بتـــــاريخ : 3/14/2009 8:33:35 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 531 0

    موضوعات متعلقة

    سهيل بن عمرو

    صلح الحديبية

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : سامح قنديل | المصدر : www.quranway.net

    كلمات مفتاحية  :
    صلح الحديبية

    صلح الحديبية

    كان النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى في المنام أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين وطافوا واعتمروا فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا واستبشروا، وفي مستهل ذى القعدة من السنة السادسة للهجرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة معتمراً، واستقر الأعراب حول المدينة فأبطأ عنه أكثرهم خوفاً من المواجهة مع قريش. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف وأربعمائة من المهاجرين والأنصار، شوقا إلى البيت العتيق، وتمهيداً لإقرار حق المسلمين في أداء عباداتهم، وإبطالا لزعم قريش أن المسلمين لا يعظمون حرمة البيت، وقد أحرم النبي صلى الله عليه وسلم من ذى الحليفة والمسلمون معه، وساق الهدى ليُعْلم الناس أنه لم يخرج للحرب، ولما علمت قريش بخروج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، جمعت جموعها لصد المسلمين عن دخول مكة، وخرج خالد بن الوليد بخيلهم إلى كُراع الغميم طليعة لهم، وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فاستشار أصحابه كعادته، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : يا رسول الله ! خرجت عامداً لهذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد، فتوجْه له، فمن صدنا عنه قاتلناه. قال: "امضوا على اسم الله " وتحاشياً للصدام مع جيش خالد، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: هل من رجل يأخذ بنا على غير طريقهم ؟ فجاء رجل من أسْلم فسلك بهم طريقاً وعرا، أفضى إلى أرض سهلة، وانتهى بهم إلى الحديبية، فلما رأى خالد ما فعل المسلمون أسرع إلى قريش يخبرهم الخبر.

    وعند الحديبية بركت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما خلأت وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل، ثم قال: " والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها " ثم عدل عن دخول مكة إلى أقصى الحديبية، فنزل إلى بئر قليلة الماء، فاشتكى المسلمون العطش، فأخرج سهماً من كنانته وأمرهم أن يجعلوه فيها، فمازال يجيش بالرى حتى كفى جميع أهل الجيش، فكان من بركته صلى الله عليه وسلم وعلامات نبوته تكثير الماء بين يديه.

    ثم جرت الرسل والسفراء بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش، وطال التنازع، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعجب من عناد قريش ويقول: " يا ويح قريش أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر الناس ! فإن أصابوني كان الذى أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وهم وافرون، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فماذا تظن قريش! والله إني لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله له حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة ـ يعني حتى الموت ـ " وسعى رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيان موقفه لقريش والناس جميعاً، فأرسل خراش بن أمية الخزاعي الذي كادت قريش تقتله لولا أن منعهم الأحابيش، ثم أرسل عثمان بن عفان يبلغهم مقصد النبي صلى الله عليه وسلم من مجيئه مكة، ولما أبلغهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم سمحت له قريش أن يطوف بالبيت، فامتنع أن يسبق النبي صلى الله عليه وسلم بالطواف، ثم إن قريشاً احتبسته فشاع بين المسلمين أن عثمان قتل، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى البيعة، فبايعوه تحت الشجرة على الموت فأثنى النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وقال: ( أنتم خير أهل الأرض ) رواه البخاري، وعند مسلم: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها ) وقد عرفت هذه البيعة ببيعة الرضوان، وعد من أهلها عثمان بن عفان رضي الله عنه إذ بايع عنه النبي صلى الله عليه وسلم بيده الأخرى وقال هذه لعثمان وفي هؤلاء نزل قوله تعالى: { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }[الفتح:17].

    على أن عثمان لم يطل احتباسه فإن قريش جزعت أن تصيبه بأذى وهو من سراتها بمكان، وسارعت إلى بعث سهيل بن عمرو ليعقد مع النبي صلى الله عليه وسلم صلحاً، ولما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال متفائلاً: وكان يعجبه الفأل، لقد سهْل لكم أمركم ! ولم يكن أهم لقريش في هذا الصلح من عودة المسلمين من عامهم هذا، على أن يعودوا بعد إن شاءوا، حفظاً لماء الوجه، وإبقاءً لمكانة قريش في العرب، وقد جرت مفاوضات طويلة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين سهيل انتهت إلى عقد صلح الحديبية الذى اتفق فيه الطرفان على وضع الحرب بينهما عشر سنين يأمن فيها الناس القتال ويكف بعضهم عن بعض، ومن جاء محمداً هارباً من قريش ردوه إليهم، ومن جاء قريشاً هارباُ من محمد لم يردوه إليه! ومن أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده من قبائل العرب دخل فيه،ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وأن يرجع المسلمون عامهم هذا على أن تخلى قريش بينهم وبين الكعبة العام القادم ثلاثة أيام معهم سلاح الراكب فقط ! ودعا النبي صلى الله عليه وسلم علياً لكتابة بنود المعاهدة وصبر على مماحكة سهيل في صياغة البنود حيث أبى سهيل كتابة البسملة ، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة وأمضى له النبي صلى الله عليه وسلم ما أراد.

