بتـــــاريخ : 2/28/2009 7:00:51 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 720 0


    أحكام الدين والتجارة والرهن

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : سيد قطب | المصدر : www.alameron.com

    كلمات مفتاحية  :
    أحكام الدين التجارة الرهن

     

    الوحدةالعشرون:الآيات:282 - 284 الصفحات 233 - 238 الموضوع:أحكام الدينوالتجارةوالرهن
     
    يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍمُّسَمًّىفَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَكَاتِبٌأَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِيعَلَيْهِالْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإنكَانَالَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنيُمِلَّهُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ منرِّجَالِكُمْفَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنتَرْضَوْنَمِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَاالأُخْرَىوَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَنتَكْتُبُوْهُصَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِوَأَقْومُلِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَتِجَارَةًحَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّتَكْتُبُوهَاوَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَشَهِيدٌوَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَوَيُعَلِّمُكُمُاللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)
    مقدمةالوحدة - دقة الصياغة الثانوية في القرآن
    هذهالأحكام الخاصة بالدين والتجارة والرهن تكملة للأحكام السابقة في درسيالصدقةوالربا . فقد استبعد التعامل الربوي في الدرس السابق والديون الربويةوالبيوعالربوية . . أما هنا فالحديث عن القرض الحسن بلا ربا ولا فائدة , وعنالمعاملاتالتجارية الحاضرة المبرأة من الربا . .
    وإنالإنسان ليقف في عجب وفي إعجاب أمام التعبير التشريعي في القرآن - حيث تتجلىالدقةالعجيبة في الصياغة القانونية حتى ما يبدل لفظ بلفظ , ولا تقدم فقرة عنموضعهاأو تؤخر . وحيث لا تطغى هذه الدقة المطلقة في الصياغة القانونية على جمالالتعبيروطلاوته . وحيث يربط التشريع بالوجدان الديني ربطا لطيف المدخل عميقالإيحاءقوي التأثير , دون الإخلال بترابط النص من ناحية الدلالة القانونية . وحيثيلحظكل المؤثرات المحتملة في موقف طرفي التعاقد وموقف الشهود والكتاب , فينفي هذهالمؤثراتكلها ويحتاط لكل احتمال من احتمالاتها . وحيث لا ينتقل من نقطة إلى نقطةإلاوقد استوفى النقطة التشريعية بحيث لا يعود إليها إلا حيث يقع ارتباط بينها وبيننقطةجديدة يقتضي الإشارة إلى الرابطة بينهما . . .
    إنالإعجاز في صياغة آيات التشريع هنا لهو الإعجاز في صياغة آيات الإيحاءوالتوجيه . بل هو أوضح وأقوى . لأن الغرض هنا دقيق يحرفه لفظ واحد , ولا ينوب فيهلفظعن لفظ . ولولا الإعجاز ما حقق الدقة الشتريعية المطلقة والجمال الفني المطلقعلىهذا النحو الفريد .
    ذلككله فوق سبق التشريع الإسلامي بهذه المبادىء للتشريع المدني والتجاري بحواليعشرةقرون , كما يعترف الفقهاء المحدثون !
    الدرسالأول:282 أحكام الدين
    (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه). .
    هذاهو المبدأ العام الذي يريد تقريره . فالكتابة أمر مفروض بالنص , غير متروكللاختيارفي حالة الدين إلى أجل . لحكمة سيأتي بيانها في نهاية النص .
    (وليكتب بينكم كاتب بالعدل). .
    وهذاتعيين للشخص الذي يقوم بكتابة الدين فهو كاتب . وليس أحد المتعاقدين .وحكمةاستدعاء ثالث - ليس أحد الطرفين في التعاقد - هي الاحتياط والحيدة المطلقة .وهذاالكاتب مأمور أن يكتب بالعدل , فلا يميل مع أحد الطرفين , ولا ينقص أو يزيد فيالنصوص . .
    (ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله). .
