القرآن الكريم يعبّر عن المعنى بالكلمة من حيث دلالتها اللغوية ومن حيث جرسها فالكلمة القرآنية تعبر عن المعنى دلالة وتصور المعنى كريشة وهي تتم ما عجزت اللغة عن بيانه ورسمه.
(وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) النازعات): لا يمكن وضع كلمة أظلم أو اسودّ مكان أغطش لأن الصورة تفسد ولا توجد كلمة غير كلمة أغطش تعطي معناها اللغوي وجرسها الدلالي. فكلمة أغطش تصوّر الظلام الساكن الذي أشبه ما يكون بكائن لا حِسّ فيه ولا حراك.
(كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ (19) تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ (20) القمر): هذه الكلمات تقرأها فتدلك على المعنى عن طريق اللغة وتصور المعنى والمشاعر بواسطة ريشتها الموسيقية.
يصف الله تعالى ذاته العلية في سورة الأنعام بقوله (فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)) (فالق الإصباح) لا يمكن أن نقول مفجّر الإصباح لأنها لا تعطي معنى فالق. الفلق هو انشطار الشيء إلى قسمين. الصورة القرآنية ترسم هذا المعنى بكلمة (فالق) فلا يمكن استبدالها بغيرها لأن المعنى يغيب.
الإصباح لا يمكن أن يقال الصباح لأن المعنى يغيب والصورة تفسد. الإصباح غير الصباح، الإصباح يعبّر عن الحركة وانبثاق الضياء واستمراره شيئاً فشيئاً ومطاردته لبقايا الظلام (إصباح على وزن إفعال). أما الصباح فهو الحالة الساكنة. الوقت الذي تكامل فيه نور النهار ليس صباحاً. إصباح إسم لتلك الفترة التي ينبثق فيها ضياء الصباح مطارداً فلول الظلام وبقايا الليل فهناك تفاعل بين الصباح القادم والظلام الذي ينقضي.
(وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا): كلمة سكناً تعبر عن هدوء الليل وتعبر عن المعنى الذي تقدمه للإنسان بعد أن توترت أعصابه في النهار المضني فجاء الليل لتهدأ أعصابه. (سكناً) لو قال هدوء أو راحة تغيب الصورة ولا تعبر عن المعنى المقصود في الآية إلا كلمة (سكناً).
(وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا): حسبان على وزن فعلان وهذا الوزن يدل على الحركة. حسباناً يصور حركة الأفلاك لينقسم الزمن إلى سنوات وأشهر وأيام وليالي.
(فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً (31) يوسف): يصور القرآن الكريم كيف أن امرأة العزيز سمعت أن نسوة في المدينة انتقدنها لأنها راودت غلامها عن نفسه فجاءت بهن واستقبلتهن في محفل بديع وفي جلسة أرائكية رائعة ويوجد في الحفل طعام. الله تعالى لو وصف هذا المجلس وقال وأعتدت لهن طعاماً تفسد الصورة وينتقل الخيال إلى المطبخ وإلى الطعام لكنه قال (وأعتدت لهن متكأ). المتكأ كلمة قرآنية تعني الطعام الذي يؤكل عن إتكاء لا عن جوع وإنما يؤكل ترفاً وتزيّداً. لا يوجد كلمة تصور هذا النوع من الطعام. هذه كلمة قرآنية عبر القرآن الكريم بهذه الكلمة بحيث لا تفسد الصورة ولم تجعل لعاب الجائع يتزايد ويبحث عن الطعام. والعرب عندما سمعوا هذه الكلمة (متكأ) إنتشوا لها وبدأ الشعراء يستعملونها في ألفاظهم وشعرهم (واتكأنا وشربنا الكثير من قُلل).
