الحلقة 28: وبشِّر الصابرين
أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين. ولا نزال ننهل من كرم خير الغافرين عز وجل بأيسر العبادات. وقلنا أن الله يغفر الذنوب جميعاً بعمل أو حركة أو كلمة أو جملة أو بيت من الشعر أو قراءة آية، حينئذ تقول ما عذر من يدخل النار؟ كلنا يصاب بمصيبة ما من إنسان منذ أن يولد إلى أن يموت إلا ويصاب بمصيبة في ماله في بدنه، في أهله، يكون فقيراً، يُسجن، يُعتقل، يموت واحد من أقاربه ورب العالمين سمى الموت مصيبة، سيارتك تعطلت في الصحراء، حصل لك حادث، خسرت تجارة، كل واحد منا في نقص من الأموال والأنفس والثمرات قال (وبشر الصابرين) رب العالمين يقرر أن من صبر فله البشارة، من أصابته مصيبة الموت أو غيره أية مصيبة كانت في ماله في نفسه في بدنه في وطنه في جيرانه شيء يؤلمه فصبر قال بشروه لأن الله تعالى قال (بشر الصابرين). ما الدليل على أني صبرت وحُشرت مع الصابرين؟ بجملة واحدة إذا قرأتها على مصيبتك فأنت واحد منهم (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) البقرة) فقط ليس مطلوباً منك غير هذه الجملة (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) خمس كلمات تقولها على أي مصيبة صغيرة أو كبيرة تُحسب من الصابرين المبشرين بالجنة بالمغفرة الكاملة. ليس فقط المغفرة وإنما قال تعالى (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة) عليهم صلوات من ربهم، ورحمة، وأولئك هم المهتدون، ثلاث نِعَم عظيمة هائلة تصيب صاحب المصيبة إن هو قالها على مصيبته (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ). والحديث يقول هذا صاحب المصيبة طبعاً المصيبة بعد أيام ينساها وكل شيء يولد صغيراً ثم يكبر إلا المصيبة تولد كبيرة ثم تصغر وبعد أيام أو أسابيع ينساها لكن قد يتذكرها كل سنة مرة كل سنتين مرة كلما تذكر تلك المصيبة فأحدث لها استرجاعاً كالذي فعله أول مرة يعطيه الله من الأجر بقدر ما أعطاه أول مرة حتى لو كررها في اليوم ألف مرة. حينئذ نقول ما عذر من يدخل النار وله ربٌ كريم بهذا الكر الذي لا تحيط به العقول (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة) وحينئذ مصابنا حتى في ملابسنا حتى في سيارتنا حتى في أقاربنا ما منا إلا وأحد يحزن لخيرٍ فاته أو شرٍ وقع عليه حتى الشوكة يشاكها والرسول r قال أن المسلم يؤجر بالشوكة يشاكها وذكرنا سابقاً الصداع والحمّى بأي شيء كل شيء يؤذيك الهم والحزن تقول إنا لله وإنا إليه راجعون تدخل في هذا السياق الهائل (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة) يا له من ربح هائل برأسمال لا يكاد يُذكر لسهولته ويسره على اللسان (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) هذه الجملة القصيرة عند الله عظيمة أنت لا تدرك عظمتها عند رب العالمين من أجل هذا أعطاك كل هذا فقولوا (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).