بتـــــاريخ : 3/13/2009 2:10:20 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 464 0


    القوة المطلوبة

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : مصطفى عمر | المصدر : www.salafvoice.com

    كلمات مفتاحية  :
    القوة المطلوبة
    القوة المطلوبة

    كتبه/ مصطفى عمر

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،

    فالناظر إلى العالم بالموازين المادية يرى أنه الآن لا يحركه إلا الأقوياء، لا صوت إلا صوتهم، ولا أمر إلا أمرهم، لا يتحرك متحرك ولا يقف إلا بحسب ما تمليه مآربهم ومصالحهم ، فالدنيا من حولنا لا تعرف إلا القوة، وهم أحرص ما يكونون على تملكها من جميع أطرافها وتنازع كل جوانبها البشرية والعسكرية والاقتصادية والعلمية، لأنهم بذلك يفرضون كلمتهم، ويحققون أطماعهم، ويمكنوا لمصالحهم، بإذلال الضعفاء وإرغامهم، وقوتهم دوماً تحمل المكر والشر بين أكتافها، وويل للضعيف من القوي الماكر الشرير.

    والأمر ليس بمستغرب، ولا إنكار فيه على أحد، بل نحن أمة فهمت هذا منذ نشأتها، بل وأمرت به في كتابها قال -تعالى-: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ)(الأنفال60)، فما عرفت الدنيا في تاريخها الطويل قوة حملت الخير على عاتقها سوى هذه الأمة (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)(آل عمران110)، وإنما العجيب أن هذه الأمة الآن تخلت عن فهمها وعن تاريخها ورضخت واستكانت لأعدائها يفعلون بها ما يريدون، بينما هي مأمورة أبداً بخلود القرآن فيها بالأخذ بأسباب القوة والسعي لها وبذل الوسع في ذلك، فإن عجزت عن إعداد القوة المادية لسبب أو آخر فلا أقل من تأخذ بإعداد القوة المعنوية الإيمانية المنوط بها الأمة جمعاء (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ)(النور55)، وكذلك القوة العلمية المنوط بها العلماء والقادة (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )(التوبة122)، ودورهم كبير في قيادة الأمة والعودة بها إلى سابق عهدها وأوائلها، وبدون عقيدة إيمانية صحيحة وفهم صحيح للواقع ومتطلباته عندها يصير الأمر حماسة جوفاء تأخذ بنا إلى وراء ، فلابد من تصحيح العقيدة والمفاهيم بعيداً عما يريده بنا أعداؤنا من تغيير وتبديل في ديننا وعقيدتنا، وفي علمنا وثقافتنا ، وفي أموالنا وعدتنا ، وبالجملة في قوتنا .

    فالأمة تحتاج أن تستفيق مما هي فيه من الاستكانة والرضوخ لأعدائها الذين أحاطوا بها من كل جانب ، بل واستنبتوا أعواناً لهم في داخلها ، وهؤلاء خطرهم أشد فهم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، وأحاديثهم ملْ أسماعنا يبثون في الأمة الوهن والضعف ، ويطالبونها بالانقياد وترك المقاومة لأفكار أعدائنا ، والتزام مناهجهم وأفكارهم ، وهم مع ذلك يطعنون في كل ما يمت للإسلام بصلة من فهم أو عمل أو عقيدة ، وأصبحوا بحق دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها .

    فلا بد من رد فعل إزاء ذلك كله لا سبيل إليه إلا بأن تستعيد الأمة وعيها ، وأن تستشفي من أدوائها لتسترد عافيتها ، وتسترجع قوتها حتى تكفّ أعدائها عن العبث بها وبمقدراتها ، فالأمة في أشد الحاجة إلى أهل الإيمان والعمل الصالح من القادة والعلماء ليقودوا مسيرتها إلى العودة ، ليأخذوا بناصيتها إلى التقدم والعلو.

    فإعداد وإيجاد هؤلاء هو دور الدعاة الصادقين المخلصين في توجيه دفة الأمة التي حادت عن السبيل للعودة بها إلى الجادة والحق ، إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما فهمهما سلف الأمة وعملوا بهما مع ربط ذلك بالواقع الذي نعيشه ، فلا نغيب ولا نُغيّب كما يفعل بالأمة الآن حتى صارت الذنوب والمعاصي كالقدر المحتوم الذي لا نملك منه فكاكاً ولا تحويلاً ، فلابد من نهج ذات السبيل الذي انتهجوه وساروا عليه والذي قادهم إلى التقدم والعلو(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)(السجدة24)، (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(يوسف108)، فالسبيل واضح لا خفاء فيه ألا وهو سبيل الأنبياء والمرسلين والمؤمنين من بعدهم؛ الدعوة إلى الله على علم وفهم بالكتاب المنزّل ، وسنة النبي المرسل ، فلو راجعت الأمة الكتاب والسنة وردت إليهما لعلمت أن الركيزة الأساسية في أمرها للعودة إلى عزها ومجدها هي العبادة وتوحيد الله بها مع اجتناب الشرك قال تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)(النور55)        

    فنحتاج إلى عودة صادقة متجردة لعبودية تجمع رصيداً طيباً من كل العبادات نبتغي بها وجه الله تعالى لا سواه.

    ونبي الله صلى الله عليه وسلم وصف الداء والدواء للأمة فقال (إذا تبايعتم بالعينة، واتبعتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) صحيح الجامع423.

    فهيا نبدأ إن كنا لم نبدأ (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)(آل عمران139)، وإن كنا قد بدأنا فـ (اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(آل عمران200).

    والحمد لله رب العالمين ذي القوة المتين


    كلمات مفتاحية  :
    القوة المطلوبة

    تعليقات الزوار ()