وفي وصف النار قال تعالى (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73) الواقعة): ماذا تعني كلمة المقوين؟ يقال فلاناً أقوى أي نزل في القواء أي الصحراء (قال الشاعر: أقوت وطال عليها سالف الأمد). والقوى أي الجائع يقال بات فلان قاوياً أي جائعاً وقال الشاعر: وإني لأختار القوى طاوي الحشا محاذرة أن يقال لئيم. وتأتي بمعنى المستمتع بالشيء. وكلمة المقوين جاءت في الآية الكريمة تحتضن هذه المعاني الثلاثة: (للمقوين) أي للذي ينزل في الصحراء لأن النار لأهل الصحراء أُنس وسمر (ومتاعاً) هي متاع للجائعين لأنهم بالنار يهيأون طعامهم. و (للمقوين) أي للمستمتعين وهذه كلمة تختص كل ما اخترعته الحضارات أي المتفننين في إستعمال النار في مصانعهم ومحركاتهم وغيرها. لا يمكن لكلمة أخرى أن تعبر عن هذه المعاني كلها إلا كلمة (المقويين).
====================
الإنسان يعاني من عجز كبير لدى محاولته التعبير عن المعاني والمشاعر المزدحمة في خاطره وفي نفسه لسببين:
السبب الأول أن اللغة أضيق من المشاعر والمعاني. فالمعاني التي تزخر في النفس والصور والمشاعر التي تفيض بها النفس أكثر بكثير من الكلمات المهيأة لتغطية المشاعر والتعبير عنها. والسبب الثاني أن اللغة العربية مليئة بالمترادفات أكثر من كلمة في التعبير عن معنى واحد نسميها المترادفات والحقيقة هي ليست مترادفة لدى البحث عن الأمة في التعبير فهذه المترادفات بينها فوارق كبيرة والذي ينشد الدقة في التعبير لا يمكنه أن يستبدل كلمة بكلمة أخرى مما يسمى المترادفات ولا يستطيع الإنسان أن يتحكم باللغة كما يتحكم بمضارب الآلة الكاتبة لأن اللغة العربية يمٌّ متلاطم من الكلمات وهو يستعمل الكلمة العربية من فكره عند الكتابة وعند الحديث لذلك تأتي التعابير البشرية سطحية عند التعبير. ولو قارنا بين المشاعر الكامنة بين جوارحنا والكلمات التي نستعملها للتعبير عنها لوجدنا أن الكلام لم يعبر إلا عن نسبة ضئيلة من المشاعر التي تتزاحم في النفس.
هذا العجز الإنسان خاضع له ولكن القرآن الكريم مبرّأ منه فعندما يعبّر القرآن الكريم عن الكلمة بالمعنى ينتقي لهذا المعنى أدق الكلمات المعبرة عنه بحيث لو حاول أحدنا أن يستبدل هذه الكلمة القرآنية بأي كلمة أخرى مما نسميه المترادف لن تجد مثل الكلمة القرآنية وإنما تفسد الصورة. ونضرب مزيداً من الأمثلة لنتبين هذه الحقيقة ونتذوقها وسنأتي بالجديد وليس بالموجود في المراجع والكتب وسنقف عند الجديد الذي يتفاعل مع العلوم الحديثة والمكتشفات الحديثة والتقنية الحديثة.
يقول تعالى في سورة الأنعام (إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)) فالق الحب والنوى، الحب معروف والنوى معروف والفرق بين الحب والنوى أن النوى هو الذي يُزرع ولا يُؤكل أما الحب فهو الذي يُزرع ويؤكل. ربنا سبحانه وتعالى يقول (فالق الحب والنوى) إذا جربنا مكان كلمة فالق أي كلمة أخرى مما نعرف مثلاً كلمة معجز تفسد الصورة والمعنى يغيب ولو عبرنا عن هذا المعنى الذي يعبر عنه بيان الله تعالى بكلمة مُظهِر المعنى يغيب والصورة تفسد ولو وضعنا مكان (فالق) يجعل الحب والنوى ينبثق عن الزرع والنبات تفسد الصورة والمعنى يزول ويغيب. أي كلمة مما نتصور أنها مترادفة لا تحل محل الكلمة القرآنية. كلمة فالق تعبّر هن انفسام شيئين إلى قسمين متشاطرين (فالق الحب والنوى) هذا الحَبّ وهذه النوى تنقسم إلى شطرين وينبثق النبات من بينهما. لا نستطيع أن نأتي بأي كلمة في اللغة تعبر عن هذا المعنى إلا كلمة (فالق). الإنسان لا يستطيع أن يستوعب الكمّ الهائل من اللغة في آن واحد.
