بتـــــاريخ : 3/14/2009 8:37:15 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 964 0


    أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : سامح قنديل | المصدر : www.quranway.net

    كلمات مفتاحية  :

    توفى النبي صلى الله عليه وسلم وقد ترك من الآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة ما حير الباحثين وأعيا المتأملين، ومن أعجب ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الجيل الذي رباه، فلم يسبق لنبي أن ربى جيلاً بكامله كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغم حداثة عهد العرب بالدولة الواحدة، التي لم يعرفوها قبل الإسلام، فقد دامت دولة الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قروناً طويلة، مما يدل على عمق الأساس الذي بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرج هؤلاء العظماء من الخلفاء والولاة، والقضاة والقادة، والعلماء والمربين، الذين تمكنوا من إرساء قواعد العقيدة ومناهج الشريعة وأصول التربية وقيم الأخلاق، مما جعلهم بحق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: خير الناس قرني، وهذه الخيرية تجعل من جيل الصحابة مثلاً أعلى للمسلمين في كل زمان ومكان يطلعون إليهم ويقتدون بهم ويحبونهم ويسترشدون بهديهم ويتعلمون سيرهم المتنوعة في اعتقادهم وعبادتهم ومعاملاتهم وسلوكهم وأخلاقهم، بدلا من القدوات المشبوهة التي صار الناس يقتدون بها من الفنانين والفنانات، واللاعبين واللاعبات، والمفسدين والمفسدات، وقد ذكر العلماء أن الطعن في جيل الصحابة رضي الله عنهم إنما هو طعن في المصدر الوحيد الذي تلقينا القرآن والسنة عن طريقه.
    وبالتالي فهو طعن في الدين، بل وإهانة لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ورحم الله مالكاً لما ذكر عنده رجل ينتقص الصحابة رضي الله عنهم قرأ قوله تعالى: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ }(1)، حتى بلغ قوله تعالى: { يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ }، فقال مالك: من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية!. يشير على أن التغيظ على أحد الصحابة ـ فضلاً عن أكثرهم ـ من صفات الكافرين، لكن أقواماً أعمى الله بصائرهم وأبصارهم، أخذوا بحظ وافر من هذه الآية فأساءوا الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اتهموا أصحابه بما لا يليق بهم، ولا بمربيهم صلى الله عليه وسلم، فقبح الله من ينتقص من الشيخين أبي بكر وعمر، ولا يقدمهما، وقد قدمهما الله ورسوله والمؤمنون، وقبح الله من ينتقص من عثمان ذي النورين الذي لم يسبق لغيره أن تزوج بابنتى نبي، والذي افتدى الأمة وحقن دماءها بدمه عن وعي بصيرة، وقبح الله من ينتقص من علي رضي الله عنه، وقد أحبه الله ورسوله كما أحب الله ورسوله، وقبح الله من ينتقص من عائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق، وأحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبح الله من ينتقص فاطمة بنت محمد سيدة نساء المؤمنين، وولديها الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة كما قال جدهما صلى الله عليه وسلم، وقبح الله من ينتقص من معاوية رضي الله عنه كاتب الوحي وخال المؤمنين وفاتح الفتوح وممصر الأمصار، وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم اجعله هادياً واهد به.
    وقد فرح النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى في الرؤيا ناساً من أمته يركبون البحر ملوكاً على الأسرة، وقد تحقق ذلك على يد معاوية في فتح قبرص، فكان رضي الله عنه مؤسس الأسطول الإسلامي الأول في التاريخ، وقائد الفتوح البحرية الأولى، وقد استعمله عمر فجمع له الشامات كلها، فأصبحت تحت قيادته أقوى أقاليم الإسلام، وأفرده عمر بها لما رأى من حسن سيرته وقيامه بحماية البيضة، وسد الثغور وإصلاح الجند، والظهور على العدو وسياسة الخلق.
