ما لم ترصده (الكاميرات)..
هذا ما رأيتُ في المؤتمر السلفي لمناصرة غزة في الاسكندرية
(1) أما قبل..
منَّ الله عليَّ بحضور المؤتمر السلفي الذي قامت به الدعوة السلفية بالإسكندرية لمناصرة إخواننا في غزة...
أعداد غفيرة.. آلاف مؤلَّفة..
دعواتٌ طيباتٌ من أفواه أناس عرفوا معنى أن تحب امرءًا لا تحبه إلا لله..
مصابيح هُدى على الطريق.. أشعل فتائلها علماءٌ عاملين..
نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله..
وإن كانت الكاميرات قد رصدت فعاليات المؤتمر؛
إلا أنه قد فاتها الكثير....
(2) ثمر ..
عندما ترى عوام الناس الذين كانوا بالأمس القريب يخافون من الملتزمين ويصفونهم بالإرهابيين والمتطرفين..
عندما تراهم وقد وقفوا جنبًا إلى جنبٍ بجوار الملتزمين.. يساعدونهم في إقامة هذا المؤتمر.. ويعاونونهم في جمع التبرعات لصالح إخواننا في غزة..
عندما ترى الشوارع قد تكسدَّت بهذه الآلاف فلم يجدوا ما يجلسون عليه.. فيُخرج عوام الناس سجاجيد بيوتهم ويلقونها من النوافذ؛ حتى يجلس الناس عليها في الشوارع..
عندما تجد عوام الناس متعاطفين مع إخوانهم المسلمين في غزة.. الذين لا يجمع بينهم وبينهم إلا الدين.. متعاطفون رغم كل محاولات أعداء الإسلام لقطع أواصر الإخوة بين المسلمين..
عندما ترى ذلك.. تحمد الله أن آتت دعوة التوحيد والسنة ثمارها..
فأينعت ولله الحمد والمنة..
(3) وإخلاصهم..
كان أحدهم يمد يده ليخرج ما في جيبه ولا ينظر فيه..
ثم يضعه في حقيبة التبرعات..
حينما تزول شهوة المال..
وتصير الورقة فئة المائتين عندك كالورقة فئة الربع جنيه؛
لا تجد لإحداهما شهوة أو تعلقًا في قلبك دون الأخرى ما دامت لأخيك الذي لم تره، بل لا تعرف عينه..
حينئذٍ يأتي النصر..
فإن الله ينصر هذه الأمة بضعفائها:
بصلاتهم.. ودعائهم.. وإخلاصهم
(4) وللأطفال نصيب..
قصَّ علي أحد الذين كانوا يجمعون التبرعات هذه القصة:
أخذ يلهث خلفي.. يا شيخ.. يا شيخ..
نظرت إليه.. طفل صغير.. براءة الأطفال في عينيه..
يده الصغيرة تتشبث بقميصي..
وفي اليد الأخرى ربع جنيه..
دفع بالربع جنيه إليَّ.. هذا لإخواننا في غزة
يقول الأخ :
دمعت عيناي.. شعرت أن هذا الربع جنيه أعظم بركة من كل ما سواه..
انهالت التبرعات بعد ذلك في حقيبة التبرعات..
إلا أنني شعرت أن هذا الربع جنيه هو الذي أثقل الحقيبة..
(4) (بونبون)!!
كان الأطفال يضعون حلواهم في حقائب التبرعات..
يتخيل أحدهم أن هذه (البسكوتة) أو (البونبوناية) ستصل إلى طفل مسلم فيسعد بها.. فيؤثره على نفسه ويتبرع بها..
لا تعجب فقد رأيت ذلك بنفسي..
نعم والله..
إن مثل هذه (البونبوناية) لو بيعت في سوق من يزيد لما عدلتها أموال الدنيا..
فهي أصدق من ألف ألف كلمة..
(5) ومن حليِّهن ..
ذكر لي أحد إخواني وهو في المؤتمر أن امرأة من عامة الناس استوقفته..
مدت يديها إلى أذنيها.. وخلعت قرطيها ووضعتهما في يده قائلة:
هذا لإخواننا في غزة...
وقف الأخ حائرًا.. قال لها:
ماذا أفعل به؟
فأخذته من يديه.. ثم دخلت محل الذهب المجاور وخرجت بالمال في يديها ومعه فاتورة البيع ثم أعطته إياه بالفاتورة..
لم تكن تلك فقط.. وإنما كانت واحدة من كثيرات من نساء المسلمين ممن خلعن حليَّهن ووضعنه في حقائب التبرعات..
أسأل الله أن يبدل كل امرأة تخلَّت عن حليٍّ من حليِّ الدنيا من أجل إخواننا في غزة..
أن يبدلها خيرًا منه في جنة الرضوان..
(6) هذا ما أملك!
وقف أحد الفقراء ينظر إلى أيدي المتصدقين المنهالة على أكياس التبرعات..
يخرج أحدهم ما في جيبه مدخرًا إياه عند الملك الكريم..
احتبست دمعة في عينه.. وهو خاوي الجيب..
خلع سترته وأعطاها لأحد جامعي التبرعات..
هذا لإخواني في غزة..
لعل مَن يقاسي البرد منهم أن يستدفئ به..
وتابعه على هذا الفعل الكثيرون ممن خلعوا ملابسهم وتبرعوا بها لصالح إخوانهم..
وغيرهم ممن لم يجدوا ما ينفقونه أخرجوا هواتفهم الجوالة وانتزعوا شريحتها، ثم وضعوها في حقيبة التبرعات..
لله درهم.. وعلى الله أجرهم..
(7) ذقتُ..
وقفت في الصلاة في اليوم الثاني..
وعندما رفع الإمام يديه ليدعو في قنوت النوازل..
ولما قال:
اللهم انصر إخواننا في غزة
لامست الكلمة أذناي..
وسرت في كياني..
سرت قشعريرة في جسدي..
لقد كان لكلمة (إخواننا) شعور آخر..
(8) أما بعد..
أهلي في غزة..
..أنتم في القلب