قال له صاحبه وهو يحاوره: عجباً من أمرك ما أشد لحظك، وما أكثر انتقادك، أفعجبت أن يكون هذان الرجلان متلاصقين منكباً، متحدين كلمة، يود أحدهما لو يسكب قلبه على صاحبه، ويتمنى الآخر لو يجعل روحه في يده فدى له، أتدري من هما؟ والد وولد، والد يحن وولد يبر، أفسرتك هذه الصلة بينهما؟
قال: أي وربي، وهل أعظم من صلة توثق القلوب وتجمع الشمل، وتقوم برهاناً على اعتراف بالفضل وشكر على النعم؟ وهل يعيش الإنسان في هذه الحياة منقطعاً عن صلة القربى والجوار والصحبة والزمالة؟ أليس اجتماعياً في فطرته وتكوينه؟
قاله له صاحبه: أراك موقناً بضرورة الصلة بين الناس على أسس من التعاطف والتعاون، والإقرار بالفضل والإحسان.
قال: أجل.
قال: فإن تنكر أحد للمعروف وجحد الفضل؟
قال: أو يفعل ذلك إنسان فيه مسحة من حياء أو ذرة من ضمير؟
قال: نعم. أنت.
فاستشاط غضباً، وهم به، ثم تراجع وتقلص في نفسه وقال: وبم؟
قال: لأنك تنكر فضل الله عليك ونعمته.
قال: وكيف ذاك؟
قال: أليس الله ذا منة وفضل؟
قال: بلى.
قال: وهل يستحق الشكر على ذلك.
قال: نعم.
قال: وكيف يكون شكره؟ فسكت قليلاً يستشير أفكاره فلم تسعفه.
قال: لا أدري، وخجل، ثم سكت لحظة وقال: دلني على الطريقة التي أؤدي شكره فيها.
قال: هناك طريقتان لابد لتحقيق الشكر من وجودهما معاً:
الأولى: أن تعترف له الفضل والإحسان من أعماق قلبك لا بلسانك فحسب وتدلل على ذلك بوضع جبهتك على الأرض سجوداً له وخضوعاً.
الثانية: أن تحافظ على هذه النعم فتجعلها في المواضع التي يرضاها لك.
قال: كلامك حق صدق، ولك عليّ عهد الله وميثاقه أن لا أدع الصلاة ما حييت - ولكن لي صديق عزيز عليّ، شأنه في الصلاة شأني: فهل لك أن تكتب لي كلمة في هذا الموضوع أوجهها إليه. عسى الله تعالى أن يجعل هدايته على يديك فيصل بصلاته ما انقطع بينه وبين الله، ويكون ذلك خيراً لك من حمر النعم؟
قال: حباً وكرامة، ونعمة عين، وكتب إليه:
صديق العزيز: سلام عليك، وبعد:
فقد سمعت كلمة طيبة وددت أن أصوغها لك كلمات على هذا القرطاس ورجائي أن يكون لها في نفسك ما كان في نفسي والسلام.
أخذ كثير من الناس في عصرنا الحاضر يهملون الصلاة ويرونها عبئاً ثقيلاً عليهم، فإذا ذكرتهم بها التمس بعضهم لنفسه عذراً بأنه مشغول الآن بأمور هامة، وادّعى بعضهم أن ثيابه غير طاهرة فلا تصح بها الصلاة، فإذا عاد إلى بيته نزعها وصلى، وهو في حقيقة الأمر كاذب، واعترف بعضهم بالتقصير وأخذ يردد كلمة" الله يهدينا " وهناك فئة وقحة تجاهر بالعصيان، وتبدل نعمة الله كفراً، وتحتقر الصلاة والمصلين ثم تزعم أنها مسلمة، فما لهؤلاء إذ ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم، وإذا دعوا إلى الله قالوا سمعنا وعصينا؟ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ [المدثر:49-50].
