الحلقة 24:
زمرة التجار الصدوقين
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) النساء) والتجار مذمومون لشدة حب الناس للمال كما قال r: "التجار هم الفُجّار" كبار التجار أصحاب الأموال الهائلة أحياناً يتساهلون كثيراً في الحلال والحرام ومع هذا فإن منهم شريحة صغيرة تأتي زمرة عظيمة يوم القيامة كما يقول r: "التاجر الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء". هذا التاجر الصدوق رغم حبه للمال لكنه متمسك بالحق وقد وصفه الرسول r بصفات إذا توقرت بالتاجر صار مع الأنبياء والصديقين والشهداء، يقول r: " أفضل الكسب كسب التجار الذين إذا حدّثوا لم يكذبوا وإذا وعدوا لم يُخلِفوا وإذا باعوا لم يمدحوا وإذا اشتروا لم يذمّوا وإذا كان لهم لم يمطلوا وإذا كان عليهم لم يعسّروا" هذه المجموعة بهذه الصفات التي تشق على النفس أن يكون التاجر الغني الذي يسيل المال بين يديه بهذا الإنضباط الشديد فيه مشقة عظيمة. والصبر على هذه المشقة لوجه الله عز وجل ترفع التاجر إلى مقام النبيين والصديقين والشهداء. فيما عدا ذلك فإن الهلكة قريبة من أصحاب المال لقوله تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) آل عمران) وإن اللهم يعمّر هذه الدنيا بقِلّة عقول أهلها. ومن شروط هذا التاجر الصدوق أنه يذكر الله تعالى في السوق لأن السوق محل للغفلة " أبغض البقاع إلى الله الأسواق وأحب البقاع إلى الله المساجد"، فإذا دخل السوق ذكر الله تعالى فيه ونعرف جميعاً أن للسوق دعاء عجيب، كل من يدخل السوق ويقرأه فإن الله تعالى يكتب له مليون حسنة ويحط عنه مليون سيئة. هذا الدعاء هو: لا إله إلا الله وحده لا شريط له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. وكان صالحو هذه الأمة ولا يزالون إلى اليوم يذهبون إلى السوق ولا حاجة لهم فيه لكن لمجرد قراءة هذا الدعاء، هذا عندما كان السوق واحداً في كل المدينة أما الآن فجميع المدينة سوق فما عليك إلا أن تنزل من بيتك لتدخل في سوق من الأسواق فتقرأ الدعاء وقد تقرأه في اليوم مرتين أو ثلاث أو أربع. هؤلاء التجار الصدوقين مع الأنبياء والصديقين والشهداء يوم القيامة لشدة ما يعانون من قهر نفوسهم والتغلب على لذة المال وحب شهوته التي تملك الأفئدة وإلا فإن الأصل في التجارة أن لا تحلل ولا تحرم لشدة لذة المال على النفوس. نسأله تعالى أن يرزقنا من حلاله لا من حرامه وأن يغنينا بفضله عمن سواه