بتـــــاريخ : 3/20/2009 12:26:29 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1299 0


    من أحكام الخاتم

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : يحيى بن موسى الزهراني | المصدر : www.alsalafway.com

    كلمات مفتاحية  :
    احكام الخاتم فقه


    من أحكام الخاتم

     

     

    كتبه / يحيى بن موسى الزهراني (إمام الجامع الكبير بتبوك)

     

    بسم الله الرحمن الرحيم

     

    الحمد لله وكفى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وصلاة وسلاماً على نبيه الذي اصطفى ، خير البشر طهراً ، وأعظمهم لربه ذكراً ، وأكثرهم له شكراً ، وعلى آله وصحبه أهل الهدى والتقى . . . أما بعد :

    فهذه جملة من أحكام الخاتم التي ربما احتاج إليها المسلم والمسلمة ، جمعتها في بوتقة سهلة ميسرة ، ليسهل قطف ثمارها ، ونيل أزهارها ، واكتساب أجرها ، فهي من العلم وفي طلب العلم ، ولا يخفى ما للعلم من فضيلة ، وما فيه من حسنات كبيرة ، والله المسؤول أن يوفق من ألفها ، وقرأها ، وأعان على نشرها ، ولله الحمد من قبل ومن بعد .

     

    1- هل اتخاذ الخاتم سنة أم لا ؟

    عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ مِثْلَهُ ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَدِ اتَّخَذُوهَا رَمَى بِهِ ، وَقَالَ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا ، ثُمَّ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الْفِضَّةِ ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ : فَلَبِسَ الْخَاتَمَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ عُمَرُ ، ثُمَّ عُثْمَانُ ، حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمَانَ فِي بِئْرِ أَرِيسَ " [ متفق عليه ] .

    قال العلماء : إن التختم سنة لمن يحتاج إليه ، كالسلطان والقاضي ومن في معناهما ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو المسؤول عن الأمة آنذاك اتخذ الخاتم للضرورة ، فمن مسؤولاً واحتاج الخاتم ، فهو متبع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وعليه فالخاتم في حقه سنة .

    أما غير أولئك فالأفضل عدم التختم ، وإن تختم غيرهم فهو من باب الزينة وهو جائز .[ الموسوعة الفقهية 11 / 24 بتصرف ] .

    إذاً الأصل في الخاتم أنه ليس سنة إلا لمن احتاج إليه ، كما فعل النبي صلى الله عليه سلم ، فمن احتاج إلى الخاتم للضرورة فهو سنة ، ومن لم يحتج إليه فهو جائز في حقه .

    قال الإمام مالك رحمه الله : سأل صدقة بن يسار سعيد بن المسيب فقال ـ يعني سعيد ـ : البس الخاتم ، وأخبر الناس أني قد أفتيتك . [ فتح الباري 10/400 ] .

    وهذا يدل على الجواز .

     

    2- في أي يد يكون الخاتم ؟

    عَنْ عَبْدَاللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، وَجَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ ، فَاصْطَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ ، فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ : " إِنِّي كُنْتُ اصْطَنَعْتُهُ ، وَإِنِّي لَا أَلْبَسُهُ ، فَنَبَذَهُ ، فَنَبَذَ النَّاسُ " قَالَ جُوَيْرِيَةُ : وَلَا أَحْسِبُهُ إِلَّا قَالَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى " [ أخرجه البخاري ] .

    وعَنْ ثَابِتٍ أَنَّهُمْ سَأَلُوا أَنَسًا عَنْ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ أَوْ كَادَ يَذْهَبُ شَطْرُ اللَّيْلِ ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : " إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَنَامُوا ، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ " قَالَ أَنَسٌ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ مِنْ فِضَّةٍ ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُسْرَى بِالْخِنْصِرِ " [ أخرجه البخاري ] .

    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ ، فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ ، كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ " [ أخرجه مسلم ] .

    وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، فَتَخَتَّمَ بِهِ فِي يَمِينِهِ ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ : " إِنِّي كُنْتُ اتَّخَذْتُ هَذَا الْخَاتَمَ فِي يَمِينِي ، ثُمَّ نَبَذَهُ وَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ " [ أخرجه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ  ] .

