بتـــــاريخ : 2/20/2009 7:39:42 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1088 0


    كيف تتعامل مع سيرة رسول الله

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : داليا رشوان | المصدر : www.qudwa1.com

    كلمات مفتاحية  :
    التعامل سيرة رسول الله

    كثير من المسلمين يتعامل مع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته على نحو سطحي جدا .. الكل يتحمس لنشر سيرة الرسول وقليل جدا من يعبأ أن يقرأها بتمعن ويستوعبها كما يحب الله ورسوله .
    لقد رأيت أن أكتب هذا الموضوع بعد أن وجدت ضعف حماس مَن حولي لسماع شرائط عرضتها عليهم خاصة بالسيرة، وتعجبت أن بعضهم قال لي "بإلحاح" أريد فقط شريط وفاة الرسول، فاستنتجت من ذلك أن طالب هذه الشرائط يريد الإنفعال الدرامي مع الأحداث، على أساس أن شريط وفاة الرسول هو الوحيد الذي يبكيه أو يجعله ينفعل، وبقية الأحداث هي مجرد أحداث تكرر سماعها حتى حفظها ولم يعد لها معنى حقيقي في نفسه أو من تكرارها أصبح يملها ولا ينفعل معها، وذلك لأنه يعتقد أن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تُقرأ لمعرفة أحداثها ومع تمام هذه المعرفة إنتهت المهمة.
    هذا المعتقد الخاطئ أردت أن أغيره حتى يعلم الجميع كيف يقرأ السيرة  ويستمتع بها ويستفيد منها، ليس لأني خبيرة فيها ولكن لعل الله أراد أن أراها بشكل مختلف فأحببت أن أشرككم معي هذه الرؤية فقد تصبح نقطة تحول لتعامل مختلف بنَّاء مع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    ولا أريد ممن يقرأ كلامي أن يكون مجرد متلقيا لمعلومة لأني لن أستطيع مهما فعلت أن أتناول جميع الجوانب والرموز فهي مسائل لا نهائية تحتمل جميع الظروف لجميع البشر في جميع الأزمان، كل ما أريده منك أيها القارئ أن تستوعب نمط التفكير في المعلومة كي تستطيع استنباط الكثير والكثير مما يخص تفاصيل حياتك الشخصية من السيرة التي أرادها الله أن تكون مرجعا شاملا لك.
    سلسلة الموضوعات التي سأكتبها إن شاء الله ليس المراد منها سرد السيرة ولكن مجرد لفت نظر عامة الناس إلى بُعد آخر وأسلوب آخر للتناول منها تحويل الأحداث إلى رموز سيأتي ذكرتها وسأعطي أمثلة يجب أن تضعها في اعتبارك وأنت تقرأ، ومنها ما يتعلق بإدراك سنن الحياة الثابتة التي تتكرر في جميع الأزمان مهما كانت المتغيرات لتستطيع أن تردها إلى معادلة ثابتة تعرف منها أين أنت وماذا فعلت وما هي النتيجة وماذا تفعل لتغييرها، وفي النهاية يجب أن تعرف أن السيرة ليست أحداثا لتعرفها إنما أحداثا لتفهمها وتعيش بها ولن تجد حدثا في حياتك يخرج من إطار حياة الرسول وإلا ما نزل قول الله تبارك وتعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيتم لكم الإسلام دينا"، والإستعانة بالصحابة يكون زيادة في توضيح أمور ما كانت لتحدث والرسول بين أيدي المسلمين كإختلاف الآراء مثلا، فقد كان قول الرسول قاطعا لا يحتمل الخلاف ولكن هناك من سننه صلى الله عليه وسلم ما يرشدنا به إلى كيفية التعامل مع الخلاف وزمن الصحابة هو زمن تطبيق ما قاله رسول الله في شئ لم يكن في زمنه.
