الحلقة 25: إغاثة اللهفان
أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين. وخير الغافرين عز وجل إذا أردت أن يغفر لك ذنوبك فاغفر ذنوب عباده وإذا أردت أن يسرك يوم القيامة فسُرّ عبد من عباده في الدنيا وإذا أردت أن يفرّج كربك يوم القيامة ففرِّج عن عبدٍ من عباده كرباً وأغث لهفاناً، إذا رأيت إنساناً في مشكلة في ورطة فقف معه وقد لا يكلفك شيئاً إلا موقفاً كريماً. إغاثة اللهفان أن تنصر الضعيف وأن تعين العاجز، واحد ماشي في الشارع يحمل حملاً ثقيلاً ينوء به أعِنه على حمله، أنت ماشي في سيارتك والدنيا حرٌ أو برد وواحد واقف في الطريق العام منقطع يومئ لك لكي تحمله نحن في الغالب نسير ولا نبالي ونقول يقف له من بعدنا وكلٌ منا يقول هذا فيبقى هذا المسكين ساعات لا يوجد من يحمله فما بالك لو وقفت أنت وحملته إلى حيث تذهب؟ واحد ضعيف تكالب عليه مجموعة من الشباب السفهاء أو واحد قوي يصرخ أغيثوني أغيثوني إستغاث بك وأنت مارٌ في الطريق، واحد دخل عليه لص فصرخ النساء والأطفال، شبّ في بيت حريق فعليك أن تقف معهم. كلما رأيت رجلاً أو عائلة أو امرأة أو طفلاً يحتاج إلى نجدة فقِف معه (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ (15) القصص) شهامة ونخوة، (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ (24) القصص). هكذا هي هذه العبادة الجميلة التي فيها شهامة وفيها مروءة وفيها رجولة وفيها ضمير ووجدان وفيها أخلاق عالية وفيها نجدة وففيها كل الصفات الجميلة التي يحبها الله عز وجل كلها تتجسم فيك إذا وقفت مع صاحب حاجة ملهوف وضعيف وعاجز تقف معه مهما يكون الأمر. واحد في المحكمة مظلوم جاؤوا له بشهود زور تشهد معه إذا كنت تعرف الحقيقة ولو أوذيت. وكما تحدثنا سابقاً عن إصلاح ذات البين قد تنفق من مالك، بهذه العبادات الرائعة أن تغيث اللهفان هذا رقيّ هائل رجولة ونخوة وهذه صفات يحبها الله عز وجل لأنه صفات عباده الصالحين، إذا فعلت ذلك فإن خير الغافرين أكرم منك وحينئذ سوف تعرف ماذا سيجازيك يوم القيامة ليس فقط بمغفرة الذنوب ولكن برفعة الدرجة هناك حيث يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه سوف ترى أن الله معك سبحانه وتعالى خطوة خطوة. وإذا أدخلت السرور على أهل بيت سرّك الله يوم القيامة بل إن الله سبحانه وتعالى يخلق من هذا السرور ملكاً جميل الوجه يؤنسك في البرزخ والبرزخ حياة موحشة ما بين الموت والحياة الآخرة. إذن إذا أردت أن تنال مغفرة ونِعَم وكرم خير الغافرين فأكرِم عباده بإغاثة اللهفان وقضاء الحوائج وإدخال السرور على الضعفاء حينئذ أنت في رعاية خير الغافرين