من كتاب لطائف قرآنية للدكتور صلاح عبد الفتاح الغامدي
السور القرآنية المفتتحة بالتسبيح ست وهي الإسراء، الحديد، الحشر، الصق، الجمعة، التغابن والأعلى.
وعندما ننظر فيها فإننا نجدها مرتبة ولا أقصد بالترتيب أنها متسلسلة متتابعة لأن بينها سوراً أخرى. أعني بترتيبها ترتيب إشتقاقات مادة التسبيح التي افتتحت بها كل سورة منها.
إن الأصل في إشتقاقات أي كلمة مشتقة هو: المصدر ثم الفعل الماضي ثم الفعل المضارع ثم فعل الأمر وهكذا.
سبحان – سبَّحَ – يسبِّح – سبِّح
بالنسبة للتسبيح يكون ترتيب الإشتقاقات على هذا الأساس هكذا: سُبحان – سبَّح – يُسبِّح – شبِّح.
وعندما ننظر في السور المفتتحة بالتسبيح فسنجدها مرتبة على هذا الأساس:
- سورة الإسراء: افتُتحت بالمصدر (سبحان) لأن المصدر هو الأساس في الاستعمال. قال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (1)).
- سورة الحديد والحشر والصف: افتُتحت بالفعل الماضي. قال تعالى في سورة الحديد: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وقال في سورتي الحشر والصف (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
- سورتا الجمعة والتغابن: افتُتحتا بالفعل المضارع. قال تعالى: (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ).
- سورة الأعلى: افتُتحت بفعل الأمر. قال تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى).
وهذا الترتيب المتدرج لاستعمالات إشتقاقات مادة التسبيح في السور المفتتحة بذلك دليل على مصدر القرآن الرباني وإشارة إلى لطيفة من لطائفه الممتعة.