تعال أخي نعالج مواقف هؤلاء ونبحث عن الأسباب التي دعتهم إلى ترك الصلاة:
هل الصلاة غرامة يؤديها الإنسان كما يؤدي بعض الضرائب ظلماً؟ هل الصلاة مضيعة للوقت، وليس لدى الإنسان وقت فائض عن حاجته حتى يضيعه؟
هل الصلاة مبدأ إلزامي يكره الإنسان عليه كما يكره على تقبل المبادئ السياسية في البلاد الديكتاتورية؟
هل الصلاة تقييد لحرية الإنسان المطلقة ومانعة له من ممارستها؟
هل الصلاة أمر مباح من شاء فعلة ولا ثواب له. ومن شاء تركه ولا إثم عليه؟
هل الله بحاجة إلى صلاتنا؟
وأي فائدة يجنيها الإنسان من الصلاة؟ وما هي الخسارة التي تترتب عليه من تركها؟ وهل...؟ ولم...؟
أسئلة كثيرة تدور في فكر الإنسان يمليها عليه هواه وشيطانه وشهواته، فإن عجز عن الجواب أقامت الحجة عليه فاستكان وذل، وعملت عملها الخبيث في فكرة فزاغ، وزينت له سوء عمله فرآه حسناً، وصوبت له رأيه الفاسد فاستمسك به، ومدته بالمجادلات العقيمة ومنته الأماني البعيدة حتى يهوى في النار سبعين خريفاً من حيث لا يشعر، وإن هو أحسن الإجابة ودحض الشبهات وحكم العقل والمنطق أقام الحجة عليها فخرست وخنست.
ولنبدأ الآن بتنفيذ هذه الأسئلة واحداً فواحداً. ثم نجيب عنها بما لا يترك ريبة لمستريب، فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الظالمون.
أولاً: لا يا صاحبي: ليست الصلاة غرامة عينية تؤدى، ولا ضريبة مالية تجبى، وإنما هي أمانة ينظر إليها صاحبها كل يوم خمس مرات فيشهد لك بالوفاء والصدق والإخلاص والمحافظة على الحقوق ويثيبك على حسن رعايتها بأعظم الجزاء.
أجل إنها ليست ضريبة ولا غرامة ولا جزية، وإنما هي اعتراف بحق وشكر على معروف، ودليل على صفاء النفس بإطاعة الرؤساء، وتنفيذ أوامرهم، وإفصاح عما ينطوي عليه القلب من محبة لله وتقدير. ألم تر أن الناس كلهم يعظمون في أنفسهم ذوات يعتبرونها فوقهم قدرة ونفعاً، يلجؤون إليها في الملمات ويتسغيثونها في المعضلات ويطلبون بركاتها في المناسبات، ويتخذون لأنفسهم شعاراً يذكرهم بها كلما غفلوا عنها.
ما للنصارى يؤلهون المسيح ابن مريم عليه السلام؟ ويتخذون الصليب شعاراً يرفعونه على كنائسهم، ويعلقونه على صدورهم، ويبادرون إلى الكنائس يصلون؟
وما لليهود يؤلهون عزيراً - تعالى الله عما يشركون - ويلتفون حول بناء كالضريخ يضيئون عليه الشموع ويقرؤون التوراة ويصلون؟ ويتخذ المتدينون منهم ( طواقي ) صغيرة يجعلونها في أقصى نواصيهم؟ وقد عمدوا منذ قيام دولة فلسطين إلى اتخاذ النجمة السداسية شعاراً لهم؟
وما للمجوس يعبدون النار، والهنود يعبدون البقر والقرود وفرق من الباطنية يعبدون الشيطان؟كل هؤلاء يعبدون آلهة من دون الله ويقدسونها، ولها يصلون وإليها يتقربون، وهي باطلة كأفكارهم الجوفاء، لا تملك لهم نفعاً ولا ضراً، ومع ذلك فلا تنكر عليهم صلاتهم وتنكر علي صلاتي على حقها وقدرها ونفعها؟
وأي فائدة يجنيها كل هؤلاء في عباداتهم المتباينة؟ وماذا تغني عنهم معبوداتهم؟ هل تستجيب لهم دعاءهم؟ هل تفهم كلامهم؟ هل تعرف ما يصلحهم وما يفسدهم، هل ترزقهم؟ هل تحييهم؟ هل تشفيهم؟ هل تدفع عنهم الضر؟ هل تنزل الغيث فتنبت لهم به الزرع؟
لا، لاتعمل شيئاً من هذا أبداً، مع ذلك فهم يعبدونها، ويعترفون لها في أعماقهم بقدسية وفضل، ويدللون على هذا الاعتراف بصلواتهم.