    فالتكليفهنا من الله - بالقياس إلى الكاتب - كي لا يتأخر ولا يأبى ولا يثقلالعملعلى نفسه . فتلك فريضة من الله بنص التشريع , حسابه فيها على الله . وهي وفاءلفضلالله عليه إذ علمه كيف يكتب . .(فليكتب)كما علمه الله .
    وهنايكون الشارع قد انتهى من تقرير مبدأ الكتابة في الدين إلى أجل . ومن تعيينمنيتولى الكتابة . ومن تكليفه بأن يكتب . ومع التكليف ذلك التذكير اللطيف بنعمةاللهعليه , وذلك الإيحاء بأن يلتزم العدل . .
    وهناينتقل إلى فقرة تالية يبين فيها كيف يكتب . .
    (وليملل الذي عليه الحق . وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا . فإن كان الذي عليهالحقسفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل). .
    إنالمدين - الذي عليه الحق - هو الذي يملي على الكاتب اعترافه بالدين , ومقدارالدين , وشرطه وأجله . . ذلك خيفة أن يقع الغبن على المدين لو أملى الدائن , فزادفيالدين , أو قرب الأجل , أو ذكر شروطا معينة في مصلحته . والمدين في موقف ضعيف قدلايملك معه إعلان المعارضة رغبة في اتمام الصفقة لحاجته إليها , فيقع عليه الغبن .فإذاكان المدين هو الذي يملي لم يمل إلا ما يريد الارتباط به عن طيب خاطر . ثمليكونإقراره بالدين أقوى وأثبت , وهو الذي يملي . . وفي الوقت ذاته يناشد ضميرالمدين - وهو يملي - أن يتقي الله ربه ولا يبخس شيئا من الدين الذي يقر به ولا منسائرأركان الإقرار الأخرى . . فإن كان المدين سفيها لا يحسن تدبير أموره . أوضعيفا - أي صغيرا أو ضعيف العقل - أو لا يستطيع أن يمل هو إما لعي أو جهل أو آفة فيلسانهأو لأي سبب من الأسباب المختلفة الحسية أو العقلية . . فليملل ولي أمره القيمعليه . .(بالعدل). . والعدل يذكر هنا لزيادة الدقة . فربما تهاون الولي - ولو قليلا - لأن الدين لا يخصه شخصيا . كي تتوافر الضمانات كلها لسلامة التعاقد .
    وبهذاينتهي الكلام عن الكتابة من جميع نواحيها , فينتقل الشارع إلى نقطة أخرىفيالعقد , نقطة الشهادة:
    (واستشهدوا شهيدين من رجالكم . فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان - ممن ترضون منالشهداء - أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى). .
    إنهلا بد من شاهدين على العقد - (ممن ترضون من الشهداء)- والرضى يشملمعنيين:الأول أن يكون الشاهدان عدلين مرضيين في الجماعة . والثاني أن يرضىبشهادتهماطرفا التعاقد . . ولكن ظروفا معينة قد لا تجعل وجود شاهدين أمرا ميسورا .فهناييسر التشريع فيستدعي النساء للشهادة , وهو إنما دعا الرجال لأنهم هم الذينيزاولونالأعمال عادة في المجتمع المسلم السوي , الذي لا تحتاج المرأة فيه أن تعمللتعيش , فتجوربذلكعلى أمومتها وأنوثتها وواجبها في رعايةأثمنالأرصدة الإنسانية وهي الطفولة الناشئة الممثلة لجيل المستقبل , في مقابللقيماتأو دريهمات تنالها من العمل , كما تضطر إلى ذلك المرأة في المجتمع النكدالمنحرفالذي نعيش فيه اليوم ! فأما حين لا يوجد رجلان فليكن رجل واحد وامرأتان . .ولكنلماذا امرأتان ? إن النص لا يدعنا نحدس ! ففي مجال التشريع يكون كل نص محدداواضحامعللا: (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى). . والضلال هنا ينشأ من أسبابكثيرة . فقد ينشأ من قلة خبرة المرأة بموضوع التعاقد , مما يجعلها لا تستوعب كلدقائقهوملابساته ومن ثم لا يكون من الوضوح في عقلها بحيث تؤدي عنه شهادة دقيقة عندالاقتضاء , فتذكرها الأخرى بالتعاون معا على تذكر ملابسات الموضوع كله . وقد ينشأمنطبيعة المرأة الانفعالية . فإن وظيفة الأمومة العضوية البيولوجية تستدعي مقابلانفسيافي المرأة حتما . تستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانيةالانفعاليةلتلبية مطالب طفلها بسرعة وحيوية لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء . .وذلكمن فضل الله على المرأة وعلى الطفولة . . وهذه الطبيعة لا تتجزأ , فالمرأةشخصيةموحدة هذا طابعها - حين تكون امرأة سوية - بينما الشهادة على التعاقد في مثلهذهالمعاملات في حاجةإلىتجرد كبير من الانفعال , ووقوف عند الوقائع بلا تأثر ولاإيحاء. ووجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكر إحداهما الأخرى - إذا انحرفت مع أي انفعال - فتتذكر وتفيء إلى الوقائع المجردة .