(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) الكلام لا يزال عن النبات ونسأل لماذا قال تعالى في الأولى (يُخرج) وفي الثانية (مُخرج) في قوله تعالى (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) جاء التعبير القرآني بالفعل المضارع و (وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) جاء التعبير بإسم الفاعل لماذا؟ لو أننا عكسنا لفسدت الصورة ولو أننا قلنا في الحالتين يُخرِج لفسدت الصورة ولو قلنا نُخرِج في الحالتين لفسدت الصورة. لا يتأتى التعبير عن المعنى الدقيق الذي يرسمه القرآن إلا بهذا الشكل (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) كلمة يُخرج فعل مضارع والمضارع يدل على الإستمرارية والتجدد في حين إسم الفاعل يدل على الثبات والجمود على حالة واحدة. عندما ينبثق الحيّ من الميت أي النبات الحي من الحب والنوى والنواة الميتة يحدث أن النبات يتطاول ويمتد ويستمر الخروج، يكون ضعيفاً ثم يقوى ويتطاول فالمسألة فيها تجدد لذا قال (يُخرج) لأن العملية مستمرة. لكن عندما يُخرج الميت من الحيّ عندما يتطاول النبات ثم يتجلى في أعلى النبات الحب أو النواة التي منها انبثق الحبّ ميت يكون على حالة واحدة ساكناً هادئاً فينبغي أن يكون التعبير (مُخرِج) ولو قال يخرج لفسدت الصورة لأنها قد تعني أن الميت يتطور من حال إلى حال والأمر ليس كذلك. الحبّ في الحِ،طة عندما يشتد في أعلى السنبلة يبقى على حاله كذلك النواة في أي نبات يبقى على حاله والقرآن يعبّر عنه بالميت لأنه لا يتمتع بالحياة التي يتمتع بها النبات لذا الدقة في التعبير (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) مَنْ مِنَ البشر يستطيع إذا عبّر أن يأتي بهذه الدقة في التعبير عن المعنى؟ لا يستطيع أي منا أن يفعل ذلك.
القرآن يتحدث عن الشمس والقمر الذي يلفت النظر أنه يصف الشمس بوصف متميز عما يصف به القمر فهو مثلاً يقول في أوائل سورة يونس (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا (5)) الشمس ضياء والقمر نور وصف الشمس بالإضاءة ووصف القمر بالإنارة وهذا يتكرر فيقول تعالى في أواخر سورة الفرقان (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا (61)) وصف الشمس بأنها سراج وعاد توصيف القمر بالإنارة. وفي سورة نوح قال تعالى (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)) دائماً هذا التميز في وصف الشمس ووصف القمر مستمر. الدقة القرآنية التي يعجز عنها الناس جميعاً حتى الرسل والأنبياء ما أعطاهم الله تعالى هذه القدرة التي تسمو لدرجة التعبير القرآني. ما الفرق بين وصف الشيء بأنه مضيء وأنه منير؟ عندما نعود للغة ونبحث نجد عدة فوارق:
أولاً: نقول عن الشيء بأنه مضيء إذا كان الضوء ينبثق من ذاته ونقول عنه منير إذا كان الضوء ينعكس إليه من جُرم آخر. نقول عن الصمباح مضيء ولا نقول عنه منير ونقول عن الغرفة التي يتوهج فيها المصباح فيها منيرة ولا نقول عنها مضيئة.
