هل تريد أن تصبح إنسانا مبدعا ولكنك لا تظن أن لديك جين الإبداع؟ قد يكون أمامك عملا شاقا ولكنك تستطيع أن تصبح مثل احد مشاهير المبدعين بشهادة أحد خبراء الإبداع بجامعة واشنطن.
يقول كيث سويير أستاذ علم النفس:"لم يولد أحد عالي الإبداع سواء في الفن أو العلوم". وقد اكتشف علماء النفس الذين درسوا الإبداع أنه مبني على عمليات معرفية نتشارك فيها جميعا.
أساطير عن المبدعين
يستطرد سويير قائلا :"الإبداع ليس ناتجا عن منطقة سحرية داخل العقل يملكها البعض والبعض الآخر لا يملكها. حين يقول الناس أنهم غير مبدعون، هم يتحدثون عن أفكار خاطئة عن الإبداع نتمسك بها كموروثات اجتماعية. أحد الأساطير التي تتحدث عن المبدعين تقول أن الإبداع صفة تجعل المبدع يحول أي شئ إلى ذهب بلمسة واحدة، ولكن هذه ليست الطريقة التي تعمل بها صفة الإبداع، هي ليست صفة سحرية، عليك أن تعمل جاهدا لتصبح شخصا أكثر إبداعا، عليك أن تكون مثابرا.
أسطورة أخرى تقول أن المبدع غريب الأطوار وهو يتميز بأنه غير اجتماعي، والحقيقة أنه عند الدراسة الفعلية للمبدعين وجد أن أغلبهم طبيعي وسعيد ويتمتع بصحة جيدة ومعظمهم ليس مكتئبا أو مدمنا كحول أو مريضا بالفصام.
أسطورة أخرى تقول أن هناك علاقة قوية بين الإبداع والمرض العقلي، ويحب فناني هوليوود هذه الأسطورة حين يجسدون شخصيات مبدعة مريضة عقليا، وفي دنيا الواقع هناك نماذج لمبدعين مصابين بأمراض عقلية مثل سيلفيا بلاث ولكن هي نفسها تقول أنها كانت كاتبة أفضل قبل أن تصاب بالاكتئاب وأنها أرادت أن تهرب من مرضها بالإندماج في الكتابة ولم تفكر في أن مرضها هو الذي دفعها لزيادة الإبداع.
الكثير من الناس يعتقد أن المبدعين منطويون ويشعرون بالوحدة ولكن في الحقيقة أن المبدعين لهم شبكة اجتماعية تكون لهم عونا على إبداعهم، أو أن يحدث الإبداع بالتعاون المشترك مع آخرين.
أسطورة أخرى عن الإبداع وهو أن الإبداع عكس التقاليد والقيود ولكن هذه ليست حقيقة لأن الإبداع لا يحدث في غياب التقاليد.
الإبداع في حياتنا اليومية
حواراتنا اليومية هي أدل نموذج على الإبداع في حياة كل منا. الحوارات عبارة عن أخذ وعطاء والكل ينصت للآخر. أنت تسمع ما يقوله شريكك في الحوار وتستوعبه وتبني عليه، لذا فإن الحوار الجيد تعاوني وينبع من ما يقوم به الجميع معا. الكثير منا يستطيع أن يستخدم مهارات الحوار الإبداعية وليس شرطا أن يكون مثل فان جوخ أو بيكاسو، نحن فقط لا نرى الحوار كإبداع لأن الكثير يفعلونه ولا يبدو عليه أنه يحتاج أي امكانيات خاصة. حين نقوم بحوار لا نشعر أننا مبدعين ولكننا كذلك، قد لا ندرك ذلك لأن الحوار يحدث سريعا ولكنه يحتوي على إبداعا خفيا.
