في صلاة العصر لم يجلس الإمام للتشهد الأوسط، فنبهه المصلون بسبحان الله، وبعد أن قام للركعة الثالثة رجع وجلس للتشهد، وبعد التشهد الأخير سجد سجدتي سهو وسلم؛ فحصل بعض الخلافات في المسجد، البعض يقول: صلاته صحيحه، والآخر يقول: غير صحيحة؛ لأنه رجع من فرض إلى سنة، وقام بعض المصلين لإعادة الصلاة، فما رأي سماحتكم، ونرجو الإفادة عن حالات السهو، ومتى يكون سجود السهو قبل التسليم، ومتى يكون بعده؟
إذا قام الإمام عن التشهد الأول ناسياً، ثم نبه أو تنبه ورجع فلا حرج، وعلى المأموين أن يرجعوا ويجلسوا معه، ويأتوا بالتشهد، وعليه أن يسجد سجدتين للسهو قبل السلام، وقد فعل ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه قام عن التشهد الأول في بعض صلواته ثم سجد سجدتين قبل أن يسلم عليه الصلاة والسلام، لكن إذا كان هذا الإمام استوى قائماً فالأفضل له عدم الرجوع، لكن لو رجع فلا حرج عليه، وعليهم أن يرجعوا معه وصلاته صحيحة وليس في هذا إعادة، أما إن شرع في القراءة فإنه لا يرجع يستمر ويسجد للسهو بعد فراغه من التشهد والدعاء، يسجد للسهو قبل أن يسلم، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، فلو رجع جاهلاً بالحكم ولو قد شرع في القراءة جاهلاً بالحكم ورجع كذا صلاته صحيحة، يعذر بالجهل، وعليهم أن يرجوا معه، فيتشهدوا ثم يقومون معه إذا قام، والأصل في هذه المسائل أن الواجب على المأمومين التأسي بالإمام والاقتداء به، وعدم المخالفة، إلا بيقين يعلمون أنه لا يجوز فيه المتابعة، كالذي قام لخامسة وهم يعلمون أنها خامسة لا يقومون معه، أو قام لرابعة في المغرب وهم يعلمون أنها رابعة لا يقومون معه، أو قام لثالثة في الفجر أو الجمعة وهم يعلمون أنها ثالثة لا يقومون، أما الذي لا يعلم فإنه يتابع إمامه الذي لا يعلم يتابع إمامه، أما سجود السهو فإنه يكون قبل السلام هذا هو السنة قبل السلام؛ لأنه من الصلاة، إلا في حالتين، إحداهما إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر فإنه يسجد بعد السلام هذا الأفضل، يسجد بعد السلام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سلم عن نقص ركعتين في حديث ذو اليدين في حديث أبي هريرة، سجد بعد السلام، وهكذا في حديث عمران لما لم عن نقص ركعة كمل صلاته وسجد بعد السلام هذا هو الأفضل، وإن سجد بعد السلام أجزأ والحمد لله، الحال الثاني إذا بنا على غالب ظنه، إذا تحرى الصواب واجتهد وبنى على غالب ظنه، فإنه يسجد للسهو بعد السلام هذا هو الأفضل لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحرى الصواب، فليتم ما عليه، ثم ليسجد ويسلم ثم يسجد سجدتين) فجعل السجود بعد السلام إذا كان الإمام بنى على غالب ظنه تحرى الصواب واجتهد وكمل فإنه يسجد سجدتين بعد السلام، أما البقية فتكون قبل السلام، هذا هو الأفضل وفي أي حال سجد بعد السلام أو قبل السلام أجزى الأمر في هذا واسع، فلو صلى بعد السلام في سجود محله قبل السلام أجزأ، ولو سجد قبل السلام في سجود محله بعد السلام أجزأ، إنما هي أفضلية، فلا ينبغي التشديد في هذا، بل ينبغي التسامح كما بين ذلك أهل العلم رحمة الله عليهم، حسب ما جاء في النصوص في سجوده عليه الصلاة والسلام.