الجواب :
الحمد لله
نسأل الله جل جلاله أن يثبتك على الهدى والصلاح ، وأن يجبر كسرك ، ويعظم أجرك في مصابك .
ولا شك أن ما حدث هو مصيبة بكل المقاييس ، مصيبة في هذا الزوج الذي أعرض عن الطيب الطهور الذي أحله الله له من أهله ، وراح يتلوث بالنجس والقاذورات ، وانتكست فطرته حتى راح يفعل ما يفعل مع الرجال .
ثم كانت المصيبة مضاعفة بالعصبية الجاهلية من والده ؛ وبدلا من أن يأنف أن يكون ولده بهذه الحال ، تعصب له ، وقال ما قال ؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم .
ولو كانت هذه الفعلة زلت عارضة لرجل سيرته تدل على الصلاح ، لقلنا : لعله أن يتوب وينيب ، لكن الرجل مغموس في الخنا والقاذورات ، كما يبدو من حاله . هذا مع أن من ابتلي بهذه الفعلة الشنعاء ، فعلة قوم لوط ، قلما يوفق لخير أو صلاح بعدها .
قال ابن القيم رحمه الله ، في ذكره لمفاسد تلك الفعل الشنعاء :
" فَإِنّهُ يُحْدِثُ الْهَمّ وَالْغَمّ وَالنّفْرَةَ عَنْ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ . وَأَيْضًا : فَإِنّهُ يُسَوّدُ الْوَجْهَ وَيَظْلِمُ الصّدْرَ وَيَطْمِسُ نُورَ الْقَلْبِ وَيَكْسُو الْوَجْهَ وَحْشَةً تَصِيرُ عَلَيْهِ كَالسّيمَاءِ يَعْرِفُهَا مَنْ لَهُ أَدْنَى فِرَاسَةٍ . وَأَيْضًا : فَإِنّهُ يُوجِبُ النّفْرَةَ وَالتّبَاغُضَ الشّدِيدَ وَالتّقَاطُعَ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَلَا بُدّ . وَأَيْضًا : فَإِنّهُ يُفْسِدُ حَالَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فَسَادًا لَا يَكَادُ يُرْجَى بَعْدَهُ صَلَاحٌ ، إلّا أَنْ يَشَاءَ اللّهُ بِالتّوْبَةِ النّصُوحِ " انتهى .
"زاد المعاد" (4/235) .
وأما عن طلبك للطلاق منه : فلا حرج عليك فيه ؛ وإنما الممنوع للمرأة أن تطلب الطلاق من غير بأس بزوجها ، أما وقد منه ، ووجد فيه البأس ، كل البأس ، فلا حرج عليك في سعيك للطلاق منه ؛ فمثل هذا غير أمين عليك وعلى دينك وعرضك ، ويخشى أن يجلب لك السوء والأمراض من أفعاله الخبيثة .
فإن قبل طلاقك هكذا ، من غير محكمة ولا مشكلات : فبها ونعمت ، وإلا فارفعي أمرك للقاضي الشرعي ، وإن استدعى طلب طلاقك أن تقصي ما حدث : فلا حرج عليك فيه إن شاء الله ؛ فإن الشكاية إلى القاضي ، والتظلم ، ممن المواضع التي نص أهل العلم على جواز ذكر الخصم بما فعل ، وإباحة غيبته ، فيما يتعلق بأمر الخصومة .
قال الإمام النووي رحمه الله :
"اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها ، وهو ستة أسباب :
الأول : التظلم ، فيجوز للمظلوم أن يتظلم للسلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية ، أو قدرة على إنصافه من ظالمه ، فيقول : فلان ظلمني بكذا .
الثاني : الاستعانة على تغيير المنكر ، ورد العاصي إلى الصواب ؛ فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر : فلان يعمل كذا ، فازجره ، ونحو ذلك ، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر ، فإن لم يقصد ذلك كان حراما . " انتهى .
"رياض الصالحين" (432) .
وأما تنفيذ الحكم فيه ، وإقامة الحد عليه ، فهذا يرجع إلى رأي المحكمة ، وما يقوم عندها من البينة بذلك ، وإذا كنت قد شهدت بما علمت ، فلا تعلق لدمه برقبتك ، إن شاء الله ، هذا إذا ثبت ذلك لدى القاضي ، وأقام حكم الله فيه .
والله أعلم