    والتحقيق في المسألة : أن التختم في اليمين أو اليسار كله جائز ، لورود الأحاديث بهذا وبهذا ، يقول النووي رحمه الله تعالى : " وأما الحكم في المسألة عند الفقهاء ، فأجمعوا على جواز التختم في اليمين ، وعلى جوازه في اليسار ، ولا كراهة في واحدة منهما ، واختلفوا أيتهما أفضل ؟

    فتختم كثيرون من السلف في اليمين ، وكثيرون في اليسار ، واختار النووي رحمه الله التختم في اليمين أفضل ، لأنه زينة ، واليمين أشرف ، وأحق بالزينة ، والإكرام " [ شرح النووي 14 / 299 ] .

    وقال بعض العلماء : أن التختم في اليسار أفضل ، لأنه في هذه الحالة يكون أخذ الخاتم واستخدامه باليمين ، فيلبسه باليمين ، وينزعه باليمين ، بخلاف ما إذا كان في يمينه فإنه سيستخدم يسراه في اللبس والنزع والاستخدام .[ حاشية السندي على سنن النسائي 8/ 554 ] .

    وقال البيهقي رحمه الله : " وان أبا بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلى بن أبي طالب ، وحسناً وحسيناً ، كانوا يتختمون في يسارهم " [ الآداب 373 ] .

    وعن عبد الله بن نوفل قال : رأيت ابن عباس يتختم في يمينه ، ولا إخاله ـ أظنه ـ إلا قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه [ حسن صحيح ] .

    وكان الحسن والحسين يتختمان في يسارهما [ صحيح ] .

    وقال حماد بن سلمة : " رأيت ابن أبي رافع يتختم في يمينه ، فسألته عن ذلك ؟ فقال : رأيت عبد الله بن جعفر يتختم في يمينه ، وقال عبد الله بن جعفر : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه [ صحيح ] [ انظر كل ذلك في صحيح سنن الترمذي للعلامة الألباني رحمه الله تعالى 2 / 275 ] .

    قال البغوي رحمه الله : " كان آخر الأمرين من النبي صلى الله عليه وسلم لبسه في اليسار " [ شرح السنة 12 / 58 ] .

    وسئل الإمام أحمد رحمه الله عن التختم في اليمنى أحب إليك أم اليسرى ؟

    فقال : في اليسار أقر وأثبت . [ الآداب الشرعية 4 / 184 ] .

    وأقول : لبس الخاتم في اليمين هو دلالة السنة الصحيحة الصريحة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لبسه في يمينه ، ولبسه في يساره ، وكان في اليمين أكثر كما قاله أبو زُرعه ، ولأن اليمين محل تكريم وتشريف ، بعكس اليسرى فهي آلة الاستنجاء ، فيصان الخاتم عن أن تصيبه النجاسة .

    بل قال البخاري رحمه الله : إن حديث عبد الله بن جعفر أصح شيء ورد فيه ، والذي ورد في حديث بن جعفر أن التختم في اليمين ، وأخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ ، وَتَرَجُّلِهِ ، وَطُهُورِهِ ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ " ، فعلى ذلك أقول : أن التختم في اليمين أفضل والعلم عند الله تعالى . [ فتح الباري 10/402-403 ] .

     

    فائدة :

    في حديث أنس رضي الله عنه فائدة لطيفة وهي : أن فص الخاتم يكون مما يلي باطن اليد ، وهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وفعله لا يدل على الوجوب ، فيبقى الأمر على الجواز ، فمن أراد أن يجعل فص الخاتم إلى أعلى فله ذلك ، ومن أراد أن يجعله مما يلي باطن كفه فله ذلك ، وهذا هو الاقتداء والاتباع لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة .

    يقول النووي رحمه الله تعالى : " ولكن الباطن أفضل اقتداءً به صلى الله عليه وسلم ، ولأنه أصون لفصه ، لأن الفص ربما تعرض للكسر إذا كان في أعلى اليد ، وأبعد لصاحبه عن الزهو والإعجاب ، وهذا مشاهد معروف ، فبعض الناس تراه كل لحظة وهو ينظر في خاتمه معجباً بوضعه في يده ، مع أن السنة خلاف ذلك ، والأمر عكسه تماماً .

     

    3- في أي الأصابع يكون الخاتم ؟

    عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا ، قَالَ : " إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا ، وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا ، فَلَا يَنْقُشَنَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ " قَالَ : فَإِنِّي لَأَرَى بَرِيقَهُ فِي خِنْصَرِهِ " [ أخرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري ] .