    وقد شق هذا الصلح ببنوده على كثير من المسلمين وظنوه مجحفاً، ويظهر هذا من موقف عمر رضي الله عنه كما في الصحيح، حيث راجع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المعاهدة التي لم يدرك الحكمة منها، قال عمر: فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقاً ؟ قال : بلى ! قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى ! قلت: فلم نعطى الدنية في ديننا إذاً ؟ قال: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصرى ! قلت: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال: بلى! فأخبرتك أنك تأتيه العام ؟ قال قلت: لا! قال: فإنك آتيه ولمطوف به. لكن عمر رضي الله عنه لم يكتفي بذلك ! بل أعاد الكلام أمام أبي بكر رضي الله عنه بمثل كلامه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: يا عمر الزم غرزه حيث كان، فإني أشهد أنه رسول الله، قال عمر وأنا أشهد، وقد ظهر من هذا الموقف رسوخ أبي بكر الذي لا يدانيه أحد فيه من الصحابة، واستحقاقه للسبق. وجدارته بالصديقية، وأن إيمانه بإيمان الأمة كلها.

    على أن عمر رضي الله عنه إنما راجع النبي صلى الله عليه وسلم لا على الاعتراض، وإنما للوقوف على الحكمة، وتقديم المشورة، واستفراغ الوسع في تحقيق مصلحة المسلمين. وإذلال الكافرين، وكان عمر يقول بعدها: مازلت أصوم وأتصدق وأعتق من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ !

    وكان أكثر المسلمين يومئذ يرون أن في الصلح إجحافاً بهم، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمرهم أن يحلقوا رؤوسهم وينحروا هديهم تباطئوا رجاء أن يغير الله من شأن المعاهدة! فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة مغضباً فنفعه الله بمشورتها حيث أشارت عليه أن يبدأ بنفسه ، فخرج أمامهم ونحر وحلق فلما رأوه فعل ذلك ، زال عنهم الذهول وأسرعوا بالامتثال لأمره.

    وفي طريق عودة المسلمين إلى المدينة، أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم سورة الفتح { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً }[الفتح:1] قال أنس : الحديبية، وأسرع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها عليهم، قال رجل: يا رسول الله أفتح هو؟ قال: نعم والذي نفسي بيده إنه لفتح، فانقلبت كآبة المسلمين إلى فرحة غامرة، وأدركوا أنهم لا يمكن أن يحيطوا بالأسباب والنتائج، وأن التسليم لأمر الله ورسوله خير كله، وكان من نتائج هذا الصلح الذي سماه الله فتحاً أن أتاح الفرصة أمام للمسلمين ليتفرغوا ليهود خيبر ولأعراب المدينة ، كما أتاح لهم الفرصة لنشر الإسلام عن طريق مكاتبة الملوك والرؤساء وعرض دعوة الإسلام عليهم، استغلالاً للأجواء الآمنة، قال الزهري رحمه الله: فما فُتح في الإسلام فتح قبله أعظم منه ، إنما كان القتال حيث التقى الناس، فلما كانت الهدنة ووضعت الحرب ، وآمن الناس بعضهم بعضا والتقوا فتفاوضوا في الحديث و المنازعة، فلم يكلم أحد بالإسلام يعْقل إلا دخل فيه ! ولقد دخل في هاتين السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك ! قال ابن هشام: والدليل على قول الزهري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الحديبية في ألف وأربعمائة ثم خرج في عام الفتح بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف وقد استمرت هدنة الحديبية سبعة عشر شهراً، أو ثمانية عشر شهراً ثم نقضتها قريش حين أعانت حلفائها من بني بكر على حلفاء المسلمين من خزاعة، الذين استنصروا بالمسلمين فكان الفتح الأعظم، فتح مكة الذى أعز الله به الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم وجنده

    كلمات مفتاحية  :
    صلح الحديبية

    تعليقات الزوار ()