    السيرة هي المصدر الذي نستقي منه روح تطبيق شرع الله الذي جاء في القرآن والسنة ونتعرف منها على تطبيقاته العملية وكيفية تفاعلنا معه، وهي عرض لأحداث الحياة المختلفة، تلك التي تعصف بنا يوميا ما يشابهها، لنتعلم أسباب هذه الأحداث وكيفية التعامل معها وارتباطها بالله وبرضاه أو غضبه.
    والغريب أنك حين تقرأ أي قصة أو رواية أدبية تحلل أثناء قراءتك لها المعاني التي أرادها الكاتب وآراؤه ومنظوره وتحاول التوغل في شخصيته وتحليلها من خلال التناول الأدبي لقصته، أما سيرة رسول الله فهي قصة لله خالق الكون مالك السماوات والأرض الحي القيوم، ومن الأولى أن تتفكر فيها لتعرف سننه في خلقه، فسننه لا تتغير، والفارق بين سيرة الرسول وبين أي قصة واقعية أخرى أنك لديك في السيرة خبر السماء، أو بمعنى آخر ما يحدث في عالم الغيبيات كرد فعل لأفعال البشر وهو ما لا يمكن أن تعرفه في أي قصة أخرى. وإن كانت تحليلاتك في القصص الأدبية تصل بك إلى شخصيته الكاتب وتركيبته النفسية وهي شئ محدود لا يهم أحد وليس له مردود مباشر أو غير مباشر على حياتك، فإن تحليلك للسيرة يعود عليك مباشرة لأنك تفهم مَنْ خلقك وتفهم كيف تتقرب إليه وتفهم ماذا يريد منك وتتعرف من خلال رسوله الكريم عن شرعه وصفاته وأفعاله بعباده.
    زمن رسول الله ليس الزمن المثالي الذي لا يخطأ فيه أحد ولكنه الزمن الذي تعامل فيه شرع الله مع الخطأ بمثالية، ولذلك أهمية كبيرة لأن الأغلبية تعتقد أن زمن الرسول لا يمكن تكراره بسبب مثالياته، وهذا خطأ في الإدراك، فقد أشار القرآن في آيات عديدة إلى الضعف البشري الذي كان في الصحابة رضوان الله عنهم ووأشار أيضا إلى كيفية التعامل مع هذا الضعف إن وجد ومتى يكون هذا الضعف مهلكا ومتى يكون منجيا، متى يكون مكروها ومتى يكون مندوبا، لذا تستطيع أن تقول أن سيرة رسول الله بما فيها من تطبيق عملي لشرع الله يعلمك كيف تتعامل مع ضعف النفس وميلها للخطأ وكيفية تقويمها بما يتفق مع طبيعة النفس البشرية.
    وبعيدا عن الرموز والمعادلات فقد جمعت سيرة رسول الله كل الأحداث التي يمكنك أن تمر بها في حياتك وتعلمك كيف تتصرف فيها. فيها كيف يحيا المسلمون وهم قلة بين المشركين والكفار وفيها الحلول للقهر وفيها كيف يحيا المؤمنون بين المنافقين وكيف يتعاملون معهم ومع نفاقهم وما هو الحد المسموح لإتخاذ إجراء ضدهم، ما هو رد فعل المسلم لمن يتربص به وإذا كان غنيا وتعارضت حدود الله مع مصالح عمله ما هي آليات هذه العملية، بمعنى ماذا يريد الله منه في هذا الموقف وفي حالة عدم الإستجابة لحدود الله ما هو الوصف الميداني لهذه الحالة، ما هي حدود الدعوة ومحاذيرها ومتى نعادي الآخرين ومتى نكف أذانا عنهم مهما رأينا منهم.
    ولكي تعرف السيرة تحتاج أن تستعين بالقرآن فأحداث السيرة تفسر لك القرآن وألفاظ القرآن تشرح لك أحداث السيرة بتفاصيل لا يعلمها إلا الله، وركز مع كل لفظ في القرآن فإن له معنىً كبيرا ولا تمر على الآيات بسرعة بل ضعها أمام عينيك وعش معها وتوغل فيها فستجد معاني وتفاصيل ما كنت لتراها وأنت تستخدم القرآن للإنتهاء من ورد أو حفظ، فالقرآن لا تنفذ معانيه مهما حاول المفسرون والمفكرون ذلك بدليل قوله تعالى:
    وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ? إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) – لقمان
    قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) – الكهف