    وكماوجه الخطاب في أول النص إلى الكتاب ألا يأبوا الكتابة , يوجهه هنا إلىالشهداءألا يأبوا الشهادة:
    (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا).
    فتلبيةالدعوة للشهادة إذن فريضة وليست تطوعا . فهي وسيلة لإقامة العدل وإحقاقالحق . والله هو الذي يفرضها كي يلبيها الشهداء عن طواعيه تلبية وجدانية , بدونتضررأو تلكؤ . وبدون تفضل كذلك على المتعاقدين أو على أحدهما , إذا كانت الدعوة منكليهماأو من أحدهما .
    وهناينتهي الكلام عن الشهادة , فينتقل الشارع إلى غرض آخر . غرض عام للتشريع .يؤكدضرورة الكتابة - كبر الدين أم صغر - ويعالج ما قد يخطر للنفس من استثقالالكتابةوتكاليفها بحجة أن الدين صغير لا يستحق , أو أنه لا ضرورة للكتابة بينصاحبيهلملابسة من الملابسات كالتجمل والحياء أو الكسل وقلة المبالاة ! ثم يعللتشديدهفي وجوب الكتابة تعليلا وجدانيا وتعليلا عمليا:
    (ولا تسأموا أن تكتبوه - صغيرا أو كبيرا - إلى أجله . ذلكم أقسط عند الله ,وأقومللشهادة , وأدنى ألا ترتابوا).
    لاتسأموا . . فهو إدراك لانفعالات النفس الإنسانية حين تحس أن تكاليف العملأضخممن قيمته . . (ذلكم أقسط عند الله). . أعدل وأفضل . وهو إيحاء وجداني بأن اللهيحبهذا ويؤثره . (وأقوم للشهادة). فالشهادة على شيء مكتوب أقوم من الشهادة الشفويةالتيتعتمد على الذاكرة وحدها . وشهادة رجلين أو رجل وامرأتين أقوم كذلك للشهادةوأصحمن شهادة الواحد , أو الواحد والواحدة . (وأدنى ألا ترتابوا):
    أقربلعدم الريبة . الريبة في صحة البيانات التي تضمنها العقد , أو الريبة فيأنفسكموفي سواكم إذا ترك الأمر بلا قيد .
    وهكذاتتكشف حكمة هذه الإجراءات كلها ; ويقتنع المتعاملون بضرورة هذا التشريع ,ودقةأهدافه , وصحة إجراءاته . إنها الصحة والدقة والثقة والطمأنينة .
    ذلكشأن الدين المسمى إلى أجل . أما التجارة الحاضرة فإن بيوعها مستثناة من قيدالكتابة . وتكفي فيهاشهادةالشهود تيسيرا للعمليات التجارية التييعرقلهاالتعقيد , والتي تتم في سرعة , وتتكرر في أوقات قصيرة . ذلك أن الإسلام وهويشرعللحياة كلها قد راعى كل ملابساتها ; وكان شريعة عملية واقعية لا تعقيد فيها ,ولاتعويق لجريان الحياة في مجراها:
    تكونتجارة حاضرة تديرونها بينكم , فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذاتبايعتم).
