بتـــــاريخ : 3/14/2009 5:28:51 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 667 0


    العفو من أبواب العز

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : عصام حسنين | المصدر : www.salafvoice.com

    كلمات مفتاحية  :
    العفو ابواب العز


    العفو من أبواب العز

    كتبه/ عصام حسنين

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

    فإن العفو بشرط الإصلاح[1] كما قال الله -تعالى-: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) باب عظيم من أبواب العز كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً) الحديث رواه مسلم.

    وهو من آكد الأمور التي حث الله -عز وجل- عليها فقال: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) (الشورى:43).

    وأخبر -عز وجل- أنه لا يقوم به إلا أهل الصبر والحظوظ العظيمة، وأنه لا يوفق له إلا أولوا العزائم والهمم العالية والبصائر النافذة.

    قال الله -تعالى-: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:34-35).

    والعفو وصف الكريم الرحمن -جل وعلا-، وآثاره مشاهدة في عباده وخلقه، وشهود العبد هذه الآثار مما يهيجه على التخلق بهذه الصفة العظيمة؛ تعبداً لله -تعالى- بذلك؛ وطلباً لعفوه وصفحه فإن الجزاء من جنس العمل.

    عن عليّ -رضي الله عنه- قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله -تعالى- حدثنا بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30) وسأفسرها لك يا عليّ، ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم، والله -تعالى- أكرم من أن يثني عليهم العقوبة في الآخرة، وما عفا الله -تعالى- عنه في الدنيا فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه. رواه أحمد وحسن إسناده العلامة أحمد شاكر.

    كما أن العفو والصفح من خلق قدوتنا وحبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

    ومن وصفه هكذا وصفته عائشة -رضي الله عنها-، وكذا هو وصفه في التوراة.

    فقد سئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: (لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صاخباً بالأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح) رواه أحمد.

    وعن عطاء بن يسار بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله  -صلى الله عليه وسلم-في التوراة فقال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة كصفته في القرآن: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وحرزاً للأميين أنت عبدي ورسولي أسميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح). رواه ابن جرير وهو صحيح.

    ولقد كانت حياته -صلى الله عليه وسلم- واقعاً حياً لهذا الخلق الكريم:

    عن أنس -رضي الله عنه- قال: كنت أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه جبذة شديدة فنظرت إلى صفحة عنقه اليمنى وقد أثرت بها حاشية البردة من شدة جبذته (وفي لفظ المسلم: حتى انشق البرد): فقال: يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك فالتفت إليه  -صلى الله عليه وسلم- فضحك ثم أمر له بعطاء) رواه مسلم.

    قال النووي – رحمه الله: " فيه: احتمال الجاهلين، والإعراض عن مقابلتهم، ودفع السيئة بالحسنة.... وفيه: كمال خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحلمه وصفحه " أ.هـ شرح مسلم 7/147.

    وغير ذلك من الأمثلة كثير كلها تحُثنا حثاً على التخلق بهذا الخلق الكريم.

    واعلم أن الدنيا ساعة، والمقام بها يسير لا تحتمل تقاطعاً أو تدابراً إلا في الله -تعالى- ولله، وأنه ينبغي أن نعامل إخواننا بالسهولة واللين -قدر الاستطاعة- فقد وصف جابر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ( كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً سهلاً........ ) الحديث رواه مسلم أي: سهل الخُلق، كريم الشمائل، لطيفاً، ميسراً في الخلق.

    وقال -صلى الله عليه وسلم-: ( مَن كان سهلاً هيناً ليناً حرمه الله على النار ) صحيح الجامع.

    وقال أيضاً -صلى الله عليه وسلم-: ( رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى، سمحاً إذا اقتضى ) رواه البخاري.

    وقال أيضاً -صلى الله عليه وسلم-: ( ارحموا تراحموا واغفروا يُغفر لكم.... )

    ولننتبه إلى أن الشحناء والتقاطع من أسباب حجب المغفرة عن العبد، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: ( تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفر لكل عبد مسلم لا يُشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كان بينه وبين أخيه شحناء، فيقال انظروا (أي: أخروا) هذين حتى يصطلحا) قالها ثلاثاً. رواه مسلم.

    وقال -صلى الله عليه وسلم-: ( ينزل ربنا إلى سماء الدنيا في النصف من شعبان فيغفر لأهل الأرض إلا لكافر أو مشاحن ) صححه الألباني بمجموع الطرق.

    إخواني الأحبة:

    ما أحوجنا في هذه الآونة إلى هذا الخُلق الكريم واقعاً حياً بيننا، نسأل الله -تعالى- العفو والمعافاة في الدنيا والآخرة.

    والحمد لله رب العالمين.



    [1] قال العلامة السعدي في تفسيره: "وشرط الله في العفو الإصلاح فيه ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق العفو عنه وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته فإنه في هذه الحال لا يكون مأموراً به" أ.هـ


    كلمات مفتاحية  :
    العفو ابواب العز

    تعليقات الزوار ()