الجواب :
الحمد لله
أولاً :
نشكر لك ثقتك بالإسلام والاستفتاء عن أحكامه , ونتمنى أن تتوج هذه الثقة باختيارك للإسلام ديناً تعبدين الله وفق ما فيه , وقد لمسنا في كلامك أنك على جانب كبير من حسن الخلق ، ونرجو أن تتوجي ذلك أيضاً بإحسان الخلق مع الله ، وذلك بعبادته وحده لا شريك له ، بالدين الذي ارتضاه ، وأكمله ، وحفظه من الزيادة والنقصان والتغيير والتبديل .
ثانياً :
الزواج العرفي الذي ربطك بهذا الشاب زواج باطل ، لأنك متزوجة , والمتزوجة لا يصح نكاحها .
وقد ذكر الله تعالى المحرمات من النساء فقال : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ... وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ) يعني : المتزوجات .
ونعجب من هذا المسلم الجاهل بدينه إلى هذا الحد ، فهذا الزواج لا قيمة له ، ووجوده كعدمه، وهو باطل من يوم ما عقد .
وعلى هذا ، فلست زوجة لهذا الشاب .
ثالثاً :
يجوز للمرأة في ديننا أن تطلب الطلاق من زوجها الذي تكرهه ، ولا يمكنها الاستمرار في الحياة معه ، وسيؤدي استمرارها معه إلى تقصيرها في أداء حقه ، وكثرة المنازعات والخصومات . فإن لم يطلق فلها مخرج آخر وهو ما يسمى في ديننا بـ "الخلع" ، فترد إليه المهر الذي كان دفعه لها ثم يؤمر بطلاقها ، وذلك دفعاً للضرر الواقع عليها بسبب الحياة مع من تكره .
وهذا الحكم هو من محاسن شريعتنا ، وكثيراً ما تعرضت شريعتنا للطعن فيها بسبب مشروعية الطلاق ، مع أن العقل والواقع يثبتان أن ذلك من محاسنها .
ففي بعض الأحيان يكون الطلاق هو الحل الأمثل لقطع خصومات وعداوات لم تفلح معها محاولات الصلح المتكررة .
وكما جعل شرعنا للرجل المخرج من ذلك وهو "الطلاق" جعل للمرأة مخرجاً أيضاً ، وهو "الخلع" .
فنأمل أن تتأملي في محاسن ذلك ، وتأملي في وضعك أنت الآن وأنت مجبرة على العيش مع من تكرهين ، أي الحكمين أقرب إلى الحكمة وإلى العقل؟
ونأمل أن يقودك ذلك إلى مزيد من البحث عن الإسلام ، حتى تقفي على مزاياه ، وعلى أنه هو الدين الحق ، فينشرح صدرك للدخول فيه .
رابعاً :
إذا تم طلاقك من زوجك فلا مانع من أن تتزوجي ذلك المسلم أو غيره ، ولكن بشرط أن يكون ذلك بعد انقضاء العدة .
وعدتك هي ثلاث حيضات من أول وقوع الطلاق ، إن كنت تحيضين ، أو وضع الحمل إن كنت حاملاً .
وننبه إلى أن الزواج في فترة العدة زواج باطل في شرعنا ، ولا يصح .
خامساً :
لا يجوز للزوجة أن تمنع زوجها من الزواج بثانية أو ثالثة أو رابعة ، فقد أباح الله تعالى للرجل أن يتزوج بأربعة نساء ، وقد (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَشْتَرِطَ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا) رواه البخاري (2727) ومسلم (1413) .
أي : إذا أراد الزواج بثانية ، فلا يجوز لهذه الثانية أن تشترط عليه أن يطلق الأولى ، لما في ذلك من الاعتداء على أختها .
وكذلك أيضاً لا يجوز للزوجة الأولى أن تطلب طلاق الثانية ، أو تمنع زواجها من الأصل .
هذا هو حكم شرعنا في هذه المسألة ، غير أن كثيراً من الناس لجهلهم ، أو لقلة تعظيمهم لأحكام دينهم يخالفون هذا الحكم ، نسأل الله لهم الهداية .
ونسأل الله تعالى أن يفرج عنك همك ، وأن يهديك ويوفقك إلى ما يحب ويرضى .
والله أعلم