    وعند مسلم من حديث أَنَسٍ أيضاً قَالَ : كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ ، وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصِرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى .

    يقول النووي رحمه الله : " وأجمع المسلمون على أن السنة جعل خاتم الرجل في الخنصر ، وأما المرأة فإنها تتخذ خواتيم في أصابع " [ شرح النووي على مسلم 14 / 298 ] .

    والصحيح في المسألة أن الرجل يتختم في أصبعه الخنصر وهو السنة ، أو البنصر ، لأنه لم يرد فيه كراهة ولا تحريم ، ولا يتختم في غيرهما ، لورود النهي عن ذلك ، والنهي هنا صراحة للكراهة الشديدة أو للتحريم ، فيجب على المسلم أن يربأ بنفسه عن مواطن الحرام والمكروه أو حتى المباح .

     

    4- الأصابع المنهي عن التختم فيها :

    عَنِ ابْنِ أَبِي مُوسَى قَال : سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ : نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقَسِّيِّ ، وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ ، وَأَنْ أَلْبَسَ خَاتَمِي فِي هَذِهِ وَفِي هَذِهِ ، وَأَشَارَ إِلَى السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى " [ أخرجه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] .

    وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي إِصْبَعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ ، قَالَ : فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا " [ أخرجه مسلم ] .

    قال النووي رحمه الله : " والكراهة للنزاهة " [ شرح النووي 14 / 298 ] .

    والأظهر أنه لا يكره لبس الخاتم في البنصر والإبهام ، لعدم ورود نص يدل على التحريم أو الكراهة ، فبقي الأمر على الإباحة ، لأن ما سكت عنه الشرع فهو من قبيل المباح . [ الموسوعة الفقهية 11 / 27 ] .

     

    5- أفضل أنواع الخواتم :

    لا شك أن أفضل أنواع الخواتم للرجال ، خاتم الفضة للأحاديث السالفة الذكر .

    وقد سئل الإمام أحمد : ما السنة ؟ يعني في التختم ؟

    فأجاب بقوله : لم تكن خواتيم القوم إلا من الفضة . [ الموسوعة الفقهية 11 / 25 ] .

    ويباح للرجال والنساء لبس خاتم الجوهر ، والزمرد ، والزبرجد ، والفيروز ، واللؤلؤ ولو كانت ثمينة ، إلا إذا كان في ذلك مباهاة وتعالياً على الناس ، فإنه والحالة تلك يحرم ، وكذلك إذا أدى ذلك إلى الإسراف والترف فإنه يحرم ، ففقراء المسلمين ومحاويجهم ، أحق بها من الترف والجاه المفرط .

     

    6- أنواع الخواتم المنهي عنها للرجل :

    جاءت أحاديث النهي عن الذهب للرجال عامة ، عن عَلِي رَضِي اللَّه عَنْه قال : أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبًا بِيَمِينِهِ ، وَحَرِيرًا بِشِمَالِهِ ، ثُمَّ رَفَعَ بِهِمَا يَدَيْهِ فَقَالَ : " هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي " [ أخرجه أحمد والنسائي ] .

    وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَبْعٍ : نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ ، وَعَنِ الْحَرِيرِ ، وَالْإِسْتَبْرَقِ ـ الحرير الغليظ ـ وَالدِّيبَاجِ ـ نوع من الحرير ـ وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ ـ الفرش المتخذة من الحرير ـ وَالْقَسِّيِّ ـ ثياب مخططة بالحرير ـ وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ ، وَأَمَرَنَا بِسَبْعٍ : بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ ، وَرَدِّ السَّلَامِ ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ " [ متفق عليه ] .

    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ " [ متفق عليه ] .

    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ ، وَقَالَ : " يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ ، فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ " ، فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ ؟ قَالَ : لَا وَاللَّهِ لَا آخُذُهُ أَبَدًا ، وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " [ أخرجه مسلم ] .

    وأما ما جاء في حديث سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رحمه الله قَالَ : قَالَ عُمَرُ لِصُهَيْبٍ : مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ خَاتَمَ الذَّهَبِ ؟ قَالَ : قَدْ رَآهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ ، فَلَمْ يَعِبْهُ ، قَالَ : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " [ أخرجه النسائي ، والحديث منكر كما ذكره السندي رحمه الله ، وقال الألباني رحمه الله : ضعيف الإسناد ، فالحديث لا حجة فيه البتة ، ولو صح لخالف الأحاديث الأصح منه ، فكيف وهو ضعيف . انظر ضعيف النسائي 175 ] .