أرأيت يا صاح لو أن إنساناً قدم إليك قطعة حلوى، أو ساعدك في حمل متاعك، أو أرشدك إلى الطريق، أو دفع معك سيارتك الواقفة أو ناولك شيئاً سقط منك، إلا تقول له شكراً، وتحترمه في نفسك وتقدر عمله، وتتمنى أن تكافئه على معروفه بأحسن منه؟ نعم. وأنا كذلك إنسان مثلك، أحفظ المعروف، وأقر بالإحسان وأعترف بالفضل وأشكر على الهدية وكلما كان الفضل عليّ كبيراً كان الشكر مني أكبر، وهل من متفضل منعم مثل الله عز وجل الذي منحني العقل والحواس، وأغذق عليّ الرزق الطيب، ومن عليّ بالصحة والعافية، وهداني إلى الدين الصحيح، ووهب لي الولد والأهل، وأقامني في موطن خير بين صحب كرام وجيران طيبين؟
لا... ليس في الوجود كله من أحسن إليّ كإحسان الله تبارك وتعالى، أفلا أشكره على كل هذه النعم ما دمت أشكر غيره على أقل معروف أسداه إليّ؟ لا شك أنك معي في شكري له وتشجعني عليه، بل تحملني عليه قهراً إن قصرت في أدائه لأنك لا تريدني أن أكون إنساناً ناكراً للفضل، جاحداً للمعروف.
إن الشكر يتناسب طرداً مع قيمة الهدية وقدر المُهدي. فشكري لمن قدم إليّ قطعة حلوى ليس كشكري لمن قدم إليّ علبة حلوى. وقولي لصغيرنا ناولني قلماً وقع مني غير قولي لعظيم ناولنيه. والصفة التي يحبها الله تعالى مني لشكره على آلائه هي أن أضع جبهتي على الأرض إقراراً له بربوبيته وتقديساً لألوهيته، واعترافاً بإحسانه. إن الناس ينحنون أمام أصنامهم من الطواغيت وليس لها في واقع الأمر عليهم من فضل، بل إنها لتضلهم عن الحق والهدى وينحني كثير منهم أمام زعمائهم إجلالاً وإعظاماً، وقد يكونون من شر خلق الله، أفلا أنحني أنا لله، مالك الملك خالق الكون، رب السموات والأرض، الذي ينفع ويضر، ويعطي ويمنع، ويحيي ويميت، ويحاسب على النقير والقطمير؟
ثانياً: وليست الصلاة مضيعة للوقت، فالإنسان حينما ينسل من ضوضاء العمل وصخب الغادين والرائحين ويتسلل من عناء الأخذ والعطاء، والبيع والشراء والمماحكة والمساومة، والدراسة والتدريس، ومطالب المراجعين، ويقف في مصلاه يتخلى عن كل هذه المزعجات فتهدأ نفسه ويطمئن قلبه ويستريح جسمه وينطفئ غضبه، وتتقيد شهواته، ويمكث دقائق يناجي من يحب.
والحب أعظم ما يكون *** إذا انفردت بمن تحب
ويسأله العون والتأييد، ويستمنحه القوة في الخير، والصبر على المجاهدة، والعفو إن أساء إلى أحد من الخلق بنظرة عابسة، أو كلمة نائية، أو تصرف قاس، فتكون هذه الدقائق بمثابة شحنة من المدخرات، وتبريد للمحركات.ومن هذا المنطلق السامي كان رسول الله إذا حزبه ( أهمه ) أمر فزع إلى الصلاة، وإذا عاد منهمك القوة من قتال الأعداء قال: { يا بلال، أرحنا بالصلاة }، أي أذن للصلاة، لتكون الصلاة راحة لنا من معاناة الحياة ومشكلاتها.
والإنسان مخلوق ضعيف محدود القوة، لا يستطيع العمل المتواصل، فلا بد له من استراحة جسمية وعقلية، ولا يتسنى له ذلك إلا في الصلاة، والراحة نصف حياته، ولهذا جعل الله تعالى الليل سكناً والنوم سباتاً وراحة، وكم يصرف المصلي من وقته في صلاته؟ إنها أن امتدت وطالت لا تستغرق ربع ساعة، أفتضن على نفسك أيها العاقل بدقائق معدودات بين فترة وأخرى من يومك لتحصل على كل هذه المنافع بينما تجود بساعات طوال تضيعها سدى في الزيارات والسهرات؟
ثالثاً: وليست الصلاة مبدأً سياسياً لحاكم ديكتاتوري غاشم يحمل شعبه على أفكاره طوعاً وكرهاً. إنما الصلاة تطبيق لدين يعتنقه الإنسان عن قناعة ورضى من غير إكراه ولا إجبار - لا إكراه في الدين - وليست مبدأً سياسياً يتغير بتغير الظروف أو يستتبع أراء الحكام، وليست قانوناً وضعياً تكتب اليوم صيغته الأولى ويناقش غداً مناقشة نهائية، ثم يطرأ عليه تعديل بعد غد ثم ينسف من أساسه لظروف طارئة، أو يؤخر تنفيذه ريثما يتم نصاب المسؤولين عن إبرامه، أو يرجأ إبرامه حتى يصادق عليه ذو السلطة العليا في البلاد. أنها ركن من أركان الإسلام، بل أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين. وما دمت - أيها المسلم - قد رضيت بهذا الدين عن طيب خاطر منك ولم تحمل على اعتناقه جبراً فعليك إذن تنفيذ أحكامه كاملة. ألست معي أن المواطن في أي بلد ما ملزم بتطبيق قوانين ذلك البلد، فإن أبت عليه نفسه ذلك فهو بين أمرين: إما أن يهان ويطبقه، وإما أن يتخلى عن تابعيته الوطنية ويرحل عن ذلك البلد.
