون الغيب في المستقبل : كل هذا من الكهانة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن مَن أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً ) ، فإنْ صدَّقه : فإنَّه يكون كافراً ؛ لأنه إذا صدَّقه بعلم الغيب : فقد كذَّب قوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ) .
    "مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" (1/292) .
    ثانياً:
    ولو لم تكن تلك المزحة السخيفة تتعلق بادعاء علم الغيب : فإنها محرَّمة أيضاً ؛ لأن فيها كذباً ، وقد حثنا شرعنا الحنيف على الصدق في شأننا كله ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة/ 119 ، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا ) رواه البخاري ( 5743 ) ومسلم ( 2607 ) .
    والمزاح في الإسلام مباح ، والكذب فيه محرَّم ، وقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يمزح ، ولا يقول في مزحه إلا حقّاً .
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا ، قَالَ : ( إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا ) .
    رواه الترمذي ( 990 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
    ولذا : فإنه يحرم الكذب في المزاح .
    عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَه ) .
    رواه أبو داود ( 4800 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود " .
    ويحرم الكذب من أجل إضحاك الناس .
    قالُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَه ) .
    رواه الترمذي ( 2315 ) وأبو داود ( 4990 ) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - عقب هذا الحديث - :
    وقد قال ابن مسعود : " إن الكذب لا يصلح في جَدٍّ ، ولا هزل " ... .
    وأما إن كان في ذلك ما فيه عدوان على المسلمين ، وضرر في الدين : فهو أشد تحريماً من ذلك ، وعلى كل حال : ففاعل ذلك – أي : مضحك القوم بالكذب - مستحق للعقوبة الشرعية التي تردعه عن ذلك .
    " مجموع الفتاوى " ( 32 / 256 ) .
    وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – :
    ما حكم النكت في ديننا الإسلامي ، وهل هي من لهو الحديث ، علماً بأنها ليست استهزاء بالدين ، أفتونا مأجورين ؟ .
    فأجاب :
    " التفكه بالكلام والتنكيت إذا كان بحق وصدق : فلا بأس به ، ولا سيما مع عدم الإكثار من ذلك ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقّاً صلى الله عليه وسلم ، أما ما كان بالكذب : فلا يجوز ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له ) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي بإسنادٍ جيِّدٍ " انتهى .
    " فتاوى الشيخ ابن باز " ( 6 / 391 ) .
    ويحرم المزاح إن كان يؤدي إلى ترويع المسلم .
    عنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ عَصَا أَخِيهِ لاعِبًا أَوْ جَادًّا ، فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ ، فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ ) .
    رواه الترمذي ( 2086 ) وأبو داود ( 5003 ) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
    وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى نبْلٍ مَعَهُ ، فَأَخَذَهَا ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَزِعَ ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ : مَا يُضْحِكُكُمْ ؟ ، فَقَالُوا : لا ، إلا أَنَّا أَخَذْنَا نبْلَ هَذَا فَفَزِعَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا ) .
    رواه أحمد ( 23064 ) – واللفظ له - وأبو داود ( 4351 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
    وينظر جواب السؤال رقم (
    22170 ) ففيه بيان شروط المزاح الشرعي بالتفصيل .
    ويتبين لك أخي السائل المحاذير التي وقع فيها أولئك القوم جميعاً :
    1. ادعاء علم الغيب من أصحاب الرسالة المرسَلة .
    2. والكذب الحاصل منهم .
    3. ترويع المرسَل له .
    4. تصديق المرسِل لوجود من يدَّعي علم الغيب .
    5. مشاركته في إرسال اسمه وأسماء غيره .
    فالواجب على الجميع : التوبة النصوح ، والكف عن هذه الأفعال السخيفة ، والالتفات لأنفسهم ومعرفة جوانب التقصير عندهم ليكملوها ، والاشتغال بالطاعات ، ولا حرج في المزاح – كما سبق – على أن يكون وفق الضوابط الشرعية ، لا وفق الأهواء .
    والله أعلم

    كلمات مفتاحية  :
    حُكم مزحة الكترونية

    تعليقات الزوار ()