    فالصحيح أن خاتم الذهب للرجل محرم ولا يجوز لبسه .

    وإن كان جائزاً في بادئ الأمر أي في أول الإسلام ، لكن الإباحة نسخت بالتحريم كما في الأدلة السابقة ، وإن كان هناك من العلماء من أباحه كابن حزم رحمه الله ، وهناك من العلماء من كرهه ولم يحرمه ، ولكن الأدلة السابقة حجة عليهم ، فقولهم مرجوح بالنصوص الشرعية الصحيحة التي لا مُطعن فيها .

    وقد وردت النصوص الشرعية بالوعيد الشديد لمن لبس الذهب من الرجال ، ولكن مع الأسف فهناك ثلة من المسلمين لم يرتدعوا بل عصوا الله عز وجل ، وتمردوا على أوامر نبيه صلى الله عليه وسلم ، فما أصبرهم على النار .

    عَنِ حُذَيْفَةَ قال : قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَلَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ ، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ " [ متفق عليه ] .

    وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ ، إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ " [ متفق عليه ] .

    قال النووي رحمه الله : " أجمعت الأمة على تحريم الأكل والشرب وغيرهما من الاستعمالات في إناء الذهب والفضة " [ المجموع 1 / 306 ] .

    وتحريم الاستعمال يشمل الذكور والإناث لعموم الأخبار ، وعدم وجود المخصص ، وإنما أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إلى التزين للزوج .

    وخُصص من الأدلة خاتم الفضة للرجل ، وأفضله الفضة المخلوط بيسير من الحديد ، كخاتم النبي صلى الله عليه وسلم .

     

    فائدة :

    مما يجب ذكره إلحاقاً للفائدة ، أن الخاتم لو كان فضة ، وجُعل فيه جزء يسير جداً من الذهب فهو غير جائز ، بل محرم ، وهذا يعني أن خاتم الرجال يجب أن يخلو تماماً من الذهب ، ولو رُش بماء الذهب ، أو كان مموهاً بالذهب ، فكل ذلك حرام .

    قال ابن حجر رحمه الله : " وفي حديث عَبْدِاللَّهِ رَضِي اللَّه عَنْهما ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ ، فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ فَرَمَى بِهِ ، وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ أَوْ فِضَّةٍ " ، في الحديث ما يُستدل به على نسخ جواز لبس الخاتم إذا كان من ذهب ، واستدل به على تحريم الذهب على الرجال قليله وكثيره ، للنهي عن التختم وهو قليل " [ فتح الباري 10/391 ] .

    ومما يكره من الخواتم ، خاتم الحديد الصرف ، عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ : " مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ " فَطَرَحَهُ ، ثُمَّ جَاءَهُ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ ـ نحاس أصفر ـ فَقَالَ : " مَا لِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الْأَصْنَامِ " فَطَرَحَهُ ، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ ؟ قَالَ : " مِنْ وَرِقٍ ، وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا " [ أخرجه النسائي وأبو داود ] .

    وللحديث شاهد من حديث عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي يَدِ رَجُلٍ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ : " أَلْقِ ذَا " فَأَلْقَاهُ ، فَتَخَتَّمَ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ : " ذَا شَرٌّ مِنْهُ " فَتَخَتَّمَ بِخَاتَمٍ مِنْ فِضَّةٍ ، فَسَكَتَ عَنْهُ " [ أخرجه أحمد ] .

    وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَأَى عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَأَلْقَاهُ ، وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ : " هَذَا شَرٌّ ، هَذَا حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ " فَأَلْقَاهُ ، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ ، فَسَكَتَ عَنْهُ " [ أخرجه أحمد بسند حسن 11/69 ] .

    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّهُ لَبِسَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ كَرِهَهُ فَطَرَحَهُ ، ثُمَّ لَبِسَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ : " هَذَا أَخْبَثُ وَأَخْبَثُ " فَطَرَحَهُ ، ثُمَّ لَبِسَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ فَسَكَتَ عَنْهُ " [ أخرجه أحمد ] .

    والنهي عن لبس خاتم الحديد ينبغي أن يحمل على ما إذا كان حديداً صرفاً ، لخبر مُعَيْقِيبِ قَالَ : " كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيٌّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ ، قَالَ : فَرُبَّمَا كَانَ فِي يَدِهِ ، وَكَانَ الْمُعَيْقِيبُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " [ أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح ] .

