بتـــــاريخ : 3/13/2009 1:28:01 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1128 0


    رحم الله زماناً كان العيد فيه إما صغيراً وإما كبيراً

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : عبد المنعم الشحات | المصدر : www.salafvoice.com

    كلمات مفتاحية  :
    رحم الله زماناً كان العيد فيه إما صغيراً وإما كبيراً

    كتبه/ عبد المنعم الشحات

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،

    يشيع في أوساط العامة في مصر إطلاق اسم "العيد الصغير" على عيد الفطر، واسم العيد الكبير على عيد الأضحى، وهذه التسمية وإن لم تكن دقيقة إلا أنها جاءت في الأغلب من كون عيد الفطر يوماً واحداً هو غرة شوال، ومن نافلة القول أن نشير إلى أنه بناء على ذلك يمكن الشروع في صوم أيام شوال اعتباراً من اليوم الثاني منه، وإن كان عادة الناس أنهم يمدون كثيراً من مظاهر العيد إلى اليوم الثالث من شوال، وأما عيد الأضحى فهو أيضاً يوم واحد، إلا أنه يعقبه ثلاثة أيام هي من جملة أعياد الإسلام وهي أيام التشريق فحصل من هذا وجود أربعة أيام عيد متصلة، ومن نافلة القول أيضاً أن نشير إلى أن كثيراً من الناس يحصل لديه لبس في فهم أن التكبير يستمر إلى عصر ثالث يوم من أيام التشريق فيظن أنه ثالث أيام العيد ولذلك يجمل من الدعاة أن يبينوا أن ثالث أيام التشريق يسمى في كلامنا الدارج رابع أيام العيد.

    ومن عادة الناس أيضاً أنهم يتحرون بمناسباتهم المبهجة الأعياد مثل صلة الرحم لاسيما لمن نأت ديارهم، ومثل قدوم الغائب ومثل الأفراح وغيرها، ومن ثم تجد أنه يشيع جدا في كلام الناس أن يسأل السائل عن موعد شيء من ذلك فيقال له في العيد إن شاء الله، فيردف بسؤال آخر الصغير أم الكبير؟ وهذا هو الشاهد أنه كان مستقرا في عرف عوام المسلمين أنه ليس عندنا سوى العيدين الفطر والأضحى، وهما اللذان نطلق عليهما الصغير والكبير ولم يكن يزاحم العيدين شيء آخر البتة، فتدخر لهما كل أنواع الفرح والسرور والأطعمة والأشربة، والملابس الجديدة وإعادة طلاء المنازل، فضلاً عن التزاور وقدوم الغائبين وحفلات الزواج.

    نعم كانت هناك منافسة على استحياء لمناسبات نسبها الناس إلى الشرع فجعلوا فيها بعض مظاهر العبادة أو بعض التوسعة في العادة من طعام مخصوص أو من تزاور أو تهادي كان يقتصر في الغالب على فئة الخاطبين دون غيرهم، ولم يكن يجرؤ أحد على أن يسمي هذه المناسبات أعياداً، وإنما أطلقوا عليها اسم "المواسم"، ورغم تصدي كثير من أهل العلم لهذه البدع إلا أن هذا لم يؤدي إلى انحسارها، لاسيما مع وجود بعض من ينادي باعتبارها بدعا حسنة لارتباطها بمعاني شرعية، ولكون طقوسها تدور حول البر والصلة، وليس هذا مقام الرد التفصيلي على هذا القول إلا أنه يكفي أن نشير إلى أنه مخالف لنص كلام النبي –صلى الله عليه وسلم- الذي جعل كل محدث في أمر الدين مردود فقال عليه الصلاة والسلام (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه.

    والذي نريد أن نتوقف عنده هنا هو أن هذه المواسم رغم أنها لم تأخذ اسم "العيد" ولم تأخذ كل مظاهره، إلا أنها هزت القاعدة المستقرة في عرف الناس أنه ليس لنا إلا عيدان مع أن هذه القاعدة قد قررها النبي -صلى الله عليه وسلم- في غاية الوضوح عندما قدم المدينة فوجد عندهم يومان يلعبون فيهما فسألهم عن ذلك فقالوا يا رسول الله يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال (إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر)(رواه أبو داود وصححه الألباني).

    فقد كانت هذه القاعدة مستقرة شرعاً وواقعاً، مع قابلية للاهتزاز نجمت من وجود أنصاف أعياد بدعية متمثلة في المواسم، ثم جاء عصر الراديو والصحافة ومن بعده التلفاز ثم الدش والإنترنت، وأصبحت كلمة العيد من أكثر الكلمات ابتذالا فأصبحنا نسمع عن عيد النصر، وعيد الأم، وعيد العمال، وعيد الفلاح، وعيد اليتيم أو"يوم اليتيم"، وغيرها من أعياد ما أنزل الله بها من سلطان، وقبلت الأمة أن توجد فيها أعياد غير الفطر والأضحى وفي كل مرة يتسع مفهوم السنة الحسنة عند المدافعين لكي يضم هذه القائمة الجديدة من الأعياد مع تفاوت في مدى احتفاء الناس بها بين أيام لا يكون حظها من ذلك إلا الاسم وأيام تأخذ كثيراً من طقوس العيد كعيد الأم مثلاً.

    ثم مع شيوع الفضائيات جاءنا عيد الحب وغني عن الذكر أن الحب عند من اخترع عيد الحب لا يعني إلا مفهوماً واحداً وهو حب الرجل المرأة والعكس، وأن طقوس هذا العيد عند من اخترعوه وعند من استوردوه إلى بلادنا لا تعني إلا تزين المرأة –متزوجة كانت أو غير متزوجة- لأعين الناظرين بثياب شهوانية حمراء ترتديها النساء من سن العاشرة إلى الستين دون تمييز، ناهيك عن الطقوس الخاصة التي ينبغي أن تكون بين كل حبيبين سواء كانا متزوجين أم لا.

    حينئذ خفتت أصوات أصحاب "البدعة الحسنة" عندما جاءتهم هذه الجبال من السيئات، ويا ليتهم أغلقوا الباب أصالة، بينما بقي أذناب الغرب وأتباع السنة الغربية والطريقة الإبليسية يدافعون عن قيم الحب النبيل -في زعمهم- وحري به أن يسمى عيد الفسق والفجور، فكيف يتسنى لأصحاب عيد الفطر من رمضان وعيد التضحية والفداء اللذين لم يجعل الله لهم أعياداً غيرهما، أن يفتحوا الباب على مصراعيه، لكي تُضم إلى قائمة الأعياد التي يحتفلون بها أعياداً أخرى لاسيما أعياد الفسق والفجور، والأطم من ذلك كله أن تتسع القائمة أكثر لتشمل أعياد الكفر والشرك، ورحم الله زماناً كان الناس لا يعرفون فيه من العيد إلا الفطر والأضحى.


    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()