ثانياً: نقول عن الشيء مضيء أو سراج إذا كان يبث مع الضياء حرارة ونقول عنه منير إذا لم يكن يبث مع الضياء أيّ حرارة، أي جرح بارد ينعكس إليه النور من جهة أخرى. إذن فهذا الوصف للسراج والإضاءة يمكن أن يتم إسقاطه على الشمس بدقة ووصف القمر بأنه منير يأتي تعبيراً دقيقاً. الشمس ينبثق نورها من داخلها فلا يجوز أن نقول منيرة وإنما مضيئة وسراج يتّقد والقمر لأن ضياءه ينعكس إليه من الشمس فنقول عنه منير كما نقول عن الغرفة منيرة ولو قلنا مضيئة لأخطأنا. هذه الملاحظة لا يدركها الإنسان إلا إذا عاش مع اللغة دائماً. عندما يقول (الشمس ضياء والقمر نوراً) خاطب العرب بها فأدرك العرب من هذا الكلام المعنى السطحي العام بأن الجامع المشترك بين الضياء والنور ووقف العرب عند هذا المعنى ولم يدركوا أكثر من ذلك. جاء بعدهم الذين درسوا الفلك ففهموا ما فهمه العرب في عصر الرسول r وفهموا من هذا الكلام عن طريق اللغة شيئاً آخر أن القمر ينعكس إليه الضوء من جُرم آخر لذلك يقول الله تعالى عنه منير ويكرر هذا (والقمر منيرا). ثم العلماء ازدادوا دراسة للفلك فوجدوا معنى ثالثاً يقدمه القرآن لهم أن الشمس تبث مع الضياء حرارة في حين أن القمر جُرم بارد لا يبث مع الضوء حرارة لذلك قال (سراجاً) السراج يكون في داخله ضياء وحرارة.
وهكذا نجد أن التعبير القرآني يتعامل مع العرب الذين كانوا من الجهالة بمكان ولا يعرفون من الأفلاك إلا ما تُريهم أبصارهم إياه وهذا التعبير القرآني يتعامل أيضاً مع المثقفين ومع العلماء المتخصصين وكل معنى لا يتعارض مع غيره وإنما المعاني متكاملة وإنما تأتي الآية فتعبّر عن القمر والشمس بمعنى سطحي ثم بمعنى متعمق ثم معنى أكثر عمقاً والمعاني الثلاثة منسجمة متكاملة متآلفة. وتدل على هذه الظاهرة أن القرآن جاء خطاباً للأعراب الذين يعيشون في البادية وجاء خطاباً للمثقفين وخطاباً للمتخصصين في العلوم وسيكون خطاباً لمن سيأتي ويزدادون علماً وكل هذا بواسطة هذه الطريقة بالتعبير القرآني.
يقول تعالى (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) النازعات) وقفنا سابقاً عند كلمة أغطش ولاحظنا المعنى الذي تعبر عنه بالدلالة اللغوية والمعنى الذي ترسمه الكلمة بالريشة تصور هدوءه وسكونه فكأن الليل شيء أصمّ فيه شيء من الصمم. ونقف عند كلمة (دحاها) لو استبدلت بهذه الكلمة أي كلمة أخرى تفسد الصورة. دحاها بمعنى عظمها، وبمعنى بسطها ومدّها وبمعنى كوّرها. هذه المعاني الثلاثة من المعاني التي تنبثق عن كلمة دحاها. هذا في اللغة ويقول إبن الرومي:
إن أنسى لا أنسى خبازاً مررت به يدحو الرقاقة وشك اللمح بالبصر
ما بين رؤيتها في كفّه كُرة وبين رؤيتها قمراء كالقمر
إلا بمقدار ما تنداح دائرة في صفحة الماء يلقى فيه بالحجر
استعمل في هذه الأبيات هذه الصيغة بمعنيين معنى البسط والتوسيع ومعنى التكوير. وفي الآية الرجل العادي من العرب يقول الآرض عظيمة جداً ومنبسطة كما يراها ويسمعها الفلكي يقول مكوّرة فهي عظيمة ومنبسطة ومكوّرة وتستطيع أن تدرك على مقدار ثقافتك المعنى الذي تفهمه.