    أما حديث الرجل الذي تزوج امرأة بخاتم من حديد ، فليس فيه استدلال على جواز لبس خاتم الحديد ، ولا حجة فيه ، لأنه لا يلزم من جواز الاتخاذ جواز اللبس ، فربما أنه أراد وجوده لتنتفع المرأة بقيمته .[ ، فتح الباري 10/399 ، شرح السنة 12/59 ، مسند الإمام أحمد 11/70 ] .

    ومما يكره لبسه من الخواتم للرجال والنساء ، خاتم الحديد والصفر والنحاس والرصاص ، لأن الحديد حلية أهل النار ، قال تعالى : " لهم مقامع من حديد " .

    وكل ما ذكر من الصفر والنحاس والرصاص من أدوات العذاب والعياذ بالله .

    ويحرم لبس الخاتم على وجه التكبر والخيلاء والعجب والزهو ، لأن أصل هذه الصفات مذموم ، معاقب صاحبه .

     

    7- وزن الخاتم :

    قال الحنفية : لا يزيد الرجل خاتمه عن مثقال .

    والمثقال هو وزن الدرهم الإسلامي وهو ما يعادل = 4،25جراماً .

    وحجتهم في ذلك حديث بُرَيْدَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ ، فَقَالَ : مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ ، فَطَرَحَهُ ، ثُمَّ جَاءَهُ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ ، فَقَالَ : مَا لِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الْأَصْنَامِ ، فَطَرَحَهُ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ ؟ قَالَ : مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا " [ أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي ] .

    وقال المالكية : يجوز للذكر لبس خاتم الفضة إن كان وزن درهمين شرعيين أو أقل ، وهو ما يعادل = 2,975جراماً ، فإن زاد عن درهمين فهو حرام .

    ولم يحدد الشافعية وزناً للخاتم المباح ، ولعلهم اكتفوا فيه بالعرف ، أي عرف البلد وعادة أمثاله فيها ، فما خرج عن ذلك كان إسرافاً ، وكما قال الأذرعي : الصواب ضبطه بدون مثقال .

    وقال الحنابلة : لا بأس بجعله مثقالاً فأكثر ، لأنه لم يرد فيه تحديد ، ما لم يخرج عن العادة ، وإلا حرم ، لأن الأصل التحريم ، وإنما خرج المعتاد لفعله صلى الله عليه وسلم ، وفعل الصحابة [ الموسوعة الفقهية 11/27 ] .

     

    8- أنواع الخواتم المنهي عنها للمرأة :

    قال الخطابي رحمه الله : " ويكره للنساء خاتم الفضة ، لأنه من شعار الرجال ، فإن لم تجد خاتم ذهب ، فلتصفره بزعفران وشبهه " .

    وهذا الذي قاله ضعيف أو باطل ، ولا أصل له ، ولا دليل عليه ، والصواب : أنه لا كراهة للمرأة أن تلبس ما تشاء من الخواتم ذهباً أو فضة أو لؤلؤً أو غيرها ، لأنه لم يرد نص شرعي يمنع المرأة من لبس خاتم معين ، كما ورد في حق الرجال .[ شرح النووي 14 / 293 ] .

     

    9- لماذا اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخاتم ؟

    كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل رسله إلى زعماء وملوك العالم آنذاك ، فأراد يوماً أن يرسل كتاباً ملك الروم ، فقيل له : إنه لا يقبل الكتاب إلا إذا كان عليه خاتماً ، فاتخذ الخاتم منذ ذلك الوقت ، عن أَنَس رَضِي اللَّه عَنْه قال : لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ ، قِيلَ لَهُ : إِنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا ، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " [ متفق عليه ] .

    وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِي اللَّه عَنْه لَمَّا اسْتُخْلِفَ ، بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ ، وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ ، وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ ، مُحَمَّدٌ سَطْرٌ ، وَرَسُولُ سَطْرٌ ، وَاللَّهِ سَطْرٌ " [ أخرجه البخاري ] .

     

    10- من كان يحمل خاتمه صلى الله عليه وسلم ؟

    قال ابن القيم رحمه الله : " ومعيقيب بن أبي فاطمة الدوسي على خاتمه " [ زاد المعاد 1/124 ] .