ولا أدري كيف يخشى الإنسان شرطياً ولا يخشى خالق الأرض والسماء؟ ثم انظر مع نظرة أخرى، ألا ترى أن إشارة المرور إذا أضاءت حمراء أوقفت عشرات السيارات، بل مئاتها في مكانها فلا تستطيع أن يتجاوزها ولو كان بين السائقين أعظم الناس قدراً، فما بال بني آدم لا يجرؤون على مخالفة إشارة حمراء ويخالفون أوامر الله تعالى، ويتحدونه بالمعاصي والمنكرات، ويتعدون الحدود التي رسمها لهم؟ هل هذا دليل على تمام عقولهم أم على نقصانها؟ احكم أنت بنفسك إن كنت من المنصفين.
رابعاً: وليست الصلاة تقييداً للحرية الشخصية ولا مانعة للإنسان من ممارسة حريته. إن الناس في المجتمعات البشرية كلها متفقون على أنهم ليسوا حيوانات يعيشون على وجه الأرض كما تعيش الحيوانات في الغابات، بل لهم حريتهم، وحريتهم مطلقة في الاعتقاد والقول والعمل، ومقيدة بالنظام العام والقانون السائد، ولولا هذا التقييد لما انتظمت أمة ولا تولد شعب، ولما استقامت الأمور على تبادل المنافع بين الأفراد، بل لما استمر النوع البشري.
إن الهيبيسين - الخنافس - الذي يفعلون كل ما يخطر ببالهم ويعيشون في الطرقات عيش الكلاب الشاردة لا يستطيعون أن يخافوا أوامر السلطة أو أحكام القوانين، وحتى زملاؤهم الحيوانات في الغابات لها نظام تسير عليه، ولو أنك سألت أحد علماء الأحياء المختصين لبين لك صحة ما أقول، ولعل أقرب مثال أضربه لك: هو ما تشاهده بأم عينك من تعاون أعضاء الخلية الواحدة من النحل، وكيف تساعد النمل في جر ما يلتقطنه من فئات الطعام.
وأنت - أيها المسلم - حر في شؤونك الخاصة تأكل وتصوم، تنام أو تستيقظ، تقيم أو تسافر، تبيع أو تشتري، وهذه الحرية محاطة بالنظام الإلهيومحدود بحدود الشرع، ومن حريتك أن تنسحب من عملك لتجلس دقائق في المسجد تستعيد فيها نشاطك وقوتك، ثم تخرج منه مزوداً بشحنة جديدة من العون الإلهي فتزاول عملك وكفاحك.
ومن حريتك أن تكون مقيداً بالنظام الإلهي الذي هيأ لك كل أسباب السعادة والهناءة في دنياك وآخرتك.
ومن حريتك أن تقول ما شئت وتعمل ما تحب وتكتب ما يحلو لك وتتاجر فيما ترغب، شريطة أن لا تتجاوز حدودك إذ بتجاوزك هذا تتعدى حقوق الآخرين وحدودهم. وهذا ما حرمه الإسلام وحذرت منه أيضاً القوانين البشرية.
خامساً: وليست الصلاة أمر مباحاً كأمور المعيشة من شاء فعلة ولا ثواب له ومن تركه فلا إثم عليه، وإنما هي أمر حازم جازم. لها وقت محدود وهيئة خاصة وأسلوب متميز، وخطة مرسومة، ليس لك حق في تحريفها زيادة أو نقصاناً، ولا أرى في تغييرها تقديماً أو تأخيراً، فهي كاللقمة تجعل في الفم لا في الأذن، وكالهواء يدخل الرئتين من الفم أو الأنف، لا من أخمص القدمين، وإذا كان لك رأي في انقباض قلبك وانبساطه أو تدخل في توسع رئتك وضيقها فليكن لك رأي في أمر الصلاة.