===============
تعبير آخر في مكان آخر في سورة ق (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)) مددناها أي جعلناها ممتدة امتداداً كلياً وليس جزئياً بمعنى لو وقفت عند خط الاستواء ونظرت حولك تجدها ممتدة لا تصل عند حافّة وإذا ذهبت إلى القطب الشمالي ستجد نفس الامتداد فالأرض ليس لها حوافّ. ورب العالمين يلفت النظر إلى حكمة الله تعالى ورحمته بنا إذ أقامنا في هذا الكوكب على نحو يتسنى لنا العيش فيه فلو كانت للأرض حواف وحدود لا يستطيع أن يعيش عليها الإنسان. فمن عظيم رحمة الله تعالى أن جعل الأرض تمتد إلى ما لا نهاية وعندما تكون ممتدة دون أن تصل إلى حواف فالتفسير العلمي لهذا أنها تكون منحنية ونهاية الانحناء التكةير وأي شكل هندسي غير شكل الأرض يكون فيه حوافّ. الأعرابي عندما قرأ (مددناها) رأى فعلاً مما حوله أنها ممتدة والمثقف والمتخصص الذي يعلم طبيعة الأرض يدرك ما أدركه الأعرابي ويدرك معنى آخر. الله تعالى يتحدث عن خلق الأرض وأعظم نعمة أنعمها سبحانه وتعالى على الإنسان أن يبقي الأرض مستقرة وليس لها حواف حتى ينتقل من الشمال إلى الجنوب دون خطر الوقوع أو خطر انتهاء الأرض. هذا من مظاهر رحمة الله تعالى وحكمته صيغة تعبير القرآن الكريم عن هذه المعاني.
عندما يتحدث القرآن عن الظلام يتحدث عنه بالجمع والنور يتحدث عنه بالإفراد (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ (1) الأنعام) (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ (257) البقرة) ليس في القرآن مصادفة. لأن أسباب الظلام كثيرة فهناك ظلمات الأفكار وظلمات الفساد وظلمات الكفر وظلمات الإلحاد وظلمات البغي والطغيان وظلمات الأفكار الخاطئة لذلك تجد في العالم القوى المتخاصمة ظلمات تتقاتل وبعضهم يتوعد بعضاً ويكيدون لبعضهم وأصبح العالم في خطر لأن ظلمات الطغيان متعارضة متخاصمة من أجل التنافس والحسد نتيجة كثرة الظلمات. أما النور فمصدره واحد وهو الله سبحانه وتعالى (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (35) النور) ليس هناك أنوار لأنه لو كان هناك أنوار تتعارض كالظلمات لكن النور منبثق من شجرة واحدة أصلها ثابت وفرعها في السماء والله تعالى نور، تجلّى الله تعالى على عباده بالنور فكانت الهداية وكان الرشد والتحلي بالعبودبة لله تعالى. ولو كانت هناك أنواراً مختلفة عن بعضها لتصارعت الأنوار ولتناقضت كالظلمات. انظر إلى حفنة من الناس في قرية تجلّى الله تعالى عليهم بنور الهداية واتجهوا للخالق بصدق لا تجد بينهم خصومات ولا تصارع لأنهم يتمتعون بنور واحد وهو نور العبودية لله تعالى. لذا قال تعالى (يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ). لو قال يخرجهم من الظلام إلى الأنوار يفسد المعنى وتغيب الصورة.
(قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) الأنعام) لم لم يقل سيروا على الأرض؟ ندخل في المعنى الكلي للأرض هل هي هذه الكرة التي تراها أعيننا فقط؟ كلا، الأرض إسم لمعنى كلي للأرض وما يحيط بها من غلاف جوي الذي هو جزء لا يتجزأ من الأرض ولا يمكن للإنسان أن يعيش إلا داخل هذا الغلاف الجوي. فعندما نسير نسير في أحضان الأرض وليس فوقها أي أن الغلاف الجوي يحيط بنا ولو قال سيروا على الأرض لأدركها الرجل العادي لكن المعنى العلمي لا يتحقق. نحن نسير في الأرض لأن الغلاف الجوي يحيط بالأرض وإن لم يكن مادياً كالصخور.