     

    11- التختم في كلتا اليدين :

    الأظهر من كلام أهل العلم جواز التختم بأكثر من خاتم واحد ، وكذلك جواز التختم في كلتا اليدين ، ولكن لا يكون في ذلك مباهاة ولا إسرافاً ولا خيلاء وإلا حرم .

    ولو أنني لا أرى ذلك ، لأنها أصبحت سمت سائدة عند الكفار ، ولا سيما أهل الإجرام منهم ، ثم إن منظر الخواتم في كلتا اليدين ، يذكر بالمرأة ، وربما كان فيه تشبه بها ، فمن ذلك أرى الاكتفاء بلبس خاتم واحدة في إصبع إحدى اليدين .

     

    12- دخول الحمام بالخاتم :

    إذا كان الخاتم منقوشاً بلفظ محترم ، لا سيما إذا كان فيه ذكر الله تعالى ، فيجب خلعه قبل دخول الخلاء أو الحمام ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ ، نَزَعَ خَاتَمَهُ " [ أخرجه الترمذي وهو ضعيف ] .

    وقد قال بعض العلماء بجواز دخول الخاتم إلى الخلاء ، ولم يروا في ذلك كراهة ، لأنه لا يوجد دليل على الكراهة .

    لكن الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه مع من كان مخصصاً لحمله وهو معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي رضي الله عنه ، كما جاء ذلك في كتب السير .

     

    13- الخاتم المنقوش بذوات الأرواح ، أو شعار الكفار :

    لا شك أن صور ذوات الأرواح من بني الإنسان أو الحيوان محرمة ، للوعيد الشديد للمصورين ، ولأن الصور تمنع دخول الملائكة إلى البيوت التي فيها تصاوير ، ففي حديث أَبي طَلْحَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .

    ولقد جاء النهي والوعيد الأكيد للمصورين ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ ، وَأُمَّ سَلَمَةَ ، ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " [ متفق عليه ] .

    عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً ـ وسادة ـ فِيهَا تَصَاوِيرُ ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ ، فَقالْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَاذَا أَذْنَبْتُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ " قُلْتُ : اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ ، فَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ " وَقَالَ : " إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ " [ متفق عليه ] .

    عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبَّاسٍ ، إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي ، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ : " مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا " ، فَرَبَا ـ خاف وذعر ـ الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً ، وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ ، كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ " [ أخرجه البخاري ] .

    عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ : " نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ ، وَثَمَنِ الدَّمِ ، وَنَهَى عَنِ الْوَاشِمَةِ وَالْمَوْشُومَةِ ، وَآكِلِ الرِّبَا ، وَمُوكِلِهِ ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ " [ أخرجه البخاري ] .

    فعلى ما سبق لا يجوز أن يُنقش على الخاتم صورة ذا روح أبداً ، والإثم على الصانع والمشتري.

    وكذلك لا يجوز استخدام الخواتم التي عليها الصلبان وهي علامة النصارى ، ولا التي عليها صور حيوانات أو طيور ، فكل ذلك حرام .

     

    14- الخاتم المُشَّكل بشكل ذوات الأرواح :

    لقد وجد من الخواتم ما هو على شكل طاووس مثلاً ، أو شكل سمكة ، أو شكل حيوان ، فإذا قلنا بتحريم التصوير على الخاتم ، فمن باب أولى تحريم الخاتم الذي يمثل تمثالاً ، لأنه أشد ، ولربما كان داعياً ومفضياً إلى عبادة تلك التصاوير والتماثيل كما حصل لقوم نوح عليه السلام ، فعَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ قَالَ : قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : أَلَّا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ " [ أخرجه مسلم ] .

    قال الحنابلة : " يحرم أن ينقش على الخاتم صورة حيوان ، ويحرم لبسه والصورة عليه كالثوب المصور " [ الموسوعة الفقهية 11/29 ] .

     

    15- اتخاذ الخاتم من أجل الزينة :

    كره كثير من أهل العلم اتخاذ الخاتم للزينة ، وربما كان الصحيح في ذلك ، جواز اتخاذ الخاتم حتى لو كان للزينة .

