بتـــــاريخ : 3/16/2009 8:58:59 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 934 0


    علم السياق القرآني - 2

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د.محمد بن عبد الله الربيعة | المصدر : www.islamiyyat.com

    كلمات مفتاحية  :
    علم السياق القرآني
    علم السياق القرآني [2] (مفهوم السياق القرآني ومكوناته) :
    السياق القرآني هو جزء من السياق بعمومه في معناه العام، إلا أن له مكونات خاصة يتميز بها، لابد من اعتبارها فيه، وهي:

    أولاً: ما بنيت عليه الآية من الأغراض.
    من أعظم ما تميز به القرآن تضمنه لأغراض متعددة في الآية الواحدة، ولا شك أن هذا من كمال القرآن، فإنه محتمل للوجوه بحسب اختلاف الأغراض التي تضمنتها الآية، وهذا سر تعدد المعاني في الآية واختلافها، ولهذا فلابد من اعتبار هذه الخاصية في السياق القرآني. والأغراض التي تتضمنها الآية هي:

    1- أغراض القرآن ومقاصده العظمى.

    2- غرض السورة.

    3- غرض المقطع أو القصة الواردة في موضوع واحد.

    4- غرض الآية.

    فكل هذه الأغراض لابد من اعتبارها في تفسير الآية، ولا يظهر كمال معنى الآية إلا بها، وهي متآلفة متكاملة مبنية على بناء واحد.

    قال ابن القيم في بيان قيمة معرفة الغرض ومراد المتكلم: "والفقه أخص من الفهم، وهو فهم مراد المتكلم، وهذا قدر زائد على مجرد وضع اللفظ في اللغة، وبحسب تفاوت مراتب الناس في هذا، تتفاوت مراتبهم في الفقه والعلم"([1]).

    ثانياً: النظم القرآني، والأسلوب البياني المعجز.
    لاشك أن النظم القرآني، والأسلوب البياني الذي ائتلف منه القرآن يمثل البناء المحكم المتسق الذي تميز به القرآن عن سائر الكلام، وهو خاصية مهمة في السياق القرآني بل هو ركن فيه؛ إذ لا يمكن تفسير القرآن إلا باعتباره.

    قال شيخ الإسلام":أكثر المحققين من علماء العربية والبيان يثبتون المناسبة بين الألفاظ والمعاني"([2]).

    قال الزركشي ":وهذا العلم أعظم أركان المفسر فإنه لابد من مراعاة مايقتضيه الإعجاز من الحقيقة والمجاز وتأليف النظم، وأن يواخى بين الموارد، ويعتمد ماسيق له الكلام حتى لا يتنافر وغير ذلك... ـ إلى أن يقول ـ واعلم أن هذه الصناعة بأوضاعها هي عمدة التفسير، المطلع على عجائب كلام الله، وهي قاعدة الفصاحة وواسطة عقد البلاغة"([3]).

    وقال السيوطي في الإتقان":على المفسر مراعاة التأليف والغرض الذي سيق له"([4]).

    وقال الخطابي ":وأما رسوم النظم فالحاجة إلى الثقافة والحذق فيها أكثر لأنها لحام الألفاظ، وزمام المعاني، وبه تنتظم أجزاء الكلام، ويلتئم بعضه ببعض"([6]).



    ثالثاً: أسباب النزول والأحوال التي نزلت فيها الآية وأحوال المخاطبين بها.
    أسباب النزول والأحوال التي نزلت فيها الآية من أعظم ما يدل على تحديد الغرض والمعنى المقصود في الآية، وعليه فلابد من اعتبار هذه الخاصية في السياق القرآني.

    قال الشاطبي في الضابط المعول عليه في الفهم":إن المساقات تختلف باختلاف الأحوال، والأوقات والنوازل، وهذا معلوم في علم المعاني والبيان"([7]).

    وقال السيوطي في الإتقان":قال الواحدي: لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها"([8]).

    وقال السعدي":النظر لسياق الآيات، مع العلم بأحوال الرسول × وسيرته مع أصحابه وأعدائه وقت نزوله من أعظم ما يعين على معرفته وفهم المراد منه"([9]).



    وعلى هذا فيكون السياق القرآني مؤتلفاً من ثلاثة عناصر أساسية:
    أولاً: الأغراض والمقاصد التي بني عليها النص.

    ثانياً: النظم والأسلوب القرآني المؤتلف من مجموع الكلام والتعبير فيه.

    ثالثاً: الأسباب والأحوال التي نزلت فيها الآية، والمخاطبون بها فيها.
    وقد جمع شيخ الإسلام هذه العناصر جميعاً فقال":وتختلف دلالة الكلام تارة بحسب اللفظ المفرد، وتارة بحسب التأليف، وكثير من وجوه اختلافه قد لا يبين بنفس اللفظ بل يرجع فيه إلى قصد المتكلم، وقد يظهر قصده بدلالة الحال"([10]).

    وقال صاحب دلالة السياق منهج مأمون لتفسير القرآن الكريم":أما السياق القرآني، فإننا نقصد به الأغراض والمقاصد الأساسية التي تدور عليها جميع معاني القرآن إلى جانب النظم الإعجازي والأسلوب البياني الذي يشيع في جميع تعبيراته"([11]).

    ونخلص من هذا كله إلى أن السياق القرآني هو ((الأغراض التي بنيت عليها الآية، وما انتظم بها من القرائن اللفظية والحالية وأحوال المخاطبين بها)).
    والمقصود بالقرائن اللفظية: القرائن النصية وهي ما احتواه النص من التعبير والتركيب والارتباط بين الآيات ونحوها.

    والمقصود بالقرائن الحالية: الأسباب والأحوال التي نزلت الآية فيها.

    وهذا المعنى الذي تحدد به السياق القرآني، والعناصر التي ائتلف منها، راجعة إلى عموم معنى السياق وعناصره الأساسية كما تبين.

    وهنا مسألة مهمة متعلقة بمصطلح السياق وإطلاق المفسرين له، وهو أن بعض المفسرين كثيراً ما يستعمل السياق بعبارات مرادفة يطلقونها في معنى السياق،ومنها: نظم الآية، نسق الآية، روح الآية، ظاهر الآية، ملاءمة الكلام، مقتضى الكلام، فحوى الكلام، الإطار العام، الجو العام، المعنى العام، القرينة ، المقام، ونحوها، وهذه المصطلحات كلها معتمدة على النص الذي هو مناط السياق ([12]).


    د.محمد بن عبد الله الربيعة
    جامعة القصيم - قسم القرآن وعلومه
    ------------------------------------------------------------------------------

    ([1]) ((أعلام الموقعين)) (1/281).

    ([2]) ((مجموع الفتاوى)) (20/418).

    ([3]) ((البرهان في علوم القرآن)) (1/311).

    ([4]) ((الإتقان في علوم القرآن)) (1/185).

    ([6]) ((إعجاز القرآن للخطابي)) (ص36).

    ([7]) ((الموافقات)) (4/266).

    ([8]) ((الإتقان)) (1/93).

    ([9]) ((تيسير الكريم الرحمن)) (1/4).

    ([10]) ((الفتاوى الكبرى)) (3/208).

    ([11]) ((دلالة السياق منهج مأمون لتفسير القرآن)) (ص88).

    ([12]) انظر: ((التناسب البياني)) (ص182) ((السياق القرآني وأثره في تفسير المدرسة العقلية)) (ص87).
    كلمات مفتاحية  :
    علم السياق القرآني

    تعليقات الزوار ()