والصلاة كقيامك بأداء وظيفتك - إن كنت موظفاً - أو كبيعك وشرائك إن كنت تاجراً، فإذا داومت على عملك وأديت واجبك كوفئت آخر الشهر بقبض راتبك أو ملأت جيبك بربحك، وإن تغيبت عن عملك وأهملت واجبك حسم من راتبك بقدر غيابك وإهمالك وخسرت ما كنت تأمله من الأرباح.
وكثيراً ما يحاسب الإنسان على المباح كما يحاسب على المفروض، ألا ترى أنك لو عمدت بعد منصف الليل إلى المذياع ففركت أذنه حتى ذاع بأعلى صوته، أو أخذت أنت تغني بملء حنجرتك لانزعج الجيران ولاموك، ولطرق بابك العسس لتخرس مذياعك أو تغضض من صوتك وإلا نالك العقاب؟ أليس سماعك للإذاعة أمراً مباحاً لك أن تسمعها متى شئت وكيف شئت، فلم قيدت حريتك إذن؟
الجواب: قيدت بنظام خاص أو عام لا يجوز تجاوزه، فكيف بما فرض الله على عبادة الذين آمنوا بألوهيته وربوبيته، وارتضوا لأنفسهم شريعته ودينه فهل هم أحرار في عبادته والصلاة له، أم مقيدون بأوامره ملزمون بتنفيذها؟
سادساً: نعم، الصلاة حاجة ضرورية جداً تستدعيها حياة الإنسان كما تستدعي الطعام والشراب، ذلك لأن الطعام والشراب قوام الجسم ومادة العيش، والصلاة قوام الروح ومادة الطمأنينة ترفع صاحبها عن سفاسف الأمور فيستقيم في شؤونه كلها استقامته بين يدي ربه في الصلاة.
والصلاة هي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر، وقد ورد في الحديث: { بين الكفر والإيمان ترك الصلاة }.
وماذا يستفيد الإسلام من هؤلاء المسلمين المزيفين إذا كانوا يخالفون عن أوامره؟ أليسوا كالولد العاق يوافق أهله نسباً ويخالفهم سلوكاً؟ وهل يرجى خير ممن لا يرجو لنفسه الخير؟
لا نريد نحن المسلمين أن نكون كغثاء السيل، نعد بمئات الملايين والصالحون لا يتجاوزون عشراتها، ورصاصة واحدة ملأى بالبارود تقتل بها عدواً - خير من كومة من الرصاص الفارغ وهل يرفع الخباء ألف وتد أن لم يكن له عماد فيالوسط؟ وعماد الإسلام الصلاة.
والصلاة حاجة ضرورية جداً للإنسان لأنها تهذب أخلاقه وتشذب طباعه، وتحول بينه وبين بؤر الفساد والزيغ، وتنهاه عن الفحشاء والمنكر، وكيف يرتكب الخطايا من يعلم أنه سيقف بعد قليل بين يدي ربه جل وعلا ولا يقبل منه هذا الوقوف إلا إذا كان طاهراً في قلبه ونفسه وأعضائه؟ ألم ترى كيف كف أكثر المسلمين عن الخمر لما نزل قوله تعلى: لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى [النساء:43] فيكف يقربونها وهم متلبسون بجريمة السكر؟ ولا بد من قربها لأنها تتكرر عليهم كل يوم خمس مرات، فلتهجر الخمر إذن نهائياً، ليبقوا دائماً على استعداد لملاقاة الله عز وجل.
والصلاة يا صاحبي ميزان يزن للإنسان أعماله التي قام بها بين الصلاتين كما يزن الطبيب حرارة المريض بين فترة وأخرى، فإن كانت أعماله صالحة قالت له: ثابر وتقدم، وإن كانت دون ذلك قالت له: ارجع واستقم، وإذا سمع المؤذن يعلن " الله أكبر" إنتبه إلى حالة وأدرك أن الله أكبر مما هو فيه، فانسل من دنياه ولبى منادي الله.
وثق تماماً أن من يصلي هو إنسان يرجى فيه خير والاستقامة، وإن كنت تجده في كثير من أحواله منحرفاً، إذ لا بد من أن تردعه صلاته يوماً عن هذا الانحراف، لأنه يقرأ في صلاته القرآن، ومهما يكن غافلاً فلا بد من أن تمر به لحظات يتدبر فيها معاني ما يقرأ فتهتز أوتار قلبه وتستيقظ روافد الخير فيه. وهذا يؤيده قوله: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ [العنكبوت:45] أما من لم يصل فلا يقرأ القرآن ولا ينتفع منه بشيء، ويبقى سادراً في غيه متخطباً في آثامه.