    كما أن القرآن ميسر لمن يسره الله عليه وقال تعالى في سورة القمر أربعة مرات للتأكيد الشديد على هذا الأمر:
    القمر  (آية:17 ):    ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر
    القمر  (آية:22 ):    ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر
    القمر  (آية:32 ):    ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر
    القمر  (آية:40 ):    ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر

    فإذا قلت أنك لا تفهمه فإعلم أنك لم تقرأه بما يرضي الله وأنك تحتاج أن تقرأه على أقل تقدير كأي كتاب تعيشه وتتفاعل معه وتركز في أحداثه لكن مشكلتنا أننا تربينا على أن القرآن لا نحتاج منه إلا أن نمر على الآيات مرور الكرام لنحصل على رقم قياسي في القراءة ونحصد أكبر كم من الثواب دون مجهود متناسين أن هناك مصيبة أكبر من مشكلة الحصول على الثواب وهو أن القرآن كلام الله يحدثك به سبحانك ليملي عليك شرعه فعليك أن تعطيه اهتمام أكبر مما تفعل بدلا من الحرص على نشر القراءة السطحية للقرآن للحصول على ثواب
    أولا تعظيما لشعائر الله
    ذَ?لِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) – الحج
    وثانيا لأن الله يعلم سرك الذي لا تعلمه أنت أفلا تستحي أن يرى الله منك قلة مبالاتك بما يقوله لك
    وثالثا قراءتك لأوامر ونواهي مررت عليها مرور الكرام على أنها من الآيات التي تقرأها وأنه ليس هناك أي مسئولية تجاهها يضعك في حيز من لا يستجيبون لله ولآيات الله وانظر ماذا قال عنهم سبحانه
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) - الأنفال
    لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى? ? وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ ? أُولَ?ئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ? وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18) – الرعد
    فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ? وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ? إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)  - القصص

    تَفَكَر في أحداث حياتك وفي الآيات التي تقرأها وفي سيرة رسول اله فقد ووصف الله أولي الألباب بالتفكر فهل أنت منهم؟
       إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)  الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى? جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَ?ذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)
    أولو الألباب هم الذين يدعون ربهم كما ذكرت الآيات فيما يلي
     رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ? وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192)  رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ? رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193)  رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى? رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ? إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)
    فكان رد الله عليهم
    فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى? ? بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ? فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ? وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)
    احرص على أن تكون من هؤلاء لأن ما ينتظرهم من خير كثير وأكثر مما يتمنى بشر

    وعودة إلى السيرة فتلك هي الطريقة التي تستطيع بها أن تستوعب سيرة رسول الله صلى اله عليه وسلم
    لديك عقل تستطيع به أن تحصل على المعلومات التي تفيدك بالرجوع إلى القرآن والسنة بلا تدخل من أحد لتحصل عليها من مصدرها دون اللجوء لشخص لا تعرف عنه شئ في زمن ملأته الفتن مثل الزمن الذي نعيشه وتترك عقلك لغيرك ولأهوائه التي قد لا تمت للدين بصلة بل إن مغزاها ليس فقط سياسي ولكن بعضها من أحط أنواع السياسة.
    وفي حالة احتياجك لشرح عليك أن تسمع من كثير وأن لا تنحاز لأحد وأن لا تحب من تأخذ عنه  أو تكرهه إنما تأخذ المعلومة بحيادية وتعرضها على عقلك وتقارنها بآخرين وتستعين بالله وتخلص له عز وجل وتسلم نفسك إليه سبحانه ولا تسلم لأحد غيره لأنك تحبه، وذلك فيما يتعلق بشرع الله، فالشرع ليس فيه حب لشيخ فأنفذ كلامه دون أن أعقله، أنت مسلم وغير مسموح لك بذلك إلا مع الله ورسوله فلا تشرك بالله أفراد مثلهم مثلك، وضع البشر في قدرهم.
    ولا تحبهم هنا ليس المقصود هنا الحب بمعنى الميل العاطفي ولكن لا تجعل الميل العاطفي يعميك عن حقيقة أن من أمامك بشر يخطئ ولا تجوز له الطاعة إلا فيما أمر الله ورسوله ويجب أن تعرف من القرآن والسنة ما يريده الله ورسوله فإذا تعذر عليك ذلك خذ المعلومة من مصادر متعددة مختلفة التوجهات وتفكر في الردود وابحث فيها عن الحق وستجده حتما لأنك إن كنت مخلصا لله فلن يتركك حائرا أبدا وهذه أحد سننه سبحانه التي لا تغيب عن عباده.
    ولا تجعل عاطفتك السلبية تجاه شخص أو فئة تدفعك للتعامل معهم بما لا يرضاه الله ورسوله أبدا، بل يضع عليك أوزارا لا طاقة لك بها ويحيل بينك وبين ربك.
    ديننا ليس دين كره وحقد
    وإيمان الناس جميعا لن يقلل من قدرك عند الله في شئ بل سيزيده لأنك إن أحببت الخير للجميع المحسن والمسيئ وعملت بهذا الحب كنت لله أقرب وأحب.
    جائزة هذا السباق ليست للأول فقط بل لجميع المشاركين والأول فيهم من يعين الآخرين على الفوز ويحرص على أن يكون معهم 

     

    كلمات مفتاحية  :
    التعامل سيرة رسول الله

    تعليقات الزوار ()