جدوى مشروعات السكك الحديدية
إنشاء السكك الحديدية من مشروعات البنية الأساسية التى تتطلب استثمارات رأسمالية كبيرة. وكغيرها من الاستثمارات الحيوية فإنها يجب أن تخضع لدراسة الجدوي الاقتصادية، وإن كانت مثل هذه المشروعات تحكمها ضوابط خاصة بحكم أنها تميل إلي معايير الأجل الطويل. ونجاح مثل هذه المشروعات يرتبط بشكل مباشر بعاملين أساسيين هما؛ حركة نقل المواد الخام والبضائع والمنتجات الصناعية والزراعية بشكل أساسى، وحركة نقل الركاب.
وهذه العوامل ترتبط بالضرورة بعوامل أخري تتعلق بحجم ومستوي هذه الحركة والتى تعتمد بدورها علي حجم الإنتاج من ناحية، والكثافة السكانية وحركة التنقل من ناحية أخري. ولحركة التنقل بالسكك الحديدية محددات اجتماعية إلي جانب محدداتها الاقتصادية البحتة، إذ تزدهر هذه الحركة إذا كان المجتمع يتعامل مع وسائل النقل الجماعية ولا يركز بشكل كبير علي الوسائل الخاصة كالسيارات الصغيرة مثلاً. هذه العوامل والمحددات تشكل حيزاً مهماً فى تقدير الجدوي الاقتصادى لمثل هذه المشروعات. وتأسيساً علي ذلك يمكن القول إن هناك ثمة حقائق متغيرة فى الاقتصاد السعودى تجعل من هذه العوامل ما يؤهلها للبدء فى التفكير الجدى لتوسيع شبكة السكك الحديدية القائمة حالياً فى المملكة العربية السعودية والمتركزة فى خط الرياض - المنطقة الشرقية.
إن التوجه نحو فتح الاقتصاد السعودى للاستثمارات الأجنبية والتركيز علي قطاعات بِكر حالياً مثل قطاعات التعدين والتحجير، قد يسهم بشكل كبير فى خلق جوانب مشجعة لجدوي مثل هذه المشروعات بالإضافة إلي مؤثرات منحني الكثافة السكانية ونزعة التنقل فى المجتمع والتى سجلت تغيراً هيكلياً يختلف عن نمط التنقل التقليدى الذى ساد لفترة طويلة.
إن دراسة جدوي مشروعات السكك الحديدية فى المملكة العربية السعودية قد حظى باهتمام وزارة المواصلات فى السنوات الأخيرة وشكّل محوراً متنامياً يدعو إلي مساهمة فعاليات القطاع الخاص وفرصة للاستثمارات الأجنبية المباشرة فى هذا القطاع الحيوى وفتح قنوات استثمارية جديدة يمكنها أن تستوعب بعض المدخرات الوطنية أو تجذب بعض الرساميل الأجنبية، وهى نافذة استثمارية تستحق الدراسة والاهتمام.
ومن الطبيعى أن يكون لتكامل البنية الأساسية وتنوعها فى الاقتصاد الوطنى عاملاً مساعداً لتنمية قطاعات الاقتصاد المختلفة بحيث تكوِّن فى مجملها عمليات ربط ودفع تساند هذه القطاعات علي تفعيل إمكاناتها وقدراتها وخلق مناخ يفجِّر طاقات الاقتصاد ويتيح لموارده المتاحة فرص التوظيف الأفضل والاستثمار الأمثل. ويمكن القول إن توسيع دوائر الاستثمار فى الاقتصاد الوطنى يخلق فيه قوة دفع ذاتية تحقق وفورات حقيقية تعمل فى نهاية الأمر علي رفع مستوي الأداء وزيادة الكفاءة وتوظيف الموارد الاقتصادية المتاحة بدرجة أفضل وأكثر شمولية وتنوع.