عقد المقاولة في الفقه الإسلامي والتطبيقات المعاصرة
د. توفيق الطيب البشير
يعتبر التشريع الإسلامي صاحب السبق المتفرد في إخراج عقد المقاولة للناس بضوابطه المعروفة حالياً، فقد كان السائد طبقاً للقانون الروماني أن الشخص يعمل في خدمة صاحب العمل، وكان العامل في البداية ينتمي لفئة العبيد، ولذلك اعتبر العمل عاراً لا يقوم به السادة الرومان الأحرار. ثم تطور الأمر في عصور متأخرة إلى صورة تقترب من العبودية، وهي السخرة, وكانت التزاماً على عاتق الفلاَّحين نحو أمراء الإقطاع أن يعملوا مجاناً لديهم مقابل طعامهم وإقامتهم في أكواخ صغيرة، فيحقق أمير الإقطاع أرباحاً هائلة على حساب جهودهم وعملهم. وكان الامتناع عن العمل بالسخرة جريمة يتولى أمير الإقطاع بنفسه محاكمة الفلاَّحين عليها ويصدر أحكاماً ينفذها بواسطة رجاله، بالسجن أو الجلد.
ولما جاء الإسلام ظهرت حقوق العامل في الأجر الذي يكون ثمرة جهده وعرقه، وحريته في العمل لدى من يشاء، وأن يرفض العمل الذي لا يطيقه أو يتناسب مع قدراته أو كفاءته أو ميوله أو معتقداته، وكانت هذه ثورة الحرية الأولى في تاريخ الإنسان. وقد كـرَّم الإسلام العامل واعتبر عمله مصدراً للدخل المشروع ، بل واعتبر العمل عبادة، وحرم ظلم أصحاب الأعمال للعمال، فقال الرسول المصطفى سيدنا محمد