بعد المقربين ومن متخصصين أو قراء ومتابعين دائما يعيبون أنني أتحدث عن سنوات قادمة، لأنهم يريدون حلول اليوم، أو على مقولة "عيشني اليوم وغدا له ألف حل" وهذا منطق غير صحيح ولا يقبل به نهائيا في الشأن الاقتصادي، ودائما حديثي عن "المستقبل" عن "السنوات القادمة خمس وعشر وعشرين سنة" وهذا هو النهج الأساسي الذي تقوم عليه الدول أو الاقتصاديات أو الاستثمارات، وكل ما يتعلق بهذه الحياة، فلا يمكن أن تحصل على شهادة جامعية بخمس سنوات ستحتاج على الأقل 16سنة، وكل ما ارتقيت علميا ستحتاج سنوات، حتى تصل لمرحلة النضج العلمي ويظل تحتاج سنوات، بناء الجامعات والجسور والطرق والمطارات والمشاريع يحتاج سنوات وسنوات، أو كما نسميها خططاً خمسية وعشرية، ولكن ما نشهده حقيقة في اقتصادنا ليس كذلك، فالحلول للأزمات الاقتصادية غير مفعل أو من هي الجهة المسؤولة، وهل هناك إدارة أو هيئة أو مجلس مسؤول عن أزمة "الدقيق التي حدثت" أو "نفوق الإبل" أو "الحديد" أو "الأسمنت" أو "التضخم" أو "البطالة" أو "توظيف المرأة" أو "التستر" أو "الشيكات بدون رصيد" أو "تعثر المطارات وتطويرها" أو "البنية التحتية" وغيره كثير،كل هذه الأزمات والمشاكل الاقتصادية وأصنفها اقتصادية، لا يوجد لها حلول واقعية من خلال "برنامج" أو "تخطيط طويل الأجل" لذا نجد كثيرا من القرارات تستحدث فجأة كما حدث "بأزمة الدقيق" فهل كان مفاجئاً حدوث ذلك، أو التضخم بصورته الشاملة هل كان مفاجأة، لا اعتقد أنها مفاجأة، والمميز بالوضع الاقتصادي أنك تستطيع أن تقرأ المصاعب أو العوائق أو الأزمات قبل حدوثها بوقت كافٍ، كما حدث بأزمة "الدقيق، والحديد، والغذاء، وأزمات أخرى" فهل كانت مفاجئة، أو غير مقدرة ومعروفة؟ لا استطيع أن أوفق الكثير أن ما حدث مفاجئ، ولكن المطلع الاقتصادي والمتابع لكل التقارير الدولية وغيرها كان بدرك ما يحدث، وما سيأتي أيضا أسوأ لأسباب كثيرة ليس هناك مجال مجال لحصرها .
الحكومة ليس لديها حلول سحرية أو يفترض أن تحل كل المشكلات وإلا لأصبحنا دولة بلا مشاكل وعوائق وبقية الدول، ولكن الأهم أن تكون المشكلة أو الأزمة بحدها الأقل أو الأدنى، بدلا من تضخم بارتفاع 50بالمائة يكون 20بالمائة، بدلا من حديد 6000ريال يكون 4000ريال، هذه فرضيات، ويجب أن توسع مشاركة القطاع الخاص لخل المنافسة، ومعاقبة المحتكرين وكل مخل بهذه الأوضاع، الحلول ليست سحرية للدولة، ولكن يجب أن تستعين بمتخصصين اقتصاديين ومخططين لرؤية ما بعد عشرين وخمسين سنة، سياسة الدعم والدعم هذه حلول مؤقتة، وستتفاقم المشكلة أكبر حين يأتي يوم أو وقت لا تستطيع الدول الدعم لكل شيء، فهل تدعم الحديد، والغذاء، والحليب، والسكن، والأعلاف، والأسمنت، إلى متى؟ يصعب كل ذلك، نحتاج إعادة نظر في التخطيط وقراءة المستقبل، لا ردود أفعال لا تحل مصاعب القادم من الأيام، نحتاج علماء ومخططين بكفاءة كبيرة وعالية جدا لنرسم المستقبل بكل وضوح أيا كان هذا المستقبل .
* نقلا عن جريدة "الرياض" السعودية.