سابعاً: وليس الله تبارك وتعالى بحاجة إلى صلاتنا، بل نحن بحاجة إلى أن نصلي له، إنه غني عن خلقه، وخلقه كلهم فقراء إليه يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [فاطر:15-17] لقد خلقهم عراه حفاة صفر الأكف ضعاف الجسم جامدي التفكير، لا يفرقون بين التمرة والجمرة، ولا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، فغذاهم وقواهم وأمدهم بالصحة والعقل والمال وسخر لهم ما في السموات والأرض، وأسبغ عليهم نعمته ظاهرة وباطنه، أتراه بعد هذا العطاء الجزيل - وهو مالك الملك وبيده خزائن السموات والأرض يفتقر إلى صلاتنا؟
لا، وإنما صلاتنا إعلان صريح عن حبنا له واعترفنا بفضله وشكرنا على نعمة.
إن هؤلاء الذين يهملون شأن الصلاة آتاهم الله من النعم مثل ما أتانا وربما يزيدهم منها علينا، غير أننا نعترف به بالفضل وهم ينكرونه، ونسوا يوم ولادتهم، يوم لا يملكون شيئاً، وغفلوا عن يوم موتهم يوم يتركون لورثتهم ما جمعوه لينعموا به وهم يحاسبون عليه، لقد تجرؤوا على الله واستكبروا عن عبادته فسوف يلقون غياً إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].
لم ألزمت نفسك بالإسلام يا تارك الصلاة إن كنت غنياً عنه؟ ولم لا تصلي إن كنت موقناً به؟ أيسوؤك أن يقال: إنك متدين تخشى الله؟ أيسرك أن يقال: إنك فاسق تحاد الله؟ كيف تطيع أوامر رؤسائك وتعصي أوامر الله؟ أفرؤساؤك عندك أعلى قدراً وأعظم شأناً من الله؟ الله أعلى وأجل.
دخل حصين بن عبيد على رسول الله يعاتبه ويلومه في تحدّيه كفار قريش وتسفيه أحلامهم وسب آلهتهم فأقام الرسول الحجة عليه ودفع باطله بكلمة حق فأذعن وآمن وكان قلبه أقسى من الحجر، قال عليه الصلاة والسلام: { يا حصين كم تعبد من إله؟ } قال: سبعاً في الأرض وواحداً في السماء، { قال: فإذا أصابك الضر من تدعو؟ }، قال: الذي في السماء، { قال: فإذا هلك المال من تدعو؟ }، قال: الذي في السماء، { قال:فيستجيب لك وحده وتشركهم معه؟... ياحصين أسلم تسلم }.
وأنا أقول لك أيها المسلم التارك للصلاة، الغافل عمن يراقبك وعما يرتقبك: صل تسلم من عذاب الله الشديد، وعيب عليك أن تدعوا الله في البلاء وتهمله في الرخاء.
ثامناً: أما ما تجنيه من صلاتك فالخير كله، تستفيد منه أنت وإخوانك المسلمون، ألا تحب أن يغفر الله ما اكتسبته من الذنوب؟ { ألا أدلكم على ما يمحوا الله به الخطايا ويرفع به الدرجات }، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: { إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط } إذا غفر الله لك ذنبك فرح إخوانك المسلمون لأنهم يحبون لك ما يحبون لأنفسهم.
إن فوائد الصلاة أعظم من أن يحصرها عاد أو يسجلها قلم، لأنها أمر إلهي، تعبد الله بها عبادة قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ [إبراهيم:31] وجمع فيها الخير كله بأبلغ قول وأوجز عبارة، فقال: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ [العنكبوت:45] فللإنسان أن يعدد من مزاياها ما شاء في حدود هذا النطاق ولئن عجز عن إحصائها كاملة فلا أقل من أن يذكر بعضها.
إذا قضيت على آفة الفحشاء من نفسك واجتثثت جذورها من تصرفاتك خلص لك دينك وصفت نفسك وصلح قلبك وسلمت أعضاؤك واستقام أمرك، وإذا أزلت المنكر وقطعت حبائله قضيت على الجرثوم الفتاك في بناء مجتمعك، فأمنت بذلك على دينك ونفسك وعيالك.