    وظاهرالنص أن الإعفاء من الكتابة رخصة لا جناح فيها . أما الإشهاد فموجب . وقدوردتبعض الروايات بأن الإشهاد كذلك للندب لا للوجوب . ولكن الأرجح هو ذاك .
    والأن - وقد انتهى تشريع الدين المسمى , والتجارة الحاضرة , والتقى كلاهما عندشرطيالكتابة والشهادة - على الوجوب وعلى الرخصة - فإنه يقرر حقوق الكتاب والشهداءكماقرر واجباتهم من قبل . . لقد أوجب عليهم ألا يأبوا الكتابة أو الشهادة . فالأنيوجبلهم الحماية والرعاية ليتوازن الحق والواجب في أداء التكاليف العامة .
    ركاتب ولا شهيد . وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم . واتقوا الله ويعلمكم الله . واللهبكلشيء عليم).
    لايقع ضرر على كاتب أو شهيد , بسبب أدائه لواجبه الذي فرضه الله عليه . وإذاوقعفإنه يكون خروجا منكم عن شريعة الله ومخالفة عن طريقه . وهو احتياط لا بد منه .لأنالكتاب والشهداء معرضون لسخط أحد الفريقين المتعاقدين في أحيان كثيرة . فلا بدمنتمتعهم بالضمانات التي تطمئنهم على أنفسهم , وتشجعهم على أداء واجبهم بالذمةوالأمانةوالنشاط في أداء الواجبات , والحيدة في جميع الأحوال . ثم - وعلى عادةالقرآنفي إيقاظ الضمير , واستجاشة الشعور كلما هم بالتكليف , ليستمد التكليف دفعتهمنداخل النفس , لا من مجرد ضغط النص - يدعو المؤمنين إلى تقوى الله في النهاية ;ويذكرهمبأن الله هو المتفضل عليهم , وهو الذي يعلمهم ويرشدهم , وأن تقواه تفتحقلوبهمللمعرفة وتهيىء أرواحهم للتعليم , ليقوموا بحق هذا الإنعام بالطاعة والرضىوالإذعان:
    الله . ويعلمكم الله . والله بكل شيء عليم).
    ثميعود المشرع إلى تكملة في أحكام الدين , آخرها في النص لأنها ذات ظروف خاصة ,فلميذكرها هناك في النص العام . . ذلك حين يكون الدائن والمدين على سفر فلا يجدانكاتبا . فتيسيرا للتعامل , مع ضمان الوفاء , رخص الشارع في التعاقد الشفوي بلاكتابةمع تسليم رهن مقبوض للدائن ضامن للدين:
    معلى سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة).
    وهنايستجيش الشارع ضمائر المؤمنين للأمانة والوفاء بدافع من تقوى الله . فهذاهوالضمان الأخير لتنفيذ التشريع كله , ولرد الأموال والرهائن إلى أصحابها ,والمحافظةالكاملة عليها:
    بعضكمبعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه).
    والمدينمؤتمن على الدين , والدائن مؤتمن على الرهن ; وكلاهما مدعو لأداء مااؤتمنعليه باسم تقوى الله ربه . والرب هو الراعي والمربي والسيد والحاكم والقاضي .وكلهذه المعاني ذات إيحاء في موقف التعامل والائتمان والأداء . . وفي بعض الآراءأنهذه الآية نسخت آية الكتابة في حالة الإئتمان . ونحن لا نرى هذا , فالكتابةواجبةفي الدين إلا في حالة السفر . والإئتمان خاص بهذه الحالة . والدائن والمدينكلاهما - في هذه الحالة - مؤتمن .
     وَإِنكُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌفَإِنْأَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُوَلْيَتَّقِاللّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَافَإِنَّهُآثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283) لِّلَّهِ مافِيالسَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْتُخْفُوهُيُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنيَشَاءُوَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)
    وفيظل هذه الاستجاشة إلى التقوى , يتم الحديث عن الشهادة - عند التقاضيفيهذه المرة لا عند التعاقد - لأنها أمانة في عنق الشاهد وقلبه:
    (ولا تكتموا الشهادة . ومن يكتمها فإنه آثم قلبه).
    ويتكىءالتعبير هنا على القلب . فينسب إليه الإثم . تنسيقا بين الاضمار للإثم ,والكتمانللشهادة . فكلاهما عمل يتم في أعماق القلب . ويعقب عليه بتهديد ملفوف .فليسهناك خاف على الله .
    (والله بما تعملون عليم).
    وهويجزي عليه بمقتضى علمه الذي يكشف الإثم الكامن في القلوب !
    ثميستمر السياق في توكيد هذه الإشارة , واستجاشة القلب للخوف من مالك السماواتوالأرضوما فيهما , العليم بمكنونات الضمائر خفيت أم ظهرت , المجازي عليها ,المتصرففي مصائر العباد بما يشاء من الرحمة والعذاب , القدير على كل شيء تتعلق بهمشيئتهبلا تعقيب !
    (لله ما في السماوات وما في الأرض . وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم بهالله , فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء , والله على كل شيء قدير).
    وهكذايعقب على التشريع المدني البحت بهذا التوجيه الوجداني البحت ; ويربط بينالتشريعاتللحياة وخالق الحياة , بذلك الرباط الوثيق , المؤلف من الخوف والرجاء فيمالكالأرض والسماء . فيضيف إلى ضمانات التشريع القانونية ضمانات القلب الوجدانية . . وهي الضمان الوثيق المميز لشرائع الإسلام في قلوب المسلمين في المجتمع المسلم . .وهيوالتشريع في الإسلام متكاملان . فالإسلام يصنع القلوب التي يشرع لها ; ويصنعالمجتمعالذي يقنن له . صنعة إلهية متكاملة متناسقة . تربية وتشريع . وتقوى وسلطان . . ومنهج للإنسان من صنع خالق الإنسان . فأنى تذهب شرائع الأرض , وقوانين الأرض ,ومناهجالأرض ? أنى تذهب نظرة إنسان قاصر , محدود العمر , محدود المعرفة , محدودالرؤية , يتقلب هواه هنا وهناك , فلا يستقر على حال , ولا يكاد يجتمع اثنان منه علىرأي , ولا على رؤية , ولا على إدراك ? وأنى تذهب البشرية شاردة عن ربها . ربها الذيخلق , والذي يعلم من خلق , والذي يعلم ما يصلح لخلقه , في كل حالة وفي كل آن ?
    ألاإنها الشقوة للبشرية في هذا الشرود عن منهج الله وشرعه . الشقوة التي بدأتفيالغرب هربا من الكنيسة الطاغية الباغية هناك ; ومن إلهها الذي كانت تزعم أنهاتنطقباسمه وتحرم على الناس أن يتفكروا وأن يتدبروا ; وتفرض عليهم باسمه الإتاواتالباهظةوالاستبداد المنفر . . فلما هم الناس أن يتخلصوا من هذا الكابوس , تخلصوامنالكنيسة وسلطانها . ولكنهم لم يقفوا عند حد الاعتدال , فتخلصوا كذلك من إلهالكنيسةوسلطانه ! ثم تخلصوا من كل دين يقودهم في حياتهم الأرضية بمنهج الله . .وكانتالشقوة وكان البلاء !!
    فأمانحن - نحن الذين نزعم الإسلام - فما بالنا ? ما بالنا نشرد عن الله ومنهجهوشريعتهوقانونه ? ما بالنا وديننا السمح القويم لم يفرض علينا إلا كل ما يرفع عناالأغلال , ويحط عنا الأثقال , ويفيض علينا الرحمة والهدى واليسر والاستقامة علىالطريقالمؤدي إليه وإلى الرقي والفلاح ?!
    كلمات مفتاحية  :
    أحكام الدين التجارة الرهن

    تعليقات الزوار ()