    والحقيقة أنني أميل مع من كره ذلك ، لأن الرجل ليس مطلوباً منه أن يتزين في يده بقدر ما هو مطلوب منه الزينة عند الذهاب إلى المساجد ، وكذلك اتخاذ الزينة من طيب ولبس ثياب جميلة ، في المناسبات والاجتماعات ، وأخص بذلك الصلوات وحضور المحاضرات ، وفي بيته أمام زوجته ، لأن بعض الرجال يريد من زوجته أن تكون متزينة ، وهو على العكس من ذلك ، وهذه نقطة مهمة لو أخذها الأزواج بعين الاعتبار .

    أما الزينة في اليد بالنسبة للرجل فليست مطلوبة ، لكن من كان ذا مسؤولية وهو محتاج إلى استخدام الخاتم فقد سبق بيان ذلك .

    والمقصود بالخاتم هنا ، الخاتم المنقوش ، والذي يستخدمه بعض الناس اليوم مثل : كبار السن ، وبعض القضاة وما شابه ذلك .

     

    16- استخدام الخاتم في الخِطْبَة :

    من العادات الممقوتة ، والدخيلة على شريعة الإسلام ، المتلقاة من بلاد الكفر ، بسبب الاستعمار الذي طال البلاد الإسلامية ، وبسبب السفر إلى بلاد الشرك وجلب عادات غريبة من هناك ، دخلت على الأمة فتن وويلات ، ومحن ونقمات ، فدخل ما يسمى بدبلة الخطوبة ، أو خاتم الخطوبة ، ولم تكن هذه الفعلة معروفة في القرون السابقة .

    وسئل سماحة العلامة الشيخ / عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن لبس الدبلة أثناء الخطوبة .

    فأجاب رحمه الله : " لا نعلم لهذا العمل أصلاً في الشرع ، والأولى ترك ذلك " [ فتاوى علماء البلد الحرام 500 ] .

    وقال العلامة الشيخ / صالح الفوزان وفقه الله : " وأما الدبلة فهذه ليست من عوائد المسلمين ، وهي التي تلبس لمناسبة الزواج ، فلا يجوز لبس الدبلة بحال :

    أولاً : لأنها تقليد لمن لا خير فيهم ، وهي عادة وافدة على المسلمين ، وليست من عوائد المسلمين .

    ثانياً : أنها إذا كان يصحبها اعتقاد أنها تؤثر على العلاقة الزوجية فهذا يدخل في الشرك ولا حول ولا قوة إلا بالله " [ المنتقى 5 / 336 ] .

     

    17- استخدام الأطفال لخاتم الذهب :

    الذهب محرم على ذكور الأمة كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة ، والأطفال مخاطبون بما يخاطب به الكبار ، واللوم يقع على الولي وليس على الطفل ، لأن الطفل غير مكلف ، فلا يؤاخذ ، ولكن تقع المسؤولية من حيث الإثم على ولي الصبي أو الطفل الذي ألبسه خاتم الذهب .

    فلا يجوز للأطفال الذكور لبس الذهب .

     

    18- الخاتم مهراً للعروس :

    الخاتم من الهدايا التي تقدم للعروس يوم خطبتها ، ويوم زواجها ، أما أن يكون الخاتم ملبوساً يوم الخطبة أو الزواج ، فهذا لا يجوز لأنه من تقليد الكفار ومن لا خير فيهم من أهل الأرض ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك في نقطة مضت .

    لكن لا بأس بأن يكون الخاتم مهراً كما في الحديث التالي :

    عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِي اللَّه عَنْه ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا ، فَقَالَ : " مَا لِي الْيَوْمَ فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ " ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا ؟ ، قَالَ : مَا عِنْدَكَ ؟ قَالَ : مَا عِنْدِي شَيْءٌ ، قَالَ : أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ، قَالَ : مَا عِنْدِي شَيْءٌ ، قَالَ : فَمَا عِنْدَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : كَذَا وَكَذَا ، قَالَ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ " [ متفق عليه ] .

     

    19- عدد الخواتم في يد الرجل :

    لا مانع من أن يستخدم الرجل أكثر من خاتم ، بشرط ألا يخرج ذلك عن العادة المألوفة في بلده .

    قال في كشاف القناع : " والأظهر : جواز لبس خاتمين فأكثر جميعاً إن لم يخرج عن العادة " [ شرح زاد المستقنع للطيار ومن معه 4/130 ] .

    بينما قال الشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله : " لا ينبغي لبس أكثر من خاتم واحد " .