(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) طه) ما الذي أوحاه الله تعالى إلى أم موسى عندما وضعت مولودها الصغير؟ ألهمها أن تلقي به في اليمّ أي في النيل (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ) هذه أم تحنو على طفلها كيف يقول لها الله تعالى (اقذفيه)؟ كلمة القذف تعني إلقاء الشيء مع اللامبالاة. عندما يريد أن يطمئن الله تعالى هذه الأم تجاه طفلها الصغير يخاطبعا بهذه العبارة (أن اقذفيه) إرميه وحمايته علينا. هذا الكلام بالتعبير بكلمة (فاقذفيه) بيان الصورة أن الله تعالى ربط على قلبها وأن طفلها لن يصاب بسوء وهي لم تضعه في الصندوق خائفة وإنما مطمئنة وقذفته في اليم وهي مطمئنة. بثّ الله سبحانه وتعالى الطمأنينة في قلب الأم فأمرها أن تضعه كما لو تضع أي شيء لا تخاف عليه.
====================
ما زلنا نتكلم عن الجديد الذي ينبغي أن نتبينه من الصياغة القرآنية في التعبير عن المعاني التي يعبر البيان الإلهي باللغة العربية عنها. ما زلنا نتكلم عن الصياغة القرآنية وما تتميز به عن الصياغات الأخرى لدى التعبير بها عن المعاني. وقلنا أن الإنسان أياً كان يعاني من عجز في التعبير عن المعاني والتصورات والمشاعر التي تطوف بنفسه لسببين اثنين: السبب الأول أن اللغة التي هي ترجمان المشاعر في حياة الإنسان أضيق بكثير من مساحة المعاني والمشاعر التي تنتاب الإنسان والسبب الثاني أن الإنسان عندما يريد أن يعبر عن مشاعره والمعاني التي تطوف بذهنه باللغة العربية يجد نفسه من هذه اللغة أمام بحر متلاطم من الكلمات التي تسمى المفردات والإنسان لا يستطيع أن يتحكم في هذه المفردات ويهيمن عليها وينتقي منها أدق ما يريد. الإنسان لا يستطيع أن يرقى إلى هذه الدرجة إذن الإنسان يعاني من عجز لسببين لدى تعبيره عن المعاني التي تطوف بذهنه أما القرآن فهو مبرأ عن هذا العجز وهذا باختصار ما تتميز به الصياغة القرآنية. ولا نزال نستعرض أمثلة من الصياغات القرآنية في التعبير عن المعاني بحيث لو أردنا أن نستبدل أية كلمة قرآنية مكان أخرى لا نستطيع أن نجد كلمة أدق في التعبير من الكلمة القرآنية.
مزيد من الأمثلة التي تعبر عن هذه المزية في الصياغة القرآنية. آخر مثال كنا نعرضه في الحلقة السابقة وهو يذكر لموسى مظاهر فضل الله تعالى عليه منذ ولادته يقول له (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) طه) هذا الفضل الذي يذكر الله تعالى موسى u به هو الفضل الذي يتمثل في حماية الله تعالى لموسى حين كان طفلاً حديث العهد بالولادة من أن تمتد إليه الطاغية بالذبح فقد أمر أنه لا يولد مولوداً ذكراً إلا يذبح فلما وضعت أم موسى موسى ألهمها الله تعالى أن تضع الوليد في صندوق ثم تضعه في النيل والله تعالى أتم الخطة فالتقط فرعون التابوت في قصره. الله تعالى ألهمها (فاقذفيه) كلمة القذف يعبر بها عندما يكون الشيء المقذوف شئياً لا يؤبه به في مثل هذه الحالة نعبر بكلمة القذف في حين أن هذه المرأة تريد أن تحمي وليدها وهي مرتبطة به ارتباطاً عاطفياً وثيقاً فلماذا أمرت أن تلقي به بلا مبالاة (فاقذفيه) فرق بين قوله ضعيه في التابوت ثم ضعيه في اليم وبين قوله (فاقذفيه) هنا نوع من اللامبالاة لأن هذا تصوير للطمأنينة التي ملأ الله تعالى بها قلب موسى أوحت لها أن هذا الطفل لن يمسه أي أذى مهما صنعت فلتقذفه في التابوت وفي اليم فلا حرج ولا خطر عليه بأي شكل من الأشكال. إذن هذه الكلمة تعبر عن معنى وتصور شعوراً فلو غيرنا هذه الكلمة واستبدلناها بأية كلمة أخرى في هذا الباب تفسد الصورة ويغيب المعنى. فلما نقرأ قوله تعالى (فاقذفيه) نتصور أن الله تعالى ربط على قلبها وملأ فؤادها طمأنينة أن هذا الطفل لن يصيبه أذى وهو محصّن برحمة الله تعالى ولتقر عيناً أن هذا الطفل لن يصيبه أذى، هذا هو المعنى التصويري الذي يرسمه القرآن لنا وتتمة الخطة (فليلقه اليم بالساحل) الأمر الإلهي يتوجه إلى اليم بأن يلقي التابوت في الساحل.