والصلاة عون لك في الشدائد، وحل لعقد المعضلات وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ [البقرة:45]. وهي راحة لفكرك وجسمك من مشاغل الحياة وعناء الأعمال، وهي عامل أساسي في توثيق الرباط بين المسلمين والمساواة بين الناس، والمحافظة على النظام، والسمو على كل ما في الدنيا، وإفراغ القلب من الشهوات، وطهارة النفس من العداوة والكيد، وحفظ اللسان، وصيانة البصر والسمع، والتواضع والتهذيب، والاعتياد على أداء الحقوق، والقيام بأداء الواجبات في المنشط والمكره.
ولاشك أن لها فوائد صحية تنتج عن هيئاتها الخاصة في القيام والركوع والسجود والقعود على الطريقة التي تعبدنا الله بها، وإن خفيت علينا هذه الفوائد.
ولقد كان المسلمون السابقون يتلقون أوامر الله تعالى من غير بحث عن عللها وموجباتها ويؤدونها من غير سؤال ولا استفسار، ولكن ضعف الوازع الديني في النفوس حمل الواعظين - في سبيل إرشاد النشء وهدايتهم - إلى أعمال الفكر والتكلف الشديد لاستخراج ما يكمن من فضائل ومزايا في الدين الإسلامي، ووضعها أمام أعين النشء وضع الدرهم في أكفهم، ومع ذلك فقليل من يتعظ وقليلاً ما يشكرون.
أيها المسلم:
نصيحتي لك أن تصلي وأن تحافظ على صلواتك، في أوقاتها، فوالله لا يغني أحد عنك من الله شيئاً، ولا يتحمل وزرك، ولا يجادل الله فيك ولا يدفع نقمته إذا حلت بك ولا ينفعك مالك ولا بنوك، ولا يدوم لك جاهك ولا شبابك، وستندم على تقصيرك يوم لا ينفعك الندم، وسيحل بك الموت فجأة، وأنت في غفلة عنه، فخذ عدتك وتدبر أمرك واتعظ بمن سبقك.
واعلم أن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت سئل عما بعدها من زكاة وصوم وحج، وإن ردت لم يسأل عن شيء من الخير بعدها لو زكى وصام وحج.واعلم أن من ترك فرض صلاة عمداً برئت منه ذمة الله تعالى وذمة رسوله عليه الصلاة والسلام.
وإياك أن تكون من المسلمين المزيفين الذين يصلون وقتاً ويدعون أوقاتاً، ولا من المنافقين الذين إذا قاموا إليها قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً.
وإياك أن يجري الشيطان على لسانك ما يجري على ألسنة كثير من المسلمين المزيفين الذين يقولون: ليس العبرة بالصلاة وإنما بصفاء القلب وعدم غش الناس، ويزعمون أنهم لا يؤذون أحداً وإن لم يكونوا يصلون. كذبوا.. والله لقد آذوا الله ورسوله والمؤمنين إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً [الأحزاب: 58،57] وأي إيذاء لله أعظم من معصيته؟ وأي إيذاء للرسول أكبر من مخالفته؟ وأي إيذاء للمؤمنين أشد من الاستهتار بدينهم واتباع غير طريقهم؟
وإذا رأيت أناساً يصلون ويرتكبون المعاصي فاعلم أنهم ليسوا معصومين من الزلل، وليست لمعاصيهم علاقة بصلاتهم ولست محاسباً لهم، ولا محاسباً عنهم، وثق أنهم سيرتدعون يوماً ما عن سلوكهم السيء، وكن أنت خيراً منهم، وقدوة وناصحاً لهم كن ممن تنهاه صلاته عن المنكرات، ولاتكن ممن لا يزيد في صلاته من الله إلا بعداً.
صل إن كنت عاقلاً، فو الله ما ترك الصلاة عاقل، وأحذر من أن تكون من الذين لا يستعلمون عقولهم وحواسهم فيما ينفعهم بل يتبعون أهواءهم وشياطينهم، فإن الله تعالى نعى عليهم غفلتهم وذمهم بقوله: لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].
صل إن كنت حراً كريماً ولا تقتد بالناس المارقين ولا تغتر بكثرة الهالكين.
صل إن كنت ممن يحفظ الجميل ويشكر على المعروف.
صل إن كنت صادقاً في إسلامك ولا تخالف أفعالك أقوالك فتكون المنافقين.
صل إن كنت تحب نفسك لتنجيها غداَ من عذاب أليم، وإياك أن تعاند وتصر على خطئك فيستحوذ عليك الشيطان فينسيك ذكر الله فتكون من الخاسرين.
صل إن كنت براً بوالديك ليتقبل الله دعاءك واستغفارك لهما.