     

    20- تحريك الخاتم في الوضوء :

    يجب تحريك الخاتم أثناء الوضوء إذا كان ضيقاً لا يتحرك ، ولم يتأكد صاحبه أن الماء قد وصل إلى البشرة التي تحته .

    فإن كان الخاتم واسعاً أو ضيقاً نوعاً ما ويمكن للماء أن يصل إلى البشرة التي تحته ، فلا يلزم نزعه أو تحريكه .

    ويلحق بالخاتم كل حائل يمنع وصول الماء إلى البشرة ، وهذا أمر مهم ربما غفل عنه كثير من الناس لا سيما النساء ، كالمناكير مثلاً ، وبعض الصبغات التي توضع على الوجه .

     

    21- تحريك الخاتم في الغسل :

    المعلوم أن الغسل يجب أن يعم جميع البدن ، حتى ما تحت تسفطات البطن المترهل ، فيجب في الغسل تحريك الخاتم حتى يصل الماء إلى ما تحته ، فإن لم يمكن تحريكه لضيقه ، وجب نزعه .

     

    22- نزع الخاتم في التيمم :

    جمهور أهل العلم على أنه يجب نزع الخاتم أثناء التيمم ، ولا يكفي تحريكه ، لأن التراب كثيف لا يصل إلى ما تحت الخاتم من البشرة ، على العكس من الماء فالماء سائل يمكن أن يسري تحت الخاتم .

     

    23- العبث بالخاتم في الصلاة :

    لا شك أن الصلاة أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، لأنها الفاصلة بين الشرك والكفر ، فعلى العبد أن يحرص على تحسين صلاته والخشوع فيها ، ولكن عندما تنظر في واقع المصلين تجد العجب ، عبث باللحية ، وأخرى بالثوب ، وثالثة بالغترة أو الشماغ ، ورابعة بالخواتم ، حتى أصبحت تشك هل هذا الإنسان في صلاة أم يعمل حركات رياضية ، فسبحان الله أين الخلف عن السلف .

    المقصود : أن العبث بالخاتم في الصلاة مكروه ، وإذا تكرر مراراً أصبح محرماً ، لأنه يفضي إلى بطلان الصلاة ، أو نقصان أجرها ، وكل ذلك مخل في دين العبد ، فعلى العبد أن يحرص على المحافظة على صلاته ، لأنه بها يرتفع درجات ، أو ينزل دركات ، يخسر بها حسنات ، أو تحط عليه سيئات ، فالصلاة إما كاملة تقول حفظك الله كما حفظتني ، أو ناقصة تقول ضيعك الله كما ضيعتني .

     

    24- التختم في الإحرام :

    يرى جمهور أهل العلم أنه يجوز للمحرم لبس الخاتم حال إحرامه ، كما يجوز له لبس النظارة والكمر والساعة فكذلك الخاتم جائز .

    وخالف في ذلك المالكية فقالوا : لا يجوز للمحرم لبس الخاتم حال الإحرام ، وفيه الفدية إن طال . [ الموسوعة الفقهية 11/31 ] .

    سئل سماحة العلامة الشيخ / عبد العزبز بن باز رحمه الله تعالى ، هذا السؤال :

    س: ما حكم لبس الساعة للمحرم ؟

    فأجاب رحمه الله تعالى : " لبس الساعة مثل لبس الخاتم لا حرج فيه إن شاء الله " [ مجموع فتاوى ومقالات 17/125 ] .

     

    25- زكاة الخاتم :

    إذا بلغ النصاب فعليه الزكاة والله أعلم .

     

    26- دفن الخاتم مع الميت :

    دفن الخاتم مع الميت إضاعة للمال في غير وجهه ، وإضاعة المال منهي عنها ، وسواءً كان الميت شهيداً أم لا ، فلا يدفن مع الميت شيء غير كفنه لأن يستره ، أما الخاتم فلا يستر ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمُ الْحَدِيدُ ، وَالْجُلُودُ ، وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ " [ أخرجه أبو داود وابن ماجة ] .

    وفي الختام أسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت لقول الحق وبيانه أحسن بيان ، وأفضل تبيان ، بأصح دليل وبرهان ، ليكون نوراً لكل إنسان ، والله أعلى وأجل ، وأعلم وأكمل ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .

     

     

     

     

     

    كتبه

    يحيى بن موسى الزهراني

    إمام الجامع الكبير بتبوك


    كلمات مفتاحية  :
    احكام الخاتم فقه

    تعليقات الزوار ()