الدقة في التعبير عن المعنى يستلزم أن يأتي التعبير مكرراً وبأكثر من طريقة واحدة وهذا موجود منه في القرآن كثير. لكي يأتي التعبير عن المعنى في القرآن دقيقاً مطابقاً للحقيقة العلمية يدركها الناس في مختلف العصور على اختلاف علومهم واختصاصاتهم يأتي هذا التعبير مكرراً وفي كل مرة بطريقة. هناك أمثلة كثيرة نأخذ بعضها:
يقول تعالى (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) الصافات) في هذه الآية يعبر عن المشرق بالجمع (ورب المشارق) وفي مكان آخر يقول (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) الرحمن) الأمر اختلف وفي مكان ثالث يقول تعالى (قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (28) الشعراء) مرة جمع (المشارق) ومرة ثنّى (رب المشرقين ورب المغربين) ومرة أفرد (رب المشرق والمغرب) هل هناك من تناقض؟ كلا التعبير العلمي الدقيق الذي يتفهمه الناس في كل العصور وعلى اختلاف رتبهم في العلم يقتضي ذلك. عندما يقول (رب المشرقين) هذا تعبير عن جزء من الحقيقة العلمية لأن الشمس دائماً كلما أطلت على أمة في الصباح الباكر هذا الأفق الذي تطل منه الشمس في هذا الصباح هاذ الأفق هو مشرق بالنسبة للأمة التي هي مقبلة عليها وهي مغرب بالنسبة للأنة التي تدبر الشمس عنها فالأفق في الوقت ذاته مشرق ومغرب بحسب الأمة فإذا وصلت الشمس إلى مغربها بعد ساعات هذا الأفق هو مغرب بالنسبة لنا الذين تدبر عنهم الشمس ومشرق بالنسبة لمن تقبل عليهم إذن هناك مشرقان ومغربان فهذا الأفق الذي تطلع منه الشمس مشرق ومغرب والأفق الذي تغرب فيه المشس مشرق ومغرب. هذا جزء من الحقيقة وهناك جزء آخرتعبر عنه الآية الأخرى (رب المشارق) هنا جمع، هنالك منازل الشمس تتجاوز منزلاً إلى منزل إلى منزل خلال أيام السنة لأن الأيام بين طول وقصر فالشمس لها مشرق من منزل في الأفق وتنتقل من منزل إلى آخر مع مرور أيام السنة فهناك مشارق وهناك مغارب وهكذا فالتعبير العلمي لا يتم بتكامل إلا إذا جاءت المشارق والمغارب بالتثينة ثم بالجمع وبقوله (رب المشرق والمغرب وما بينهما) هنا أفرد. الناس الذين ينظرون إلى الشمس كظاهرة دون أن يعملوا عقلهم ودون أن يكون لهم دراية بالفلك يرون الشمس لها مشرق ومغرب فالقرآن يخاطب هؤلاء بما يعقلون فيقول (رب المشرق والمغرب) ثم يخاطب الذين يتجاوزون ما تراه العين إلى الدراية العلمية فيقول (رب المشرقين وربا المغربين) وفي هذا تعبير عن كروية الأرض ثم يقول (رب المشارق) ذلك لأن الشمس لا تشرق من مكان واحد دائماً (والقمر قدرناه) وما يصدق عن القمر يصدق عن الشمس. هذه الدقة في التعبير والصياغة القرآنية جاء التنويع في الصياغة القرآنية والبعض يقول في القرآن تناقض لأن التعبير اختلف لكن هذا ليس تناقضاً وإنما هو التعبير العلمي الدقيق.
(خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) الرحمن) هل في هذه الآية تناقض بينها وبين قوله تعالى (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ (5) الحج) قد يقول قائل مرة يقول من تراب ومرة من صلصال وهو الطين المشوي. التراب جنس الطين المشوي والطين المشوي تراب فليس هناك تناقض. ويا عجباً لمن يقف أمام معين الصياغة القرآنية فيتيه في دقة الصياغة ويظن أن الكلام فيه تناقض. القرآن كله تعبير عن هذا المعنى. وهذه الأمثلة التي ذكرناها تكفي لمعرفة هذه الدقة في التعبير القرآني وفيها ما يكفي لتذوق هذا الإعجاز في التعبير القرآني.
ننتقل إلى جانب آخر من جوانب الإعجاز العلمي وهي المغيّبات أي الأمور التي ذكر القرآن أنها ستقع وهي لم تقع بعد. ولن نكرر ما ذكرته كتب التفسير وإنما تنتاول أموراً جديدة على أسماعنا. البيان الإلهي تحدث عن مصير الأشخاص ولا يمكن لبشر أن يتكلم عن مصائرهم وتحدث عن مصير أمم ولا يمكن لبشر أن يتحدث عن مصير أمم وتحدث عن مصير علاقة الإنسان بحقائق كونية والجدار الذي لا بد أن يقف الإنسان عنده ولا يمكن أن يخترقه. كيف؟ ربنا سبحانه وتعالى تحدث عن أبي لهب في سورة كاملة (تب يدا أبي لهب) هذه الآية نزلت عندما نادى رسول الله r بعد أن أمره تعالى (فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ (94) الحجر) وأن يخرج من الإسرار إلى الجهر فصعد على الصفا وأخذ ينادي بطون قريش بطناً بطناً فلما اجتمعوا إليه عرفهم r على ذاته نبياً وقال «إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبتُ الناس جميعاً ما كذبتكم، ولو غررتُ الناس جميعاً ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس كافة، والله لتموتُنَّ كما تنامون، ولتُبعثُنَّ كما تستيقظون، ولتُحَاسبنّ بما تعملون، ولتجزوُنّ بالإحسان إحساناً، وبالسوء سوءاً، وإنّها لجنّة أبداً أو لنار أبداً». فكان بين الجمع أبو لهب فنظر إليه مستهزئاً وقال تباً لك ألهذا دعوتنا؟ فأنزل تعالى قوله (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)) أفرض أن هذا القرآن كلام محمد r أو كلام أي شخص من الناس ألا يمكن لأبي لهب أن يسلم بعد عام أو عايمن؟ ألا يمكن أن يدفعه الخبث أن يجمع أقرابه فيقول لهم أرأيتم إلى محمد الذي يقول أني كافر أنا أعلن أمامكم أني أسلمت إذن هذا الخبر ليس صحيحاً وهو ليس صادقاً في نبوته ولو كان كلام الله لعلم أني سأسلم. لو كان الكلام كلام بشر لم يقوى على أن يدلي بهذا القرار عن أبي لهب إلا يوم القيامة أنه سيموت كافراً ويحشر كافراً ويصلى ناراً ذات لهب. وما يصدق عن أبي لهب يصدق عن امرأته (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ (5)).
ومثل ذلك قول الله تعالى عن الوليد ابن المغيرة (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) المدثر)