صل إن كنت محباً لأولادك، وكن أسوة صالحة لهم، وكيف تأمل أن ينشؤوا على الإسلام إن لم تطبقه أنت؟ وهل ترضى - وأنن المحب لهم - أن تراهم غداّ يتقلبون في النار؟
صل إن كنت وفياً لزوجك تريد لها الخير وتتمنى لها السلامة، أفتراها تصلي هي إن كنت أنت لا تصلي؟ وهل يشرفك أن تكون هي صالحة تقية وأنت تعيس فاجر؟ وكيف تثق هي بوفائك إن لم تكن وفياً لوالديك وأولادك؟
صل إن كنت مخلصاً لوطنك، فمن لا خير فيه لدينه لا خير فيه لوطنه، وكيف يحفظ الله للناس أوطانهم إذا عصوه وجحدوا نعمه؟ وهل حكم فيهم اليهود إلا بتركهم الصلاة وارتكابهم الفواحش والمنكرات؟
صل إن كنت تحب الله تعالى، فالمحب لا يتلذذ إلا بمناجاة محبوبه، فلتكن صلاتك جزءاً من مناجاتك.
صل إن كنت تخاف الله الكبير لأنه توعد من لم يصل بالنار، وأنت يا مسكين لا تستطيع أن تتحمل حر الشمس فيكف تقدر على النار؟ ونار الدنيا جزء من سبعين جزء من نار الآخرة، ونار الآخرة سوداء مظلمة يهوى بها الإنسان سبعين عاماً حتى يدرك قعرها.
أيسرك يا صاحبي أن يقال عنك يوم القيامة: إنك من المجرمين لأنك لم تك من المصلين؟ أيسرك أن يقول الله المنتقم لملائكة الغلاظ: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ [الحاقة:30-32].
ألست معي أن ترك الصلاة معصية؟ فلم تتركها؟ وهل لديك وثيقة من الله تبارك تعالى أنه سيغفر لك؟ ألم تسمع توجيه الله لرسوله عليه السلام: قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأنعام: 15] فهل أنت أكرم على الله أم رسوله؟ وإذا كان رسوله في نظرك أكرم - وهو الحق - فكيف يخاف هو ربه وأنت لا تخاف؟
يا صاح: لو هددك شرطي لحسبت حسابه، ولو هددك الأمير لما هدأ لك جفن من خوفك، ولو هددك صاحب السلطة العليا في البلاد لانقطع ظهرك هلعاً ورعباً، فكيف إذا توعدك المنتقم الجبار فأين تذهب ومن يحميك منه؟
هل ينجيك أسفك وبكاؤك إذا عاينت النار؟ وأي فائدة تدخرها لآخرتك في دنياك إذا لم تصل؟ وأي خسارة تلحقك إذا صليت؟ أيهما أحب إليك: أن تكون مع السعداء في الجنة أم مع الأشقياء في النار؟
صل فلست في غنى عن الله عز وجل واعرفه في الرخاء يعرفك في الشدة.
صل ولا تكن مسلماً دعياً تنتسب إلى الإسلام وهو منك براء، وإياك أن تكون معولاً في هدمه وتخريبه وافتخر بإسلامك افتخار القائل:
أبي الإسلام لا أب لي سواه *** إذا افتخروا بقيس أو تميم
صل تكن درعاً لإخوانك المسلمين الطيبين تكثر عددهم وتشد عضدهم وتقهر عدوهم وتقلل عدد المنافقين.
صل ترضِ الرحمن وتسخط الشيطان وترد كيد الكائدين.
صل فالصلاة نور تزيل ظلام الزيغ والباطل، وتلقي في القلب الهدى والحق، وتنير ظلمة قبرك، وتتلألأ على جبينك ضياء يوم القيامة.
صل فالصلاة أكبر عامل في صدك عن المعاصي، وأقسى قيد الشيطان والشهوات.
صل فالحساب عسير والمحاسب قدير، وأعلم أن البهائم إذا رأت ما أعد للناس يوم القيامة من الشدائد والأهوال تقول: يا بني آدم: الحمد لله الذي لم يجعلنا مثلكم، لا جنة نرجو ولا عقاباً نخاف، ويتمنى المجرم يومئذ لو يكون تراباً.
وأخيراً صل يا أخي المسلم فأنا أصلي وأرجو لك من الخير ما أرجوه لنفسي ما دمت أخي في الإسلام.
صل طاعة لله تعالى في قوله: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] وخوفاً من أن تحشر في زمن الكافرين فقد صح عن رسول الله أنه قال: { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر }.
صل فإني والله الذي لا إله إلا هو لك من الناصحين.
جعلني الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والحمد الله رب العالمين