نعلم أن اللغو في المسجد يوم الجمعة لا يجوز، ومن لغى فلا جمعة له، ولكن نحن نقرأ الحديث الصحيح الذي مفاده أن ساعة الاستجابة يوم الجمعة تبدأ من صعود الخطيب على المنبر إلى أن يسلم من الصلاة، فنقوم بالدعاء في هذا الوقت، فيرتفع صوتنا أحياناً، وكذلك قد يذكر الخطيب اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - فنصلي عليه بصوت مرتفع، وقد يقوم بعض الناس بإطلاق الصيحات أثناء الخطبة عند ذكر أحد الأئمة الصالحين، أو عند تأثير الخطبة على مشاعرهم، وإنني أتحرج من الجمع بين هذه الأشياء وبين الحديث الذي ينهى عن اللغو في أثناء الخطبة، فهل يُعتبر هذا من اللغو؟ أفيدونا بذلك، وفقكم الله؟
ليس الدعاء وليس الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من اللغو ، ولكن يكون سراً بينك وبين نفسك لا ترفع صوتك ، بل إذا سمعت شيئاً مما يجب الدعاء ، ودعوت في حال السر بينك وبين نفسك ؛ كالتأمين على الدعاء ، أو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لا حرج في ذلك ، ولكن يكون ذلك بصوت خفي بينك وبين ربك لا يشوش على من حولك ، وإن أنصت ولم تقل شيئاً فلا حرج عليك ؛ لأنك مأمور بالإنصات ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت). وهي أمر بمعروف ونهي عن منكر ، ومع هذا سماه لغواً - عليه الصلاة والسلام -، فعليك أن تنصت للخطبة، وتستفيد ، ويتعظ قلبك ، لكن لو دعوت سراً عندما يوجب الدعاء ، أو صليت على النبي - صلى الله عليه وسلم - سراً ، أو قلت آمين ، فنرجو أن لا يكون عليك حرج ؛ لأن الصلاة أعظم ، ويجوز فيها ذلك. فالحاصل أنك تقول ما تقول من الدعوات، أو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - سراً بينك وبين ربك لا يكون فيها تشويش على من حولك ، والذين يرفعون أصواتهم بالصيحات هذا غلط ، لا يجوز هذا الكلام ، بل الواجب عليهم الإنصات والاستماع والإصغاء والتأدب حال الخطبة ، والدعوة التي ترجى إجابتها ممكنة سراً بينك وبين نفسك وبين ربك حين يجلس الإمام وبين الخطبتين ، وفي سجود الصلاة ، أما في حال الخطبة فتنصت وتقبل على الخطبة بقلبك للاستفادة منها ، وإذا أمنت على الدعوة ، أو صليت على النبي - صلى الله عليه وسلم - سراً ، فنرجو أن لا حرج عليك في ذلك ، ولكن مع العناية بالسرية ، وعدم التشويش على من حولك. جزاكم الله خيراً.