مفتاح نجاح سوق العمل الامريكية هو مرونتها. فتعيين موظفين جدد ثم تسريحهم وفقا لحالة الاقتصاد الامريكي مسألة سهلة. ورغم أن هذا المنهج لا يضمن الامن الوظيفي للعمال فإنه يجعل العثور على وظيفة مسألة سهلة نسبيا بعد تسريحهم.
وقد انخفض معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 4ر5 في المائة وحقق الاقتصاد الامريكي نموا بمعدل 4ر4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العام الماضي. وتم توفير 2ر2 مليون وظيفة جديدة.
وهذا يعوض الوظائف التي خسرها الاقتصاد الامريكي خلال السنوات الثلاث الاولى من حكم الرئيس جورج بوش.
ولا يجد هؤلاء الامريكيون الذين فقدوا وظائفهم وقتا طويلا لندب حظهم العثر. فإعانة البطالة تتوقف غالبا بعد ستة أشهر على الاقل وهي الفترة التي يجد خلالها العمال ذوو المهارات العالية مثل المهندسين ومبرمجي الكمبيوتر أنفسهم يبيعون الالكترونيات في المتاجر الصغيرة.
والحقيقة أن هذه الظاهرة تميز سوق العمل الامريكية عن نظيرتها في أغلب الدول الاوروبية وبخاصة ألمانيا. فأصحاب الاعمال مهما كانت في الولايات المتحدة يفضلون العامل الذي لديه أعلى مستوى من التأهيل حتى لو كان العمل لا يحتاج إلى مثل هذه المؤهلات. في حين أن المؤهلات العليا في ألمانيا يمكن أن تكون عقبة في سبيل حصول صاحبها على فرصة عمل.
وفي الوقت نفسه فإن معدلات تغيير العمال في المجالات التي تحتاج إلى مهارات خاصة في الولايات المتحدة مرتفعة للغاية. وأصحاب الاعمال يدركون أنهم إذا كانوا يستطيعون تسريح العمال في اوقات الركود الاقتصادي فإن العمال يستطيعون تركهم والانتقال إلى أعمال ذات عائد أعلى في أوقات الازدهار. أيضا فإن النقابات العمالية لا تلعب دورا رئيسيا في الولايات المتحدة. ولا تزيد نسبة أعضاء النقابات العمالية من عمال القطاع الخاص في الولايات المتحدة عن عشرة في المئة فقط. كما أن المفاوضا ت من أجل عقود العمل الجماعية نادرة في الولايات المتحدة. كما أن العطلات والتأمين الصحي وعدد ساعات العمل يخضع للمفاوضات الفردية بين العمال وأصحاب العمل.
ولا يوجد في الولايات المتحدة نظام تأمين صحي اتحادي وتتعاقد الشركات الامريكية الكبرى مع شركات تأمين خاصة لتوفير التأمين الصحي لعمالها. وعندما يفقد العامل وظيفته يفقد التأمين الصحي سريعا.
و العطلات المرضية قضية أخرى. فأغلب عقود العمل في الولايات المتحدة تحدد عدد الايام التي يمكن أن يحصل عليها العامل كعطلة مرضية كل سنة. وإذا زاد عدد الايام عن هذا العدد المحدد فإن العطلة تصبح دون أجر ويصبح خطر الفصل قائما بالنسبة له.
ولهذا السبب يفضل أغلب الامريكيين العمل الحر بعيدا عن الوظائف في القطاع الخاص. فمن بين عدد العمال في الولايات المتحدة الذي يبلغ 140 مليون عامل هناك عشرة ملايين أمريكي يعملون في أعمال حرة خاصة بهم.
كما تؤكد دراسة للاتحاد الاوروبي أن 60 في المائة من الامريكيين يفضلون العمل الحر إذا وجد مقابل 45 في المائة في أوروبا. وهذا يكشف عن تباين واضح في رؤية الامريكيين للعمل ورؤية الاوربيين له.
وعلى خلاف الحال في الدول الاوروبية التي تتدخل فيها الحكومات غالبا لضمان توفير الوظائف والضمان الاجتماعي فإن العمال الامريكيين لا يغضبون بشدة عندما يفقدون وظائفهم حيث تسيطر عليهم حالة من التفاؤل بشأن الحصول على فرصة عمل جديدة بسبب مرونة سوق العمل.
أتمنا أن ينال إعجابكم . وشكراااا