الزكاة هي الركن الخامس من أركان الإسلام ، وإخراج زكاة الفطر نقداً لا يجوز
يقدم المسلمون هذه الأيام زكواتهم ، فما هو توجيه سماحتكم حول ذلك ، وماذا عن زكاة عيد الفطر المبارك ؟ وهل يجوز دفعها نقداً ؟
قد فرض الله سبحانه وتعالى على عباده زكاة أموالهم ، وأمرهم بأدائها ، وجعلها من أركان الإسلام الخمسة ، قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [1] ، وقال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[2] ، والآيات في ذلك كثيرة . وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(( بني الإسلام على خمس ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان ، وحج البيت ))[3] متفق على صحته . فالواجب على جميع المسلمين أن يؤدوا زكاة أموالهم إلى مستحقيها رغبة فيما عند الله ، وحذراً من عقابه ، وقد بين الله مستحقيها في قوله عز وجل في سورة التوبة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[4] . وأخبر سبحانه في سورة التوبة أيضاً أن الزكاة طهرة لأهلها ، فقال سبحانه : (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )) [5] . وتوعد من بخل بها بالعذاب الأليم ، حيث قال سبحانه: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [6] . وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن كل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز ، يعذب به صاحبه ))[7] ، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم : (( أن كل صاحب إبل أو بقر أو غنم لا يؤدي زكاتها فإنه يعذب بها يوم القيامة )) [8] . وفرض الله على المسلمين أيضاً زكاة أبدانهم كل سنة ، وقت عيد الفطر ، كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : (( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر : صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على الذكر والأنثى ، الحر والمملوك ، والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة )) [9] . هذا لفظ البخاري . وفي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : (( كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط ))[10] . ويلحق بهذه الأنواع في أصح أقوال العلماء كل ما يتقوت به الناس في بلادهم ، كالرز والذرة والدخن ونحوها ، وهي طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما خرجه أبو داود وابن ماجة وصححه الحاكم ، فيجب على المسلمين أن يخرجوا هذه الزكاة قبل صلاة العيد ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبلها . ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين ، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلون ذلك . وبذلك يعلم أنه لا مانع من إخراجها في اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين وليلة العيد ، وصباح العيد قبل الصلاة ؛ لأن الشهر يكون ثلاثين ويكون تسعة وعشرين كما صحت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم . ولا يجوز إخراج القيمة في قول أكثر أهل العلم ؛ لكونها خلاف ما نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ، وقد قال الله عز وجل: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ[11] ، وقال سبحانه : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [12] . والله ولي التوفيق .
[2] سورة النور ، الآية 56
[3] رواه البخاري في 0 الإيمان ) باب بني الإسلام على خمس برقم 8 ، ومسلم في ( الإيمان ) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام برقم 16 ، والترمذي في ( الإيمان ) باب ما جاء بني الإسلام على خمس برقم 2609 ، واللفظ له
[4] سورة التوبة ، الآية 60
[5] سورة التوبة ، الآية 103
[6] سورة التوبة ، الآيتان 34 ، 35
[7] رواه الإمام مالك في الموطأ ( كتاب الزكاة ) باب ما جاء في الكنز برقم 595
[8] رواه البخاري في ( الزكاة ) باب زكاة البقر برقم 1460 ، ومسلم في ( الزكاة ) باب إثم مانع الزكاة برقم 988
[9] رواه البخاري في ( الزكاة ) باب فرض صدقة الفطر برقم 1503
[10] رواه البخاري في ( الزكاة ) باب صدقة الفطر برقم 1506 ، ومسلم في 0 الزكاة 9 باب زكاة الفطر على المسلمين برقم 985
[11] سورة النور ، الآية 54