الحلقة 14: إعادة للحلقة الثانية
الحلقة 15: أصحاب القلوب السليمة
ومن الاسبقين الذي يحبهم الله عز وجل بل من كبار السابقين هم الذين يأتون بسلامة اقلب مع كل متطلباتها (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) ولكي يكون قلبك سليماً لا بد أن تكون يدك سليمة ولكي تكون يدك سليمة لا بد أن يكون لسانك سليماً. القلب السليم باختصار ليس فيه غل لمسلم مهما كانت بينه وبين أحد الناس عداوة (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يقلاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) لا غل لا حسد لا بغضاء قد يكون بيني وبينك مشكلة لكن لا أحقد عليك أو أتمنى لك الشقاء أو أقتلك أو أنتقم منك، لا ولكن قلبي سليم فلا أحقد عليك. الحقد والبغضاء داء وبيل يمنع صاحبهما من المغفرة في كل مواطن المغفرة فلكي تكون من السابقين لا بد أن تكون سليم القلب من كل ما يجعل بينك وبين مسلم حجاباً. وهذا الآن أصبح مفقوداً إلا من رحم ربي شاع الحقد والبغضاء بين المسلمين وهم يصلون في مسجد واحد نعوذ بالله، هذا هو البلاء العظيم. ولكي تكون سليم القلب لا بد أن تكون سليم اليد. عندما تكون سليم القلب فإنك لا يمكن أن تمد يدك بالعداوة على مسلم ولهذا حتى لو مددت يدك لكي تمزح معه مخيفاً له فقد ذهبت منك صفة سلامة القلب والأحاديث في هذا متوفرة أن رجلاً أخذ نعل رجل فأخافه قال لا تخوفوا المسلم فإن مخافة المسلم عذاب يوم القيامة، لعن الله من أشار إلى أخيه بحديدة، لعن الله من أشار إلى أخيه بسيفه غير مغمود ربما يخيفه قليلاً. هذا الذي يجري في العالم الآن من الإخافة بعضهم يخيف بعضاً حاكم ومحكوم، مسلم ومسلم، بين مذهب ومذهب وطائفة وطئافة حالة من اليأس يوم القيامة، من أعان على قتل أخيه ولو بشق كلمة يأتي يوم القيامة مكتوب على جبهته آيس من رحمة الله، إذن هذا الذي يجري في العالم الإسلامي ركام من النار وفي مثل هذا الركام قد يظهر واحد أو إثنان أو عشرة أيديهم نظيفة " فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فضع ثوبك على رأسك يبوء بإثمك وإثمه". لا تكون سليم القلب من السابقين السابقين إلا إذا كنت سليم اليد لا تمد يدك إلى مسلم بأذى ولا تمد يدك إلى متل حرام رشوة أو سرقة أو غلول فيدك سليمة كسلامة قلبك. وإذا كان قلبك سليماً ويدك سليمة فينبغي أن توفر الحلقة الثالثة أن يكون لسانك سليماً. قد تكون سليم القلب لا تحمل حقداً وقد تكون سليم اليد لم تقتل ولم تسرق ولكن لسانك بمزاح أو غير مزاح قد يغتاب، قد يعيب، قد يغمز، قد يلمز، هذا يقدح ويخل بكونك سليم القلب وسليم اليد. من أجل ذلك كانت الغيبة وباء عظيماً فهي سرطان الأعمال، رجل جاء بعمل كثير يوم القيامة صوم وصلاة وحج وكما في الحديث: إن الرجل يأتي بأعامل كالجبال وقد أخذ قسطاً من الليل ثم لا يجد عند الله منها شيئاً فيقول يا رب أين عملي فلان وفلان؟ فيقال أكلتها الغيبة. فإذن سلامة قلبك وهي مرحلة أولى مع سلامة يدك وهي مرحلة ثانية يقتضي لها المرحلة الثالثة سلامة لسانك. لأن عدم سلامة لسانك تنسخ وتحبط عملك كله. من قال لأخيه يا مشرك فقد حار بها أحدهما. رجل من أهل القبلة يقول لا إله إلا الله تقول له يا مشرك، يامبتدع، يا كافر (وهذا يحدث اليوم) بهذا العمل تأتي يوم القيامة وأنت مشرك يحشرك الله مع المشركين. ولهذا الآية تقول (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها) هذا غير الذي قتل نفساً هذا الذي عليه القصاص وانتهى، لكن هذا الذي يقتل مؤمناً ويدّعي أنه مشرك فجزاؤه جهنم خالداً فيها القاتل ذاك حتى لو لم يقتص منه يعذّب على جريمته ثم يخرج لكن الذي يقتل مؤمناً يقول لا إله إلا الله ومن أهل القلبة ولم يرتكب عملاً مما يجيز قتله وهي محدودة النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفرّق للجماعة، إذا لم يفعل هذا ثم تقول أنه مشرك فقد بُعثت يوم القيامة مشركاً. إذن معروف أن سلامة القلب عمل عظيم ولكنها تقتضي جهوداً وصبراً فإذا استطعت أن يكون قلبك خالياً من الحقد والضغينة والبغضاء سهل عليك أن تأتي سليم اليد عن ضرب أو غمز أو لمز وسليم اللسان عن الغيبة والسخرية والنميمة والاتهام بالكفر وما إلى ذلك. حينئذ نقول من السابقين من يكون سليم القلب فإذا كان سليم القلب وسليم اليد وسليم اللسان أحبه الله عز وجل وإذا أحبه الله نظر إليه وإذا نظر إليه فلا يعذبه أبداً، وأولئك هم السابقون السابقون من أجل هذا إذا أردت أن تصل إلى هذه المرتبة العظيمة وهم جلساء الله يوم القيامة في الفردوس الأعلى كما قال r: سلوا الله الفردوس الأعلى فإنها مقصورة الرحمن" وكما قال تعالى (والذين عند ربك) (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) فهم جلساء الله يوم القيامة وناهيك بذلك فخراً تكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وقلة قليلة من بين هذه الأمة العظيمة هم الذي يتبوأون المكان الخطير وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، تحتاج إلى صبر وإلى جهد وإلى همة عظيمة الذين يدربون أنفسهم ومن رحمة الله أنك تستطيع أن تفعل هذا ولو قبل موتك بعام. إذا استطعت أن تكون هكذا قبل موتك بعام وأنت عشت سبعين عاماً وأنت لست بشيء ثم تاب الله عليك ودربت نفسك وأصبحت سليم القلب وسليم اللسان وسليم اليد بشهر واحد فأنت من السابقين لأن الإنسان يبعث على ما يختم عليه من عمله، آخر أعمالك كيف تكون فإنك هكذا "ومنكم من يكون من أهل النار حتى لا يبقى بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" اللهم اجعلنا من السابقين السابقين ولو بالدعاء