شعرت بوفودها من الوهلة الأولى .. فقد انفردت بلباقتها وأدبها الجم في المداهمة , وإرهاصاتها التي سبقتها مهدت الطريق لاستعداد العقول وفتح القلوب والقبول بأنها ستكون ضيفة ....
لم أرتقبها كثيرا, لأنها قطعت هذا الارتقاب بوصولها المبكر والسريع وأفضت إلي بما لديها وأجادت ويا لسخائها في العطاء.. حقا أنها كريمة..
وكعادتي.. الحياء شيمتي .. رد العطاء مقتي .. المجاملة ديدني .. سأقبل لأصل معها إلى النهاية.. النهاية المنتظرة على قالب من جمر ...
أحسنت الظن بها, والمدهش استغلالها لذلك واستفادتها من تحملي متجاهلة قول الصديق " ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام ", وجاس في خاطري بأن" لكل شيء حد" وفاض بداخلي هذا المعنى, ومازال شيء من الحياء يربطني ويلجم لساني عن التصريح خوف التجريح..
ضيفة أثقلت بما يستدعي طفوح كيل المضيف وخالجني شعور بخلل إدراكها لآداب الزيارة فلو كانت خلاف ذلك لحفظت ماء وجهها وسحبت نفسها كذاهبة...
وبغتة.. رحلت .. نعم قد رحلت, ولكن.. كيف ؟؟ متى؟؟؟ سؤالان تجسدا أمامي وأنا واجمة عن قذف الإجابة لهما وإسعافهما بها .. تعقلت هنيهة وأيقنت حينها بأنها لم تأت عبطا وإنما كان لها مرادا ساميا ,, فبعد الفوت أتى الصوت يحشرج نفسي مؤنبا لها ويبعث تفسيرا لزيارة بعيدة التوقع .. فتلك الضيفة من أرقى الضيوف على الإطلاق فلسان حالها يعبر بطلاقة عن خبايا نفسها ,, فهي داعية إلى الله بحالها فتسعى لإيقاظ الغافل وإلباسه نظارة الصدق الواضحة يتجلى تميزها في تصغير الدنيا في عينية وبروز المطمور من الذنوب ,, مقابل ذلك الاستدلال بها على كل مسك عجز عن العثور عليه مسبقا..
وعرفانها لي ممتد ولم يتوقف فهمسها لي بأني كنت في نعمة فلم أرعها ومحاولتها جعلي أذوق طعم الخلوس من هذه النعمة لأنطق بحرقة التائب : نحمدك اللهم ونشكرك على جزيل عطاياك..
وقتها لمت نفسي على تعاملي الفض معها .. فدورها تمثل في كونها الصيحة التي أفاقت النائم والصفعة التي ردعت المخطئ .. حقا إنها ضيفة ويا ليت عهدنا بالضيوف يكون مثلها فيحاولون ما حاولت إنارته بعد خموده و اندثارة
--------------------