    وقد بلغ من همته وعظيم عنايته بذلك أن الفتن لما أطلت برأسها في أواخر أيام الصحابة، وكان ما كان بين الصحابة رضي الله عنهم وأعظمه فتنة موقعة صفين، فقد أراد ملك الروم أن يستغل القتال بين المسلمين فاقترب من حدود المسلمين في جنود عظيمة، فكتب معاوية إليه يقول: "والله لئن لم تنته وترجع إلى بلادك لأصطلحن أنا وابن عمي عليك، ولأخرجنك من جميع بلادك، ولأضيقن عليك الأرض بما رحبت!" فخاف ملك الروم وانكف، فرضي الله عن معاوية، ورضي الله عن علي، وقد كان علي أقرب إلى الحق من معاوية، وكان علي أفضل من معاوية، لكننا نترضي عن الصحابيين، ولا نخوض فيما جرى بينهما، بل نمتثل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: ( إذا ذكر أصحابي فأمسكوا )، ولا نخوض فيما شجر بينهم، ونوقن أنهم جميعاً كما قال تعالى: { رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ }(1)، ونرجوا أن يكونوا جميعاً غداً: إخواناً على سرر متقابلين، ورحم الله أبا زرعة الرازي لما قال له رجل: إني أبغض معاوية! فقال له: ولم؟ قال: لأنه قاتل علياً، فقال له أبو زرعة: ويحك! إن رب معاوية رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فأي شيء دخولك أنت بينهما رضي الله عنهما؟.
    ورحم الله عمر بن عبد العزيز وقد تكلموا أمامه في الذي جرى بين الصحابة فقال: { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }(2)، وإذا كان فضل علي رضي الله عنه قد شاع وذاع بحيث عرفه القاصي والداني، وهو رضي الله عنه أهل لكل فضل ومحل كل فضيلة، إلا أن كثيراً من المسلمين قد جهلوا فضل معاوية، وحلمه، وعدله، وورعه، وديانته، ونصحه للمسلمين، فليتهم يتعرفون أخبار معاوية الصادقة حتى تُمحى الصورة الكاذبة التي صوره بها أعداء الإسلام والمسلمين، ليتهم يقرؤون في الكتب التي تحقق مواقف الصحابة رضي الله عنهم وتشيد بفضلهم، ومن أحسن ذلك كتاب العواصم من القواصم للقاضي أبي بكر بن العربي حتى تسلم قلوبهم من سوء الظن بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ويبرؤوا من خصومته يوم القيامة، فإنه صلى الله عليه وسلم سيأتي خصماً لمن طعن في أحد صحابته، كيف لا؟ وقد جعل أصحابه حفظة لأمته، كما أن الملائكة حفظة للسماء، وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: ( النجوم أمنة السماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتى ما توعد )، إن الصحابة رضي الله عنهم أمنة للأمة، أي حفظة لدينها، لقيامهم بطاعة الله والتزام أوامره،ودعوتهم للمسلمين، وذودهم عن الدين بالجهاد بالنفس والمال واللسان، لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في كل زمان ومكان بتوقير أصحابه واحترامهم ومحبتهم، وحذر من أذاهم وجرحهم والجرأة عليهم، كما في حديث الصحيحين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحداً أنفق مثل أُحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه! ) أي ما بلغ القدر اليسير من فضلهم، وذلك أن منزلة الصحبة لا تدانيها منزلة.
    لقد اطلع الله على قلوب العباد فاختار أرق الناس قلوباً ، وأطهر الناس أفئدة، واصطفاهم لصحبة محمد صلى الله عليه وسلم، ورحم الله من قال: ليوم شهده معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من عمر بن عبد العزيز وآل بيته، ولم يكن طريق الإسلام في جيل الصحابة ممهداً مفروشاً بالزهور، بل كان امتحاناً شاقاً لا تجتازه بنجاح إلا الهمم الشامخة، والنفوس العالية، التي حازت الإيمان والتقوى والإخلاص والمجاهدة فصاروا رموزاً شامخة، وأعلاماً هاوية، وقدوات سامقة تتطلع إليها أجيال المسلمين المتعاقبة بكل فخر واعتزاز، ولله در ابن مسعود رضي الله عنه حيث يقول: من كان منكم متأسياً فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، وأقومها هدياً، وأحسنها حالاً، قوماً اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلمن وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم، وقد كانوا رضي الله عنهم أسمى أخلاقاً، وأصدق إخلاصاً لله، وترفعاً عن خسائس الدنيا من أن يختلفوا للدنيا، لكن كان في عصرهم من الأيدي الخبيثة التي عملت على إيجاد الخلاف وتوسيعه، مثل الأيدي الخبيثة التي جاءت فيما بعد، فصورت الوقائع بغير صورتها، فلعن الله قوماً انتقصوهم، وآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه وسبوهم، ورضي الله عن كل الصحابة أجمعين، وجزاهم خيراً عن الإسلام والمسلمين، فقد كانوا سبباً لعز هذه الأمة، ولهم ثواب انتمائنا إلى هذه الملة.

    إن كان في الناس سباقون بعدهم فكل سبق لأدنى سبقهم تبعُ

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()