ما مدى صحة الحديث القائل: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)، وإن كان صحيحاً فهل معناه أن الشخص الذي يجاور مسجداً لا تقبل له صلاة إلا في المسجد، أم ماذا؟ أفتونا بارك الله فيكم.
الحديث ضعيف (لا صلاة لجار المسجد إلى في المسجد) ضعيف، ولكنه مشهور عن علي-رضي الله عنه- وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يغني عنه، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذر" يعم الجار وغير الجار، ولما جاءه رجلٌ أعمى قال: ( يا رسول الله: ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال له -صلى الله عليه وسلم-: "هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب". فإذا كان أعمى ليس له قائد يؤمر بالإجابة فكيف بغيره، فالواجب على جميع المكلفين الحضور للصلاة في الجماعة، وأداءها في المسجد مع الناس، ولا يجوز له التخلف عنها بوجه من الوجوه، ولكن لو تخلف لكسلٍ أو نومٍ صلاها، صلاها ويفوته فضل الجماعة صلاها تصح، تصح صلاته ولكنه يأثم إذا تعمد التأخر يأثم، أما إذا كان مغلوباً على أمره بنوم أو غيره ليس باختياره فالله جل وعلا يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ(16) سورة التغابن. أما إذا كان يتساهل بالنوم، ولا يجعل ساعة ولا من يوقظه فهذا يؤاخذ بذلك؛ لأنه مفرط، فهو آثم بذلك، لكن لو جعل ساعة أو جعل من يوقظه ثم لم يسمع الساعة، ولم يتيسر من يوقظه نام الموقظ فلا حرج عليه، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نزل ذات ليلة في السفر في آخر الليل، وأمر بلالاً أن يطلب لهم الفجر حتى يوقظهم فامتثل بلال، واتكأ على ناقةٍ ينظر الصبح حتى يخبرهم إذا طلع الصبح، فأخذه النوم ونام معهم، ونام مثلما ناموا، فلم يستيقظوا إلا بعدما مسهم حر الشمس، فلما استيقظوا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لبلال: "أين كنت يا بلال؟ قال: لقد أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفسكم" فلم يعاتبه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتوضأوا وصلوا، تحولوا عن المكانين وقال إنه موضع حضر فيه الشيطان، ثم توضأوا وصلوا كما كانوا يصلون في وقتهم، فالمقصود أن الإنسان إذا فعل الأسباب، واجتهد ثم لم تنفع الأسباب فلا شيء عليه، جعل الساعة ولكن ما سمعها، أمر زوجته لتقوم أو أمه أو أباه ولكن قُدِّر أنهم تلك الليلة ما قاموا فلا حرج عليه لكن بشرط أن لا يكون مصيف، أما إذا كان يتعمد الصيفة فهو مفرط، المصيف يشتد به النوم ولا يستمع، ما يسمع صوت الساعة، فالحاصل أنه لا بد من فعل الأسباب ومنها أن يبكر بالنوم لا يسهر.. - المصيف معناه المتأخر سماحة الشيخ؟ ج/ معناه المتأخر الذي يتأخر عن النوم، فالحاصل أن الواجب على المؤمن أن يفعل الأسباب التي تعينه على أن يصلي مع المسلمين في الوقت -الفجر وغير الفجر- ومن أشدها الفجر، وهي أشدها على المنافقين أيضاً، فلا يليق بالمؤمن أن يتشبه بأعداء الله المنافقين، بل عليه أن يبكر بالنوم لا يسهر حتى يستيقظ, وعليه مع هذا أن يستعمل الساعة التي يركبها على الوقت، وإذا كان عنده أهلٌ جيدين عندهم يقظة في آخر الليل، أم وإلا خالة وإلا زوجة جيدة تستيقظ، يؤكد عليهم يوقظونه، قد لا يسمع الساعة أيضاً فيؤكد عليهم فيوقظونه، فيفعل الأسباب التي يستطيعها، والله يقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). جزاكم الله خيراً.