ما هو السر في أن تصبح مبدعا
لا تستطيع أن تكون مبدعا دون أن تعرف ما المجال الذي ستبدع فيه، لذا يجب أولا أن تقرر مجال الإبداع لأن المبدعين الحقيقيين يقضون الكثير من الوقت في التحضير لأعمالهم. إذا أردت أن تكون مبدعا فعليك أن تقضي وقتا لتكتسب معلومات وافية عن مجال إبداعك وأن تعرف ما فعله الآخرون من قبلك، تعرف على من يعملون في نفس المجال وتعرف على أساليب تفكيرهم واعلم أن الإبداع يأتي من التعاون ويحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد، وأن الفارق بين المبدع وبين الآخرون هو العمل الشاق.
المبدعون يبذلون جهودا كبيرة ولكن بذكاء، هناك طريقة محددة يخططون بها عاداتهم في العمل، ليجعلوا يومهم على شكل فترات تبادلية ما بين عمل شاق وفترات راحة. النمط الشائع بين المبدعين هو العمل الشاق نهارا ثم أخذ فترة راحة ظهرا للسير في حدائق أو ركوب الدراجة وأعظم أفكارهم تأتي في هذا الوقت الذي يستريحون فيه من العمل الشاق. وقت الراحة يسمح لهم بالتفكير في مشاكلهم بطرق جديدة.
المبدعون أيضا يميلون لأن يكون لهم مشروعات متعددة متصلة طويلة المدى يعملون فيها في نفس الوقت، ويركزون في أحد هذه المشروعات فإذا ما وصلوا فيها إلى طريق مسدود انقلبوا إلى الآخر مما يخلق آفاقا لترابط غير متوقع بين جميع هذه المشروعات.
المبدعون يأخذون فترات راحتهم ليقوموا فيها بنشاط مغاير تماما لمشروعهم الحالي، فقد يقرئون كتابا أو يلعبون كرة قدم أو سلة أو يتنزهون، فهذه هي الأوقات التي تحدث فيها مقارنات بعيدة تسمح بأفكار أثناء اللعب تقدم حل بخصوص المشروع الحالي، شئ في كتاب قد يربط معلومتين مختلفتين ببعضهما، كما أن السير في الهواء الطلق قد يسمح بمفاهيم مختلفة.
حين يتحدث سويير إلى المؤسسات والشركات عن الإبداع فهو يؤكد دائما على أهمية السماح للموظفين باستنفاذ جميع العطلات المسموحة لهم.
الكثير من الناس لا يأخذون عطلاتهم مما يستنفذ طاقتهم فالعطلات تسمح بإعادة شحن بطارياتهم أو بمعنى أصح تساعد الناس على التفكير الأكثر إبداعا في أوقات عملهم، لذا يحتاج الناس إلى الشعور بالحرية في أوقات راحتهم.
يقول سويير أن العمليات العقلية التي تستخدم في الإبداع مبنية على نفس الأساس الذي نستخدمه في حياتنا اليومية مثل غسل أسناننا وأخذ حمام وتحضير طعام الإفطار.
أفضل مثال على ذلك الرجل الذي اخترع الفيلكرو (الشريط اللاصق)، فقد كان هذا الرجل يسير مع كلبه ولاحظ التصاق الأزيز بفراءه ففحصه بعدسة مكبرة ووجد أن هذا الأزيز لديه خطاطيف صغيرة فجاءته فكرة شريط له نفس هذه الخطاطيف الصغيرة من الممكن أن يستخدم في عالم الأزياء بدلا من السوستة التقليدية، وهذه كانت الفكرة الأساسية التي بُني عليها هذا الإختراع.
كلنا لديه القدرة على رؤية الأزيز في فراء الكلب ولكن أكثرنا إبداعا يستطيع أن يقوم بعمل الرابط بين ما رآه وبين تطبيقاته بشكل أسهل. المبدعون يستطيعون أن يروا أشياء مختلفة بعمل روابط بين شيئين يبدوان في حقيقتهما مختلفين.